أخبار السودان

خمس دول عربية جاهزة للتغيير..حين ينهض «فينيق» حلم التغيير والثورات الشعبية

يفتح التغيير التونسي، وآمال التونسيين العريضة باستبدال نظامهم السياسي، آفاقا واسعة أمام إمكانية تعميم سيناريو التغيير عبر الاحتجاج والانتفاض الشعبي، وإيصاله إلى حدود الثورة، بما تحمله من طموح اقتلاع نظام واستبداله بآخر، وذلك ما تطمح إليه جمهرة واسعة من مواطني بلادنا العربية، التي تعاني المعاناة ذاتها التي رزحت تحت ظلالها جماهير الشعب التونسي، بإخضاعها لنظام حديدي من الاستبداد الفردي والعائلي، في ظل أوضاع اقتصادية واجتماعية أكثر من رديئة، من البطالة إلى سوء الأحوال المعيشية وارتفاع الأسعار وكلفة الخدمات الأساسية والضرورية للحياة. كل ذلك في اقتران فاضح مع سلطة تغوّلت كثيرا في حجب الحريات المدنية والدوس الواضح على حقوق الإنسان، ما دفع محمد البوعزيزي للتضحية بحياته من أجل إشعال نار الثورة التي أجبرت رأس النظام على الفرار، وترك تونس لمصيرها المحتوم في غيابه لتقرر مستقبلها.

بالطبع، هذا ليس حال تونس وحدها، في كل ما عاناه الشعب التونسي، طوال أعوام الدكتاتورية والاستبداد، والإفقار المتدرج لكامل طبقات المجتمع التونسي ? حتى البرجوازية منها ? وهي تصطدم بنظام مافيوي/عائلي، تحت ستار نظام فردي، بغض النظر عما إذا كان يحكم فعليا، أو أن هناك من خلف الستار من كان يحكم بالفعل خلف صورة بن علي الشخصية التي أضعفت، بفعل تغوّل مافيا وعصابة عائلة زوجته ليلى الطرابلسي، بحيث غدا الأمر والنهي لسلطتها المتضخمة، بفعل الهيمنة العائلية على كامل مفاتيح الاقتصاد التونسي، حين أحيلت البرجوازية الوطنية إلى التقاعد، وجرى إفقارها في الداخل، وحتى مطاردتها ككل فئات الشعب في المنافي من قبل أجهزة الأمن التي كانت أكثر طواعية لمافيا وعصابات السلطة الرديفة؛ سلطة العائلة التي وزعت على أفرادها حتى الذين لم يبلغوا بعد ثروات وأراضي الشعب التونسي.

تقارير التنمية البشرية

ووفقا لتقارير التنمية البشرية الصادرة عن الأمم المتحدة، فإن أنظمة مماثلة لتونس، من قبيل أنظمة كمصر والجزائر والسودان وليبيا واليمن والأردن وسوريا، وبالتأكيد غيرها، تتصدر قوائم الترتيب في نسب البطالة ومعاناة شعوبها من الإفقار المتزايد وتراجع دعم التعليم، والتخلي عن دفع التشغيل خطوات إلى الأمام، وعلى العكس من ذلك تنمية قطاعات غير إنتاجية وغير أساسية على حساب القطاعات المنتجة، في ظل تراجع واضح عن حريات أساسية مكتسبة من فترات ليبرالية سابقة، انسحقت فيها حريات الصحافة والتعبير والرأي، وخسرت العديد من الحقوق المدنية أولوياتها لصالح الاهتمام بما هو ثيوقراطي وأوتوقراطي فيما يفترض أنه الحياة المدنية لجماهير الشعب. وقد أشارت الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية في تقرير حديث، إلى أن فجوة الغذاء العربية وصلت في عام 2010 إلى 27 مليار دولار، ويتوقع لها أن تتجاوز هذا المبلغ إلى حوالي 44 مليار دولار في عام 2020، فيما الاكتفاء الذاتي العربي من الغذاء لا يتعدى 50 في المئة من حاجات السكان. وكان تقرير التنمية الانسانية العربية الصادر صيف عام 2009 قد أكد أن هناك 65 مليون عربي يعيشون في حالة فقر. في هذا الاتجاه تقول «فورين بوليسي» أن هناك خمس دول عربية جاهزة للتغيير هي الجزائر، مصر، ليبيا، السودان والأردن، إلاّ أن تقارير أخرى رفعت سقف التوقعات من سبع إلى عشر دول، تعيش حالا أسوأ من تونس، حيث إن الأرقام التي تذكرها عن اليمن وموريتانيا تبدو أكثر رعبا مما كان سائدا في تونس. من جانبه، اعتبر أليوت أبرامز مستشار مجلس الأمن القومي الأميركي في عهد الرئيس السابق جورج بوش، أن النقاش حول ما إذا كانت الانتفاضة التونسية ستمتد إلى دول عربية أخرى، يفتقد عاملين أساسيين هما: فرادة القضية التونسية، وطبيعة الأنظمة السلطوية العربية. ويرى أن الوضع في الجزائر مختلف، فهو نظام دكتاتوري تحكمه ما أسماه «السلطة»، وهي عبارة تستخدم لتوصيف النخبة الحاكمة التي تضم كبار الضباط في الجيش، لذلك يمكن أن تدفع «أعمال الشغب» القادة العسكريين إلى إسقاط الرئيس بوتفليقة، لكن الإطاحة بالنظام تبدو أمرا أكثر صعوبة. وفي شأن مصر، يشير أبرامز إلى أن احتمالات السيناريو التونسي تبدو قائمة، في حال تكرس توريث السلطة إلى نجل الرئيس مبارك، ما يعني تحول النظام من حكم عسكري إلى حكم عائلي. أما ليبيا، فيرى أبرامز أنها تمثل ما أسماه «حالة خاصة»، نظرا للطابع الفريد الذي يتمتع به نظام الرئيس معمر القذافي، فهو «فردي وعائلي» أكثر منه مؤسساتي، إذ يتولى فيه أبناء القذافي مناصب مركزية، أما سوريا فهي تمثل «حالة تقليدية» للنظام العائلي الحاكم بقيادة الرئيس بشار الأسد «الذي يسير على خطى والده كرئيس مدى الحياة».

سياسة منافقة

في هذه المناخات المتفجرة، اعتبر روبرت كاجان عضو معهد بروكينغز، أن السياسة الخارجية الأميركية مثلها مثل أي سياسة خارجية في أي دولة أخرى، من الممكن أن تكون مليئة بالنفاق والأنانية والتناقضات والمعايير المزدوجة، حيث يمكن رؤية الرئيس الأميركي باراك أوباما يتحدث بصوت عال عن الديمقراطية، ثم يغض الطرف عن سلوك نظام قمعي، بحجة أن ذلك النظام يمثل أهمية كبيرة للمصالح الأميركية.

وفي هذا الاتجاه يشير كاجان إلى موقف وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومن على منبر حول سياسات الإصلاح والديمقراطية في الدوحة، عندما حثت الحكومات العربية على ضرورة السماح بانفتاح سياسي وتسهيل عمل منظمات المجتمع المدني، لكنها عندما التقت بوزير الخارجية المصري قبل الانتخابات البرلمانية التي أجريت في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، لم تنطق بكلمة عن الأوضاع السياسية المصرية، كما أن الرئيس أوباما يتحدث بكلمات جميلة عن دعم الولايات المتحدة للديمقراطية حول العالم طوال الوقت، ولكنه عندما تحدث مع الرئيس المصري بعد الأحداث التونسية، لم يقل أي شيء عن الخطر المماثل الذي ينتظر مصر، فالإدارة الأميركية الحالية لم تغيّر سياساتها تجاه الرئيس مبارك التي تمتد لعقود مضت، على الرغم من كل المؤشرات التي تؤكد أن مبارك يقود بلاده باتجاه الكارثة.

المارد الشبابي

وفي الاتجاه ذاته، صوّب مراسل «الأوبزيرفر» من القاهرة الأنظار نحو إمكانية تكرار ما أسماه «الدراما التونسية» وتساؤل المصريين الشباب عما إذا كان ذلك يمكن أن يتكرر في مصر، حيث أشارت الصحيفة إلى أن الرئيس المصري حسني مبارك بدا ونظامه هامشيا وأكثر هشاشة بعد الذي حصل في تونس، وكما بدا ويبدو وضعه في أعقاب دعوة البدء بالتظاهر والانتفاض في 25 كانون الثاني (يناير) والأيام التي تلت، وما يمكن أن تحدثه في بنية النظام، حيث تلعب فئات الشباب دورا هاما في قيادة الطريق نحو التغيير.

هكذا انطلق المارد الشبابي بما امتلك ويمتلك من تقنيات التكنولوجيا العالية المتوفرة اليوم في عالمنا المعاصر، ليشكل قطب التغيير الأساس، في حين لم تجرؤ أحزاب اللعبة الحزبية والسياسية المصرية على البوح بمواقفها الراديكالية الحقيقية، لفتح معركة الانتفاض وقيادتها وتنظيمها وإطلاقها مبرأة من التواطؤ المكشوف مع النظام أو التماهي به وبمؤسساته، وها هي ثورة الشباب تقود حركة الشارع الجماهيري المنتفض، تؤسس لثورة شعبية قادمة من بين رمال المستحيل، أو ما كان يبدو مستحيلا قبل أيام من بدء حركة التغيير التي بدأت توصف بأنها الأكبر والأضخم منذ ثورة العام 1919 ضد الاستعمار البريطاني.

وهذا ما يضع المؤسسة السياسية في مواجهة احتمالات سيناريو سقوط النموذج التونسي، لتزج بالمؤسسة الأمنية في مواجهة حركة الشارع قمعا وإرهابا ورعبا، لن يزيد المنتفضين سوى تصعيد تحركهم الاحتجاجي حتى تحقيق مطالبهم، أما أمل استعادة الهدوء وعودة الناس إلى بيوتها دون التغيير، فهذا ما لا تخبر أو تفيد أو تدلل عليه أية تجربة من تجارب حركات الانتفاض الجماهيري الاحتجاجي في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية.

عسكرة النظام

أيام قليلة من المواجهة الانتفاضية الجماهيرية الواسعة، كانت كفيلة بإنهاء موضوع التوريث، رغم أن النظام يحاول الحفاظ على رموزه بكل قوة، فبعد تفتيت تماسك الجهاز الأمني، وفشله في محاولة وقف الانتفاضة، لم يبق أمام مبارك سوى الاتجاه إلى عسكرة نظامه، وذلك من خلال أبرز رموزه (الحاكم العسكري) وفقا لقانون الطوارئ، وها هو مبارك نفسه، الذي أصدر مساء الجمعة أمرا بحظر تجول لم يتم تنفيذه، لجأ يوم السبت إلى تعيين عمر سليمان نائبا له، وهو مطلب كان يفترض أن يتم منذ بدء عمر نظامه قبل 29 عاما، كما تم تعيين أحمد شفيق رئيسا لحكومة جديدة بعد إقالة القديمة صبيحة يوم السبت. كل هذا في محاولة مستميتة لتنفيس الاحتقان الشعبي الذي لم يعد كذلك، فقد تجاوزت حركة الانتفاض الشعبي لحظاتها العفوية، وبدأت الثورة تأخذ طريقها لإحداث التغيير المنشود.

لهذا تواصل جماهير الشعب المصري انتفاضها الجماهيري، في وجه نظام ما يني يسد أذنيه عن مطالب رحيله، بعد عقود ثلاثة من استنقاع وتكلس كامل قواه، وما جرّته من ويلات ونكبات سياسية واقتصادية وإجتماعية، أصابت بشكل أو آخر كامل قطاعات الشعب المصري التي حُكمت وتُحكم بقانون الطوارئ، واستمرار النظام على ذات المنوال من فرض مواجهته الحركة الشعبية، ينذر بكارثة قد يورثها لشعبه بعد رحيله، فهل يتعظ نظام مبارك من نظام «بن علي» قبل فوات الأوان؟.

ماجد الشّيخ
الطليعة

تعليق واحد

  1. التونسية اقلعت- المصرية علي الرن وي-اليمنية والاردنية بدء اجرات الوزن-السودانية الغيت لعدم وجود ركاب

  2. فى السودان حالة مختلفة لا يوجد تزاوج بين السلطة وراس المال السلطة منتخبة بنسبة عالية لوهن وضعف الاحزا عدم وجود العسكر بنسبة كبيرة فى السلطة مركزيا وولائيا

  3. انا ما عارف انتوا مصرين ليه انو السودان دوله عربيه

    ورونا كم دوله افريقيه جاهزه للتغيير ومن ضمنها السودان

  4. حقا السودانية الغيت رحلتها لعدم وجود الركاب لكنها جاهزة للاقلاع في اي وقت وكثير من الرحلات لها جاهزية واستعداد الى ماليزيا والدول الاسويىة ولن تتجه صوب اوروبا او افريقيا المجاورة لسوء الاحوال الجوية – والسودانية كذلك تستانف رحلاتها بغزو عسكري للانقاذ فحينها يتم خلع انياب النظام واقلاع طائرتهم الى جهات مجهولة ونلاحظ كذلك ان الرحلات السودانية تحت صيانة مركزية من مهندسي طيران امريكان في هذا الايام

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..