السودان بلد بلا حكومة

د.زاهد زيد

ماذا تعني الحكومة غير إقرار الأمن والسلام في البلد ،و سيادة القانون ومساواة الناس أمامه والعمل على تحقيق تقدم البلد ورفاهية أهله . ولنا بعد ذلك أن ندرج تحت هذه المسلمات ما شئنا من واجبات الحكومة نحو شعبها بما نلمسه ونعىرفه من الحكومات في العالم . هذا ما يدركه أي راع في باديته ، وهذا بالضبط ما لا يعلمه الجهابذه الذين يحكمون هذا البلد المنكوب بهم .
وذلك ما جعلني لا أغضب بل أحزن لحد الاكتئاب وأنا أسمع مقدم برنامج قناة الصعيد المصرية حمدي السيد وهو يتحدث عن تهريب السلاح عبر الحدود من السودان وهو يقول أنه لا توجد حكومة في الجانب الآخر ? يقصد السودان ? لضبط التهريب .
ولم أكد أفيق من اكتئآب ذلك التقرير حتى صدر تصريح آخر وهذا المرة من وزير الداخلية المصري يقول الوزير إن الحدود مع السودان منضبطة من الجانب المصري غير أنه لا تواجد حكومي من الجانب السواني .

لم أغضب لأن هذه هي الحقيقة المؤلمة ، ولأنها مؤلمة يصاب المرء بالحزن على الهوان الذي صرنا إليه .
اذهب لأي بلد وشاهد بنفسك كيف يدار أمر السودانيين في الخارج ، وما هي المصالح التي تقضيها سفاراتنا في الخارج لصالح المواطن خارج بلده ؟ وما هي الروابط التي تقيمها هذه السفارات مع حكومات هذه الدول لصالح هذا المواطن ؟ لا شيء من كل هذا ، بل صارت السفارات في الخارج مجرد مراتع لمنسوبي الإنقاذ ، اتخذوها مكاتب استثمار فقط لصالحهم هم ، من السفير وإلي أصغر موظف في أي سفارة سودانية لا هم له إلا أن يجمع الدولارات ويشتري ما يشري ويشحن للسودان ،ولا مانع من التجارة (هبرة من هنا وواحدة من هناك) وعلى المواطن في الخارج أن يدبر نفسه . ولولا سمعتنا التي ورثناها قبل العهد المنكوب كسودانيين لرحنا في الخارج (شمار في مرقة ) .لا شيء يمثلنا في الخارج ، وليس هناك وجود رسمي مؤثر للمثيل الدبلوماسي للبلد في الخارج ، بل هذه السفارات معاقل لخدمة مصالح العاملين بها لا أكثر ولا أقل .

أما في الداخل فلا توجد حكومة فعلا ، لا قولا ، ليس على الحدود كما يشتكي الجيران وإنما في الداخل أيضا . فعلى المواطن أن يدبر نفسه ، ليعلم أولاده ، وليعالجهم ، ويحفر المجرى أمام بيته ، ويصلح عمود الكهرباء ويقوم نيابة عن الحكومة بكل أعمالها ، ولو تركته الحكومة بعد ذلك في حاله لهان الأمر ، ولكنها تأبى إلا أن تنكد عليه عيشه ، فالويل له إن أراد مصلحة ما تضطره للذهاب لمكتب حكومي والويل له من أخبار الفساد التي تتسبب له في جلب الضغط ومرض السكر والزهايمر والويل له من وثبات البشير وتصريحات غندور وبسمات الترابي وشطحات الصادق .

البلد يعيش حقيقة حالة توهان حقيقي ، لا يوجد فيه مسؤول تطمئن إليه النفس ، ولا معارضة نرجو على يديها الفرج ، ولا أحد منهم يحترم عقول الناس ويكون شجاعا فيعترف بأن البلد فقد بوصلته ورباطه بعالم المدنية .

حالة من فقدان الاحساس يتمتع بها قادة الإنقاذ يحسدون عليها وتبلد في المشاعر وخمول مزمن ممن يسمون أنفسهم معارضة ، لا أحد في تمام وعيه بما آلت إاليه البلد .

البشير ورهطه في حالة زهان سياسي وحالة من الانفصام النفسي ، وتبلد كامل لا يشعرون بشيء مما يعانيه الناس ولا يكلفون أنفسهم مشقة سماع أي صوت خلاف ما يغذي فيهم هذه الحالة النفسية التي هم فيها .

أما المعارضة التي لم تعد تعرف الفرق بين المعارضة والمشاركة وتظن و في حالة تجلي لغوي حاد أنهما شيء واحد . فلا فرق أن نقول إنهم معارضون وأيضا مشاركون ، نفس المرض الذي ركب أهل الإنقاذ الذين اختلط عليه الأمر فلا يدرون الفرق بين كثير من المتضادات ، الحلال والحرام . المال العام والمال الخاص . احترام عقول الناس والكذب عليهم .احترام القانون وخرقه .قتل المدنيين والحرب ضد المتمردين عليها ….إلخ .

الواعي تماما لحالة المستشفى العقلي الكبير هذا هو الشعب السوداني الذي لا يعتريني شك في وعيه بما يحدث أمامه ، اسأل أي مواطنة بسيطة في الصباح وهي تحمل هم تدبير يومها قبل عودة الزوج والأولاد عن الحال ؟ ثم اسأل أي مواطن يجلس أمام بيته عن الحاصل ؟ سيقول لك أي واحد منهم ببساطة إنه لا توجد حكومة. وأضيف من عندي : ولا توجد معارضة أيضا .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مثال على حال سفاراتنا بالخارج .. سفارة (الكيزان) بالرياض .
    في الوقت الذي يتعرّض فيه مستقبل الالاف من التلاميذ والطلاب السودانيين للضياع ، السفارة (رافعة يدها) عن إيجاد حلول
    في إقامة مدارس أساس سودانية لهم ، بالرغم من موافقة الجهات المعنية في بلد إقامتهم .
    مشترطة (السفارة) أن تقوم هي بالإشراف على المدارس وإستجلاب مدرسين و إداريين من كيزانهم .

    .. وقد قامت بعض السفارات ( مصر مثالاً ) على إيجاد حلول سريعة وناجعة لتلاميذها .

    فتأملوا ..

  2. يازاهد بل السودان (( حكومه بلا شعب )) شعب واااااطي لا يقوي حتي للوقوف امام الظلم …..

  3. يا نـزلانا أمــرقوا الذمـــة كيف ينطاق هوان الأمة
    شالوا حقوقنا و زردوا حلوقنا ديل عايزين دمانا تسيل

    سيدى زهير

    الأدهى و الأمر هو حال المواطن السودانى العادى. فذلك الذى فى الداخل صار مشغولاً كما ذكرت بمجابدة شؤون الحياة و يفكر ملياً فى الهجرة متى ما سنحت الظروف. و ذاك الذى فى الخارج صار يسب البلد فى كل مناحى ظروفها و لا ينسى شراء شماعة جديدة من أقرب مركز تجارى يعلق عليها فشله فى دفع الضريبة الوطنية و المساهمة الفاعلة فى التغيير حتى و لو بأضعف الإيمان.

    هل تعلم أن العديد من السودانيين يعملون بكل جد و إجتهاد لإستقدام أهلهم فى مكان هجرتهم و من ثم (يطفى النور) كما أوضح أحدهم. أنظر لحال السودانيين فى الخليج و أمريكا و أوروبا و كندا و كيف أنهم قد إستوطنوا تماما هناك و إنقطع إرتباطهم تماما بالسودان من جميع الإتجاهات.

    نحن امام أزمة حقيقية يا سيدى و إن لم نقف وقفة رجل واحد فى وجه من ذكرتهم بأن الويل للمواطن من خزعبلاتهم فى مقالك الفخيم، فلن يكون هناك لدينا وطننا ننتمى له و سنصير نسيا منسيا لتحل علينا لعنات الأجيال القادمة بأننا تركنا الوطن يتسرب من بين أيدينا و ركنا ننتظر معجزة إلهية تطيح بهؤلاء الكهنة سارقى الوطن.

  4. لا يا جماعة توجد سفارات، أهم مكتب فيها هو “مكتب جهاز الأمن” ومهمته الأولى والأخيرة التجسس على الجاليات وضمان تزوير إرادتها واختطافها لصالح حزب المؤتمر الوطني؟؟.
    لقد كان لنا في بريتوريا ضابط أمن برتبة لواء، مع أن عدد أفراد الجالية السودانية في جنوب إفريقيا لا يتجاوز نصف الألف؟؟!!. والأنكى والأمر أن جنابو مُعاق لغوياً، مما ينفي عنه حُجة التنسيق مع أجهزة الأمن الخارجية لمحاربة الإرهاب (حلوة مُخاربة الإرهاب دي)!!.

    السودان بلد ما عنده وجيع.

  5. اخوي زاهد انت بكيت من كلامهم ولكنك بكيتني بمقالك هذا ودخلت في حالة حزن لانك قلت لبحقيقة النحن عارفنا بس ناكرنها من بشاعتها سفارة في بلد اسيوي اسلامي باكستان يعامل السودانيون فيها بكل مهانة والسبب سفارتنا لانها لا تعرف غير الهبر وبس من ايام السفير الماضي ولليوم بل اكثر من هذا سفير كسيح مريض ونايبه مصاب بحالة غريبة ما معروفة ومع هذا اي مسئول يقول لك بنعاملكم ذي ما بتعامل سفارتكم وعايانا وهي وين سفارنا دي وبتعمل لتقوية العلاقات او فركشتها اما مدرستنا العملتها الجالية استولت عليها السفارة وجابت مدير كوز لا يشرف احد ياخد 8الف دولار هو الكوز المعاه في الشهر وياخذ بدللات سكن وسفر 3شهور اجازة صدقت بلد ما فيها حكومة تسلم ايدك الكتبت والعقل الفكر لك حبي وارجو مراسلتي علي عنواني لاملك حقائق كثيرة

  6. الحكومة السودانية الكيزانية البطنية فقدت شرعيتها منذ توليها الحكم واكمل فقدان شرعيتها تماما بسبب دارفور المنكوب والنيل الازرق وجنوب كردفان حيث الان الرئيس السوداني البليد واعوانه لبلدة مطالبون من قبل الجنائية الدولية وهم الان متملسون منها هؤلاء جلبوا العار للسودان نحن الان في السودان ليس هناك حق للمواطن بل هناك واجبات للدولة – الاخ الكاتب جزاك الله خيرا والله نحن الان نريد مثل هذه المقالات لتكون إضاءات مستنيرة للمسقبل

  7. عزيزى زائد مقالك (يعصر على محل الالم والوجع شديد لايحتمل حتى لو اديتنى مخدر) انا لله وانا اليه راجعون فيك ياسودان …. منه العوض وعليه العوض

    اللهم اقتص لنا من الذين اوردونا المهالك منذ الانقلاب 1989 والى يومنا وساعتنا … اللهم اننا لانغفر لهم ولانسامحهم ولانعفو عنهم ….

    وظلم ذوى القربى …….

    يكاد الوجع يفقدنى عقلى انا لله وانا اليه راجعووووووون ولاحولة ولاقوة الا بالله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..