التطرف الديني.. خيوط الظلام تتمدد.!ا

التطرف الديني . . خيوط الظلام تتمدد. . !

تقرير : سارة تاج السر:

عاد مسلسل التطرف ليحتل واجهة الاحداث من جديد، بعد توقف دام نحو ثلاث سنوات بمقتل الدبلوماسي الامريكي جون قرانفيل في الخرطوم ليستكمل فصوله الاسبوع الماضي متخذاً من منطقة العليفون شرقي الخرطوم مجدداً مسرحاً له ، فقد تعرض ضريحا الشيخ ادريس ود الارباب والشيخ المقابلي الي حريق جزئي وسط ردود فعل مستنكرة من شيوخ الطرق الصوفية التي طالبت الحكومة بتنظيف الاعلام من الخطاب الوهابي المتطرف والقيام بدورها كاملا تجاه حفظ التراث الصوفي ، ومع تكرار حوادث التكفير والمغالاة في الدين تتعاظم مخاوف المراقبين من ازدياد نفوذ الت?ار السلفي الذي وجد مناخا سياسيا واجتماعيا في الاونة الاخيرة مغلفا بخطاب ديني تكفيري.
حادثة حريق ضريح ود الارباب لم تكن الاولي فقد شهدت الخرطوم في الأعوام السابقة عددا من حوادث القتل في مسجد الثورة الحارة الأولى بأم درمان والجرافة وولاية الجزيرة وحرق الكتاب المقدس بجامعة الخرطوم ، اضافة الي بعض الحوادث المتفرقة الاخري كالبيانات التكفيرية التي صدرت في حق سياسيين وأحزاب معارضة والاشتباكات التي تحدث بين الفينة والاخري من الشباب المنتمين لجماعة أنصار السنة المحمدية مع مريدي الطرق الصوفية والتي لا تنفض الا بتدخلات قوات الشرطة ،واقع الحال اذن يؤكد تمدد المد «السلفي» في السودان، خاصة في الجامع?ت الكبرى والكليات العلمية مثل الطب والهندسة فقد اوضحت انتخابات جامعة الخرطوم عن تنامي أعداد أنصار المذهب الوهابي حيث ظل «تيار الاصلاح» التابع للشيخ «أبو زيد محمد حمزة»، زعيم أنصار السنة المحمدية، يحصد أعلى الأصوات في صناديق الاقتراع خلال السنوات المنصرمة كتنظيم منفرد.
ويبدو ان المد السلفي اضحى ظاهرة فى المنطقة باكملها، فقد فاجأ سلفيو مصر وتونس القوى السياسية والتيارات الفكرية الاخرى بشدة، حينما صعدوا على صدارة المشهد السياسي وحققوا مكاسب غير متوقعة فى الانتخابات النيابية فى البلدين. ويأتي هذا فى ظل تخوفات متوارثة من انتشار هذه التيارات وتمددها فى المجتمعات، بسبب انعزالها وميلها الى تكفير الاخرين وانتهاج بعضها للعنف ازاء بعض الممارسات الاجتماعية التي لا تتقبلها، بدلا عن تبني خط الدعوة الذي سار عليه مؤسسوها.
وحسب مراقبين تحدثوا «للصحافة» فان الفراغ الفكري الذي تركته الحركة الإسلامية التي انشغلت بالسياسة وتراجع دور الطرق الصوفية في المجتمع ساهم في تمدد هذا التيار المتشدد، معتبرين ان اكبر خطر يهدد الإسلام ويشوه صورته هو تلك الانفلاتات التي تخرج من داخله وتنتهي بمواجهات تكفيرية تصوفية،غيرانهم لفتوا الي ان هذه الجماعات والتنظيمات ليست على قدم سواء من الامتلاء بالعنف حيث ان غالبهم ينخرطون في «الدعوة»، ولا يميلون الى التنظيم الجهادي، الاّ أن الثابت حسب قولهم ان السلفية الجهادية خرجوا من صلب هذه التنظيمات ،وحذر زعي? حزب الامة الصادق المهدي من انتقال المواجهات بين السلفيين- السنة والشيعة- الى السودان على غرار ما تشهده بعض البلدان العربية قبل ان ينبه الى تنامي قوة الجماعات السلفية ونفوذها في الآونة الأخيرة، مع تمدد ظاهرة التشيع وازدياده في السودان بذات الوتيرة ، وأشار الى أن ثمة مايشبه التحالف يتشكل الآن بين الجماعة الشيعية والجماعات المتصوفة في مواجهة التيار السلفي الذي قال انه يستهدف طرفي هذا التحالف على حد سواء، وقال ان الشيعة في السودان يتقربون الآن من المتصوفة من هذا المدخل، ومن مدخل أن المصيبة تجمع المصابين، لجه? أن الفكر السلفي السني يناهض الصوفية بذات القدر .
وأبدى المهدي أسفه لما أسماها غفلة السلطات عن هذا الخطر المتنامي رغم ادعاء الدولة حرصها على الإسلام قائلا « ان اكبر خطر يهدد الإسلام ويشوه صورته هو تلك الانفلاتات التي تخرج من داخله وتنتهي بمواجهات تكفيرية تصوفية، مما يهدد أمن وسلامة المجتمع، والبلاد بأسرها» ، واستطرد ان أخطر ما في المواجهة التي تتشكل خيوطها الآن أن المقابلة فيها قائمة على تكفير كل طرف للآخر، وما يترتب على التكفير هو جواز القتل، الشيء الذي يفتح الباب واسعا أمام دورة من العنف، تماما كما حدث في العراق، وتشهده البحرين وغيرها من بعض المناطق الع?بية والإسلامية.

وقال استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم بروفسير الطيب زين العابدين ان الحركة السلفية التي دخلت السودان اواخر الثلاثينات واوائل الاربعينات لم تكن مقبولة في المجتمع ولكن بعد دخول المملكة العربية السعودية في دعم الخط الخيري الدعوي زاد التيار السلفي وتمدد اكثر بعد ولادة السلفية الجهادية في افغانستان، ورأي زين العابدين بان تلك المجموعات وجدت ارضية خصبة ووجود مقدر في المدارس والمساجد والندوات والمحاضرات والمناشط الفكرية التي كانت تنشط في اقامتها وتفوقت في ذلك علي الطرق الصوفية بنشر العلم والدروس في حين ان ال?خيرة اكتفت بالاذكار التي تقيمها من وقت لاخر ،واكد ان غياب الإسلاميين من الساحة السياسية في الجامعات كان فرصة ذهبية لتنامي التيار السلفي .
فيما عزا رئيس حزب الوسط الإسلامي يوسف الكودة انتشار المد السلفي الجهادي الي تقصير الدعاة وغياب دور المرشدين الذين ينتهجون منهج الوسط والاعتدال مما جعل الساحة خالية لهم غير ان الكودة رأي بان الحديث ينبغي الايركز علي معني السلفية بقدر التسليم بالمصطلح الذي تفرض معناه بعض المجموعات، واكد الكودة ان السلفية اذا كان مراد بها الرجوع في عالم الغيب الي القرآن والسنة والشروح واقوال السلف فليس هناك اعتراض عليها ،متسائلا كيف يمكن ان يكون الشخص سلفيا في المستجدات والنوازل وفقه المعاملات التي يؤثر فيها الزمان والمكان ? . ودافع الكودة عن المنتمين للتيار السلفي مطالبا بالتفريق بين السلفية والسلفيين والصوفية والصوفيين والإسلام والمسلمين قائلا :كم من منتمٍ لاعلاقة له بالمنهج الذي ينتمي اليه عازيا هذا التخبط لغياب كثير من انواع الفقه السليم الذي تكون ولادته التصوف المنحرف والسفلية المنحرفة والإسلام المنحرف.
فيما حمل المحلل السياسي البروفسير الحاج حمد الحكومة مسؤولية التسبب في ازدياد حدة التكفير متهمها بموالاة هذا النوع من التطرف، وطالب حمد الحكومة باعمال مبدأ القانون وتفعيله بصرامة لجهة ان الجهات معروفة بمقراتها ومصادر تمويلها، وحذر من حدوث انفلات امني في حال استمرار تجاوزات القانون واخذه باليد ، لافتا الي ان الطرق الصوفية في حال عجز الحكومة عن انفاذ القانون ستضطر الطرق الصوفية الي حمل السلاح لحماية عقائدها،
فيما استنكر رئيس جماعة انصار السنة المحمدية الشيخ محمد ابوزيد هتك حرمة الموتي، نافيا أي صلة لجماعته بحريق ضريح الشيخ ود الارباب ، مضيفاً أن الجماعة بالسودان جماعة سلفية دعوتها بالمنطق والحجة قبل ان يطالب بمعاقبة المسؤولين عن الحادث.

الصحافة

تعليق واحد

  1. ( وحسب مراقبين تحدثوا «للصحافة» فان الفراغ الفكري الذي تركته الحركة الإسلامية التي انشغلت بالسياسة وتراجع دور الطرق الصوفية في المجتمع ساهم في تمدد هذا التيار المتشدد، )
    الطرق الصوفية ايضا انشغلت بالسياسة ومنذ زمن بعيد وهم يتقبلون العطايا مقابل تسيير المواكب حتى تلك التى تساند التعصب . يعنى لم يتراجع دورها .بل نشطت لكن فى الاتجاه المضاد للتصوف
    الفراغ الفكري ليس الذى تركته الحركة الاسلامية بانشغالها بالسياسة بل بتعتيمها على المدارس الاسلامية الاخرى خدمة لاهدافها السياسية, وفرحها لاغتيال المفكر محمود محمد طه.
    بل ان تمدد الحركة الاسلامية نفسها الى جانب الفهم الخاطئ للتصوف الى جانب تمدد الفكر السلفي كل هذا ناجم ايضا من حجر الفكر التقدمي الذى تناول التصوف والتاريخ الاسلامي نفسه بنهج علمي:
    الطيب تيزيني، هادي العلوي وحسين مروة, ومحمد ابراهيم نقد. ليس ليتفق الناس معهم ولكن لتكون الساحة الفكرية اكثر ثراء.. لاحظ ان مؤسسات علمية كجامعات القران الكريم تصب طلابها وتحجرهم فى مدرسة اسلامية متطرفة واحدة فى حين ان تحرر العقل وحق النظر فى كل التاريخ والمدارس الاسلامية هو المخرج لكل الازمة الفكرية.كما هو شرط لتكون تلك الجامعات جامعات.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..