مأساة التديُّن الشكلي

مأساة التديُّن الشكلي
بقلم: بابكرفيصل بابكر
[email protected]
يُنسبُ للإمام علي كرَّم الله وجهه القول: ( يأتي على الناس زمانٌ لا يبقى فيهم من القرآن إلا رسمه ومن الاسلام إلا اسمه ومساجدهم يومئذٍ عامرة من البناء خرابٌ من الهدى سكانها وعُمَّارها شر أهل الأرض منهم تخرج الفتنة وإليهم تأوي الخطيئة ).
لعلَّ الإمام علي (رض) قصد بهذا الإستشراف العبقري للمستقبل التفريق بين تديُّن ” شكلي” يحصر الدين في الشعائر والمظاهر, وآخر “جوهري” يهتمُّ بروح الدين وقيمه وتعاليمه الحقيقية.
التديُّن الشكلي الذي هُرعتْ اليه قطاعات مُقدَّرة من الشعب السوداني في العقدين الأخيرين يُشدِّد على أمور مثل إطلاق اللحية, ولبس الحجاب, والنقاب , وعدم المصافحة. والمتديِّن الشكلي يحرصُ على نيل لقب ” شيخ فلان”, وهو يعملُ على إنتزاع ذلك اللقب عبر مداومتهِ على الصلاة في ” جماعة “, وإظهاره ” زبيبة ” التقوى على جبينه , وكذلك الإكثار من ترديد عباراتٍ من شاكلة “جزاك الله خيراً ” , وإضافة ” دعاء” بصوت أحد المشايخ لرنة الموبايل.
المتدِّين الشكلي لا يقدِّر قيمة ” العمل” ? وهي من القيم الجوهرية في الدين – حق تقديرها, خصوصاً اذا ارتبطت بقضاء حوائج الناس. ولي في ذلك تجربة ? ولا شك أنَّ آلالف المواطنين يمُرون بتجارب مشابهة يومياً – حيث ذهبت قبل اسبوع لقضاء حاجة في مصلحة حكومية, ومن سوء حظي أنَّ الموظف المسئول كان برتبة ” شيخ “, وعند وصولي كان يهمُّ بالذهاب لصلاة الظهر, إنتظرتُ ساعة كاملة , وبعدها حضر شخصٌ يُخبرنا بأنَّ ” شيخ فلان” ذهب بعد الصلاة لأداء واجب العزاء في شخصٍ توفى ولن يعود, واقترح علينا الحضور في اليوم التالي !
التديُّن الشكلي الذي انتشر في بلادنا لم يمنع السودان من أن يحتل المرتبة الرابعة بين الدول العشرة الأكثر فساداً في العالم, وهو كذلك لم يوقف إختلاس المال العام أو التهريب أوغسيل الأموال أو التزوير ( مؤخرا إتهم وزير العدل الأسبق محمد علي المرضي ، بعض المحامين وبعض الموظفين في وزارة الخارجية بالمشاركة في عمليات التزوير, وقال إنَّ بعض الناس دخلوا الجامعات بشهادات مزَّورة وهم يعملون الآن بهذه الشهادات). ومن المعروف أنَّ الكثيرين ممن يقومون بهذه الإعمال هم من المتدينين الذين تمتلىء بهم المساجد, ويصومون رمضان ويحجون لبيت الله الحرام.
التديُّن الشكلي ? كما يقول علاء الاسواني ? تدُّين سهل وغير مكلف يمنحُ صاحبهُ إحساساً كاذباً بالطمأنينة والرضا عن النفس, فما دام هو يؤدي شعائره بإنتظام فهو يعتقد أنّه قد أدَّى واجبهُ الديني كاملاً غير منقوص.
لا شىء يمنع صاحب التديُّن الشكلي من قبول ” الرشوة ” فهى عندهُ ” إكرامية “, ولا شىء كذلك يمنعهُ من دفع الرشوة ما دام هناك هيئات إسلامية (شكلية) مثل “مُجمَّع الفقه الاسلامي” تصدر له فتوى بجواز إعطاء الرشوة.
المُتدِّين الشكلي قد يُستفز و يُجَّن جنونهُ وهو يرى إمرأة كاشفة رأسها ,وقد يذرفُ الدمع وهو يستمعُ لخطبةٍ يُلقيها أحد شيوخ الفضائيات عن عذاب القبر, وقد يهتفُ حتى يُبحَّ صوته في مسيرةٍ لتأييد الحاكم المؤمن, ولكنهُ لا يُحرِّك ساكناً وهو يرى طفلاً مشرداً يبحثُ عن لقمةٍ داخل صندوق القمامة.
التديُّن الشكلي ينمو مع تراجع المجتمع وتخليه عن القيم الجوهرية للدين, ففي الوقت الذي تغيبُ فيه قيمة أصلية مثل “العدل” وأحد تجليات هذا الغياب على سبيل المثال قضية الإختيار للوظيفة العامة , حين يُصبح الولاءُ معياراً بديلاً للكفاءة, وبمرور الوقت يجنح الناس ? في سعيهم لتحقيق مصالحهم – لمُجاراة التيار السائد بإستخدام أدواتهِ ولغتهِ ورموزه , وكأنهم يستجيبون لنداء الشاعر :
نافقْ
ونافقْ
ثم نافق ، ثم نافق.
لا يسلمُ الجسدُ النحيلُ من الأذى
إنْ لم تنافقْ.
نافقْ
فماذا في النفاقْ
إذا كذبت وأنت صادقْ ؟
نافقْ
فانَّ الجهلََ أن تهوى
ليرقى فوق جثتك المنافقْ
لك مبدأٌ ؟ لا تبتئسْ
كنْ ثابتاً
لكن .. بمختلف المناطقْ !
واسبق سواك بكل سابقةٍ
فإنَّ الحكم محجوزٌ
لأربابِ السوابقْ
التديُّن الشكلي لم يحفظ مُجتمعنا من كارثة الأطفال اللقطاء التي ضربت قيمنا وموروثاتنا في الصميم. إنَّ أكثر الإحصاءات محافظة تقول أنَّ هناك 700 حالة تصل لدور الرعاية سنوياً, وبالطبع هذه الأحصاءات لا تغطي جميع أنحاء السودان وكذلك لا تغطي الحالات التي لا تصل لدور الرعاية.
شخصِّية المُتديِّن الشكلي صوَّرها الروائي المصري علاء الأسواني في رواية “عمارة يعقوبيان” ببراعةٍ فائقة من خلال شخصية “الحاج عزّام” الذي بدأ حياته ماسحاً للأحذية و عمل لمدة كفرَّاش ثم اختفى بعد ذلك لأكثر من عشرين عاماً ليظهر فجأة وقد حقّق ثروة طائلة من تجارة المخدرات, والحاج عزّام شخص متديّن لا تفوته صلاة ولا يُقدمُ على فعل شىء دون أستشارة “الشيخ السمان” رجل الدين والفقيه الذي لا يفارق المسجد, والذي لا يتوانى في تفصيل الفتاوى بحسب الطلب وكان آخرها الفتوى التي سمحت للحاج عزّام بإجهاض زوجته على غير رغبة منها. الحاج عزّام لا يجدُ غضاضة في تعاطي الحشيش لأنّ العلماء لم يحرِّموه بل قالوا بكراهته, وقد إستطاع اقامة علاقة مع السلطة مكنّته من دخول البرلمان والحصول على توكيلات تجارية مقابل نسبة يدفعها لممثل السلطة الذي يغضُّ الطرف عن المخالفات التي يرتكبها الحاج عزّام ومنها ملف التهرب الضريبي.
التدُّين الشكلي لم يصُن شبابنا من كارثة الإدمان على المخدرات التي تفتك بهم وتهدِّد حاضر الأمة ومستقبلها, حيث تؤكد الدراسات أنّه لا توجد جامعة في السودان خالية من تعاطي المخدرات ( إحدى الجامعات تبلغ نسبة تعاطي المخدرات بين طلابها 40 % أربعين من كل مائة طالب). أما مرض الأيدز فوتيرة الأصابة به أصبحت تتنامى بمتوالية هندسية , وليس أدلَّ على ذلك من أنّ واحداً من كل اثنين من طلاب احدى الجامعات السودانية مصابٌ بهذا المرض الخطير.
مأساة التديُّن الشكلي تكمنُ في عدم مبالاته بقيم الدين الجوهرية, فاذا كان غياب قيمة كبيرة مثل ” العدل ” يؤدي للنفاق, فإنَّ عدم اكتراث التديُّن الشكلي للقيمة الأعظم ” الحرية ” هو الذي يؤدي الي إنتشار وتفاقم جميع الأمراض والآفات التي أشرنا لها في هذا المقال, والتجربة السودانية هى خير شاهد ودليل على زعمنا هذا.
يقول عبد الرحمن الكواكبي إنَّ : “الأستبداد أصلٌ لكل فساد”. ويُلخّص هذا المُفّكر العظيم موقف أصحاب التدُّين الشكلي الذين يُطلقُ على فئةٍ منهم تسمية “المتعاظمين باسم الدين” من المصائب التي تحيق بالمجتمع جرَّاء الإستبداد بالقول : ( تواسي فئة من اولئك المتعاظمين باسم الدين الأمة فتقول : يا بؤساء : هذا قضاءٌ من السماء لا مردَّ له , فالواجبُ تلقيه بالصبر و الرضاء و الالتجاء إلى الدعاء , فاربطوا أسنتكم عن اللغو و الفضول , و اربطوا قلوبكم بأهل السكينة و الخمول , و إياكم و التدبير فإنَّ الله غيور , و ليكن وردكم : اللهم انصر سُلطاننا , و آمنّا في أوطاننا , و اكشف عنّا البلاء , أنت حسبنا و نعم الوكيل).
ولا حول ولا قوة الاّ بالله.
انصر دينك يا اخ بابكر
الغرب المسيحى او العلمانى احسن اخلاقامن هؤلاء مدعى التدين من المسلمين و هذا ليس راجعا الى انهم متدينيين او انهم احسن خلقا من المسلمين او انهم لا يحبون المال بل لان عندهم حرية و ديمقراطية و شفافية من خلال سيادة القانون و الدستور و حرية الصحافة التى لا تتوانى عن كشف الفساد ولا تخاف من ناس الامن ولا غيرهم القانون هو الفيصل بين الجميع ولا كبير عليه حتى لو بقى مدير جهاز الامن او حتى رئيس الجمهورية و عندهم مجالس نيابية مفوضة من الشعب لوضع القوانين و مراقبة الجهاز التنفيذى و كيف يتصرف فى اموال دافعى الضرائب(عندهم لا ضرايب بدون ممثلين للشعب منتخبين لمراقبة الحكومة) و طبعا القضاء المستقل المنفصل عن الجهاز التنفيذى!! فهل توجد مقارنة بيننا و بينهم؟؟ ناسنا يتصرفوا فى الاموال و الوظايف و البلد كلها كانها ملك لهم و الشعب ما عبارة الا عن عبيد او خدم لهم مع ان هذه الاموال ملك لهذا الشعب المسكين و هم مفروض يكونوا خدام له و يخضعوا لرقابته عبر ممثلينه و القضاء و القانون و الدستور و الصحافة الحرة!! عرفتوا ليه الغرب متقدم و نحنا زبالة لا لامين فى اسلام زى الناس و لا علمانية و حرية و ليبرالية زى الغرب!! و حتى الحكم الاسلامى لا يستقيم بدون حرية كاملة الدسم مش بالتهريج بتاع المتدينين شكليا وهم همهم الدنيا و بعدين من هم عشان يمشونا على كيفهم و حسب فهمهم للدين؟؟؟ آآآآآآخ من مثل هؤلاء والله مكانهم اقرب صندوق زبالة و فوقهم روث بهائم كمان بلا قرف بلا وسخ بلا لمة!! اذا كان رب العالمين اعطانا حرية الاختيار و الحساب يوم القيامة عند مليك مقتدر و يجوا هؤلاء الزبالة و يمشونا على كيفهم يعنى هم احسن و افهم من رب اعزة و الجلال؟؟ والله دى مسخرة!!!
سرد مرتب ورصين بارك الله فيك
نعم هذه ثالثة اثاى ماسينا
ما ذا تقول على قول الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان .
ثانيا السرائر يعلمها الله سبحانه وتعالى ، ولنا نحن بالظاهر إلا أن نرجم بالغيب
شكراً أستاذنا بابكرفيصل بابكر
بالفعل أصبح كل شيء رياء
الدلائل في الشارع
لذلك يجب إبعاد الدين عن سياسة الدولة تماماً لأن الدولة غير مكلفة بإدخال الناس للجنة حيث يحاسبنا الله فُرادا….ولا يحاسبنا بالمجموع
لم نسمع قط أن الله تعالي قد يغفر لنا لأننا من زمرة الحكومة الفلانية في العهد الفرتكاني
فندخل الجنة لأننا أتباع ذلك الحاكم
هناك حديث للرسول صلي اللة علية وسلم بما معناة ان النار ستسعر يوم القيامة بعالم دين لانة يرى الحرمات تنتهك ولا يتمعض وجهة
أراك يا أستاذ قد تحاملت على من يظهر شعائر الدين ربما لأنك لا تعلم أن الله قد أمرنا وندبنا على شعائر لابد أن تظهر للناس لا يمكن إخفاءها كصلاة الجماعة في المسجد والحج و والحجاب و اعفاء اللحية و حتى الصدقة قد يكون إبداؤها للناس خير من إخفائها لتشجيع الناس عليها ، و أما الموقف الذي حدث لك مع الموظف فهذا موقف فردي وهو بالتأكيد لا يمثل كل المتدينين بل معظمهم يلتزمون بالدين بشموليته بقدر استطاعتهم وفي النهاية هم بشر يخطئون ويصيبون فرفقا بهم وقليل من الانصاف لا أظنك تبخل به أستاذي;)
كمان في حديث للرسول صلى عليه وسلم عن الدنيا أنه في زمان لا يخشى علي المسلمين أن يشركوا بالله ولكن يخشى عليهم أن يتنافسوا فيها. صدق الرسول الكريم صلوات الله عليه وأتم التسليم.
والله يا أستاذ انت كتبت العايزين نقولوا كتر خيرك …..العبيط الكاتب اظهار الصدقة دا واحد يديه شلوت في راسه المدوقس دا
:lool: :lool: :lool: :lool: :lool: