الجراد الصحراوي .. تجارةٌ لها مختصُّون ووجبة لها محبُّون

الأهرام اليوم – ندى مبارك
الجراد الصحراوي، ذلك الشبح الذي ما أن ينزل على الحقول حتى يقضي على الأخضر واليابس لتصبح جرداء، وتُضرب بقوته الأمثال، وورد في الشعر السوداني: «طوفان جراد.. أفنى وأباد بعد الحصاد محصول سنة».
غير أن هذا الوحش النهم الكاسر اتخذه بعض بني البشر وجبة دسمة بعد أن أستطاعوا فك شفرته ليصبح طعاماً شهياً بعد أن كان آكلاً لكل ما هو أخضر.. لا تتعجبوا وتابعوا معنا:
التاجر «محمد علي» التقيناه بسوق الوحدة بالحاج يوسف يبيع الجراد لزبائنه.. وقفنا معه ليحدثنا عن كيفية حصوله عليه، فأبان أنه يتعامل مع التجار القادمين من مناطق كوستي وربك ودارفور، وأردف أن الجراد يجتمع ليلاً على الاشجار بعد أن يشبع فيشعلون النار تحتها إلى أن يتساقط ومن ثم يعبأ داخل جوالات ويشترون الجوال بـ (90) جنيهاً وقد يصل إلى (06) جنيهاً في حالة الوفرة.
وأضاف محمد أن من أجود أنواع الجراد «ساري الليل» وينتقل من منطقة إلى أخرى، أما النوع الآخر منه فهو صغير الحجم ويتغذى على الذرة وينتقل ويموت فور انتهاء الموسم.
المواطنة «كلتوم فضل إبراهيم» أبانت أنها من قرية «الكاركو» وقالت إن أهلها يتناولون الجراد بصورة دائمة بعد أن يُجرد من الأجنحة والأرجل الخلفية والأمامية ويجفف ويتم سحنه ويصنع منه «ملاح التقلية».
ولمعرفة ما يتعلق بالجراد كوجبة التقت «الأهرام اليوم» البروفيسور السيد البشير محمد من قسم وقاية المحاصيل بكلية الزراعة بجامعة الخرطوم، فقال: إن أنواع الجراد الذي يؤكل: الصحراوي، ساري الليل، والجراد الأفريقي وبعض من أنواع الجراد النطاط الذي يعرف بـ «أُم جُركُم» قصير العمر، الذي يقال عنه في المثل السوداني «أُم جُركُم ما بتاكل خريفين».
وعن المناطق الشهيرة بأكله قال محدثنا: منها غرب وشرق السودان واستراليا وجنوب أمريكا الوسطى وجنوب أوروبا وغيرها، ويمثل لهم نوعاً من أصناف الغذاء، وكذا الحال في الدول العربية فإن عادة أكله موجودة في اليمن، والسعودية، وأردف أن الجراد به نسبة عالية جداً من البروتين مما حدا بالبعض أن يصنعوا منه غذاءً للدواجن، وأشار إلى إنه في ذات الوقت يعتبر إسلوباً لمكافحة الآفات ويمكن أن ندخله إلى مدارسنا كثقافة، وأضاف: أما الذين يقولون إنه يعالج مرض السكري أو الضغط أو أي شيء آخر فهذه تحتاج لدراسات وتوثيق وأسس علمية صحيحة، ولكنه من ناحية بروتين مثله مثل اللحوم، الفول، البيض، والعدس لذلك على الذين يأكلونه أن يتناولونه بمفهوم أنه غذاء وليس علاجاً.
وعن أضرار الجراد قال إن به كمية عالية من الشحوم ويمكن أن يزيد كمية الكلسترول بالدم، ولكنه عندما يغلى على النار بالملح تذوب منه الشحوم ولا يكون هنالك ضرر، وقد يتسبب أحياناً في أمراض الحساسية للبعض عندما يلامسون قشوره، وأن هنالك مجهودات تعمل على مكافحته عن طريق الفطريات ولكنه يكلف كثيراً لأن هذه المادة يتم تخزينها في ظروف معينة ولذلك لا بُد من التأكد بأن الجراد الميت ليس مرشوشاً بالمبيدات الكيماوية حتى يمكن أكله. كذلك الجراد يأكل كمية كبيرة من الغذاء ما يعادل 2 جرام في اليوم وآلاف الأطنان من الأعشاب غير المحصايل، وأردف: في الموسم فإن السرب الواحد يكون به (05) مليون جرادة وزن الواحدة جرامان وأحياناً يبلغ مائة إلى مائتي سرب.

الاهرام اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..