توقيع عقوبة الإعدام على قاتليْ تبيدي وابنه بأمبدة

أم درمان ـ بخيتة زايد
وسط إجراءات أمنية مشددة من الشرطة القضائية وحضور كثيف لذوي المجني عليهم وأولياء الدم الذين ضاقت بهم جوانب القاعة الكبرى لمجمع محاكم أم درمان وسط، تلا مولانا محمد عبدالله قسم السيد قاضي المحكمة الجنائية العامة بأمبدة أمس قرار المحكمة النهائي في قضية مقتل شيخ الصاغة فضل الله يس تبيدي وابنه الأكبر حسن وإصابة زوجته سامية الأمين يعقوب وابنها الأصغر عثمان بالأذى الجسيم.
وأوقعت المحكمة عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت قصاصاً على كل من المدان الأول محمد عمر عبدالواحد والمدان الثاني هارون أحمد محمد لإزهاقهما روح المرحومين وجاءت الإدانة لمخالفة المدانين للمادة (21/138/130) من القانون الجنائي. وبحضور ممثلي الاتهام عن الحق الخاص الأساتذة كرار صديق كرار وعادل عبدالحميد وسلوى يوسف تبيدي وممثلي الدفاع عن المتهمين الأساتذة جعفر كجو وعلي الجندي وعبدالرحيم الخير تلا القاضي حيثيات القرار بعد انعقاد (29) جلسة بسماع (3) متحرين و(12) شاهداً و(5) شهود دفاع وجاء في القرار أن الوقائع الجوهرية الثابتة التي أطمأن لها وجدان المحكمة وصدقتها أن المتهم الأول يعمل مزارعاً في مزرعة بتري ويشرف عليها المرحوم وأن المتهم قام بزراعتها وعندما استوى الزرع على سوقه رفض المرحوم بيع الزرع لبائع أحضره المتهم وباعه لشخص آخر واستلم القيمة ولم يوفق المتهم في مقابلته حتى سافر إلى ليبيا وكان قبلها قد سلمه كراسة بها قيمة المنصرفات وحدثت بينهما مشادة ترك على إثرها العمل وعمل بمزرعة بدار السلام جبل أولياء وعندما علم بعودة المرحوم اتصل عليه وأخبره بأنه اشترى سكيناً لأخذ حقه منه وأخبر المتهم الثاني بنيته في قتل المرحوم إلا أن الثاني طلب منه تهديده فقط لأخذ أمواله. وفي يوم الحادثة ذهب لمنزل المرحوم ووضع المتهم السكين على عنقه وسأله (عرفتني؟) وعرفه بنفسه وأخبره بأنه سيأخذ حقه وحينها استيقظت زوجة المرحوم مذعورة وصرخت الحرامي وعندها قام بطعنه وطعنها وطعن ابنيهما وكان المتهم الثاني داخل المنزل وأطلق ساقيه للريح ساعة سماعه صراخ الزوجة. وبمجهودات الشرطة والمباحث الجنائية تم القبض على المتهمين وتقديمها للمحاكمة وبعد سماع قضية الاتهام تم استجوابهما ووجهت لهما التهمة ورجعا عن إقراريهما القضائيين ودفعا بأنهما أدليا بها تحت التعذيب وسمعت المحكمة شهود دفاعهما.
واستعرضت المحكمة عناصر مادة الاتهام وناقشتها مع ما قدم من بينات لتحديد مسؤولية المتهمين الجنائية بغية الوصول لقرار عادل في الدعوى.
ووجدت المحكمة عند مناقشتها لعناصر مواد الاتهام مع ما قدم من بينات أن المتهمين أدليا باعترافهما القضائي أمام القاضي سليمان خالد موسي قاضي المحكمة الجنائية العامة بأمبدة واتبع فيها ما جاء بنص المادة (60) من قانون الإجراءات وأنهما بصما عليها كما أنها تمت أثناء إجراءات التحري وفيها أقرا بأنهما خططا وذهبا لشراء السكين ثم ذهبا سوياً لأم درمان وصليا المغرب والعشاء بالسوق الشعبي وبعد منتصف الليل وصلا لمنزل المرحوم وتسورا الحائط ووجدا أبناءه يغطون في النوم ووضع المتهم الأول السكين في عنقه وطعنه وكان الثاني يقف على مقربة منه للمؤازرة وبعد الطعن هرب وسدد الأول طعنات لأبناء المرحوم. ووجدت المحكمة أنهما رجعا عن إقراريهما في المحاكمة وذكرا بأنهما أدليا بها تحت الضرب والتهديد ورأت المحكمة أن الدفاع قدم شاهدين أفادا بأن المتهمين تعرضا للضرب ولم تطمئن لشهادة الشاهد الرابع الذي حضر جلسات المحاكمة وجاءت شهادته سماعية لأنه لم يحضر ضرب المتهمين وجاءت شهادة الآخر مضطربة ومتناقضة مما يضعف من قيمتها كما أنهما قريبا المتهمين ورأت المحكمة أن أثر الجراح على المتهم الثاني آثار لجروح سطحية قديمة ولو كانت من آثار التعذيب لقام القاضي ودون اعترافاتهما باتخاذ الاجراءات اللازمة كما أنهما لم يخبراه بالتعذيب وأكدت أنه لا يجوز الرجوع في حقوق العباد والرجوع في حدود الله يعد شبهة وعليه قررت المحكمة الأخذ باعترافات المتهمين القضائية المعضدة بالقرائن التي تمثلت في تناسق الإقرارات مع شهادة شهود الاتهام في الوقائع الجوهرية والتي تشكل قرينة قوية لإثباتها كما تعرف عليهما الكلب الشرطي في طابور الاستعراف بواسطة (فردة سفنجة) تخص المتهم الثاني و(سكين) تخص المتهم الأول وأثبتت عينات الدفاع المأخوذة من المتهمين للبصمة الوراثية ومقارنتها مع بعض المعروضات وجد أنها متوافقة مع النمط الجيني وورد ذلك في الـDNA المقدم من المعامل الجنائية والذي يعتبر أحد الأدلة الشرعية في الإثبات والتعرف على المجرم ووجدت المحكمة أن من القرائن أيضاً تمثيله للجريمة التي قدمت في شريط (CD) للمحكمة التي مثل مصورها كشاهد وأفاد بأن المتهم الأول كان يصحح بعض الأوضاع بتوجيهه للمتهم الثاني للوقوف أمام (باب الفرندة) وصدقتها المحكمة رغم تشكيك الدفاع فيها وسعيه الحثيث لتكذيبها. ومن القرائن شهادة شاهدي الدفاع الأول والثاني من فريق مسرح الحادث اللذين حرزا بعض المعروضات وقاما بتصويرها وإرسالها للمعامل الجنائية وحاول الدفاع التشكيك في شهادتهما رغم أنهما شاهدا دفاع، وكذلك شهادة الشاكي عصام يس والذي سمع صراخا وعند خروجه من منزله صادف المتهم الأول وقام بضربه بعصا على كتفه إلا أنه فر هاربا،ً وشهادته تعضد صحة الإقرارات المرجوع عنها وشهادة الشاهد السابع الذي سمع صوت تأوهات فأسرع بالخروج وقابله شخص نحيف كان يتسلق الحائط ومحاولته الإمساك به من قدمه إلا أنه قاومه وهرب كما شاهد شخصا آخر يرتدي شورت وفنلة سوداء ووجدت المحكمة أن ممثلي الدفاع طعنا في شهادته التي قبلتها رغم دعواهما بأنها شهادة مصلحة وعداوة. ورأت المحكمة أنه لم يشهد زوراً وبهتاناً لأنه لا يعرف المتهمين كما أن شهادته جاءت واضحة ومنضبطة.. بالإضافة لقرينة الكيس الذي وجد داخل المنزل وعثر بداخله على جلاليب وهاتف نقال وولاعة وذكرها المتهم الأول الذي أفاد في اعترافه بأنه كان يحمل كيساً ورأت المحكمة بأنهما كانا يريدان ارتداءها بعد ارتكابهما للحادثة وتطابقت تقارير تشريح الجثة وأرانيك 8 جنائي للمصابين مع إقرار المتهم الأول الذي تم سؤاله بواسطة شاهد عند تصويرها للحادثة فذكر له أنه قتل المرحوم «لشيء يعلمه الله» ووجدت المحكمة أن مصور الحادث أفاد بعثوره على (سكين وحجاب وسفنجة وجفير) وجاءت إفادة المعامل معضدة لإقراراتها وشهادة المجنى عليه (عثمان) الذي أفاد بأن المتهم طعنه على كتفه وعند رجوعه وجد شقيقه متوفى وقررت المحكمة قبول شهادته لأنه شاهد عيان على الحادثة. كما أن المتهم الأول جاءت إفاداته مطابقة عند استجوابه لما جاء في اعترافه إلا أنه أنكر قتله للمرحوم وذلك ما يؤكد اعترافه، ولكل ما تقدم رأت المحكمة أن هناك بينات شكلت سلسلة مترابطة ومتواصلة تؤكد طعن المتهم الأول للمجنى عليهم.
ووجدت أن المتهم الثالث جاء مرافقاً للأول من جبل أولياء وكان داخل مسرح الحادث ويحمل سكينا ليحمي بها ظهر الأول.. وثبت للمحكمة أن المتهمين كانا متماليين على القتل والثاني تسبب في ارتكاب جريمة القتل ولم يباشر تنفيذها ويعتبر مسؤولاً عنها. وعليه قررت المحكمة ثبوت الركن المادي للقتل العمد والجراح العمد بحق المتهم الأول بالمباشرة والمتهم الثاني بالتسبب ووجدت المحكمة في إثباتها للركن المعنوي أن المتهم الأول حضر بإرادته وقام بطعن المجنى عليهم وكان يعلم أن باستخدامه للسكين الحادة فإن الموت نتيجة راجحة لفعله والثاني أيضاً حضر بإرادته وتسلح للجريمة ولبس لباسها لمساندة ومؤازرة المتهم الأول. وأوضح الطبيب الشرعي أن وفاة تبيدي نتجت عن الجروح الطعنية في الكبد والكلى وحسن تعرض لطعنة نافذة بالصدر أدت لنزيف كما أن أورنيك (8) أفاد بتعرض الزوجة لطعنة بالصدر وأخرى في الساعد والابن تعرض لطعنة نافذة في الظهر. ولكل ما تقدم قررت المحكمة إدانتهما مبدئياً تحت المواد 21/138/130 من القانون الجنائي. وبمناقشة موانع المسؤولية وأسباب الإباحة وجدت أنهما لم يستفيدا من أي منها. وعليه قررت المحكمة بكل اطمئنان إدانتهما نهائياً بالقتل العمد وتسبيب الجراح. وبسؤال القاضي لأولياء الدم عن المطالبة بحقهم في القصاص أو العفو أو الدية بعد تقديم ممثل الاتهام لإعلامين شرعيين خاصين بالورثة الذين طالبوا جميعاً بتوقيع عقوبة القصاص على المدانين. وعليه أصدرت المحكمة قرارها بالإعدام شنقاً حتى الموت قصاصا.

الاهرام اليوم

تعليق واحد

  1. قال تعالى : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) . اللهم أغفر للمرحوم وإبنه رحمة واسعة وأدخلهما الفردوس الأعلى وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة الإ بالله العلي العظيم ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;( ;(

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..