العجلة.. سادت ثم بادت

لم تكن العجلة الهوائية «ذات الإطارين» وسيلة للمواصلات فحسب عند ظهورها كإحدى معينات المواطن البسيط بل ظلت إلى وقت طويل مصدراً للفخر والتباهي بين أبناء المجتمع المتمدن في العواصم والمدن الكبرى يقتنيها أصحاب الدخل المتوسط دون غيرهم ويضعون عليها أدوات الزينة من الأشرطة الملونة والديباجات والمرايات العاكسة للأضواء والأنوار على أجزاء متفرقة منها . وتعد مدن عطبرة والخرطوم ومدني والأبيض وأمدرمان من أشهر المدن التي عرفت العجلة كوسيلة للمواصلات سادت ثم بادت، بل أصبحت نادرة ومنعدمة في الشوارع بعد الإنتشار الكاسح للحافلات وعربات التاكسي و الأمجاد والهايس بل والركشات والتي تميزت بإنخفاض أسعار مشاويرها ، ومن ثم انزوت العجلات لتؤدي مهام غير التي كانت تستخدم من أجلها لتعمل في نقل الثلج والرغيف وأحياناً البيض وفوارغ الجركانات . «آخرلحظة» تجولت بين أحياء العاصمة في رحلة بحث عن «العجلات» علها تجلي سر اختفائها . وكانت أولى الإفادات من «محمد عبده العجلاتي بمنطقة الحاج يوسف حيث كشف لنا جانباً من سر الإختفاء أولعله كل السر فمعاً نطالع ما قاله «محمد».

ü العجلة كانت في السابق موجودة داخل أي منزل سوداني ووقتها كان العجلاتي يحظى بعائد مجزٍ في اليوم الواحد كما كان من يريد الاستثمار في جانب مضمون يتجه لفتح محل لصيانة العجلات، ولكن بمرور الزمن تحولت محلات العجلاتي إلى محلات لصيانة الركشات خاصة بعد الإنتشار الواسع للركشات بعد أن اجتاحت البلاد مؤخراً. وعن أشهر العجلات ذكر محمد أن أشهر أنواع العجلات والتي كان يفضلها الكثير من الناس هي (رالي) الماركة الإنجليزية وفونيكس كما هناك العجلات الصينية والهندية التي كانت أيضاً تجد حظها من الإنتشار لدى البعض من الناس ولكنها الآن انعدمت باستثناء لدى فئة قليلة جداً من الناس ما زالت تحتفظ بها في ترحالها اليومي خاصة من الرجال كبار السن، والعجلة أصبحت الآن غير مرغوب فيها لأن الركشات ساهمت بصورة فعالة في نقل الأفراد للمسافات القربية التي كانوا يستخدمون العجلة فيها.

وحتى في السابق كان الأبن عندما ينجح في المدرسة يطلب من والده بأن تكون الهدية عبارة عن (عجلة) ولكن الآن في ظل التطور الذي نشهده أصبح الأبن يطلب العربة والموتر والركشة ولم يعد الأب يعد إلا أبناءه الصغار في السن والذين تتراوح أعمارهم ما بين 3 – 6 أعوام فأصبحوا الشريحة الوحيدة التي تتطلع لامتلاك العجلة . وعن دخله اليومي ذكر بأنه لا توجد عجلات للصيانة الآن ولكنهم يعتمدون بشكل مباشر في الدخل على إيجار العجلات فهناك الكثير من الصبية تتراوح أعمارهم بين الثامنة والخامسة عشرة من العمر يفضلون التسابق بالعجلات ما يدفعهم إلى إيجار عجلات من طراز واحد وهذا بالطبع لا يتوفر الا عند محلات الإيجار وهذا فقط في الإجازة الصيفية ولكن في فترة العام الدراسي تكون مداخيلهم ضعيفة جداً ولا تتجاوز الستة جنيهات في اليوم الواحد ويقول (بالطبع إيجار العجلات الآن لا يقتصر على الأولاد فقط وإنما هناك فتيات أيضاً يقمن بركوب العجلات).

ü وهكذا يبقى سر اختفاء العجلات هو الركشات التي أصبحت تكتظ بها الشوارع وتتولى بشكل مباشر مهمة نقل الأفراد من مكان إلى آخر، وحلم اقتناء العجلة أصبح فقط يراود الأطفال صغار السن وبعد أعوام قليلة هذا الحلم لن يراود حتى الأطفال.

الخرطوم: دعاء محمد
آخر لحظة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..