لماذا هي للثقافة وليست للإعلام ..!

كثيراً ما نجد الربط بين الثقافة والإعلام كوزارة واحدة في الدول التي تحكمها النظم الشمولية لاسيما العقائدية يسارية كانت أويمنية أو حتى النظم الملكية ولعل ذلك مردة لتقييد خُطى المرفقين وفقاً للخط السياسي للنظام الحاكم بإعتبار أن إنعتاق الثقافة لتؤدي دورها في المجتمع دون كابح ربما يجعل درجة الوعي في الناس تتلمس الخيارات الفكرية المتنوعة ولا ترتضي الإنحباس وراء قضبان النهج ذي المسار الواحد الذي يحدده كيان النظام الحاكم سواء كان حزباً أو حركة أوخلافه من التنظيمات التي تأتي بفكرة صياغة المجتمعات على نمطها الفكري حصريا ..مثلما درجت وزارة التخيط الإجتماعي في بداية حكم الإنقاذ حيث تولاها الرجل القوي في النظام حينذاك الأستاذ علي عثمان محمد طه فضمت كافة المرافق المتعلقة بأنشطة الوعي والثقافة و والشباب والرياضة والشئون الدينية والأوقاف وتفريعات أخرى متصلة بمسالة توجيه المجتمع بكل مكوناتة الى قبلة المشروع الذي سمي حضارياً ..!
أما الربط بين الإعلام والثقافة فلآن الإعلام تحت هيمنة ذلك النمط من الأنظمة هو القنوات الصوتية التي تنطق بلسان يقول ما يريد الحاكم أو النظام و التصويرية التي تقلب الصورة ويقال للناس إنقلبوا معها لتروها معتدلة لا أختلال فيها و المكتوبة التي يلبس النظام الناس حيالها نظارات بقياسه هو لا بقدر حاجة أعينهم للقياسات التي تناسبها !
ان العالم الآن في ظل هذا الفضاء المفتوح لم يعد يرتكن الى نظرية الإعلام الرسمي .. فأغلب الدول التي تحكمها الديمقراطيات الشفافة قامت بالغاء وزارة الإعلام وأتجهت الى الإعلام الحر في حده الأعلى أو إعلام المؤسسات في نصابه المعقول الذي يقوم على مبدأ الرقابة الذاتية التي توازن بين ضمير المهنية والمصلحة الوطنية لا مصلحة الحكم!
ولكنها في ذات الوقت أبقت على وزارة الثقافة لآن الفرق بينها و الإعلام شاسع جداً على غير ذلك الربط المحكم بينهما في الأنظمة التي تقيد تلك عبر ذاك!
فالثقافة عندهم هي نمط من الثروة القومية سواء كانت تراثاً أو أدبا أو مسرحاً أو فناً أو أثاراً الى أخره .. لابد من أن يجد الدعم المباشر من الدولة والرعاية القصوى بتسخير كافة الوسائل والإمكانات لشاغليه حتى لايندثر قديمه و لا يتضعضع حاضره ولا يتأثر مستقبله .. فيصبح مكانه في الميزانية العامة حذوك النعل بالنعل مع التعليم والصحة على سبيل المثال لا الحصر!
بالطبع ليس هنالك ما يدعو للتفاؤل بان يفضي حوار الوثبة الحالي الى إنعتاق الإعلام أو رفع ميزانية الثقافة الى مستوى مخصصات وزارة ولائية حتى ..طالما أن السيد الرئيس ليس راضياً بكل ما يفعله إعلاميو البلاد وعلى رأسهم الملكي أكثر من الملك وزير الإعلام شخصياً من شقلبات بهلوانية لإرضاء النظام .. فبشرهم بأنه سيتولى ملف الإعلام بنفسه .
ونقول لأهل الحوار إن كانوا سيسمعون .. إن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية الحقة إن كانوا معنيين ببحث الأمر ..هذا إن هم كانوا !
اتمني من الله ان يعي حكام بلادي ما تكتبون … يا عزيزي اعتقد انهم لا يقرأون واذا قرأوا لايفقهون واذا فقهوا لايعملون بما فقهوا والله المستعان.