ثقوب في الثوب الأسود..!ا

هناك فرق
ثقوب في الثوب الأسود ..!
منى أبو زيد
لن ينسى العالم كيف كان محمد سعيد الصحَّاف الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية – أيام حرب الخليج الثانية – يتحدث باستخفاف عن هجمات الأوغاد والطراطير والمرتزقة الذين سيتم دحرهم كقطعان الخراف أمام جيوش صدام، حتى أن الأمريكان اضطروا إلى تغريب كلمة (علوج) ? التي لا يوجد لفظ مطابق لمعناها في لغاتهم ? فظلت تنطق كما هي بعد «فرنجة» المصطلح ..!
وبينما كانت القوات الأمريكية تحتل مطار بغداد كان الصحاف يواجه كاميرات القنوات العالمية بابتسامة مستهترة، ويبشر أحفاد صلاح الدين بأن العلوج قد شارفوا على الانتحار على أسوار بغداد الاعتبارية ..!
وهكذا، تحول الناطق الرسمي بزيه العسكري وأكاذيبه الجريئة اللامبالية إلى رمز صمود وأيقونة تحدي لها مقدراتها الخرافية على زعزعة ثقة العالم في صحة ما يشاهده بأم عينه على شاشات التلفزة .. وما من سلاح يذكر سوى المقدرات الهائلة على التلاعب بالألفاظ! .. الدبابات الأمريكية تتوغل في شوارع بغداد وهو يبتسم في ثقة من بين الدخان، ويحدّث العالم عن مدينته الآمنة، وعن أوغاد العصابة الدولية الذين يُقتلون بالمئات خلف أبواب المدينة ..!
حتى إذا ما انطفأ آخر سراج، وسقط آخر حجر، وانقشعت سحب التصريحات المضللة، رأى العالم بغداد .. حزينة .. كسيرة .. مغتصَبة .. بعيدة كل البعد عن أمجاد الصحاف الكلامية، وخالية ? بعد كل هذا – من أي أثر له ..!
ولن ينسى الألمان تأثير فداحة التصريحات الطائشة وندم رئيس بلادهم السابق واختناق صوته وهو يلقي خطاب استقالته عن منصبه بسبب تداعيات تصريحات ربط عبرها بين وجود قوات ألمانية في أفغانستان ومصالح البلاد الاقتصادية .. على الرغم من مخالفة ذلك للدستور وصعوبة إيجاد تبرير لانتهاج دبلوماسية الحرب ..!
وما تزال أمريكا تذكر تحذير شركة النفط العامة الليبية لشركات النفط الأمريكية من تبعات عبارة ساخرة أطلقها المتحدث باسم الخارجية الأمريكية تعليقاً على تصريح للرئيس القذافي بوجوب إعلان الجهاد ضد سويسرا ? أيام معركة حظر المآذن – .. وكيف سارع الرجل إلى الاعتذار حتى لا تتضرر مصالح بلاده بسبب تهور لفظي..!
القاعدة تقول إن لكل كيان ناطق يتيم باسمه فما بالك بتضارب التصريحات المطلق .. ثم ما قولك في غياب التبرير؟! .. نحن في عصر الثورات والمفاجآت الشعبية التي لم تخطر لحكوماتها على بال، وما يزال تفاوت المواقف وتضارب تصريحات المسئولين أكبر آفات الممارسة السياسية في السودان ..!
عشوائية الطرح ثقب كبير في ثوب الحكومات السودانية، وسبب رئيس في كل خيباتها المحلية والعالمية ..!
الاحداث
إذا كنا في عهد الثورات والمفاجآت الشعبية كما ذكرت فلماذا لا تكتبي كلاما واضحا صريحا عن هؤلاء السفلة المتسلطين على البلد منذ أكثر من عشرين سنة بدلا عن هذا الكلام الناعم الرقيق؟ كنت أقرا لك في (التيار) فلم تعجبني كتابتك وكذلك أستاذك (البوني) الذي علمك الخضوع والزوغان .
أكيد تعرفين كلمة عامية نسائية سودنية صرفة اسمها (الدعا) بكسر الدال، أي الردحي بالعامية المصرية. فالدعا حيلة العاجز والعاجزة، الذي يعدم القدرة والقوة اللازمة للرد المنطقي فيبدأ في (التدعي)، كمتنفس عن مكبوتاب باطنه. شاهدنا الصحاف وهو يدعي على الطريقة السودانية، وشاهدنا البشير عقب اتهامه من قبل الجنائية الدولية وهو يدعي على الطريقة السودانية، وشاهدنا القذافي وهو يدعي بالطريقة السودانية، وشاهدنا وزاراء كثيرين اليوم (يدعون) حكومة الجنوب. تختلف المصائب والمصاعب ولكن الموقف والورطة واحدة وهي أن لا طريق للرد الحاسم والقوي إلا بكلمات نارية يطلقها المأزوم. طبعاً أطول (دعا) شهده العرب في تاريخهم هو (الدعا) على أسرائيل على المنابر وعلى الصحف وعبر الانترنت، لكننا لم نر أي رد فعل حقيقي حتى اليوم. ألم أقل لك أن (الدعا) فعل العاجز والعاجزة، سوداء كان شخص أو حكومة أو غيرها. أو كما قال:
تدركي معاناة الشعب السوداني جيداً لماذا لا يكون الوضوح في المعارضه بلسان المقهورييييين والمغلوبيييييين من أبناء هذا الشعب المغلوب بدل هذا المقال الميئوس فحان لكي إعتزل الكتابة لما يحوية مقالاتك من فتور نفسي رهييييييييييب يسلم واله يكثر لينا من أمثال معاوية يسين كاتب جريدة الحياة المتمكن وعليك أن تتعلمي منهم بدل هذا الوجه الحسن الذي ننظر إليه ولا نرى طحناً .
ليتها كانت ثقوبا
ولكن ( اتسع الخرق على الراقع )