نهاراً جهاراً

أكرم الفرجابي

ثمة أسئلة عديدة تحتاج إلى إجابات، لكن علمتني الشؤون السياسية في بلادي، أن الأجوبة عمياء والأسئلة وحدها هي التي ترى!! حيث إننا في كثير من الأحيان نكتب فقط من أجل الإجابة على سؤال من كلمة واحدة (لماذا ؟)، ولعل ما قاله د. غازي صلاح الدين في جلسة اللقاء التشاوري للحوار الوطني بقاعة الصداقة منذ أيام خلت ومطالبته بضرورة إخراج الأجهزة الأمنية من الممارسة السياسية تماماً لتهيئة المناخ للحوار، يولد سؤالاً مهماً (لماذا الأمن هو من يوجّه السياسة في بلادي، وليس السياسة هي مَنْ توجه الأمن؟)، خصوصاً إذا نظرنا إلى حالة الدولة السودانية، التي نجدها قد تجاوزت مفهوم الدولة القمعية أو الشمولية أو الديكتاتورية أو البوليسية، وربما هي تجمعهم كلهم في سلة واحدة وتضيف عليهم سطوة أمنية عليا تتحكم بالقرار السياسي وبالقرار العسكري وبالقرار الاقتصادي وبالقرار الثقافي وبالقرار الديني.

لعل الطبيعة الشمولية للدولة والحكم في السودان، لأكثر من ربع قرن هي التي فرضت مهمات وأعباء كبيرة على الأجهزة الأمنية، جعلتها في موقف الحليف الدائم للنخبة الحاكمة، بسبب تغليبها للأمن السياسي على حساب الأمن الاجتماعي، الأمر الذي أدى إلى تصاعد حجم التجاوزات التي ترتكبها هذه الأجهزة، باستخدامها لمعايير مزدوجة في تطبيق القانون وأحكام القضاء، هذه الممارسات وغيرها روجت لما يمكن وصفه بالأيديولوجية الأمنية، التي تبرر تحويل الوظائف الأمنية للدولة إلى هدف في حد ذاته، منفصلا عن بقية وظائف وأدوار الدولة الحديثة، كونها قلصت ميزانية المخصصات الأساسية كالتعليم والصحة، من أجل توفير موارد أكبر للإنفاق على الأجهزة الأمنية المتورطة في ممارسة انتهاكات عديدة، تراجع بموجبها الأداء الأمني وظهرت مشكلات وأزمات في بنية الأجهزة الأمنية، وأساليب عملها.

في اعتقادي أن العمل على إخضاع الأجهزة الأمنية للحكومة وليس العكس، هي الخطوة الأولى في عملية الإصلاح التي من المفترض أن يقودها الحوار الوطني، وبالتالي يكون وزير الداخلية المسؤول عن الأجهزة الأمنية والشرطية مدنياً حصراً وذو خلفية قانونية بالتأكيد، ولا يمنع ذلك من أن يكون له مستشارين تقنيين، وليس سياسيين أو أخلاقيين أو حقوقيين، من القطاع المعني بالعملية (التطهيرية) فالحقيقة جلية وهي تفضي إلى زيادة جرعة التطهير على جرعة الإصلاح البحت في التركيبة المرجوة، فالأجهزة الأمنية توغلت وتغلغلت في مجمل المساحات العامة والخاصة، وقد ساهمت في نشر وترسيخ ثقافة الخوف التي تساهم في تشويه النسيج الاجتماعي الوطني.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. بعد كل هذه السنوات الطويلة لم نتعلم كيف نحكم أنفسنا و قد خلطت السياسة و العسكر في قوالب طائفية و حزبية بالية لتمسك بزمام تسيير الوزارات لمصلحتها الضيقة دون النظر الى الدولة و ما يقتضي ذلك من خطط استراتيجية لا تتوقف على من يحكم في كثير من الوزارات مثل وزارة الصحة هل تختلف متطلبات العملية الصحية العامة لمصلحة الدولة تحت أي نوع من الحكم؟ و كذلك الزراعة فلا خلاف على مشروع الجزيرة و لا على ضرورة التصنيع الزراعي و النهضة به حكمنا من حكمنا و لا الصناعة و لا التعدين و لا الثروة الحيوانية و لا التعليم و لا النقل و المواصلات و لا الطاقة و الكهرباء هذه كلها وزارات لا يجب أن نجامل فيها الاحزاب أو العسكر هذه هي الدولة و ما يرسي قواعدها إلا التطور الرأسي و الافقي في هذه القطاعات و لا نحتاج لأي أيدولوجية سياسية علمانية أو دينية للتطور في هذه المجالات عدا التخطيط الاستراتيجي المجرد من أهواءالسياسيين نحن نحتاج لتقديم خدمات مستمرة و مثال لذلك مامعنى الحزب في الصحة البيئية و المحافظة على الغابات و تطوير الصرف الصحي مثلا هل هذه مكاسب حزبية ؟؟؟ و لكن في غياب الفهم الصحيح لماهو استراتيجي و لماهو سياسي يختلط الحابل بالنابل و نهوي بمواطن الدولة الى قاع الحضيض و نصبح كمن يصرخ لسعات البعوض و الجوع و يريد أن يصدر الفكر الى العالم

  2. هذه عصابه بتنهب فى البلد و بطريقه منظمه جدا , بدليل كل المشاريع الاستراتيجيه تم تدميرها و بيعها , كل الوزراء الديناصورات هم قادة الاجهزه الامنيه , لذلك جمعوا اكبر عدد من اصحاب النفوس المريضه و دخلوهم معهم فى لعبة السرقه و صار جهاز الامن هو المسيطر على البلد حتى يغطى كل السرقات و النهب الحاصل , نحن نعرفهم واخد واحد , و لهم يوم , هل هذه الخكومه لها برامج تنمويه للدوله ؟ لا الف لا , كل المشاريع التى تمت هم اصحابها و اخرها مشروع سكر النيل الابيض , الشعب تم تفقيره و تركيعه , قال مشروع حضارى قال , بلد لا يوجد بها جيش و تم تصفيته نهارا جهارا و استبدل بمليشيات تتبع جهاز الامن بمختلف المسميات , بكره لو اى دوله من دول الجوار هاجمت السودان , حكومة الحراميه سوف تعمل تعبئه شعبيه لانو هذه التعبئه فيها لقف و نهب , هل السودان افضل له ان يكون تحت الوصايه الدوليه حتى يحافظ على بقية ارضه من هذه العصابه التى 90 فى المائه منهم يحملون جوازات اجنبيه بدا من نافع و مصطفى عثمان و قطبى المهدى و غيرهم سوف يغادوا السودان فى اى لحظه يشعروا فيها بالخطر , كل فلوسهم فى الخارج فقط حقائبهم جاهزه

  3. توظيف موارد الدولة للصحة والتعليم والتنميه والرفاه الاجتماعى لا تضمن خلود الرئيس الدائم فى السلطة ولذلك اتجهت السلطة للدولة الامنيه فهى مجربه فى تشاد واريتريا وزمبابوى وعراق صدام واسد سوريا وليبيا قذافى ومصر مبارك .اجابة واضحة زى الشمس ..

  4. كلام مظبوط 100% بناء الدوله لايحتاج لايدولجيه معظم دول العالم تختلف ايدولوجيا ولكنها تتفق في مقومات الدوله وهذه لا تحتاج لمشروع حضاري. فلا حضأره لشغب مازال يتبول علي الجدران

  5. اضف الى هذه الاجهزة جهاز طلابى مفصول عن كل اجهزة الدولة ففيها كتيبة ابو بكر
    وكتيبة الفاروق وهى التى تتخذ قرارات القتل والترويع للطلاب فى اركان النقاش
    وقد كان فى زماننا كانوا فى الندوات يجلسون فى ركن معروف ويكبرون ويهرجون حتى
    يشوشوا على المتحدث وعندما يعجزون عن المنطق وهى عادتهم يهجمون على المتحدثين
    فى شكل مجموعات وبالطبع السلطة تراقب ولا تفعل شيئا لانهم ببساطة اعضاء فى الامن
    ولديهم رتب ومرتبات الا ان عصر الظلام لا يدوم …

  6. كل ما اشوف اللمبي دا
    اعرف انو ديشنا ديش الهنا
    قال وزير قال
    والله وزير عريس ما تنفع

  7. اذا ولي اﻻمر الي غير صاحبه فانتظرو الساعه
    صدق رسول الله
    النشوف منو الكضاب
    الرسول وﻻ البشكير

  8. رغم وجود المنافقين واليهود وغيرهم من المشركين فلم يكن فى دوله المدينه فى حياه الرسول الكريم والخلفاء اجهزه امنية وشرطه لانهم بسطوا الشورى (الديمقراطيه) وعززوا الحريه والراي وجعلوا العدل هو اساس الحكم وتوسعوا فى العداله الاجتماعية والمساواة….واذا نظرنا لمفهوم الامن نجده اوسع وارحب وهو السكينه والاطمئنان للجميع بدون فوارق حينئذ احسه المجتمع فى حياته كلها…فاصبح لايعرف الخوف الا من رب السموات السبع.

  9. مقارنة دولة المدينة بدول اليومتبدو ساذجة و هي لم تفت علي فطنة عمي عندما قال ” المدينة قدر حلتنا دي أو أصغر منها!” و هي حقيقة عبارة عن فريق صغير و كانوا كلهم بتعارفوا !لذلك في وسعهم إقراء السلام و إطعام الطعام ! الآن يستحيل أن تقرئ السلام في أي من شوارع الخرطوم أو حتي في عمارة كبيرة أو مول كبير !

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..