سحب ظل حائط البنوك الخليجية والسعودية من البنوك السودانية

سيد الحسن

بسم الله الرحمن الرحيم

أثار قرار السعودية وبعض الدول الخليجية بوقف التعامل مع البنوك السودانية أقوال كثيرة ومبررات لشن هجوم على دول الخليج وخاصة السعودية بأنها تعرضت لضغوط أمريكية للقيام بهذه الخطوة تمهيدا لتسوية مع أسرائيل فى المنطقة. والهجوم خاصة من تنظيمات الأخوان المسلمين وبالأخص فى السودان حيث علق أحد الكتاب بأن المؤتمرين الوطنى والشعبى فرقتهم المصالح وجمعهم الخوف . ومثالا للهجوم تصريح أبراهيم السنوسى(والذى يعتبر نائب زعيم الجماعة الاخوانية السودانية الدكتور حسن الترابي في رئاسة حزب المؤتمر الشعبي) حيث قال حسب ما جاء في بعض المواقع السودانية في هذا الصدد ايضا: ان الدائرة ستتسع وتشمل الاسلام ككل وليس الاخوان وحدهم ومضي السنوسي قائلا,ان المعركة ليست ضد الاخوان وانما ضد كل نفس اسلامي من اجل التمهيد لاعلان تسوية مع اسرائيل علي حساب ما اسماه بالثوابت والحقوق الفلسطينية والعربية والاسلامية علي حد تعبيره). كم نقلت الصحف المحلية مناقشة قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني أمس، أهم الأحداث العالمية ذات الانعكاسات على السودان حيث تناول المجلس بشكل مستفيض مستجدات العلاقة مع دول الخليج على ضوء التطورات الأخيرة. وكيفية التصدي لها وإعادة المياه إلى مجاريها .

وبقدر ما أثار القرار أرتباك الحكومة والمؤتمر الوطنى وبقية تنظيمات الأسلاميين أثار القرار فرح المعارضة بتشديد الخناق (بوقف التعامل مع البنوك السودانية فى ظل أزمة أقتصادية طاحنة تهدد بزوال النظام)على الحكومة بصدور القرارات خاصة من السعودية, ووقعت فى نفس الفخ لمفهوهم القراروقف التعامل مع البنوك صدر حديثا وبناء على ضغوط . لكن حقيقة أنه سحب ظل حائط البنوك السعودية الذى كانت تسير تحته البنوك السودانية فى تعاملاتها الخارجية. التصريح الوحيد المتزن صدر من جماعة د. غازى صلاح الدين المنشقة فى اليوم التالى للقرار حيث نصحت الحركة المنشقة الحكومة بأن تستعين بعلاقات السيد الصادق والسيد محمد عثمان الميرغنى لترميم العلاقة بين السودان ودول الخليج وعلى رأسها السعودية. ومن التصريح فهمت أن حركة د.غازى صلاح الدين على علم بحقيقة الموقف والذى لم توفق الحكومة ولا المعارضة لفهم حقيقة القرار والتى سوف أوضحها من ناحية فنية حسب معرفتى المتواضعة.

أساسا القرار بخصوص المقاطعة للمعاملات البنكية صادر من مكتب وكيل وزارة الخزانة الأمريكية فى 1997 لأضافة السودان لقائمة دول المقاطعة الأقتصادية الأمريكية وهى (أيران ? كوبا – كوريا الشمالية ? ليبيا ? العراق ? ميانمار ? السودان ? ليبيريا – دول البلقان ?زيمبابوى حسب تحديث القائمة فى 2009) . وأشتهرت القائمة بقائمة الـ OFAC أختصارا لمكتب مراقبة الصول الأجنبية التابع لمكتب وكيل وزارة الخزانة الأمريكية :

Office of Foreign Assets Control
U.S. Department of the Treasury
Treasury Annex
1500 Pennsylvania Avenue, NW
Washington, DC 20220

وبموجب أعتماد الدولار كعملة رئيسية للتعاملات بين الدول فى التحويلات وخطابات الأعتماد وخطابات الضمان (بعد الحرب العالمية الثانية), فأن المقاصة والتسويات بين كل بنوك العالم تتم فى البنوك الأمريكية الخاضعة لرقابة مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بمكتب وكيل وزارة الخزانة. وحسب تعليمات المكتب الصادرة للبنوك الأمريكية فأن أى شكوك فى معاملات بنكية مرتبطة بالدول المذكورة فى القائمة , فى غرفة المقاصة يتم حجزها وأفادة مكتب مراقبة الأصول بوزارة الخزانة الأمريكية. قرار المقاطعة يشمل المؤسسات والمصالح الحكومية والشركات التابعة لها والأفراد المصنفين بأنهم جزء من الحكومة حتى البعثات الدبلوماسية.

يقوم مكتب مراقبة الأصول بالتأكد من أطراف المعاملة التجارية بأسماء الشركات او المؤسسات هل هى من الموجودة فعلا فى المقاطعة , أذا تأكد وجود أحد طرفى المعاملة من الشركات والمؤسسات والحكومات المذكورة فى القائمة فيتم الحجز بموجب قرار المقاطعة لأجل غير مسمى ( هناك حسابات للحكومة السودانية فى البنوك الأمريكية بموجب هذا القرار محجوزة منذ 1997 تاريخ اضافة السودان للقائمة) .

أذا ثبت بعد البحث والتدقيق من مكتب مراقبة الصول الأجنبية بوزارة الخزانة أن البحث أكد عدم ورود طرفى أو أحد أطراف المعاملة غير موجود فى القائمة, يتم أمر البنك المحجوزة فيه المبالغ بفكها مع أضافة سعر الفائدة منذ حجزها الى يوم فك الحظر لأصل المبلغ.
كان البحث فى السابق حتى 2009 يتم فى أسم البنك طالب الأعتماد والمستفيد من المعاملة التجارية كمستلم للبضاعة أو شاحن لها فى خطابات الأعتماد . مع تشديد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية فى 2009 ? أصبح البحث يتم فى كل كلمة واردة فى الأعتماد (احيانا خطاب الأعتماد يصل أكثر من أربعة صفحات) مرتبطة بأسم دول القائمة او محطات وصول البضائع.

لتنفيذ المقاطعة الأمريكية لقائمة الدول تتخذ الحكومة الأمريكية كل ما فى وسعها من تهديدات للدول المصدرة والموردة لتنفيذ قرار المقاطعة وأحيانا تضعها صراحة للدول المصدرة والمستوردة من دول المقاطعة , أما تنفيذ المقاطعة بحذافيرها أما الضعظ على تخفيض الواردات الأمريكية من هذه الدول بتعديل نظام (الكوتا) المعروف لحفظ الميزان التجارى بين الدول المستوردة والدول المصدرة. (مثالا لا حصرا الصين ? أندونيسيا ? تايلاند ? الهند ? ماليزيا من الدول التى تنفذ قرار المقاطعة الأمريكية تحت تهديد تخفيض الواردات الأمريكية من هذه الدول).

نسبة للعلاقات المتميزة منذ قديم الزمان ما بين السودان ودول الخليج , سمحت البنوك الخليجية والسعودية من ضمنها للبنوك السودانية أن تستلم منها خطابات الأعتماد بوسائل أتصال خارج النظام العالمى للبنوك (ما يسمى بالسيتا أو السويفت) , على أن تقوم البنوك الخليجية والسعودية بفتح خطاب أعتماد جديد وكأن هذه البنوك الخليجية هى طالبة فتح الأعتماد وأحيانا دون ذكر ميناء الوصول وعادة ما يذكر فى خطاب الأعتماد (ميناء الوصول موانىء البحر الأحمر) . وعند شحن البضائع واستلام المستندات يقوم البنك الخليجى أو السعودى بتغطية قيمة الأعتماد بحوالة عبر المقاصة العالمية بناء على الشروط الواردة فى الأعتماد.

بالعربى الفصيح البنوك السودانية كانت تسير فى ظل حائط البنوك الخليجية والسعودية وبعض البنوك الغربية واللبنانية خوفا من تطبيق قرار المقاطعة الأميريكية عليها.
ولقد أكتشف فى حالات سابقة مكتب المقاطعة لوازرة الخزانة الأمركية بعض البنوك الأوروبية تقوم بتوفير هذا الظل لدول المقاطعة وتمت غرامتها بملايين الدولارات.
أما فى الخليج وخصوصا السعودية لأعتبارات خاصة فى العلاقة التجارية المميزة مع الحكومة والبنوك الأمريكية لا أذكر أن أحد بنوكها تعرض لغرامة خرق المقاطعة.

حكومتنا الرشيدة بدلا أن تترك بنوكها وشركاتها تستمتع بالمرور تحت ظل حائط البنوك الخليجية والسعودية , بأتخاذ مواقف سياسية متزنة ومأمونة مع هذه الدول , بدأت ومنذ دخول العراق الكويت وأصطفافها مع ما يسمى (دول الضد) تقف مع العدو اللدود لدول الخليج والسعودية وهو أيران . المتتبع لأخبار الحروب التى أندلعت فى المنطقة , معظمها يشكل جزء من الصراع الدائر بين الشيعة والسنة . حيث أن الحرب العراقية الأيرانية (كل الدول الخليج دعمت ومولت العراق ) لوقف الزحف الشيعى على المنطقة , وأنتقل نفس الصراع والأحتراب بين الشيعة والسنة الى لبنان وعرج على اليمن الحوثيين وانتقل الى غزة فى الضربة الأسرائيلية لحماس . جل أن لم يكن هذه الحروب وقفت ومولتها دول الخليج لوقف الزحف الشيعى . السؤال أين كان موقف الحكومة السودانية من كل هذه الحروب . كانت تقف فى الطرف الآخر المتثمل فى مساندتها لأيران ومنحها حق المرور والرسو فى الموانى والمطارات السودانية مما يشكل تهديدا مباشرا على المملكة العربية السعودية وجيرانها الخليجيين.

المتتبع لسياسة حكومة الأنقاذ فى بواكيرها حين أقام عرابها حسن الترابى المؤتمر الأسلامى العالمى ودعا له كل متطرفى العالم , وأعلن من على منصته أن مشروع الأنقاذ الأسلامى ليس مقصورا على حدود دولة السودان بل سيعم كل الدول المجاورة.

قاصمة الظهر بعد قيام الجيش المصرى باقالة الرئيس مرسى وما تبعها من أحداث تقتيل وتضييق الخناق على تنظيم الأخوان المسلمين وتم نشر أخبار الملاجىء المتوقعة لعضوية هذا التنظيم , ظهر أسم السودان كبديل أول , مما يشكل تهديدا مباشرا لدول الخليج خاصة أن الحكومة السودانية والحكومة القطرية شركاء فى عضوية ودعم التنظيم العالمى للأخوان المسلمين وأن لم يعلنوها صراحة. ووجود تنظيم أشتهر تلازم القتل والتقتيل والأنفجارات مع ممارساته , فأنه من المتوقع أن يتسبب فى تفجير الأوضاع الداخلية لبعض الدول الخليجية والسعودية أولها مما يسبب أنفلات أمنى حكومة المملكة تبذل الغالى والنفيس للحفاظ على أمنها الداخلى. مما جعلها تصنف جماعات اسلامية وتنظيم الأخوان المسلمين العالمى جزء منها بأنها كجماعات أرهابية يجب محاربتها, وبما أن حكومة الأنقاذ أن لم تكن عضوا فى التنظيم فأنها أحد أدواته فى المنطقة , والدليل الأعتراف الحكومى بتقديم وتوصيل الدعم اللوجستى والأسلحة والدعم المادى القطرى للثوار الليبيين.

ومن ضمن المستهدفين بقرار التصنيف كأرهابيين حكومة السودان كحكومة داعمة أو عضو لتنظيم الأخوان المسلمين العالمى , تم أستخدامها بأعتراف منها فى حالة ليبيا بواسطة أكبر داعم لتنظيم الأخوان المسلمين العالمى وهى دولة قطر. والدليل الاشارة للسودان وقطر واضحة فى كلمة وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف، في مؤتمر وزراء الداخلية العرب خلال الدورة 31 و التي عقدت في مراكش بالمغرب، حيث قال (الأعمال الإجرامية التي تهدد أمننا العربي و في مقدمتها الإرهاب، ليست أعمالا عفوية أو تلقائية، أنما يجري التخطيط لها، بسابق الإصرار و ترصد، ويعمل علي تنفيذها مجموعات ذات أهداف محددة، و تساندها دول و قوي متعددة، تري في أعمال هذه الجماعات ما يحقق أهدافها، التي قد يتعذر تحقيقها عسكريا و سياسيا وأقتصاديا).

لكل هذه الأسباب سحبت المملكة ممثلة فى قرار بنكها المركزى (ظل الحائط) الذى كانت تمر تحته البنوك السودانية وأوقفت تعاملها مع البنوك السودانية , بل تخطى القرار المعاملات البنكية الى حظر شركات الشحن الجوى والبرى من الشحن من والى الحكومة السودانية والشركات التابعة لها.
وللأسف الشديد أن القائمين على الشأن الحكومى والمساندين لهم أما أنهم يجهلون هذه الحقائق أو يتجاهلون أظهارها للمواطن ويدغمسونها كما جرت العادة فى كل شأن يهدد جلوسهم على سدة الحكم . ولا أعتقد أن المملكة العربية السعودية سوف تتراجع عن قرارها فى ظل حكومة داعمة للتنظيم العالمى للأخوان المسلمين, وأن مكانة السودان ليست بأكبر من مكانة قطر والتى سحبوا سفيرهم منها. أى أنه بالعربى الفصيح موقف السعودية يدعم مطالب المعارضة بتفكيك النظام , وقرار وقف التعامل مع البنوك السودانية هو مسك الحكومة من يدها (البتوجعها وتهد حيلها) فى ظل الأزمة الأقتصادية الطاحنة والتى سماها البعض أنيهارا أقتصاديا.

وقرار وقف التعامل مع البنوك السودانية ليس بجديد بل الجديد هو تصنيف بعضا من الجماعات الأسلامية وعلى رأسها تنظيم الأخوان المسلمين العالمى بأنها أرهابية.

أن بعضا من قيادى الحكومة على يقين بأن رجوع السعودية عن القرار صعبا أن لم يكن مستحيلا, على سبيل المثال ذكر السفير الدرديرى محمد أحمد فى مناقشة القطاع الأقتصادى للمؤتمر الوطنى للأمر أنه (ربما) ترجع العلاقات كما كانت . وذكر السفير الدرديرى لكلمة (ربما) تعنى أن الأمل ضعيف فى رجوع المملكة عن قرارها.

اللهم أنا نسألك التخفيف والهداية.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ياسيد الحسن الموضوع ده منتهي شوف غيرو … نحن في إنتظار قطع رقابهم جميعاً و علي رأسهم رئيسك السفاح .

  2. انا سوداني لكن ولائي للسعودية اكثر من السودان لا لاني اكره السودان وطني العزيز لكن لان الاسلاميين كرهوني له ومازلت اتمني للسودان ان يتخلص من هؤلاء اشباه اليهود وافضل منهم اليهود. نتمني ان يضيق الخناق علي السودان اكثر فاكثر حتي يتم التخلص من هؤلاء العواليق ان نغطس معهم وبعدين نشوف الحساب في يوما لا ظلم ولا وساطة فيه

  3. الشعب السودانى الذي لا يحرك ساكنا اهو جاكم الموت بالبطئ ماذا نحن فاعلون
    الشعوب حولنا انتفضت وثارت وكنست حكام الجور والظلم ونحن نتلفت يمين ويسار ولسة نغنى ونرقص والاتى اعظم
    شعب جعان لكنوا جباااااان

  4. للقرار ايضا شق اقتصادى بحت يتمثل فى عدم مقدرة بنك السودان المركزى على توفير العملة الصعبة لتغطية التزامات البنوك المحليه من الاعتمادات المفتوحة لاستيراد السلع المختلفة ….
    ويكفى ان نعلم ان مديونية شركات الادوية العالمية فقط قد فاقت المائة مليون دولار وهذه حقيقه نعروفه للجميع وقس على ذلك …
    فالبنوك السعودية والخليجية تقوم بسداد الاعتمادات المفتوحة بواسطة بنوكنا المحليه نيابة عنها بخصم المعادل من حساباتها المفتوحه لدى البنوك الاجنبية وتبقى فى انتظار ان تقوم هذه البنوك المحليه بالايفاء بالتزاماتها ولكن فاقد الشئ لايعطيه وهكذا تراكمت هذه الديون واصبحت تمثل عبئا ثقيلا وفاقت الحد المسموح به لدرجة المخاطر النعروفة…
    حسبنا الله ونعم الوكيل

  5. يا جماعة مادام الرزق بيد الله فالتطمئن قلوبكم لكن المنافقين الذين يفكرون التفكير السلبي فيجب ان نصلح حالنا ونترك الكذب سوى كانو حكام او مواطنيين او معارضين الذين اكثر من منافقين ونترك الكراهية الشخصية ولا تباغضوا و لا تنابذوا
    و من بعد ذلك الله كفيل برزقنا وهو الذي خلقنا وهو الذي يطعمنا ويسقينا و أنا إليه راجعون في كل الامور نسأل الله ان يهدي الضالين المضلين من المعارضين و المنافين الكاذين من الحاكمين ويرحم الشعب السوداني منهم جيمعاً و يولى من يصلح امر هذا الشعب

  6. الدولار مرتفع بطريقة جنونية هذه الايام,, بنهاية الاسبوع سوف يكون سعره 12ج ,,, الله يستر ,,, كانت هنا دوله اسمها السودان

    لله درك يابلد

  7. نحنا والله كرهنا الوضع من زمان من قبل ال 23سنة المقيتة المظلمة السيئة اسوا فترة مرت علي الشعب السودان هم اسوا من اليهود واسوا من المسيح الدجال ضيعوا كل شئ الله يقطعم برة وجوة

  8. اللهم عليك بكل من بقى وتجبر على السودان ونقول الارزاق بيد الله لو اجتمعت الدنيا كلها علينا لن يضرونا الى بشئ قد كتبه الله علينا ولن ينفعونا الى بشئ قد كتبه الله لنا الله اكبر من كيدهم اللهم اجعل كيدهم فى نحرهم نحن مطمئنون لان الرزق عند الخالق

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..