غازي القصيبي في حديقة الغروب

كيف لا

غازي القصيبي في حديقة الغروب

منى عبدالفتاح

كنت أود الكتابة عن غازي القصيبي قبل هذا الوقت الذي صادف تاريخ وفاته التي حدثت أمس في الخامس عشر من أغسطس ولكن يد المنون كانت أسرع. وأسرع حتى من أن يرى كتبه التي مُنعت من دخول السعودية، يُسمح بها مؤخراً بقرار من وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة. الوزير الممنوعة كتبه أيضاً قال عند رفع الحظر عن كتب القصيبي إن منعها كان حالة مزاجية ولم يكن في كتبه ما يستدعي المنع أو أن مؤلفات القصيبي سبقت عصرها ? يقصد الانفتاح الذي تشهده المملكة في الفترة الاخيرة ? أو أنها أدسم من أن تحتملها معدة المجتمع السعودي في ذلك الوقت، وهنا إشارة إلى المصادمات التي واجهها القصيبي مع التيار الديني في السعودية وأشدها ضراوة حين صدر ديوانه «معركة بلا راية» عام 1970م فتحركت وفود من التيار الديني المحافظ إلى الملك فيصل لمنع تداول الديوان، فتم تشكيل لجنة وزارية قامت بدراسة الديوان وخرجت اللجنة بأن لا شيء في الديوان يستدعي المنع.
كان الموت أسرع من أن يردد الناس قصيدته الأخيرة «حديقة الغروب» التي كتبها قبل خمس سنوات ناعياً فيها نفسه. وأسرع من أن يصدر قصته الجديدة «الزهايمر» التي أُعلن عنها صبيحة يوم وفاته. الوزير المحبوب، والحب جديرٌ بسيرته الملأى بكثير من الصفات الرسمية والإنسانية عن استحقاق: الأديب، السفير، الشاعر، الروائي، الوزير الإنسان، عُرف عنه عشقه للبحرين التي ترعرع فيها وقضى فيها سنوات دراسته حتى الثانوية، وكتب حين امتد جسر الملك فهد رابطاً بين السعودية والبحرين قصيدته التي يقول مطلعها:
درب من العشق لا درب من الحجر هذا الذي طار بالواحات للجزرِ
ساق الخيام إلى الشطآن فانزلقت عبر المياه شراعاً أبيض الخَفَرِ
من رواياته: شقة الحرية، سبعة، العصفورية، سعادة السفير، دنسكو، رجل جاء وذهب، حكاية حب، أبو شلاخ البرماني، سلمى، هما، العودة سائحاً إلى كاليفورنيا والجنيّة. ومن دواوينه: صوت من الخليج أشعار من جزائر اللؤلؤ، اللون عن الأوراد، سحيم، للشهداء، معركة بلا راية وحديقة الغروب. ومن كتبه في الفكر والسيرة الذاتية: التنمية الأسئلة الكبرى، الغزو الثقافي، أمريكا والسعودية، ثورة في السنة النبوية، حياة في الإدارة (أحد كتبه التي حققت انتشاراً واسعاً)، المواسم، الأسطورة، العولمة والهوية الوطنية، الخليج يتحدث شعراً ونثراً، مع ناجي، عن قبيلتي أحدثكم (يقصد قبيلة الشعراء وهو كتاب يحكي تاريخ الشعر العربي خلال مسيرته التجديدية)، حتى لا تكون فتنة (في معركته مع الصحويين)، واستراحة الخميس (مجموعة مقالات صحافية)، بالإضافة إلى سلسلة مقالات بعنوان: في عين العاصفة التي نُشرت إبان حرب الخليج الثانية.
يُشهد له بإخلاصه في عمله حيث تولى وزارات: الصحة والمياه والكهرباء والعمل، وسفيراً في البحرين وبريطانيا. وحين غلبت جرأته على منصبه كلفته قصيدة: «رسالة المتنبي الأخيرة إلى سيف الدولة» كرسي وزارة الصحة في عام 1984م بصدور أمر ملكي يقضي بإعفائه من منصبه وينتهي الود فيما بينه وبين الملك فهد بن عبد العزيز في «دراما إنسانية معقدة» كما عبّر عنها فيما بعد وقد جاء في قصيدته التي وجهها للمك فهد:
يا سيدي والظلم غير محبب، أما وقد أرضاك فهو محبب
ستقال فيك قصائد مأجورة، فالمادحون الجائعون توثبوا
كما كلفته قصيدته «الشهداء» التي امتدح فيها الفدائية الفلسطينة آيات الأخرس في عام 2002م منصبه سفيراً لبريطانيا. رثى حال أمته حيث كتب متندراً: «يا سيدي مخترع الفياغرا العظيم، يا من صنعت بلسماً قضى على مواجع الكهولة، وأيقظ الفحولة، أما لديك بلسم يعيد لأمتنا الرجولة؟».

الأحداث

تعليق واحد

  1. رحم الله الاديب والسياسي والشاعر غازي القصيبي لقد ا وفيتي اختي ببعض مناقب الفقيد الذي ترك خلفه هذة الثروة من الادب والشعر والمواقف الطريفة وكما علمنا انه كان محب للسودان والسودانين وله مواقف مع كاتبنا الساخر ابو الجعافر وطرائف احسسنا من خلالها مدي حبه وقربه للسودانين وعدم ترفعه برغم المناصب التي تقلده ودمتم في رعاية الباري مني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..