عندما يصبح المواطن قطعة أرض

منذ أن كشف والي الخرطوم الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين، أن الولاية كانت تكمل نقص ميزانياتها ببيع الأراضي، وقال إنه عند تسلمه منصب الوالي فيها لم يجد في عرصاتها وسوحها ومساحاتها وميادينها قطعة أرض غير مباعة ليبيعها، بعد أن قضى سلفه على كل شبر فيها، وقال في ذلك تصريحه الشهير (الحتات كلها باعوها)، كنت منذ تلك اللحظة أترقب الحلول والموارد (من غير بيع الأراضي) التي سينجح الوالي الجديد في استنباطها أو ابتداعها وابتكارها ليكمل بها نقص ميزانيته، غير أني لم أجد عند الوالي الجديد حلاً جديداً مبتدعاً وبديعاً، بل للأسف وجدت أنه قد استبدل أديم الأرض الذي كان يعتمد عليه من سبقوه، بكتف المواطن وكاهله الذي بدأ يتضح أنه سيعتمد عليه في إكمال نقص ميزانيته، ومن دلائل ذلك قانون ترقية خدمات المناطق الصناعية الذي قضى بفرض رسوم جديدة على بعض المنتجات الصناعية، وهذا يعني في المحصلة أن عبئاً مالياً جديداً قد حط بثقله على كاهل المواطن الذي يستهلك أو يستخدم تلك المنتجات وليس أصحاب المصانع الذين حتماً سيستردون ما دفعوه من رسوم من جيب المستهلك، هذا ما تم فعلياً وفي الطريق لا محالة زيادة رسم المياه بنسبة مائة في المائة لسد عجز ميزانية الهيئة، كما وضح من لقاء الوالي الأخير بأجهزة الإعلام، الذي تهرب فيه الوالي وأركان حربه من الإدلاء بنفي صريح لأي زيادة مزمعة في فاتورة المياه.. والعدد في الليمون كما يقول المصريون…
وأنا أتأمل حال مواطن الولاية بعد أن تترى على كاهله الرسوم والجبايات المرتقبة، طافت بذهني حكاية قديمة سقط من الذاكرة اسم ناقلها الذي سمعتها منه مباشرةً، وبالضرورة سقط أيضاً اسم صاحبها الأصلي، والحكاية حقيقية وواقعية كما يقول الراوي الناقل، وهي أن الراوي الأصلي عندما كان يتابع عروضاً للسيرك، لفت نظره مشهد جانبي مؤثر للغاية، جعله يهتف (سبحان الله وما دايم إلا وجه الله)، وذلك عندما رأى لأول وهلة ما حسبه كلباً ليتضح له أنه أسد عندما دنا منه وتفحصه، لقد تقزم الأسد وتساقط شعره حتى بدا للرائي غير المدقق مثل الكلب أو قد يراه آخرون مثل الخروف، وكان هذا الأسد الهزيل الخجول يتمسح بجدران القفص ويشمشم في الأرض، يقول الراوي وبينما هو مذهول من هذا الحال الذي آل إليه الأسد ملك الغابة وصاحب الحول والطول، إذا بمشهد آخر يزيده ذهولاً على ذهول، وذلك عندما تقدم ناحية الأسد أحد المروضين وأخرج من جيب الجاكيت الذي كان يرتديه كيساً من الورق به سندوتش فول قسمه إلى نصفين، قدم للأسد أحدهما وبدأ هو في التهام الآخر، وكذا فعل الأسد الذي كان أيام عزه وسطوته يفطر بغزال كامل ويتغدى بحمار وحش ويتعشى ببضعة أرانب، فتدور عليه الدائرة ويخني عليه الذي أخنى على لبد، فيصبح نصف سندوتش فول وجبة دسمة يلتهمها بتلذذ وهو يتلمظ.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. المواطن يعرف جيدا وضعة المادي لا نلوم النظام بل نلوم نفسنا اصبحنا مسلوبين الاراده نعتاش علي الغش والسرقة والكذب الحرام ونخاف سلك طريق الحلال الحيوانات تتفاتل من اجل طعامها والدفاع عن عيالها ولا تنسي مواطن الخرطوم المستنير كان من يسقط العسكر اين هم الخرطوم وافدين وحبش وسوريين وجنوبين ناس تاكل عيش لا يهمهم الوافدين ف برامج الشروث الجمعة الماضية لا بعرف عبدالحكيم عامر سوداني ولا مصري فيهم من ثال دكتور ولا عبدالرحمن المهدي واخر لا اذكر اسمة هؤلاء بسطاء مساكين تعرفهم من سحناتهم يصيرون علي الجوع والعطش والسكن هؤلاء يفترض ان يقودو التغيير من اجل اسرهم ف الاقاليم نحن ساكنين والحمدلله لكن هم المشكلة والاغرب استعان بهم النظام وجعلهم مخالب وانياب واذرع ف كل هبة شرطة امن جيش

  2. الحل يا مكاشفي.

    حلوا المجلس الوطني وحولوا ميزانيته لدعم المياه. أو كما قال شيخ علي عبدالرحمن رحمة الله عليه (الحل في الحل).

  3. السلام عليكم
    من السهل ان نعدد اخطآ للحكومات دون ان نقدم الحلول التي تفيد الجميع بغض النظر عن مدي تفشي الفساد ولكن يجب طرح الحلول البديلة لتغطية العجز وما هي الطرق البديلة لرفع المعاناة عن اهلنا .
    اخي العيب فينا اولا لسكوتنا عن الفساد والنظام و ثانيا لاننا كسالي شعب غير منتج وادري جيدا ان حديثي سوف لن يعجب الجميع وهذه هي الحقيقة المرة التي يجب ادراكها قبل كل شي عسي ان نصحح الطريق لغد مشرق و ان نبني مجدا وسط بقية الشعوب .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..