يا شيخ العرب دي ما المحرية فيك!! (3)

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
(طرفة بن العبد)
رحم الله عمتنا التاية بت زمل الشاعرة الفارسة التي خلّدت أمجاد الدار ودوّنت أحداثها شعراً، وهي يومئذ تنافح بلسانها وتساند فرسانها وزعماءها، الذين كانوا يذودون عن العرض والأرض بكل بسالة ومروءة، دون أن يخور لهم عزم أو تضعف لهم همة أو تسيل لعابهم للعاعة دنيا أو منصب سياسي أو حزبي لا يمت لعملهم الأهلي بأي صلة كانت. أولئك الزعماء هم الذين وضعوا حدود الدار عبر مواثيق معروفة كتبوها مع جيراننا مثلما حدث في أم قوز مما جعل التاية تقول:
يا سياد الشقة أم حوز
يا سياد الركب الفوز
الليلة الليم فوق أم قوز
في ذلك العهد كان زعماء الدار لهم هيبة وسلطة ورهبة أمام خصومهم فما بالنا الآن نرى كبارنا يصدرون القرارات الجائرة لمصادرة أرض الدار؟ وكيف يوافق أمير قبيلة مع سبق الإصرار على مصادرة أرض عشيرته التي يقتاتون منها ويعيشون على ما تنبت لهم وتخرج من دخن وبطيخ وغلال أخرى؟ نقول هذا بالنظر إلى قرار لجنة أمن محلية غرب بارا الذي ينص على أن أرض الغبش، التي تخص فرع الفراحنة من دار حامد، غير صالحة للزراعة؛ ولذلك تنزع لصالح الدولة وتحول إلى مرعى، مع العلم أنها مزروعة الآن ولم يكمل المزارعون حصادها بعد. فهل من صلاحية اللجنة المذكورة تطبيق قانون المصادرة، إن وجد؟ وقد اعتمدت اللجنة على قرار سابق لا يتعلق بهذه الأرض وإنما بمنطقة تختلف تماماً، وينسب القرار إلى لجنة تابعة للاتحاد الاشتراكي في بارا وهو بدون توقيع أو ختم. وقد تأكد لوفد أهالي المنطقة الذي التقى معتمد المحلية أن السيد الأمير ضالع في هذا القرار ولا يستطيع التنصل عنه أو إنكار علمه به؛ فقد استشارته لجنة الأمن في ذلك ولم يبد أي اعتراض عليه بل أقره بكل أسف. ليس هذا فحسب، بل إن بعض الأشخاص قد أدلوا للجنة الأمن بمعلومات مضللة؛ ولذلك اتخذت هذا القرار المجحف. وهذا بكل تأكيد لا يعفي اللجنة من مسؤوليتها عن التحقق من صحة البيانات المقدمة إليها تفادياً لاتخاذ قرارات قد تزعزع أمن المنطقة. ولذلك فإن هذا القرار مرفوض وأقل ما يوصف به أنه معيب؛ خاصة وأنه قد اعتمد على حيثيات “مضروبة” وقرار لا يتمتع بأقل متطلبات المصداقية والصحة من الناحية النظامية والقانونية! هذا التصرف بكل تأكيد يدفع بالمجتمع المحلي نحو الفتنة لأنه يدل على ضعف الجهاز الإداري والإدارة الأهلية على حد سواء؛ الأمر الذي يجعلنا نخشى من تكرار تجربة دارفور في هذه المنطقة الوادعة، فكل ما يحدث ويجري من أحداث مؤسفة في دار فور يعود أساساً لإضعاف مؤسسة الإدارة الأهلية في ذلك الإقليم المسالم ونتيجة للصراع حول الأرض من أجل الزراعة والرعي. ونلفت الأنظار هنا إلى ما جاء على لسان النائب البرلماني السابق السيد مهدي أكرت الذي أشار إلى أن قانون الإدارة الأهلية، الذي صادق عليه البرلمان في دورة سابقة، كان القصد منه تقليص سلطات الإدارة الأهلية وتقليم أظافرها وإضعافها بتكوين لجان للأمن في المحليات والولايات لتتولي الفصل في بعض النزاعات التي تتعلق بالأرض بينما كانت مسؤولية هذه الملفات تقع على عاتق رجال الإدارة الأهلية. يحدث هذا في وقت تشهد فيه الخدمة المدنية عموماً تردٍ غير مسبوق مما قعد بها عن القيام بدورها بشكل مريع. والآن يمثل المعتمد قمة الهرم التنفيذي في محليته فهو المسؤول السياسي والإداري والأمني وربما يتغول أحياناً على السلطة القضائية التي يفترض فيها الاستقلال عن كافة الأجهزة التنفيذية الأخرى. وخير مثال على ما نقول صدور قرار من لجنة أمن المحلية التي هي برئاسة المعتمد في قضية لا تزال منظورة أمام القضاء. علاوة على هذا فأن المعتمد يقع من ضمن اختصاصه تعيين العمد والمشايخ وعزلهم ومحاسبتهم فهل يستطيعون أن يفعلوا إلا ما يريد! في هذا المقام هنالك بعض الأسئلة التي تطرح نفسها أولها: ما هي معايير اختيار المعتمدين، هل هي الولاء للحزب الحاكم فقط، أم يجب أن تشمل المعرفة والخبرة والحنكة وأشياء أخرى تتعلق بالمنطقة وأهلها وأعرافها وجغرافيتها وتاريخها وما بين أهلها من تقاليد ومواثيق تستوجب الوضع في الاعتبار؟ وينطبق هذا على الإدارة الأهلية فهي الآن بحاجة ملحة لإعادة النظر في قانونها وإعادة هيكلتها وتحديد اختصاصاتها وتدريب قادتها الذين ينبغي أن يتحلوا بالحكمة والحنكة حتى تقوم بدورها الرائد في مجتمع أصبح أكثر تعقيداً ووعياً وله مشكلات وتطلعات لم تكن موجودة من قبل، وفي كل الأحوال تقع المسؤولية على الدولة والمجتمع لإصلاح هذا الجهاز الحيوي. هذه الأسئلة مستوحاة من واقع الممارسات التي نشهدها في أكثر من محلية؛ الأمر الذي يستدعي تحديد آليات اتخاذ القرار والصلاحيات وعدم تركيز السلطات لدى شخص واحد كائناً من كان! ودي ما المحرية فيكم!
[email][email protected][/email]
الجفلن خلهن اقرع الواقفات…امسك صعاليك القبائل هناك بيكون الامن وزع ليهم السلاح…الله يستر شعبنافي كردفن جنوبه اشتعل فضل شماله