كلمات على ضفاف ابي . . . ( ابوسليم )

بقلم / أمانى ابوسليم

كنت مولعة بك منذ طفولتى ، مولعة بالانسان الرقيق فيك الذى يخجل من تلك الرقة فيخفيها خلف ثورات من الغضب المزيف ، كنت من شدة خوفك علينا …تقاوم دمعك الذى يعبر عنك اكثر من لسانك … فتعجز أن تعبر عن مشاعر الخوف الرقيقة فتحيلها إلى ثورة من الغضب لاعناً الحال وتاركاً المكان لنضبطك فى مكان ما تمسح ما تساقط منك من دمع . كنت لحظات مرضنا تخاف أن تطل على المريض. تسأل من بعيد خاشيا أن يفضحك الدمع أمامنا لم تشهد معنا حقنة واحدة ولم تتحمل آهة واحدة كنت تهرب مسرعاً تاركاً المكان.

كانت لى عادة أقرب إلى عاهة أيام الدراسة ، منذ الابتدائية حتى الثانوية ، كنت انسى حقيبتى المدرسية بالبيت ، لا اتذكرها إلا ونحن فى الطريق ، أو اتركها فى المدرسة وأعود للبيت . كنت تقوم بايصالنا للمدرسة صباحا وتعيدنا اخر النهار وكنت أنا أقوم بعملية النسيان بصورة متكررة ولا أتذكر الحقيبة اللعينة إلا اذا نبهنى أحد إخوتى . كنت تثور ثورة من الثورات المزيفة ، المحببة الى قلبى ( لانها فى النهاية تنزل على ما فيش ) فتضرب على مقود السيارة ثائرا متوعداً إننى إذا نسيتها مرة أخرى لن أعاود المدرسة من جديد وستحرمنى من كذا وكذا وانك وانك …… ولكنك تعود بنا إلى البيت لنأخذ حقيبتى اللعينة . كان الجميع يصمتون اثناء ثورتك كلنا نعرف ! انها ثورة ” وح تعدى ” كلنا نعرف إنها مقاومة مشاعرك الرقيقة وخوفك الابوى العميق ولكنى كنت مولعة بك فاستثيرك لازيد من تلك المشاعر . فكنت فى أول دقيقتين تقسم أنك لن تعود الى البيت وانك ستتركنى اليوم لعقوبة المدرسة ” وإن شاء الله يقطوعك ، وانا (ح اكلمهم) يعلقوك ويجلدوك ، فى حد ينسى شنطتو ، وطب اصلا إنت ماشة المدرسة ليه ” وفى عز هذه الثورة توجه السيارة للاتجاه المعاكس لنعود للبيت وتبدأ ومعك الاخرون في الصمت وابدأ أنا لازيد من الثورة المحببة فادعى التلعثم واقول ” ما خلاص نمشى من غيرها وخلاص كل حصة ما جبت كراسها اتجلد وخلاص ” وتتصاعد الثورة من جديد …واستزيد انا من حبك من جديد.

كنت وانا صغيرة انتهز ساعات غيابك عن البيت … فادخل فى ملابسك العريضة الواسعة واحمل حقيبة كما تحمل وابدأ مسرحيات التقليد كانت ثوراتك المزيفة المحببة بطلة على كل المسرحيات . كنت اقلد ثورتك على فلان وثورتك من امر ما . كان اخوتى وسط ضحكهم ومرحهم يطلبون منى مواقف معينة ويذكروننى بالفاظ كنت تبتكرها اثناء الثورة كنت اقلد جلستك وعقد اصابعك . كنت اقلد مشهد وداعك عندما تكون على سفر ثم حضورك من السفر . كنت شخصية غنية مميزة محببة ومحبوبة ويظل جمهورك يطلب فى المشاهد ليستزيد .. كنت اقلد وبين موقف وموقف أسأل امى ” المفطوسة “من الضحك على طريقتك ” ايه رأيك يا مدام ” وعندما تعود ويفتن اخى الصغير كنت تكتفى بالتعليق ” بت الكلب دى أصلها مجنونة”.

كنا فى أزماتنا الصغيرة ومحكات حياتنا نعتقد أنه يمكن أن نخفى عنك ما نحن فيه ، فنجتهد لاخفاءه عنك ، ونثابر لنخرج مما نحن فيه ونظل معتقدين أننا نخرج من الازمة بايدينا ونسارع للإمساك بطوق النجاة وننجو من الازمة …ويملأنا السرور وغبطة النجاح وعندما نصل للبر ، نكتشف أن الطوق كان من صنع يديك وانك كنت تعده منذ اللحظة الاولى وظللت على حال الإستعداد لقنص الوقت المناسب . كنت تعرف بحدسك الفطرى وتتابع من بعيد مراقبا الحال وتبدلها . كنت ترقب حتى نخرج إلى البر وتظل منتظراً حتى نجف من الازمة.

تاخرت شيخوختك رغم أنك تجاوزت السبعين .لم تحس بالشيخوخة كالاخرين فقد كنت نشطاً مشاركاً فى الحياة الثقافية والإجتماعية . أعرف أن الشيخ يبدأ شيخوخته بتساؤل معذَب … هل يحبه من حوله ام هو الخوف والاحترام فقط . هل سينفض الناس من حوله ويتركوه لضعفه يعانى ولا يجد يداً محبة تعينه على الضعف . وبدأ تساول الشيخ يعذبك . كنت تتوجس اننا لم نكن نعى مركبنا الخاص وسط بحر أبوتك للجميع . كنت لا تعرف اننا كنا نعرف ، ان ثوراتك كانت زائفة لا غاضبة . و كنت لا تعرف اننا كنا نعرف انه رغم نجاحك الكبير فى كل شئ انك كنت فاشلاً كبيراً فى إخفاء الدموع . وكنت لا تعرف اننا كنا نعرف انك تجيد التهرب من إيقاع العقوبة التى اعلنتها امام الجميع اثناء الثورة لانك اضعف من أن تعاقب و ارق من ان تتحمل عنفاً بغير اللسان.

قدر الله لك المرض فى سنواتك الاخيرة فان كان للمرض حكمة عند الله وتقدير من عزيز عالم بالعالمين . فقد كان مرضك يحمل لك من ضمن الحكمة ، الإجابة على تساؤل الشيخوخة ، فقد أحست بك القلوب من بداية زحف الضعف فرعتك أولاً كما كنت ترعى بدموع تفشل فى إخفائها ثم مددنا اليد .. لنكتب ما تملي ، مصححين ما ذهب إلى المطبعة و ما يعود منها و كنت رغم شيخوختك ، أعترف أقوى منا ، كان التثاؤب يفضح نعاسى و أنت مثابر متقد الذهن فتقول ( امشى نومى على السرير احسن مما تنومى على الورق ) و اظل اجاهد نعاسى لينتصر علىَ و تنتصر انت علينا الاثنين تبقى ساهراً منكباً على أوراقك و كتبك ، ثم تداعبنا صباحا ” ابوكم العجوز يسهر ده كلو وانتو تنوموا من بدرى زى الجداد ” . بدأ الضعف ينسحب على جسدك المديد وأنت تقاوم بعزة نفس وتصر ان تقوم باشيائك وحدك الى أن إستسلم الجسد للإيدى المحبة ، كان الوقت الذى قدره الله لنرد قطرة من عطاءك فقد ظللت طوال عمرك مشغولا بالعطاء عن الاخذ . كان وهج نشاطك قد بدأ يخفت الى ان بقى فيك من كل شئ ظلاً ، من الإبتسامة العريضة ظل بسمة ومن القهقهة العالية آهة خافتة ومن الكف النشطة كتابة ومصافحة كف محدودة الحركة . من كل شئ ظلاً ، كانت الدعابة وحب القفشة من اقوى ما بقى من ظلال . كانت نكتتك هى ما ساعدنا على تجاوز الالم فلم تكن تجد سانحة إلا وتطلق نكتة ، عندما كانت أمى تسندك فى يوم لتساعدك على الوقوف ، إختل توازنك ، فامسكتك من كتفك وعضدك فإبتسمت قائلا ” الله Slow dance ولا ايه يامدام ” كانت النكتة والقفشة جزء من حياتك اصيل . لم تفارقك حتى لحظاتك الاخيرة . كنت رغم المك انك ماعدت قادراً على القيام بحاجاتك الصغيرة تتجاوز الالم بالنكتة فعندما كانت الأيدى المحبة تقوم بالنيابة عنك بالحلاقة وتقليم الاظافر وإزالة قشرة الشتاء بالدهان كنت تصف نفسك بالعريس ، وتهمس “ح نمقلب أمكم الليلة ” تحولت رويداً رويداً من الأب مديد القامة نشط الحركة والنصيحة ، إلى طفلنا الصغير كنا نهدهدك وندللك فى كل وقت . فارتبطنا بك فى تلك المرحلة إرتباطا خاصاً اقرب إلى الارتباط بوليد صغير ، يبدأ الصباح بالسؤال عنك ونكون فى حال من التحلق حولك طوال اليوم ، كدنا نتناول الدواء نيابة عنك ولو كان بايدينا لاقتسمنا المرض عنك.

الموهوبون كثر . وقد منحك الله من المواهب ما كان يصنع اكثر من رجل فقد كنت المؤرخ الامين والإدارى الناجح والمفكرالحذق والرجل الاجتماعى الذى يفيض ظرفا وصاحب الموهبة الفريدة لابوة الجميع وكثير كثير من هذه الصفات يصنع رجلا بمقام . نجد من هو موهوب فى امر ولا نسمع له صيتا او نجاح وظل النجاح حليفك لان الله خصك بالاخلاص وهى صفة اقرب إلى صفات الانبياء . كنت مخلصا فى حياتك حد الموت . مخلصا للفكرة والعمل فما بدأت عملا الا انجزته بنجاح ، فظل الاخلاص هو مفتاحك وسر نجاحك واداة تحركك ، فباخلاصك لما انت فيه يتولد لديك الحدس بالحقيقة فتظل وراء الحدث محققاً وباحثاً ومثابراً غير منهزم لا تكل ولا تفتر حتى تصل الى حقيقية ما تريد.

ضرب اخلاصك على مواهبك الفطرية جذراً عميق . قوى ثمار جهدك فى كل ما قمت به ،فاثمرت نجاحاً وحباً اينما خطت قدماك واينما توجه قلبك . كنت مخلصا لاهلك ،كانت لك عباءة من اكبر ما خلق الله من عباءات ، عباءة ظللت بها واحتضنت بها كل اهلك ومن حولك ، عباءة منحها الله لك فاسبغت عليها من الحب والصدق والرعاية والاهتمام والسؤال والعون معنى وعمقاً للابوة بها صفة الابوة لا لقبها . فبادلك أهلك الحب والاخلاص.

كنت مخلصا لعملك وفكرك فكانت لك صفات العالم والمؤرخ والاستاذ والمؤسس والاب و.. و.. الذى لا يشق له غبار ولا يختلف على مقامه اثنان .

عندما نصح الاطباء بتقليل الزيارات لان نومك اضطرب ودواءك اضطرب واقلقت راحتك ، فقد استجاب زوارك المحبون فقل سيل الزيارات ولم يقل السؤال عنك . فى مساء سألتنى بحزن ” هم الناس بطلوا يزورونى ليه ، هم نسونى خلاص ” امسكت بكفك بين يدى وذكرتك بفيضانات المحبين بالمستشفى والبيت وقلت لك ” هو فى زول زوارو فى الدنيا زى ما زوارك ، طب شوف كل الالوان جاتك لغاية هنا ” وبدأت العد على اصابعك ( عمر البشير جاك ، الصادق المهدى جاك ، جعفر نميرى جاك ) وضغطت على الاصبع الرابع وقلت ” لو كان كتشنر موجود برضو كان جاك” ” وكانت قهقهتك فى ذلك المساء من آخر ما سمعت من ضحكك الذى كان يملأ البيت ” فقد كان اخلاصك لجوهر الامور وجوهر العمل قد جعلك الجوهرة التى يسعى الجميع للاعتزاز بها.

فى ذلك اليوم بالذات قلًت مثابرتى فى إطعامك ، لم ابذل جهداً كما كنت أبذل لتكمل الوجبة أو كوب العصير ، سعدت بك إن حالك قد تحسن ، وما كان يسعدنى اكثر هو تبدل ملامحك النبيلة . فقد ظل وجهك فى الشهور الاخيرة منقبضا من الالم ولونك الاسمر قد اصبح كدراً من اثر المرض والضعف.

انفرجت الملامح فى ذلك اليوم وانبسطت جبهتك العريضة عن خطوطها الخفيفة وراق سمارك . اكملت الفطور بسلام وعصير الظهيرة بسلام و الغداء بسلام ، وجاء وقت عصيرك عند المغيب ، سندت أمى جلستك على السرير وثابرت أن تشرب كوب العصير.

كان نزول المشروب إلى جوفك يحدث صوتا غريبا فى منتصف البطن ، صوتا كالقرقعة او القعقعة ، لم تعان فى البلع بين رشفة ورشفة كنت تغيب عنَا منشغلا بأمر كبير . كنت انبهك بين الرشفة والاخرى ، أن تواصل الشرب كنت تستجيب مستسلما لأمرين بإتجاهين متضادين . الشئ الصاعد لأعلى والمشروب النازل لاسفل . وننشغل نحن بتلك القعقعة او القرقعة ، امسد على ظهرك لاسهل عليك . اتوقف قليلا لاواصل تشجعيك على إكمال الكوب ، اكملت الكوب ، فاتحا عينيك الصغيرتين بين رشفة ورشفة . ساعدناك على الرقاد ، اعتذرت منك انى اتعبتك ، رددت على ، ناديت على اخى حين عجزت عن حملك لاصلح من رقدتك ، كنت منبسط الملامح ،رائق السمار . لم اتوجس لحالك لحظة فاقصى ما شاهدت معك من الم . كانت الغيبوبة التى تكررت كثيرا فى العام الاخير . كانت تبدأ بثقل أطرافك ويصعب عليك البلع ولا اتجرأ على المثابرة فى اطعامك خوفا من الاختناق . وتنقبض ملامحك اكثر واكثر وكأنها تجمعت فى تلك الجبهة التى تضيق على معانى الالم والمعاناة ويتكدر لونك الاسمر . كنت لجهلى اعتقد ان الموت يأتى فى معية الغيبوبة . كان حالك فى ذلك اليوم ابعد ما يكون عنها . لم اعرف إن الموت قادم وإن المشروب النازل فى جوفك كان يصطدم بروحك الصاعدة . كنت احس ان شيئا كان يتكاثف فى جوفك ، مغيرا وقع المشروب فى كل مرة ، ليس بصلب ولا جامد ولا غاز ولا سائل ولكنه يتكاثف صاعدا لاعلى وبدأ يخرج من فمك ، ووجهك رائقا منبسطا لا زال.

ناديتك وناديت وحين علا صوتى بالنداء رددت علىَ بشهقتين ، لجهلى إعتقدت انك تحاول الرد على ، (امى) لم تتماسك تساقطت على اقرب كرسى ، (وليد) اكثرنا التصاقا بك وخدمة لك اضطرب ، محموله فى يده يحاول الاتصال بالإسعاف ، تماسك وائل ، اختك الحبيبة (هانم) كانت تردد بصوت خافت منزعج مضطرب موجوع ،” اسعاف ايه اسعاف ايه ” ، (امل) كانت تجرى بينك وبين الشارع فى محاولة لإستعجال الإسعاف ، (عبد الجليل) كان الاشجع ، أغمض العينين ، جاء جارنا الممرض وخاف على القلوب الموجوعة اخذ يردد ” فى نبض ، فى نبض ” تعلقت بالجملة الاخيرة ، وغيبت عن عقلى ما شاهدت . سمعنا صوت الإسعاف.

تعلقت القلوب بعد جملة الممرض . جريت إلى الشارع ، أين الإسعاف ؟ . ضل الإسعاف طريقه الى البيت ، على كثرة ما جاء الإسعاف إلى البيت فى العام الاخير لم يضل طريقه إلا فى ذلك اليوم ، تائها فى شوارع الحى صارخاً بنوره الاحمر . جرى الشباب خلفه من شارع لشارع . من وجد مفتاح السيارة للحاق به. فى ذلك اليوم تغيرت المهمة ، عندما وصلت عربة الإسعاف الى البيت ، كانت قد اتمت مهمتها الخاصة بذلك اليوم ، فدورها الإسعافى ما عاد يلزم الأمانة قد سلمت ، لقد جمعت أهل الحى فى لحظات . وهرع أهلك ومحبيك فى لمح البصر لترحل وأنت محاط بالحب كما عشت محاطاً به.

لم نودع فيك العباءة موفورة العطاء ، التى عشنا فى كنفها عمرنا ، وحدها ، ولكنَا ودعنا ايضا طفلنا الحبيب الذى دللناه . صعب علينا فراق الرجل الذى نحب والاب الذى نحب والطفل الذى أحببناه .

تعليق واحد

  1. ذكراك باق بروف فما قدمته باقى للابد ومساهماتك العلمية والاجتماعية باقية وتواصلك مع كل الاهل بتواضع جم وقفشاتك فى مجتمع الفرح وعند المحن باق رحمك الله ابن السودان وتاريخه كله النوبى السكوداوى الاصيل الف رحمة ومغفرة لك ولاحبائك سلام

  2. دعواتنا لعالمنا الجليل ابو سليم بالرحمة والمغفرة والرضوان
    في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً
    أدعي له يا بنتي أماني أنت وأمك وإخوتك وأهلك . “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو ابن يدع له أو علم ينتفع به” .
    ووالدك يا بنتي ان شاء الله تكون له الثلاثة غير المنقطعة من العمل ….

  3. له الرحمة ولكم من بعده طول البقاء وسلمت يداك علي ما ختطت من كلمات في حق الوالد ولو بجزء وجانب يسير من حياته الثره المليئه بالنور.

  4. رحم الله ابو سليم فقد كان دارا للوثائق وكان عالما في تاريخنا اللهم اغفر له وارحمه واغفر لأمواتنا اجمعين ..

  5. اللهم اغفر له وارحمه انت خير الراحمين . هون عليك اختي . ولكن اخرجتي عصارة بلاغتك في الوصف . لم يمت نحن نحس به طال ما انت معنا . وتنثرين الدر في راكوبتنا . الله يحفظك ويرحم ابونا ومعلمنا رحمه واسعه اللهم اسكنه فسيح جناتك مع الصدقين والشهداء

  6. رحم الله العبقري محمد إبراهيم أبو سليم وأسكنه فسيح جناته. لقد تشرفت برؤيته والتحدث إليه ومناقشته في منزلكم العامر بالشجرة وشربت شاياً من يديك. لقد جئت في زيارة لصديقنا العزيز عبد الجليل محمد إبراهيم أبو سليم. خلال زيارتي ومن نظرة عامة للصالون الذي كانت تتربع في إحدى زواياه مكتبة ضخمة شعرت أن عبقرياً آخر سوف يولد من هذا البيت الكبير. فكنت أنت. تحياتي لأخي عبد الجليل ولك، ورحم الله والدكم وأسكنه فسيح جناته.

  7. نسأل الله الرحمة والمغفرة لأبي سليم…ان الذكرى الطيبة ستظل باقية أبد الدهر.. هي دليل حسن المآل باذن الله..وما عليك الا دعاء الولد الصالح فهي صدقة جارية لاتنقطع بموت أحدنا فاكثري منها له.. وبارك الله فيك…

  8. رحمة الله على العلم (بكسر حرف العين) والعلم (بفتح حرف العين) دكتور ابوسليم مؤدبنا ومعلمنا فى العالمين ؟؟؟

  9. اللهم انزله منزل الصديقين والشهداء وحسنا أولئك رفيقا، اللهم ابدله داراً خيرا من داره وزوجا خير من زوجه واغسله من الخطايا والذنوب كما ينقي الثوب الابيض من الدنس … اللهم آمين

    “صدق من قال فلان مات؟ قالوا ايوه؟ قال خلف عيال؟ قالوا ايوه قال يبقا ما ماتش!!!” ما دمتم موجودين اختي أماني واخوانك سيبقي بيننا دائما ويكفيه فخرا في عالمه الاخر ان يري ابنته تكتب بمثل هذا الصدق والشفافية … والدقة في الوصف ذكرتني بعباقرة السودان امثال الطيب صالح واخرون في الوصف القصصي المثير والذي يشدك حتي لا تجد وقتا لتلتقط انفاسك المتصاعدة وتنتقل بين الاسطر في لهفة المشتاق لمعرفة تفاصيل الختام…. ويكفي انك جعلتي منه نهرا في عنوان المقال…

    حلاوة الوصف وعذوبته تجلعني “اناشدك” لتدشين مجموعات قصصيه لتكون ابداعا تجعلنا نتنفس بها هواء نقياً نخرج من الدوائر السياسية الخانقة التي تحيط بنا وتكاد تفتكنا جميعا…
    اماني يا اماني شكرا لك ونحن في انتظار وعد الفرح القادم…
    ودمتم

  10. نسأل الله العلي القدير ان يرحمه رحمة واسعة وان يدخله فسيح جناته وان يرحم جميع موتى المسلمين

  11. البروفسيور محمد إبراهيم أبوسليم.. في عليائه السرمدي..له شبائيب الرحمة..في سدرٍ مخضوض وطلحٍ منضود..بقدر ما قدم لهذا الوطن المصلوب علي جدان العقوق..الراحل المقيم هرم نوبي شامخ..ونخلة باسقة له طلع نضيد..ابو الوثيقة السودانية..والوثيقة ذاكرة أمة..ثراثه التوثيقي المكنوز..ذاكرة الامة وضميرها..أيقونة ماثلة دار الوثائق القومية الماثلة..رعاها..حتي فاضت مقتنياتها..له الخلود في ضمير الشعب إيفاءاً وذكري..والتحية للإستاذة أماني أبوسليم..علي هذا المقال الإنساني..البار..ورائحة التوثيق تعبق المساحة وتطوي المسافة…

    أهديكم ..مقال نشر بجريدة الصحافة للدكتورة..فدوي عبدالرحمن علي طه..الأستاذة بقسم التاريخ ـ جامعة الخرطوم في حق الرجل القامة..رغم طول المقال..إلا أنه جدير بالقراءة..لما يحويه من معلومات هامة.. كم هي مفيدة خاصة للأجيال الحديثة ..ومن باحثة متخصصة علم….أأمل في أن تراكم معلوماتكم..

    دور أبو سليم في رصد وتوثيق تاريخ السودان

    د. فدوى عبد الرحمن عليطه

    صحيفة الصحافة

    تاريخ السودان كما هو معروف يتكون من حقب وعهود مختلفة.
    اهتم ابو سليم بالتاريخ الحديث ويرتبط ذلك بما جمعه في الدا
    ر من وثائق خاصة بهذه الحقبة. ومع ذلك كتب ابو سليم وحقق
    عن موضوعات تخص تاريخ السودان الوسيط مثل سياسة
    الارض في سلطنتي الفونج والفور. وفي التاريخ الحديث كان
    اهتمامه بصفة خاصة بفترة المهدية.
    تناول أبو سليم ودوره في رصد وتوثيق تاريخ السودان يتسم
    بالشمولية وأعني بالشمولية هنا تنوع مؤلفاته بين التاريخ
    السياسي والاجتماعي والاقتصادي وكتابة السير جمع أبو
    سليم بين أمرين التأليف والتحقيق.
    صفات أبو سليم:
    قبل الخوض في دور أبي سليم في رصد وتوثيق تاريخ السودان
    هناك صفات لابد من توافرها في المورخ فهل توافرت هذه الصفات
    في الراحل أبو سليم؟ أول صفة ينبغي ان يتحلى بها كاتب التاريخ
    ليصبح مؤرخاً هي حب الدراسة، فقد يكون البحث شاقاً وقد تكون
    المصاعب التي تعترض الباحث اثناء عمله مصاعب جمة، لكنذلك
    لا ينبغي ان يصد الباحث عن بذل الجهد والصبر على الدراسة.
    توافرت هذه الصفة عند أبو سليم فهناك أمثلة لأعمال أنجزها
    استغرقت منه أكثر من عشر سنوات.
    ومن الصفات الاساسية للمؤرخ عدم التحيز، فعليه أن يحرر نفسه
    من العطف أو الاعجاب أو الكراهية لجماعة من الناس: حزب،
    فرقة الخ، توافرت هذه الصفة ايضاً عند الراحل ليس في التأليف
    والتحقيق فحسب وإنما ايضاً في دوره الرسمي في جلب الوثائق
    إلى الدار فقد عايش منذ 1955 وحتى 1995 عهوداً ديمقراطية
    وشمولية إلا ان ذلك لم يؤثر على قومية الدار.
    تشهد مؤلفات أبي سليم له بالحيدة والتجرد عن الهوى والصدق.
    كما ان من يقوم بتحقيق المؤلفات والوثائق يجب ان يتصف بأوصاف
    خـاصة تجعـل تحقيقاته مؤثوقاً بهــا، لا يدخلهــا التغيير والزيـادة
    والنقصان ويجب ان يكون عارفاً بحقائق الامور، كما يجب أن يكون
    ملماً إلماماً قوياً بالاحداث والحوادث.
    هذه صفة توافرت ايضاً عند أبي سليم، وتظهر الكتب التي ألفها أبو
    سليم مدى سعة اطلاعه، يمتاز أبو سليم بقوة الذاكرة. الذاكرة من
    الصفات اللازمة للمؤرخ. اجادة اللغات، لغتين على الاقل، لابد منها
    للمؤرخ. أجاد أبو سليم اللغة العربية نحوها وصرفها وأجاد كذلك
    اللغة الانجليزية.
    دوره الرسمي في الرصد والتوثيق بحكم منصبه
    دوره الرسمي اميناً عاماً لدار الوثائق القومية لأربعة عقود 1955 –
    1995 توسيع أوعية اقتناء الوثائق والارشيف لتشمل وثائق
    المؤسسات الحكومية ذات الصبغة العلمية الاثباتية وأرشيف
    الصحافة والمطبوعات التي تصدر محلياً ووثائق بعض الاسر
    السودانية والافراد. تقدر ثروة الدار بثلاثين مليون قطعة وثائقية
    وارشيفية تغطي كافة الحقب التاريخية في السودان باختلاف
    مناشطها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية مثل
    مجموعة سلطنتي الفونج والفور ومجموعة المهدية ومجموعة
    السكرتير الاداري ومجموعة المؤسسات التشريعية ومجموعة
    الغازيتة والصحافة السودانية…
    حول أبو سليم الوثائق من مصلحة في وزارة الداخلية إلى مركز
    ثم إلى هيئة قومية ذات وزن وعلاقات اقليمية وعالمية.

    جمع شتات آثار الامام المهدي المودعة بمكتبتي جامعة درهام
    وكمبردج بانجلترا ومكتبة جامعة ييل بالولايات المتحدة الامريكية
    والخزانة الوطنية بباريس والمكتبة الآصفية بالهند. ولم ينس
    ايضاً الآثار الموجودة في ايدي اصحابها الذين كانوا ينظرون
    إليها بعين القداسة ويعتبرونها جزءً من تراث الآباء والاجداد
    الخالد. محص الوثائق التي جمعها تمحيصاً دقيقاً نفى به عنها
    الزائف والضعيف. ورتبها ترتيباً زمنياً وقدم لكل وثيقة منها
    مقدمة وافية.
    نشرت دار جامعة الخرطوم للنشر هذا العمل في سبعة مجلدات
    تحت عنوان الآثار الكاملة للإمام المهدي.
    دور أبو سليم في الرصد والتوثيق لم يقتصر على شخصه فدوره
    يمتد الى آخرين واقصد بذلك توافر الوثائق حتى اصبحت الدار
    محط رحــال لطلاب الدراسات السودانية من داخــل السودان
    وخارجــه الذين اثمرت جهودهم العلمية في عدد من الكتب
    والمقالات والأطروحات الأكاديمية.
    أبو سليم راصداً ومؤرخاً ومؤلفاً:
    بدأ أبو سليم مشواره العلمي الأكاديمي برسالة الدكتوراه
    التي تحصل عليها في جامعة الخرطوم عام 1966:
    – مخطوط مجموعة النجومي (مخطوط توشكي) رسالة
    دكتوراه ويتكون من ثلاثة اجزاء: المبحث والنصوص والمرشد
    الى وثائق المهدية. الجزء الاول يتناول نظم الكتابة واتجاهات
    التأليف والنشر في المهدية وتقييم محتويات المخطوط؛ الجزء
    الثاني يستعرض نصوص المخطوط وتحقيقاته، أما الجــزء
    الثالث فعبارة عن ثبت يحوى ملخصات محررات الامام المهدي
    وما اتصل بها من محررات الآخرين. وقف على الاطروحة
    البروفيسور هولت الذي وصفها بأنها صرح شامخ في البحث
    العلمي. بعد اجازة الدكتوراه نقح أبو سليم بعض فصول هذه
    الدراسة وأعاد تبويبها ونشرها في ثلاثة مؤلفات شملت: –
    المرشد إلى وثائق المهدية والحركة الفكرية في المهدية الذي
    تناول فيه المهدية فكرة ودولة ويعالج أنواع وثائق المهدية
    وأنماطها وأماكن حفظها وطريقة جمعها ومكانتها بالنسبة
    للمصادر التاريخية الاخرى بأسلوب علمي تجلت فيه مهارته
    البحثية. المؤلف الثالث منشورات المهدية الذي جمع فيه
    مجموعة مختارة من الوثائق المهمة التي تبين التيارات الفكرية
    والدينية والنظم السياسية والادارية خلال عهدي المهدي والخليفة.

    واصل أبو سليم جهده في التأليف بدأب ونشاط بعد اجازة الدكتوراه
    وقدم للمعرفة سيلاً من المؤلفات والكتب المحققة نورد منها على
    سبيل المثال لا الحصر:
    – الأرض في المهدية. يتطرق فيه الى القيم التي افرزتها الثورة
    المهدية فيما يختص بملكية الارض وكيفية استغلالها.
    (مثال للتاريخ الاقتصادي والاجتماعي).
    – الفونج والأرض: وثائق تمليك: تعكس الوثائق الواردة بعض
    السمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ذات الصلة بنظام
    الحكم والادارة في عهد الفونج.
    – الفور والأرض: وثائق تمليك.
    – الساقية: توج أبو سليم ابحاثه عن قضايا الارض ومشكلاتها
    بعمل رائد عن الساقية التي كانت تمثل معلماً بارزاً من معالم
    قرى الشمال الواقعة على ضفاف النيل حيث تشكلت حولها
    حياة الناس وعاداتهم الاجتماعية وقيمهم الاقتصادية.
    – النخيل تأليف القاضي عبد الله احمد يوسف تحقيق أبو سليم.
    صدر عن دار جامعة الخرطوم للنشر عام 1995. يورد الكتاب
    معلومات مهمة وغنية عن النخيل السوداني وأنواعه وأصنافه
    ومميزاته. بذل المحقق جهداً مقدراً في اصدار هذا الكتاب. ذكر
    المحقق ان هذا الكتاب اخذ منه سبعة عشر عاماً مما يؤكد صفة
    الصبر التي تحلى بها وقد اشرنا إليها في بداية المقال.
    – تدخل في نطاق السير مذكرات عثمان دقنة: نبذة عن حياة
    المجاهد عثمان دقنة 1840 – 1926 والنشاطات السياسية
    والعسكرية التي قادها الامير عثمان دقنة منذ ان حل بشرق
    السودان في أغسطس 1883. يجد القاريء عرضاً طيباً لجهاد
    الانصار ضد قوات الحكومة التركية والانجليز في شرق السودان.
    ويجد تاريخاً حافلاً للصراع بين المجاذيب والختمية، وللنزاع
    بين أهل البادية والحضر، وللدور السياسي الذي أداه السيد
    محمد عثمان بن السيد محمد سر الختم الميرغني منافحاً
    المهدية في منطقة سنكات وسواكن وضواحيها.
    – نصيحة العوام والعلاقة بين الثورتين المهدية والعرابية.
    – تاريخ الخرطوم: كتاب يتصف بروعة الاداء وتناول الحقائق بحيوية.
    دراسة لنشأة المدن. يقول ضرار صالح ضرار في مقال كتبه بعد وفاة
    الراحل العزيز بأنه يجد في الكتاب حيوية وجاذبية تكتمل بإضافة
    الصور التاريخية والفوتغرافية. حديث المؤلف فيه عن أم درمان فيه
    دعوة الى المزيد من الاطلاع.
    اقترح على أبو سليم ان اكتب بحثي لنيل درجة الشرف عن أم درمان
    في فترة المهدية وقد كان. ولا أدري ان كان الراحل قد اطلع على
    تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري 1820 – 1885 تأليف
    احمد سيد احمد واصله رسالة دكتوراه حصل بها صاحبها على درجة
    الدكتوراه من كلية الآداب قسم التاريخ، جامعة القاهرة عام 1964
    ونشرها المؤرخ المصري عبد العظيم رمضان في سلسلة تاريخ
    المصريين 2000 وقد عثر على الرسالة صدفة ولا يعرف كاتبها.
    أشرف على الرسالة محمد فؤاد شكري ومحمد أنيس.
    – أدباء ومعلمون ومؤرخون في تاريخ السودان: اهتمام بتوثيق
    تراجم وسير بعض الاعلام الذين كان لهم القدح المعلى في ارساء
    دعائم العمل الثقافي والسياسي في السودان: تناول أبو سليم في
    هذا الكتاب شخصيات مثل محمد النور بن ضيف الله، القاضي أحمد
    بن محمد بن ناصر السلاوي المغربي ونعوم شقير ومكي الطيب
    شبيكة ومحمد أحمد محجوب.
    – أدوات الحكم والولاية في السودان. يتطرق في القسم الاول الى
    الككر والعنقريب متتبعاً سيرتهما التاريخية منذ عهد الفونج وفي
    القسم الثاني يركز على اللباس السوداني وجذوره التاريخية
    وفي القسم الثالث يستعرض عدداً من الادوات والشارات كالسجادة
    والسبحة عند المتصوفة ورجال الدين. في الاقسام الثلاثة الاخيرة
    يستعرض سيرة آلات الايقاع مثل الطبل والنوبة والدلوكة والنقارة.
    الكتاب توثيق لأدبيات التراث السوداني.
    – «سعادة المستهدي بسيرة الامام المهدي». حصل أبو سليم على
    النسخة الوحيدة للكتاب ضمن اوراق ونجت باشا حاكم عـــام
    السودان 1900 – 1916 في مكتبة كلية الدراسات الشرقية
    بجامعة درهام. وفي نفس المكتبة حصل على النسخة الوحيدة
    من كتاب الطراز المنقوش وحققه بالاشتراك مع الدكتور محمد
    سعيد القدال. «الطراز المنقوش ببشرى قتل يوحنا ملك الحبوش».
    – الابانة النورانية في شأن صاحب الطريقة الختمية. الختمية لم
    تحظ باهتمام كبير من الباحثين بما فيهم أبو سليم. يعلل أبو سليم
    هذا الضمور في مجال دراسات الختمية الى شح مصادرها المدونة
    المتداولة. والى احجام قيادة الطريقة من جعل أدبياتها الموجودة
    في خزائن الأسر والافراد مادة متاحة للمؤرخين وسائر المهتمين
    بالعلوم الانسانية.
    ويقول بأن مؤرخ تاريخ السودان لا يبلغ شيئاً يرضيه ما لم يتح
    له النظر في الطرق وعلى رأسها الختمية وتقييم ادوارها في
    التاريخ.. لأن هذه الطرق ليست منظمات دينية صرفة تحصر
    نشاطها في مجال الدين والتعبد، وإنما هي روابط لها مكانتها في
    تكوين المجتمع ولها دورها في السياسة وفي كل وجه من اوجه
    حياتنا».
    اصل مخطوط الابانة النورانية وضعه أحمد بن ادريس الرباطابي
    في مدينة سواكن في العقد الاخير من القرن التاسع عشر الميلادي.
    يتناول سيرة السيد محمد عثمان الختم وذريته واصحابه وقصة
    حياته في السودان في إثنى عشر فصلاً. صدرت الطبعة المحققة
    لهذا الكتاب القيم ويتطرق في شيء من التفصيل إلى ظهور
    الطريقة الختمية وانتشارها في السودان. نشر أبو سليم ابحاثاً
    متفرقة عن سيرة السيد علي الميرغني 1880 – 1968 جمعها
    ورتبها في بحث واحد تحت عنوان «السيد علي الميرغني وقيادة
    الختمية».
    – القاضي الشهيد الحسين ابراهيم زهرا واعماله. ألف الحسين
    زهرا كتاب «الآيات البينات في ظهور مهدي الزمان وغاية
    الغايات» مدافعاً فيه عن مهدية محمد احمد بن عبد الله ومنافحاً
    المعارضين الذين وصفهم «بعلماء السوء».
    يقع الكتاب في 56 صفحة إلى ملحق من ست صفحات، وشروح
    في المتن والحاشية على طريقة كتب الأقدمين.
    يقال ان المهدي وقف عليه واجازه ثم طبع في عام 1887 بمطبعة
    الحجر التي غنمها الانصار من الحكومة التركية. حقق أبو سليم
    كتاب الآيات في أحد فصول كتاب اصدره حديثاً تحت عنوان
    «القاضي الشهيد الحسين ابراهيم زهرا وأعماله». في هذا
    الكتاب يتناول ابو سليم سيرة الحسين ابراهيم زهرا عالم
    المهدية وشاعرها وقاضيها، ثم يستعرض أدبياته الدينية
    واشعاره واسهاماته في مجال القضاء والفتاوى.
    – الأنوار السنية الماحية لظلال المنكرين على الحضرة المهدية
    بقلم الحسن سعد العابدي. وضع العبادي رسالته في سنة 1884
    وطبعت بمطبعة الحجر المهدية عام 1886. تقع رسالة العبادي
    في 268 صفحة مضاف إليها صفحات فهرس المحتويات.
    حقق أبو سليم رسالة العبادي تحقيقاً علمياً في كتابه «العالم
    المجاهد الحسن سعد العبادي: صفحة من خلاف العلماء حول
    المهدية وإمارة العتباي».
    – الآثار الكاملة للامام المهدي/ جمع وتحقيق محمد ابراهيم أبو
    سليم، دار جامعة الخرطوم للنشر، 1990 – 1996 يتكون من
    سبعة مجلدات. ترجع اهمية هذا العمل أولاً وقبل كل شيء الى
    انه يضع بين ايدي الباحثين ولأول مرة الآثار الكاملة للامام
    المهدي، استغرق وقتاً طويلاً من أبو سليم.
    تشتمل آثار المهدي وفقاً للتصنيف الذي اورده المحقق على:
    أولاً المراسلات وأهمها:-
    1- الخطاب: وتشمل الخطابات الموجهة الى الافراد وصغار الامراء
    وتشكل الاوامر الادارية طرفاً كبيراً من هذه الفئة.
    2- الرسالة وهي موجهة الى شخصيات لها مكانة أو جماعات
    ذات قضايا ذات دلالة ارشادية واغلبها بقلم الامام المهدي.
    3- المنشورات ومنه المنشور الخاص الموجه الى فئة من الناس
    كالمحاربين في جهة والمتعاملين في الاسواق والامراء ومن
    دونهم في الرايات: ويختص المنشور بالقضايا الرئيسة
    والحوادث الجسيمة، وأسس الدعوة ومراميها.
    4- فئة متنوعة: كتوقيعاته على الوثائق المرفوعة إليه وأهمها
    توقيعاته على مذكرات بيت المال.
    ثانياً: أدبيات دينية:
    وهي قطع تتناول قضايا دينية عامة لا يختص بها الانصار
    وحدهم مثل منشور الصلاة ومنشور حياة الدين الكبرى.
    ثالثاً: الحضرات:
    وهي سجل لحادث وقع في عالم الروح وترد في شكل رؤى.
    رابعاً: الادعية والراتب:
    وأغلب ادعية الراتب ترى في اعماله مثل الراتب والمراسلات
    وقليل منها يأتي مستقلاً.
    خامساً: الخطب:
    اقتصرت خطب المهدي على الناحية الوعظية في موضوعات
    كالجهاد والزهد والتقوى والعمل للآخرة والصوم.
    سادساً: المرويات:
    وهي أقوال رويت عن المهدي بعد وفاته وترد في المصنفات
    بغير نظام.
    سابعاً:
    المجالس يستعرض نصوص مجالس المهدي وتحقيقاتها في الحواشي.
    ثامناً: القرآن والتفسير:
    عني الامام المهدي بالتفسير ويتبع فيه اسلوباً متميزاً ولا يحفل
    بآراء المفسرين وتخريجاتهم. إنما ينتقي الآيات التي يريدها
    مركزاً على الفكرة والعبرة.
    تاسعاً: الاحاديث:
    وهي ليست بكثرة الآيات القرآنية وقد جاء بعضها للاستدلال
    على قوة الحكم وصواب ما يرمي إليه من الوجهة الشرعية.
    أوضح المحقق الاسلوب الذي اتبعه في التحقيق وضبط واعتماد
    الوثائق متتبعاً الأسلوب العلمي المتبع في تحقيق المخطوطات.
    وقدم عرضاً تفصيلياً للوثيقة بأقسامها واجزائها المختلفة مع
    ايراد البيانات المهمة عن الوثيقة.
    ضم هذا السفر الذي صدر في سبعة مجلدات كل اثر للامام المهدي
    ورد في مصادر المهدية أمكن الوقوف عليها. وبلغت اجمــالي
    المحتويات حوالي 1062 قطعة وبعد تصنيفها وترتيبها موضوعياً
    تم ترتيبها زمنياً وفقاً لتاريخ صدورها وساعد هذا الترتيب في وضع
    هذه النصوص في مكانها من الاحداث وبربطها حسب تواليها تاريخياً.

    بدأ أبو سليم جمع محررات الخليفة عبد الله وصدر المجلد الاول منها
    من مركز أبو سليم للدراسات 2005. مركز أبو سليم للدراسات هو
    أيضاً دور مهم آخر للراحل في رصد وتوثيق تاريخ السودان إذ لم
    يخلد للنوم والراحة بعد تقاعده كما يفعل أرباب المعاشات بل كافح
    لإقامة هذا المركز.
    صدر أيضاً بعد وفاته كتاب الخصومة في مهدية السودان. كتاب في
    تاريخ فكرة المهدية اسلامياً وسودانياً. اجتهد في ايامه الاخيرة
    لاعداده رغم مرضه.
    وجاء في تقديم بروفيسور عون الشريف للكتاب بأنه ليست هناك
    من قضية في تاريخ الاسلام والمسلمين في القديم والحديث قد
    أثارت من الجدل والحجج مثلما آثارته قضية المهدية.
    يقع الكتاب في ثلاثة اطراف، أولها المهدية في تاريخ الاسلام،
    ثانيها التأريخ لفكرة المهدية في السودان وثالثها مهدية مهدي
    السودان. سفر في خمسمائة وستين صفحة.
    منهج أبو سليم:
    تطرقت الى تفسير التاريخ ومناهجه نظريات اجتماعية وسياسية
    واقتصادية، وبالتالي ظهرت مدارس تاريخية عدة. التفسير الديني
    للتاريخ، التفسير المادي للتاريخ، علم التاريخ علم تثبت وتحقيق
    ونقد.
    يختلف المؤرخون في عرض الوقائع التاريخية وربط مقدماتها وعللها
    بالنتائج. في تناوله لتاريخ المهدية لم يكن متحمساً لفكرة سياسية او
    نظرية اقتصادية تبعده عن الحقيقة التاريخية في ذاتها. بل سار كما
    يذكر الدكتور احمد ابراهيم أبو شوك على نهج أستاذيه بيتر هولت
    ومكي شبيكة. منهجه يقوم على المعلومة الصحيحة الموثقة ودراسة
    الاحداث التاريخية كما تتراءى امامه شخوصاً بين الورق.
    أبو سليم يهتم في المقام الاول بالمصادر الاولية.

    هناك علوم مساعدة للباحث في التاريخ مثل علم الجغرافيا وعلم
    الانسان والعلوم السياسية وعلم الوثائق وعلم الآثار وفقه اللغة
    وقراءة الخطوط …الخ. لا يرى آبو سليم التاريخ علماً مستقلاً
    تماماً عن العلوم الانسانية الاخرى بل هو علم يحتاج إلى عدد
    من العلوم المساعدة التي تختلف وتتفاوت باختلاف الغاية التي
    ينشدها المؤرخ والحقبة التاريخية التي يريد ان يعالج احداثها.
    اهتم بدراسة عدد من العلوم المساعدة مثل علم قراءة الخطوط
    وعلم فقه اللغة العربية السودانية الدارجة.
    وعلم الوثائق الذي يعتني بالكتابات الديوانية والشخصية وأنواع
    المداد الذي تكتب به والورق الذي تدون عليه.

    أهم ما يميز منهج أبي سليم في البحث العلمي الربط الدقيق بين
    التحليل العلمي والتوثيق ووصف بالاحداث في أمانة وصدق.
    أبو سليم مؤرخ موسوعي وإن ركز على تاريخ المهدية ولعلكم
    تتفقون معي بأنه هو مؤرخ المهدية بلا منازع. امتد اثره ليشمل
    غيرها من مجالات تاريخ السودان وثقافته وتراجم بعض علمائه.
    عشق أبو سليم أستاذ علم الوثائق وعلم الارشيف الوثائق وعشقته
    أيضاً لأنه لم ينفك من أسرها حتى وفاته.
    المراجع:
    صحيفة الأيام، 6-17 فبراير 2005، البروفيسور محمد ابراهيم
    أبو سليم (1930 – 2004). د. قاسم عثمان نور.
    أحمد ابراهيم أبو شوك: محمد ابراهيم أبو سليم.
    محمود الحويري: منهج البحث في التاريخ، القاهرة 1999.

  12. له الرجمة والمغفرة اختي اماني وتغفي اثره في الحياة فانا لم اعرف ابي الا بعد وفاته لهم الرحمة والمغفرة وجعل الله جنات الفردوس نزلا لهم

  13. رحمة الله رحمة واسعة وغفر له … فراق الوالد حااااار … احمدى الله اختى امانى أنك حضرتى لحظات وفاته … ما بالك بى … توفى والدى رحمه الله رحمة واسعة وغفر له ولم أحضره … وحضرت وجدته اندفن تحت التراب … اااااه لحظات عصيبة وسيئة الله ماوراها لأحد …اللهم أرحم جميع موتانا وموتى المسلمين … انا لله وانا اليه راجعون …

  14. له الرحمة والمغفرة / لقد عشنامعك كلمة بكلمة مع الرجل العالم الراجل في وقت عز فيه الرجال /هذا الجيل الجميل الأصيل الذي نهلنا منه الأدب والعلم والتهذيب وكل المعاني الجميلة التي نفتقدها في هذا الزمن الأغبر / زمن / الرقيص والمتاعيس / بارك الله فيكم ورحمه رحمة واسعة ورحم آباءنا وأمهاتنا الراحلين في الزمن الجميل / وأعاننا الله في هذا العهد الذي أتصف بكل ما هو قبيح.

  15. ما مات من ولد مثلك استاذه اماني …وكذلك صديقي خالد ابوسليم

    وهكذا المنون يختار من خيارنا الاخيار ….

  16. نسأل الله له و لكل أموات المسلمين الرحمة و المغفرة ..

    (أحسنت له) و قد (أحسن إليك)… فكلماتك كلها وفاء ..

  17. محمد ابراهيم ابو سليم اعظم مؤرخ سودانى قرات له كل مؤلفاته وتوثيقاته عن المهدية واعظمها (الاثار الكاملة للامام المهدى ) كم كان هذا الطود عظيما . اللهم نور قبره وارحم روحه واجعل قبره روضة من رياض الجنة واجعله فى سدر مخدود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة

  18. محمد إبراهيم أبو سليم
    ******************
    من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة-
    ———————-
    ولد في 27 يوليو 1927 (العمر 86 سنة)-
    ولد في قرية سركمتو في الولاية الشمالية بالسودان في 27 يوليو 1927 درس المرحلة الابتدائية بمدينة عبرى والمتوسطة بوادى حلفا والثانوية بوادى،

    ثم درس علم الوثائق بجامعة الخرطوم عام 1955م وفور تخرجه التحق بمكتب صغير مختص بحفظ الوثائق في وزارة الداخلية ومالبث أن تطور المكتب الصغير على يديه إلى دار الوثائق القومية نال الدكتوراة في فلسفة التاريخ من جامعة الخرطوم في عام 1966 م.

    توفي في الخرطوم في يوم 7 فبراير 2004-

    الأنشطة العلمية والعملية والأكاديمية
    *********************
    عضو لجنة تاريخ الأمة العربية.
    ترأس عدداً من اللجان القومية أهمها لجنة تقسيم مديريات السودان وساهم في بناء الحكم المحلي
    أستاذ زائر بجامعة الخرطوم 1967م
    أستاذ علم الوثائق والأرشيف ورئيس قسم الوثائق والمكتبات بجامعة أمدرمان الإسلامية (1975- 1981 م).
    أستاذ زائر بقسم التاريخ بجامعة بيرجن في النرويج (89-1994 م).
    زمالة جامعة النيلين بدرجة أستاذ (95-1996) ودرس بها التاريخ والأرشيف والوثائق.
    محاضر في مدرسة علوم الإعلام بالرباط (المغرب) في مادتي الأرشيف والوثائق.
    محاضر في معهد الجهاد الليبي للتراث الشفوي.
    خبير معتمد في الأرشيف لدى اليونسكو، كان له نشاط واسع في المجلس الدولي للأرشيف وفرعه العربي ولجانه المتخصصة.
    أشرف على عشرات الأطروحات العلمية في الماجستير والدكتوراة وأعد مذكرات تقييم للجان ترقية أساتذة الجامعات.
    أعد عدة تقارير لحكومة السودان في عدة شؤون أهمها المشاكل القبلية وأمور الحدود.
    ترأس الجمعية التاريخية السودانية.
    عضو الأمانة العامة للمؤرخين العرب وعضو المجلس القومي للآداب والفنون.
    يعتبر حجة في تاريخ الثورة المهدية ونظمها.
    حقق كثيراً من الأدبيات ما جعله رائد التحقيق في السودان.
    أنشأ مركز أبو سليم للدراسات.

  19. اللهم ارحمه واغفر له واجعل مثواه الجنه جدنا وابانا وابو دفعتنا ف الروضه والمدرسه ورفيق طفولتنا ف حي الشجرة العريق وائل ابوسليم

  20. استطعتي أن تعصري منا الدمع بعد ان جفت مآقينا في هذه الغربة، رحم الله والدك واسكنه فسيح جناته وإن الله كريم سيكرمه

  21. اللهم انزله منزل الصديقين والشهداء وحسنا أولئك رفيقا، اللهم ابدله داراً خيرا من داره وزوجا خير من زوجه واغسله من الخطايا والذنوب كما ينقي الثوب الابيض من الدنس … اللهم آمين

  22. اصدقك ياابنة الخال لم استطعاكمال المقال اد يجتاحني حزن وتغمرني الدموع واشهد للراحل المقيم بره وتواصله للاهل وكم ادكر انه عندما يمر بمدينهعطبرة ومهما تكن الفرصة ضيقة الا انه كان يستقل التكسي من محطة السكة حديد ليزورجدتي التي تربطه به وشيجة تحياتي اختي اماني وتحايايل اخي الحبيب سيد ابوسليم
    ان الدي بممماته هجر الحياة وسحرها
    وحياته بالحب قدكانت تمازج غيرها
    ويشب نار جهادها دوما ويرفع قدرها
    يولي المحبة قومه منحوه اوضنوا بها
    يكفيه فخرا انه ادي الرسالة وانته
    ونحن نفخر بابوسليم كسودانييين نتفق عليه اتفاقنا علي( العلم) ونفخربه كنوبي فما بالك انت وانت ابنته حق لك ان تقدلي فوق عديلك ومامات ابو سليم فهو باق مابقي (ميمي)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..