جنوب السودان: وساطة دول “الإيغاد” على المحكّ

الخرطوم ــ علوية مختار

لا تزال الأزمة في دولة جنوب السودان تراوح مكانها على الرغم من وساطة دول “الايغاد” التي تحاول التوصل إلى تسوية سلمية للصراع. وكان الصراع اندلع في جوبا وامتد إلى سائر المناطق منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عقب اتهام الرئيس الجنوبي، سلفاكير ميارديت، لنائبه المقال رياك مشار ومجموعة من قيادات الحركة الشعبية التاريخية (الحزب الحاكم)، بتدبير محاولة انقلابية لإسقاطه بالقوة.

ويضع القرار الأخير الخاص بدول “الإيغاد” القاضي بنشر قوات لحماية المؤسسات الاستراتيجية في جوبا، فضلاً عن مناطق النفط، وساطة “الايغاد” الحالية بين الطرفين على المحك.

وعلى الرغم من توقيع الحكومة في جوبا والمتمردين، بقيادة مشار، على اتفاق لوقف الأعمال العدائية وإطلاق النار في أديس ابابا في يناير/ كانون الثاني الماضي، إلا أن الاتفاق خُرق بعد أقل من 48 ساعة من توقيعه.

هشاشة اتفاق وقف إطلاق النار وعدم استقرار الوضع في الجنوب والتهديدات المتكررة للمتمردين بمهاجمة مواقع النفط الذي يعتبر شريان الحياة للدولة الوليدة، يبدو أنه قاد دول “الإيغاد” إلى إعلان قرارها الأخير بنشر عشر كتائب مقاتلة لحماية مناطق البترول والمؤسسات الاستراتيجية في جوبا. ووُجه القرار بانتقادات لاذعة من قبل مجموعة مشار، الذي أعلن في بيان رفضه القاطع لنشر تلك القوة.

وأكد البيان، الذي حمل توقيع رئيس الوفد المفاوض لمجموعة مشار، تعبان دينق، أن القرار يشكك في حيادية “الايغاد”، ووصفه بغير الحكيم. لكن الحكومة في جوبا سارعت لإعلان موافقتها على القرار دون شروط.

وأعلن المتحدث الرسمي باسم الجيش الجنوبي، فليب أقوير، لـ”العربي الجديد”، استعدادهم كجيش لتنفيذ ما تتوصل إليه الحكومة بشأن تلك القوات وتسهيل مهمتها.

من جهته، يعتبر الوزير السابق، لوكا بيونق، أن القرار بنشر القوات يعدّ مجازفة كبيرة من قبل دول “الايغاد”، ولا سيما أنها لا تملك تجارب في مجال حفظ السلام، فضلاً عن أنها تفتقد للإمكانيات اللوجستية والعملية لنشر قوات لفترة قد تكون طويلة. ويرجّح أن تواجه مشكلة التمويل، إذ أن دول “الايغاد” لا تملك القدرة المالية للتمويل وتعتمد على الخارج.

ويشير، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن الخطوة ستُفقد “الايغاد” المصداقية، وتُفقدها التأثير في عملية التفاوض بين الحكومة ومجموعة مشار. كما أكد أنها ستضع دول “الايغاد” في خط المواجهة، مشيراً إلى أنه “حتى الامم المتحدة، التي لديها خبرات، تواجه مشاكل في الجنوب”.

وخلص إلى القول: “كان على الايغاد أن لا تُدخل نفسها في عملية المراقبة وتتفرّغ فقط لإدارة التسوية السياسة عبر التفاوض”. واعتبر أن “هناك قوة حفظ سلام موجودة في جوبا كان يفترض أن يكون التركيز عليها للقيام بتلك المهمة”.

من جهته، يرى الخبير في شؤون دولة الجنوب، علاء الدين بشير، أن القوة المقترحة من “الايغاد” لن تضع حداً للأزمة الموجودة في الجنوب، بل ستزيد من تعقيدها. ويوضح، لـ”العربي الجديد”، أن القوة المقترحة تعدّ إضافة لقوة الحكومة في جوبا. وهو ما دفع الطرف الآخر إلى المسارعة في رفضها وانتقادها، ولا سيما أنها ستعمل على تأمين مصالح نظام ميارديت عبر حماية مناطق النفط والمؤسسات الاستراتيجية.

ويوضح بشير أن الخطوة نفسها تصبّ في إطار رفض الدول الافريقية، المنضوية في الاتحاد الافريقي، لتغيير الانظمة بالقوة. ويشير إلى أن المتمردين سينظرون إلى تلك القوة كعدو. وهذا سيفرز، من وجهة نظره، تعقيدات في ملف التفاوض الذي تقوده “الايغاد” نفسها.
وفيما يؤكد أن التجربة تعدّ مخاطرة كبيرة من دول “الايغاد” التي تفتقر إلى التجارب في مثل هذا النوع من المشاركة، يوضح أن المنظمة نشأت لأغراض غير معنية بالسياسة وليس لديها تجربة عسكرية.
ويشير إلى أن أول تجربة سياسة كانت قيادتها لوساطة في السودان بين الحكومة في الخرطوم والحركة الشعبية بقيادة جون قرنق في فترة ما قبل الانفصال.

وبينما يؤكد أن الخطوة “قد تضعف من قوة المتمردين ليأتوا صاغرين للتفاوض”، حذر من أنها قد تزيد من حدّة الصراع وتجعله يأخذ أبعاداً أخرى تقود إلى انعكاسات على استقرار الدولة الحديث ودول الإقليم.

العربي الجديد

تعليق واحد

  1. يا د. لوكا بيونق

    القضية ليست في قُدرة أو عدم قُدرة الإيقاد، أو عدم خبرتها، القضية أن الإيقاد تفقد مصداقيتها وبذا تُعلن إنحيازها الصريح للديكتاتورية العسكرية المستقوية بالقبيلة، وبالنسبة لمواطن الجنوب فسوف تًصبح القضية قضية تحرير ضد إستعمار اجنبي مُشترك.

    هذه حرب لا منتصر فيها، وعلاجها بجلوس الجنوبيين للتفاوض بوساطة دولة إفريقية ديمقراطية، ولا توجد غير جنوب إفريقيا للقيام بهذا الدور، إذ ليست لها حدود مع جنوب السودان، وليس لديها مصالح مباشرة، ثُم إنها النظام الديمقراطي الوحيد في إفريقيا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..