سيرة د.الطاهر النعمان … وقائع مأساة حقيقية

ولد الطاهر النعمان عند مضارب قرية خامله الذكر تقبع فوق قمة سفوح جبال مترامية الاطراف في عشيه يوم حالك السواد تلاشت فيه خيوط اشعة القمر تماماً واحتجبت كليه وراء الغيوم وقد جاء ميلاده من صلب اب ذميم السحنه باهت الملامح صلف النزوات ومن رحم امرأه سلسه الطباع مليحه النظرات تعج رقه وطيبه وطاعه واستكانه .
نزح والده حاج احمد ود النعمان من بقعه نائيه بمنحدر اراضى الصعيد يقطنها رهط من اهله البديرية قانعا ومستسلماً بعد ان ضاقت به دروب العيش هناك وانسدت امامه مراتخ الرزق ومسالك الغنى والجاهـ ليمتهن في مآواه الجديد حرفه تجاره الخزف والسكسك والعلف والسعف وتربيه الدواجن وبيع مستخرجات الالبان وجاءت والدته الرضيه من تلك البطون والفخوذ المستضعفه داخل بيوت السافل غير انها كانت ذات حسن وضاء وجمال اخاذ ضامرة الخصر مكفوفه الغد ممشوقه القوام سلبت بلمحاتها النفاذه وبسماتها الجاذبه لب وفؤاد النعمان فاعلن في عصر يوم ممطر على الملأ وشهودالعيان نبأ اقترانه بها وخب بحملها على صهوة جواده وسط اهازيج الفرح والمرح ودق الدفوف وسط حلبات الرقص والغناء وطار بها الى متكئ وثير داخل عشه صغيره لاتبعد كثيراً من مسكنه الفخيم ودارت الايام وتبدل ولع النعمان وهيامه بالرضيه وانقلب الي مقت وكره شديد ذاقت المسكينه على اثره اصنافاً من العذاب وقاست فيه الكثير من جراء ساديه زوجها واصبحت تقضى طيله ساعات نهارها في الحلب والخج والسقى وجلب الحطب والعشب وورود الابار وطهى الطعام وبحلول المساء تتهيأ لتقبل لسعات الجلد من كرباج النعمان وسوطه المدهون بالودك والكركار ليهرى به جسدها الابنوسى البض العارى من الثياب قبل ان يشرع هو مزهوا في ضمها قسراً وجبراً ومضاجعتها عنوه وهى تبكى وتتلوى وتصرخ وتتوسل وتستغيث بصوت متحشرج مبحوح حسبته النسوه من جارتها المتلصصات للسمع من باب الفضول بان عويلها ذاك ماخرج من كونه انين غنج ودل ناجم من فرط الشهوة العارمه والتمتع السافر بفحولة زوجها النعمان ساعه الوطء والجماع .
وفي صبيحه يوم ابلج ذبح النعمان النوق والابقار والخراف وانار الاسرجه واضاء الوديان ونصب الموائد ومد الولائم بكافه الارجاء وامر باستمرار حفلات الرقص والطرب لايام وابام ابتهاجاً بقدوم فارسه المغوار الطاهر النعمان.
توعكت الرضيه من حده الضعف والوهن وشده التعب والاجهاد وتداعيات حمى النفاس واضحت ممده ومتسربله في فراشها دوما تعاني من الرهق وفقر الدم والغثيان ولاتقوى حتي على حمل طفلها جيداً او ارضاعه ناهيك عن الاذعان لتلبيه نزوات النعمان المحوده مما حدا به ذات ليله خائفه ان يتبرم ويثور ويشرع في محطها بحرقة وتشفى بسوطه المهماز لينزلق الصغير من بين يديها ويهوى على حافه السرير الصلبه ففقعت عينه اليسرى وانحالت غده بيضاء اللون (بياضه).
هاج النعمان وماج واغتلى الدم في اوداجه واوسع الرضيه صفعاً ولكما وركلا ورمى عليها يمين الطلاق واقسم بالثلاث ان تغادر الربوه فوراً دون معيه طفلها وان تذهب في رواح بلا عوده طال عليه الزمن ام قصر والموت كل الموت والهلاك ان بادرت هى من جانبها او سعت في يوم من الايام ان تكحل ناظريها وتشبع مقلتيها برؤيه ابنها ولو على قارعه الطرقات.
استهل الطاهر حياته كطفل يتيم توفيت والدته كما اخبروه لحظة وضوعه فشب على كره اليتم وفقدان الحنان الذى عجزت الخادمه الرسالة تلك المرأة الفاضلة التي اختصها النعمان بكفاله ابنه وتربيته ورعايته من توفيرها له واغراقه بها وعندما حان موعد التحاقه بالمدرسة اختار الطاهر ان يبقى بالسكن الداخلي ليبعد من فظاظة والده والذى ما عاد يكن له حباً او يحسن نحوه بوشائج الود والاشتياق .
انتظم الطاهر في دراسته الجامعية بعد ان ارتحل والده عن الدنيا تاركاً له من المال القدر المهول، ولم يتقاعس او ينحرف بل ثابر وكد واجتهد وتخرج بدرجة علميه رفيعة اهلته للابتعاث لنيل دراسة عليا خارج البلاد حينها صمم ان يصارح هدى زميلته طيله فترة الدراسة والتي كانت بمثابة الصديقة الودودة له برغبته الملحه في الزواج منها وحدثها بكافة تفاصيل حياته وحدثته هى من طرفها بان والدها موظفاً اوشك على التقاعد وان والدتها عليله ومريضه ومصابه منذ امد بخفقان ورعشه في اورده القلب علاوه على معانتها من شلل نصفى اقعدها كليه عن الحراك والتجوال كما اخبرته ايضاً بموافقتها الشخصية على قبوله زوجاً وبعلاً شريكاً لحياتها تنعم في جواره بالسكينه والامان وفي صحبته بالموده والسعد والحبور.
غادر الطاهر الي مرافئ القرية وبعد استقرار حاله بعث الي ماجد صديقه العزيز بتوكيل موثق لاكمال عقد قرانه نيابه عنه من صفيته وحبيبته هدى وان يشرع في ارسالها اليه على الطائر الميمون، ولم تنقضى ايام قليله استقبل بعدها الطاهر حرمه المصون في المطار.
وعانقها بلهف وقبلها بنهم واخذها الي شقته الصغيرة حيث احتواهما سرير خشبي صغيراً مارسا فوقه اجمل واحلى عراك حميمي محبب بين عاشقين ولهيين على مدى عام كامل اسفر عن قدوم طفله دعجاء اطلقا عليها اسم رضوى تيمناً بجدتها الرضيه .
نال الطاهر شهادة الدكتوارة وودع زوجته وطفلته ليستبقاه بالعوده الي السودان ريثما يكمل هو بقايا اغراضه وما ينوى اخذه معه من اشياء للبلاد وكم بهرت وتعجبت حينما رأيته وبعد اسبوع واحد من توديعنا له بالمطار باحدى الحانات اللندنية متكوراً في ركن قصى مكفهر الوجه ومهلهل الزى رث الثياب يعب في الكئوس ويمتص لفافات التبغ فاتجهت صوبه وبادرته بحلو السلام فلم يأبه وبقى محداقاً في وجهى بلا ادنى حس او شعور وخاطبته قائلاً (ما خطبك يادكتور وما الذى دهاك ولماذاعدت بمثل هذه السرعة الفائقة ؟ ارجو ان يكون كل شيء على ما يرام “.
رماني بنظره فاتره ونطق بعد جهد جهيد بنبره خافته ” ارجوك كف عن السؤال فانا كما ترى منهك خائر واحبذ كثيراً ولو تركني وشأني ” اشفقت عليه ورثيت لحاله ورددت في سريرتى ان هذا ليس بالطاهر الذى اعرفه جيداً وهممت بالانصراف من امامه لولا ان سؤالاً طفر من حلقى ” وكيف تركت هدى والصغيرة رضوى ؟ ” انسابت لحظتها دمعات من مقلتيه واوشك ان يختنج وينفجر باكياً فمددت له يدى مصافحاً فتقبل كفى واجلسنى في قبالته وتتمتم قائلاً ” جئت الي هما لكى اواصل سفرى الي نيوزلندا “سألته بدهشة هل هى مهمه عمل؟” اجاب بهدوء متكلف ” كلا انه ذهاب ورواح بلا عوده وبقاء هنالك الي يوم الدين ” فخاطبته قائلاً ” كفى يا طاهر فقد اشعلت فضولى وزعزعت اوصالى فقل لى بربك ما الخبر وهل ستمضى وحدك دون اصطحاب زوجتك وطفلتك ؟ ” فانزلق مباشره واندفع في الحديث معى بصوت موتور قائلاً ” هدى ورضوى سيصلان صباح الغد لنلحق جميعاً بطائره المساء التي ستغلنا الي هناك ” قاطعته بلهف ” وما الداعى لذلك حدثنى بصراحة ياعزيزى طاهر فانت تعلم مدى حبى لك وشغفى عليك ارحمنى ارجوك وارحنى وفضفض عن نفسك فالبوح بالمكنون لعزيز ودود يريح المكلوم ويخفف من وطأه العنت الذى يجثم على انفاسه ” وجم قليلاً ورشف جرعه كبيرة من كأسه واعتدل في مقعده واخرج زفرات حاره من داخل صدره ونطق قائلاً ” انها كارثه ياصديقي زلزال مدمر اطاح بعدته وعتادي وثباتي ”
سكت الطاهر برهه استرد فيها قواه واستطرد قنأوها ” بعد خروجى من مطار الخرطوم هرعت سريعاً يملاٌني الشوق والحنين لهدى ورضوى ودخلت الى منزلهم للمرة الاولي في حياتي ولجت الدار ودلفت تلقائياً دون وعى او ادراك الي اول غرفه كانت امامي فاذا بي اجد نفسي امام امرأة مطروحه وممده على السرير تأكدت من الوهله الاولى انها لا محاله والده هدى المريضة فدنوت منها وانكببت عليها محييا فنخت هى عينيها بخمول ودعه وحملقت قليلاً في وجهى من قبل ان تصرخ صرخة مدويه اعقبتها قائله ” الطاهر ابنى الحبيب كنت واثقة بانني ساراك والقاك قبل مماتي ولكن كيف اهتديت الي مكاني ” ثم رفعت كفها اليمنى ووضعتها بحنيه على جفن عينى اليسرى مكان الجرح القديم وتمتمت ” سامحنى يا ولدى انها غلطتى فقد انزلقت مني إلا ان والدك البغيض هو السبب في كل ما جرى لعنه الله تغشاك يا احمد ود النعمان لعنة الله عليك في كل وقت وحين ” واسدلت الرضية جفينها بهدوء وراحت في غفوه ابديه .
تسمرت في مكاني واعترتني حالة هستيرية تراخت على اثرها كافة اوصالى واوشكت ان اهوى واطيح على الارض لولا ان هدى اسعفتني باحتوائى بين ذراعيها وهى تبكى متشنجة من هول ما سمعت ومن منظر امها المسجاه بلا حراك وتفوهت بعد لأى واطلقت كلماتها كنيازك الشهب قائلة ” الطاهر هل سمعت انت اخي يا الطاهر ” واجبتها وجفني يترقرق “نعم سمعت انت اختي ياهدى ”
جلسنا من ثم متباعدين وعصرنا ماقينا وذرفنا دموع غزيرة ساخنة علها تغسل ما اعتلق بدواخلنا من لواعج وحزن واسى وتعاهدنا بان نبدأ من اللحظة حياتنا كأخ واخت وان نحمل رضوى في حدقاتنا وقررنا انه لاسبيل لبقائنا ووجودنا بعد ذلك داخل السودان ولا بد انا ان نبارح ونرحل الي ارض بكماء نودعها سر حياتنا الرهيب وندفن في ارض اليباب ما اقترفناه من اثم جسيم .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. يا عبدالله ودالبيه هل هذه حقيقه أم خيال أفيدنا هداك الله .؟؟ وما هو رأي علمائنا من غير علماء السلطان في الإبنه ((رضوى )) .

  2. الاستاذ عبد الله
    هذه قصة جميلة جدا و درسها بليغ
    مالك دافن الموهبة دي
    نتمني ان تكون هذه البداية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..