هل الرفاق علي الدرب سائرون !

قد يتذكر معي بعض أبناء أمدرمان القديمة من ذ ات الحقبة التاريخية التي كنا فيها علي مقاعدالدراسة وهي بالتحديد من منتصف العقد السابع الي قيام الديمقراطية الثالثة كان جل مثقفي البقعه من أهل اليسار أو اللبيراليين ولهم حضور في مناحي الابداع والحياة العامة من هنا جاء أهتمام اليافعيين منا بهذا الحزب ومواقفه وتاريخه الذي كان يعيش بين حواري هذه المدنية كنت من الذين لهم حب ووأجلال لهذه التجربة في مرحلة ثانوني تم تجنيدي داخل
خلية المدرسة بدأت بالقراءة عن تاريخ السودان المعاصر بمساعدة أعضاء الخلية ومنها دلفت الي تاريخ هذا الحزب أنه تاريخ مجيد كنا نري فيه قداسة الفكرة الماركسية ونبل الرجال وحكمة مثقفي تلك الفترة وفهمهم العميق للعلوم والتجارب الانسانية من هنا جاء التعلق الفكري والولاء بل كنا نحمل الرايات الحمراء في كل مناسبة الحزب والوطن بكل فخرا نرفع الصوت بالنشيد وسط الرفاق عن أمجاد شعبنا وأمانيات الطبقة العاملة ققد يقول قائل أني ربيب بيت ماركسي
كان في صدر غرفة الضيافة (الصالون )صورة كبيرة لجيفارا ولومببا وكم مرة كانت أمي لها الرحمة تقول لي أن بيت الزعيم الخالد عبدالخالق هنا وبعدها عاصرت رفاقا عظام حملوا الفكرة والمبدأ لكم كانوا أصحاب علم وخلق رفيع من جاء الالتزام لهذا الفكر ولكن بعد قيام الديمقراطية دخل الحزب مجموعة من المتطفليين الذين لا يؤمنون بالفكرة ولم يتم لهم تأهيل تنظيمي وكنت دوما أنادي بأن هؤلاء القادمين الجدد ليسوا أهل ثقة أو أصحاب ولاء ماركسي وحتي بعضهم لايعرف
لو اليسير عن هذا الكيان تحلقوا حول القيادات زعما بأنهم أهل فكر وتجربة بدأت مشاكلي مع هؤلاء حتي تم فصلي بحجة عدم الانضباط التنظيمي والمجاهرة بالهجوم علي زملائي قد يكون عدم نضوج فكري أو نزق شباب ولكنهم طردوني
أشر طردة من الحزب وذهبت الي الرفاق في حق وكانوا خير عون لي في تجاوز أزمتي مع الحزب وبعدها تفرق بي الامر الي العمل في الصحافة التي لاتعرف غير الحق والحقيقة وكان لابد من أسقاط الحزب من حساباتي كصحفي عامل
والالتزام بالمهنية وقواعد المهنة الاخلاقية ولكن يظل ما في القلب في القلب يافعا كنت يساري الهوي والتنشئه وفي صدر الشباب كنت عضوعامل وهي يصف الوجدان بين ليلة وضحها !
محزونون أنا وغيري من أهل اليسار الذين غادروا الحزب لأسباب عديدة ونحن نري ما يحدث في أروقته ونطيل الشكوي والتحليل في مواقف الحزب وحاله الان كيف كان لرجال جهابذة يقودون حزب عملاق وكان نموذجا لكافة الاحزاب الشيوعية الافريقية لم أكون أعلم أن تجربة الحزب الشيوعي السوداني مادة للدرسة والتحليل ألا عندما كنت في بيروت وكان لقائي كوكبة من شباب الحزب الشيوعي اللبناني و قبلها بالصحفيين الشيوعيين في دمشق بمخيم اليرموك وكنت قد نزلت ضيفا عليهم وأنا مشردا أبحث عن بلد للعيش والمأوي سمعت وما أفخر به عن حزبنا العظيم وتاريخه الناصع ورجاله الاوفياء المفكرين ووجدت بعض كتب الحزب في مكتبات هذه التنظيمات أعترافا بعمق التجربة وفهم من كانوا علي سدة القيادة الحزبية للفكر الماركسي يطول الكلام في هذا المنحي
بالرغم من تجربة ربع قرن من التهميش والاقصاء لنا كيساريين والقمع والتنكيل لازال لهذا الحزب حضور وهذا ما حافظ عليه الكل منذ أنقلاب 1971 الي يومنا هذا بالرغم من الاصوات التي تنادي بتغيير أسم الحزب وأصلاح منهجه
كنت أقول للرفاق الذين ينادون بهذا الطرح أن من أعظم الدورس السياسية التي كشفت عنها تجارب الشعوب علي مر التاريخ أن الشرعية السياسية والرضي المجتمعي صنوان لا يفتراقان وأننا علينا أن نعمل علي نيل الرضا من الطبقة العاملة لكي نحقق الرضا المجتمعي والذي يحتاج الى سياسة اقتصادية تضع حدّاً للتمايز الاجتماعي والجهوي وتكون فيها للدولة مهمات اساسية في الرعاية الاجتماعية بحيث لا تقتصر على الدولة الحارس. واكثر ما يسعى اليه اليسار فيالسودان يكمن في ايجاد الصيغة الملائمة لتجاوز الطائفية والاسلام السياسي وتأسيس دولة القانون على اساس الولاء اولاً للوطن لا للطائفة او الجماعة والعمل لاقرار دستور مدني ما يستدعي، بطبيعة الحال استنهاض قوى التغيير في المجتمع للعمل عليه
شكّل سقوط جدار برلين منذ 20 عاماً نهاية الحلم الاشتراكي الذي بدأت الثورة البولشيفية منذ انتصارها في العام 1917 بالشروع في بنائه على يد الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين واستطاع الاتحاد السوفياتي اثبات حضوره متكئاً على ثروة بشرية وترسانة نووية وشرع في دعم حركات التحرر العالمية ضد الاستعمار وبطبيعة الحال لم يكن هذا الدعم من دون مقابل، فاستطاع السوفيات اثبات حضورهم في دول افريقية وآسيوية وأميركية جنوبية عدة، وكل همهم احداث التوازن مع الولايات المتحدة الأميركية.
لو كنت متابع جيد لبرامج قوى اليسار من دون أن يتشكل اطار وطني يساري شامل يحقق القدرة على الضغط في اتجاه تحقيق المطالبوتزامنت هذه المرحلة مع تراجع الطروح اليسارية عالمياً بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وصعود الخصخصة والخيارات الليبرالية التي تسببت بالأزمة المالية العالمية وأرى ان المشروع الحقيقي الذي يحمله اليسار في السودان بكل فصائله هو اصلاح النظام السياسي وكتابة دستور مدني يراعي حقوق الجميع وتحسين شروط عيش الطبقات الفقيرة والفئات الشعبية والتنمية المتوازنة فيكل السودان ودعم القطاعات الانتاجية وتطوير دور الدولة الراعية ويعرّف عن اليساريين في السودان بأنهم القوى والشخصيات التي تتبنى رؤيا اصلاحية على المستويين السياسي والاقتصادي وهم الذين انحازوا تاريخياً الى مصالح الطبقات الفقيرة وعملوا الى جانب القطاعات النقابية والعمال ووالمزارعيين في نضالهم من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة
نهاية القول لا نريد أن نري ما حدث في كافة الاحزاب التقليدية من أنقسام وتمزيق أن يحدث لهذا الحزب العريق صاحب السجل الناصع في مناصرة قضايا الجماهير ومن هنا نؤيد الدعوة بأقامة مؤتمر الحزب بأسرع ما يمكن حماية له من قوي الشر وعناصر
التمزيق التي تسيدت الموقف وهل يسمع الرفاق قولي ! ولسنا يا رفاق بروتاريا حقيرة بل أهل بصيرة فينا ما فيكم من ولاء وقناعات أعتناق هذا الفكر .
[email][email protected][/email]
لك خالص التحايا الاستاذ زهير عثمان حمد على الاضاءات الثرة الوضاءة عن عملاق كالحزب الشيوعي السوداني حامل لواء الفكر الانساني النبيل و المواقف الشجاعة جنبا الى جنب مع الغلابة و الكادحين والفقراء البسطاء من بني جلدتنا
دمت بخير
أستاذ زهير
اعتقد ان كل من دخل هذا الحزب او صادق اعضاءه يحمل في طيات نفسه نبل الفكرة حتى لو فارقه بأى الأسباب ، نبل الفكرة ونبل القيم التي ينادى بها , ربما عدم التحقيق لتلك القيم والأفكار يأتي من عجز القادرين على التمام وربما يأتي من مثاليات وربما يأتي من تكالب الشرور ولكن مهما كانت فقد التقيت كثيرين كانوا مع هذا الحزب او صادقوه او دعموه كانوا يمثلون ضمير الإنسانية الناصع ويتوقون الى عالم يسوده عدم استغلال الانسان لاخيه الانسان ويتوقون الى ان تكون الحياة تستحق ان تعاش كما قال محمود درويش ، كانوا وما زالوا صادقين صادقين ،
احسك صادق في ما تقول وما تكتب وما تتمنى ، لنتمنى ان يكون بلدنا ووطنا ملىء بالهواء النقى لكى تستنشق رئتانا بحرية وصحة ، حقيقة ان بلدنا لا يستحق ما حصل له ، لقد انشبت الفاجعة اظافرها في الوطن وادمته كثيرا .
مع تحياتى