مغزى زواج الرئيس التشادي من ابنة شيخ قبائل المحاميد السودانية ؟؟

مغزى زواج الرئيس التشادي من ابنة شيخ قبائل المحاميد السودانية ؟؟

شريف ذهب
[email protected]

مؤخراً طالعتنا بعض وسائل الإعلام السودانية المقروءة بنبأ خطبة الرئيس التشادي إدريس ديبي أتنو من كريمة الشيخ موسى هلال .. شيخ قبائل المحاميد السودانية . وبادئ الأمر لا نملك سوى تهنئة الخطيبين على خطبتهما المباركة هذه ، طالما كانت عن طوعٍ ورضا تامين منهما دونما إكراه لأحد الطرفين ، فالزواج ُسنّة كونية لدى البشر لا يحدها حدود الجغرافيا وإنما يحكمها قواعد العرف والدين والتراضي بين الطرفين .
ثم نؤكد بأنه ما كان لنا أن نخوض في هذا الشأن الخاص لولا أننا ارتأينا أنه قد خرج عن دائرة الخصوصية إلي العام ، لسببين أساسيين يتعلق الأول بتناوله في بعض وسائل الإعلام المحلية ، والثاني بطرفي الزواج وهما رئيس دولة جارة للسودان تربطها حدود جغرافية بدارفور ووشائج الدم وتداخل قبلي قديم ، وشيخ لإحدى اكبر بطون قبائل الرزيقات في دارفور ( المحاميد ) ، وحتماً سيكون للكثيرين تحليلاتهم في هذا الموضوع ولكن من وجهة نظرنا الخاصة فللأمر جانبان : يتعلق احدهما بالأعراف المحلية في دارفور ، والثاني بعلاقة القبيلة والسياسة .
فمن حيث تقاليد المنطقة فلا غرابة في الأمر، فالزيجات المتبادلة بين أركان الإدارات الأهلية في دارفور أمر قديم متعارف عليه ومتوارث عبر الأجيال ، وبتتبع سيرة كافة هذه الزعامات الأهلية نجد هذا النموذج من الزيجات ماثلاً ونتج عنها أجيال معاصرين لا زالوا يشكلون رابطاً قوياً بين تلك القبائل مع بعضها . ودارفور وتشاد في هذا الوضع سيان ، والرئيس إدريس ديبي ليس ببعيد عن ذلك ، ففضلاً عن كونه يتبوأ منصب رئيس دولة وهو منصب بالتأكيد أرفع قدراً عن زعيم قبيلة .. فهو كذلك ينحدر من أصول سودانية من بيت عريق ، وحسب ما علمنا عن سيرة والده بأنه زعيم أهلي مشهود له بالكرم والجود وأن سبب تسميته ( ديبي ) يعود لذلك الكرم الفياض ، وهي عبارة من شقين بلغة الزغاوة ( دي + بي ) الأولى تعني الجمل والثانية تعني ( شاه ) . حيث يروى بأنه كان مقصداً للضيوف ، وأنه كان دوماً يكرم ضيوفه بنحر جزور ولو كان فرداً واحداً ، فلامه بعض أفراد قومه بأنه يكفيه ذبح شاه بدلاً عن جزور لكل ضيف فرد عليهم بلا مبالاة ( دي بي ) أي : لا فرق ، فالجمل عندي شاه ! فسرى عليه هذا اللقب .
عموماً هذا في الجانب المتعلق بعلاقة هذه الزيجة بالعرف المحلي .
أما الجانب الثاني المتمثل في السياسي والقبلي : فإذا بدأنا بالجانب القبلي والعلاقة بين طرفي هذا الزواج وهما قبائل المحاميد والزغاوة ، فالمعروف تاريخياً عن قبائل الرزيقات عموماً بأنها قدمت للسودان عبر تشاد وقد استقرت أول ما استقرت في تشاد بمنطقة ( أرادا ) وهي حاضرة قبائل زغاوة البديات التشادية التي ينحدر منها الرئيس ديبي ، ومن منطقة ( أرادا ) بتشاد تفرعت قبائل الرزيقات فبقيت بطون منها في تشاد وتوزعت الأخرى نحو ليبيا والنيجر والسودان ، واستقرت تلك التي دخلت السودان كذلك أول ما استقرت في منطقة ( كبرو ) بدار زغاوة ثم توزعت من هناك لتتابع رحلتها وراء الماء والكلأ .
ومن هنا فالعلاقة بين هاتين القبيلتين قديمة وقد وثقتها العديد من وشائج القربى بالتزاوج المتبادل والانصهار لبعض بطونها في الأخرى . ولا تزال بطون من قبائل المحاميد وغيرهم من أفخاذ وبطون الرزيقات مستقرة في تشاد وتشكل جزءاً أصيلاً من المكون السكاني في البلاد كما هو في علم الجميع .
ولا أجد سانحة أفضل من هذه لأشيد بالدور النبيل الذي قام به مؤخراً ناظر عموم الرزيقات في الضعين باستضافته لأهله من الزغاوة الذين تم الاعتداء عليهم من أفراد مليشيات عثمان كبر والي شمال دارفور وإخراجهم بغياً من ديارهم بمناطق شرق دارفور. وهي لفتة إنسانية تاريخية تؤكد تلك العلاقة التاريخية وأصالة الرزيقات .
أما سياسياً : وباستحضار الأحداث الأليمة التي جرت في دارفور في السنين الأخيرة من اقتتال مقيت بين إفراد بعض القبائل فيما بينها بتدبير ماكر من نظام المؤتمر الوطني في الخرطوم والذي قام بالاصطلاح عليها بصراع ( العرب والزرقة ) ثم محاولة تصدير ذلك الصراع لدولة تشاد المجاورة لولا حكمة القيادات التشادية في تفويت تلك الفتنة المقيتة وذلك بشهادة الدكتور صالح الجنيدي قائد إحدى فصائل المعارضة التشادية سابقاً ورئيس أركان الجيش التشادي بعد المصالحة ، والذي أفاد صراحةً عبر الإعلام بأنّ النظام السوداني قد سعى لخلق فتنة قبلية في تشاد كما أحدثها في دارفور ؟! .
فمن هذه الزاوية يمكننا النظر لمغزى هذه الزيجة لا سيما وأنّ للشيخ موسى هلال دعوات علنية سابقة بضرورة إعمال مثل هذه الزيجات بين أفراد القبائل الدارفورية لإعادة ربط الوشائج بينها وتجاوز تلك النعرات البغيضة ، ولعله أراد التأكيد على تلك الخطوة بنفسه في أعلى المراتب ليبتدئ بكريمته .
وبعيداً عن التحليل الآخر الذي ذهب إليه البعض ممن يرون في الشيخ موسى بأنه رجل يمتاز بالفطنة والدهاء وأنه يقوم بحساب كل خطواته بدقة . وأنّه يرى بأن علاقته بنظام الإنقاذ قد جرّ عليه الكثير من الويلات ومنها ملف مليشيا الجنجويد وما سيؤول إليه هذا الملف مع نذر انهيار نظام المؤتمر الوطني في الخرطوم وغياب القذافي في ليبيا الذي كان يشكل حليفاً تقليدياً لكثير من الزعامات الدارفورية ومنهم الشيخ موسى نفسه ، هذا فضلاً عن عدم الإحساس بالأمان مع هذا النظام السوداني الذي لا يتورع في الانقلاب على حلفائه وبيعهم بابخس الأثمان إذا رأى في ذلك مخرج له من أزماته ، كما حدث في ملف الاسلامين الذين كانوا في ضيافتهم بالسودان وبيعهم لأمريكا ، وكذلك ملف كارلوس مع فرسنا وعلاقاتهم السابقة مع القذافي وسوريا . كل هذه الهواجس يمكن أن تجعل شخصاً مثل الشيخ موسي يبحث له عن مأمن وسط أفراد قبيلته المنتشرة من النيجر إلي تشاد والسودان ، وبالتأكيد لا موضع أكثر مأمناً من بيت النسيب ؟، والنسيب عين شمس كما يقولون ، وربما انطبق هذا التحليل على الطرف الآخر كذلك !. وبين هذا وذاك فلا نملك سوى أن نجدد تهنئتنا الحارة للخطيبين متمنين لهما حياة زوجية كريمة يسودها المودة والوئام والاستقرار ، ونضم صوتنا للمشجعين على السير في هذا النحو ( يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكرٍ وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليمٌ خبير ) صدق الله العظيم .

تعليق واحد

  1. زواج مبارك وموفق وفى الاطار الودى الصحيح مما يؤكد سعة افق السيد ادريس دبى عكس فهم المتمردين العنصريين الجهلة العاجزين ولعمرى هذا هو الملك الحقيقى لال دبى مدى الدهر مبروك

  2. لا خوف على موسى من اى تقلبات لانهم رجال شجعان واقوياء عند الملمات بل الخوف على ادريس دبى بعد فشل محاولات الزغاوة الاستيلاء على دارفور مبروك مرة اخرى فالشيخ من قبيلة محاربة يعرفها ويخافها الخواجات الذين يبنى عليهم متمردوا الزغاوة الامال على ازاحة العرب الذين لهم المقدرة على ازاحة نظام ادريس دبى بين عشية وضحاها لان سند ادريس دبى سابقا كان المجنون القذافى وقد راح فى خبر كان ودفع مساندوه من الزغاوة اثمنان غالية على يد الثوار الليبين والذين هم اقرب لموسى هلال لذا راى الرئيس ادريس دبى السلامة فى مصاهرة هذا الزعيم العظيم الذى انقذ دارفور من جهل وظلم الزغاوة ومبروك لكافة قبائل الزغاوة بهذه المصاهرة

  3. لن تستطيع المحكمة اخذ الناظر موسى هلال وهم يعرفون ذلك لان موسى ليس بدار مضيعة او هوان بل هو شيخ اقوى قبيلة عربية فى افريقيا اعترف الامريكان بانها تحتاج الى 22 فرقة من الجيش الامريكى لهزيمتها لذا غضوا الطرف عن هذا الزعيم العظيم الذى يكن له بوش وبلير الاحترام لانه قوى وزواج دبى من ابنته يؤكد رغبته فى رتق النسيج الاجتماعى مع الزغاوة الذين يعملون سرا مع دبى لتحين الفرص لايذائهم والان وبعد سقوط العقيد المجنون انقطع الرجاء حول الفكرة وتمخض عنها هذا الزواج المبارك من ابنة الكرام للحاكم الكريم بن الكرام ادريس دبى اتنو مبروك مرة اخرى ومزيدا من المصاهرة بين الزغاوة والعرب فى دارفور

  4. اكتر شي هماني في المقال ده هو مدي التداخل القبلي بين السودان وتشاد والنيجر الكاتب زكر انو الرزيقات اول استغرارهم كان في تشاد وده شي طبيعي ولاينقص من اهلنا الرزيقات شي بس المحيرني نحنا كبني عامر في شرق السودان اذا زكرنا في اي مقال وزكرت علاقتنا وتداخلنا مع دولة ارتريا الشقيقه تقوم الدنيا وماتقعد ودائما مانتهم باننا ارتريين مع اننا من مكونات الشرق الاصيله بل نحن اكبر قبائل شرق السودان لمن لا يعلم

  5. هوي ياناس دارفور والشرق ــــ
    حافظوا على حدودكم السودانية كويس نحنا ما عايزين ناس تجي من برة لأن معروف اي دخيل بيكون ما عنو وطنية ووالله ممكن يتعاونوا مع الإستخبارات الغربية في كل شئ لذلك احرصوا وخافوا على وطنكم ـــــ
    الحكومة القادمة ستتكون من أناس عندهم وطنية قوية
    ألم تسمعوا شعارات بعض الدول ( الله ـ الوطن ـ الــ … )
    رئيس الجمهورية المرتقب

  6. اولا اهنى بنتى امانى التى سوف تكون سفيرة نساء السودان وثانيا لو كان كل الكلام السياسى الذى ذكر رانا احيها اكثر فاكثر لانها ضحت من اجل وطن بكل قبائله انا افتكر الوزير الذى تم فى بيته الخطوبة كان يخب بنت ادريس دبى لكنه غير غيور على حل مشاكل السودان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..