البدانة والنحافة.. خرافات وتصورات

كلنا نعرف شخصا أو اثنين أو أكثر من الذين يلتهمون الطعام كما يتناوله الحصان إلا أنهم يظلون نحيفي البنية، بينما يزداد لدى الآخرين وزن الجسم. ويقع التمثل الغذائي (أو الأيض أو الاستقلاب) metabolism في لب هذه الإشكالية؛ إذ إنه يمثل مجموع العمليات الكيميائية التي تظهر في الجسم في وقت معين.

وقد بدأت أولى الدراسات على التمثيل الغذائي في القرن السابع عشر عندما بدأ الطبيب سانتوريو سانكتوريوس دراسته على مدى ثلاثة عقود. وهناك كثير من الحقائق والأوهام والأساطير والخرافات حول التمثيل الغذائي نستعرضها هنا.

* خرافات غذائية

* وتيرة التمثيل الغذائي تكون في أعلاها لدى النحيفين.. خرافة.

بصفة عامة، فإن العكس هو الصحيح: فكلما زاد وزنك، زاد عدد السعرات الحرارية التي تحتاج إلى حرقها في كل يوم للمحافظة على عمل أعضاء الجسم. ولكن قد تكون هناك بعض الاستثناءات.. فإن التشوهات التي تصيب الجين المسمى «KRSZ»، الذي يقلل من مقدرة الخلايا على تأييض الغلوكوز والأحماض الدهنية من أجل توليد الطاقة، شائعة بصورة مضاعفة لدى الأشخاص البدناء أكثر من النحيفين. ومع ذلك، فتلك التشوهات نادرة الحدوث.

* النحيفون يهضمون من الطعام كميات أقل.. خرافة.

عند مقارنة كلود بوشارد، من مركز بينينغتون لأبحاث الطب الحيوي في باتون روغ بولاية لويزيانا، بين براز البشر، لم يجد فارقا كبيرا في محتوياته من مواد الطاقة بصرف النظر عن استعدادهم لزيادة الوزن من عدمه. وفي المعتاد، تخرج نسبة 3 في المائة من السعرات الحرارية المستهلكة في صورة مادة برازية، على حد قوله، ونقلت عنه مجلة «نيوساينتست» القول: «هذا لا يغير من الزيادة في التهام الطعام».

* تناول الدهون يؤدي لحرق المزيد من الدهون.. خرافة.

خلص استعراض 10 دراسات إلى وجود فارق طفيف في معدل الأيض العام لدى الناس، بصرف النظر عن تناولهم أطعمة غنية بالدهون وقليلة في الكربوهيدرات ? مثل حمية أتكينز ? أو تناول الأطعمة القليلة الدهون والغنية بالكربوهيدرات.

قد يُحدث البروتين فرقا، على الرغم من ذلك.. فالأشخاص الذين يأكلون أطعمة غنية بالبروتين والقليلة الكربوهيدرات يحرقون ما بين 60 إلى 120 سعرا حراريا أكثر في كل يوم، ويعود ذلك إلى أن البروتين يتطلب الكثير من الطاقة خلال الهضم أكثر من الكربوهيدرات المكررة. ويُعتقد أن البروتين يُحسن كذلك من الإحساس بالشبع.

* أدلة ضعيفة

* يجب أن تشعر بالإرهاق حتى تجني النتائج.. خرافة.

إن الركض لمسافة 6 كيلومترات بالساعة يحرق عدد السعرات الحرارية نفسه الذي يُحرق بالمشي بالسرعة نفسها. إن ما يُهم بالفعل هو القدرة على التحمل. دعنا نفترض أن الشخص الذي يزن 73 كيلوغراما يحرق 74 سعرا حراريا لكل كيلومتر من الركض بسرعة 11 كلم/ ساعة، ويحرق الشخص نفسه 52 سعرا حراريا لكل كيلومتر من المشي بنصف تلك السرعة المذكورة. ومن خلال المشي لمسافة كيلومترين، فإنه سوف يحرق 30 سعرا حراريا أكثر من لو ركض لمسافة كيلومتر واحد.

* اتباع الحمية الغذائية باستمرار يقلل بصورة دائمة من معدل الأيض.. خرافة.

يقلل اتباع الحمية الغذائية من معدل الأيض. وفي الواقع، فإن فعل الأكل ذاته يزيد من عملية الأيض، من خلال إطلاق هرمون يُسمى «Oxyntomodulin». ومع ذلك، هناك أدلة ضعيفة حول استعادة كل الوزن الذي تفقده، بصورة حتمية، وذلك لأن تكرار النمط الغذائي نفسه يوقف، وبشكل دائم، من عملية الأيض. وفي الحقيقة، فإن الذين يطبقون نظام الحمية السريع وأولئك الذين يفقدون الوزن بصورة متأنية يستعيدون الكمية نفسها في نهاية المطاف.

* تكرار الوجبات الغذائية يحسن من عملية الأيض.. خرافة.

في حين أن تناول الطعام يحسن بصورة مؤقتة من معدل الأيض، فإنه يؤثر كذلك على استجابة الجسم للإنسولين؛ وهو الهرمون الذي يُنظم مستويات الغلوكوز في الدم. وفي دراسة أجريت حديثا، اتبع الرجال النظام الغذائي نفسه، حيث تناولوا 3 وجبات أو 14 وجبة خفيفة في اليوم. أما أولئك الذين تناولوا عددا أقل من الوجبات فقد ارتفع معدل الأيض لديهم، حيث كانوا أقل جوعا وتحسن لديهم معدل السيطرة على الغلوكوز في الدم.

تصورات محتملة

* البدانة تنتشر في منتصف العمر.. احتمال.

يثير التقدم في العمر تغيرات هرمونية لدى الرجال والنساء، ويمكن لتلك التغيرات التأثير على استعداد الشخص لزيادة الوزن. يقلل انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال من حجم العضلات، مما يقلل بدوره من معدل الأيض، بينما تؤدي التغيرات في توازن الهرمونات الأنثوية، مثل هرمون الاستروجين، إلى زيادة الشهية للطعام وقد يسبب إخماد الأيض كذلك. ولكن زيادة الوزن ليست أمرا حتمي الحدوث إذا ما حافظت على نشاطك وتناولت القليل من الطعام مع تقدمك في العمر.

* بعض الأطعمة تؤدي إلى النحافة.. احتمال.

على العكس من الاعتقاد الشائع، لا يؤدي الكافيين الموجود في القهوة والشاي الأخضر إلى زيادة معدل حرق الدهون لديك أثناء ممارسة التمرينات، ولكنه قد يقلل من تعرضك للألم وإحساسك بالإرهاق. يمكن لمادة «Capsaicin»، وهي التي تمنح الفلفل الحار مذاقه اللاذع، أن تزيد من استهلاك الطاقة عن طريق تعزيزها نشاط الدهون بنية اللون. ويبدو أن هناك مادة في الـ«غريب فروت» تحسن من استجابة الجسم للإنسولين. وتشير دراسة أجريت أخيرا إلى أن الألياف تخمد الشهية لتناول الطعام.

* زيادة ونقصان الوزن

* الأكل أثناء الليل يزيد من الوزن.. احتمال.

تقول كارين سبيغل، من مركز أبحاث العلوم العصبية في ليون بفرنسا: «إذا أردت أن تأكل السكر أو الكربوهيدرات فمن الأفضل بالنسبة لك أن تفعل ذلك في الصباح، نظرا لأن حساسيتك للإنسولين هي في أفضل حالاتها صباحا. فإذا ما تناولتها مساء، فمن المرجح أن يُخزن الجسم تلك المواد في صورة دهون». قد يساعد ذلك في تفسير نتيجة مفادها أن طعام الإفطار الغني بالسعرات الحرارية وطعام العشاء الفقير بالسعرات الحرارية يؤديان إلى فقدان الوزن بصورة أكبر عن الإفطار الفقير والعشاء الغني بالسعرات ذاتها.

* تقليل درجة الحرارة المحيطة يؤدي لفقدان الوزن.. احتمال.

لا تتساوى كل أنواع الدهون. يولد الأطفال بكميات كبيرة من الدهون بنية اللون، التي تحرق الأحماض الدهنية من أجل توليد الحرارة. كان يُعتقد أن الكبار ليس لديهم من تلك الدهون شيء، ولكننا نعرف الآن أن البالغين النحيفين يمتلكون بعضا منها. والأكثر من ذلك، فالمتطوعون الذين تعرضوا لدرجات حرارة تقترب من 15 درجة مئوية لمدة 6 ساعات باليوم ولفترة 10 أيام أثناء ارتدائهم سراويل داخلية قصيرة وثوبا خفيفا (تي شيرت) ظهرت لديهم زيادة في كمية الدهون بنية اللون.

* النوم قد يساعد في تقليل الوزن.. احتمال.

الحرمان من النوم يدفع إلى الشعور المتزايد بالجوع. ويبدو أن هناك أسبابا كثيرة وراء ذلك؛ إذ يخفض الحرمان من النوم من مستويات هرمون الـ«لبتين» (Leptin)، وهو «هرمون الشبع»، ويزيد من مستويات هرمون الـ«غرلين» (Ghrelin)، وهو «هرمون الجوع»، ويعوق إطلاق الإنسولين في الجسم بصورته الطبيعية. ومع ذلك، فإن النوم الكثير يرفع من خطر الإصابة بالبدانة.

* التمرين على معدة خاوية يحرق المزيد من الدهون.. احتمال.

يقول مايكل أورمسبي، من جامعة ولاية فلوريدا: «إذا تناولت الطعام قبل التمرينات الرياضية، فسوف يزداد مستوى الغلوكوز لديك، مما يعني أنه يمكنك التمرين بصورة أفضل. ولكن إذا ما بدأت التمرين على معدة خاوية، فمن المرجح أن تحرق الدهون بصورة أسرع، على الرغم من أنه قد لا يمكنك المحافظة على المستوى نفسه من كثافة التمرين. ويوصي السيد أورمسبي كذلك بتنفيذ كلا الاتجاهين.

* المكملات الغذائية يمكنها تحسين معدل الأيض.. احتمال.

معظم المكملات الغذائية التي يصفها المهووسون باللياقة البدنية تستخدم لتحسين حرق السعرات الحرارية. ومعظمها لا يأتي بالنتائج المرجوة. وهناك بعض الأدلة على أن الكافيين، والكرياتين، وعصير الشمندر، وزيت السمك، تقدم بعض التأثيرات على الأداء الرياضي، حسبما أوضح مايكل أورمسبي من جامعة ولاية فلوريدا، ولكن تلك التأثيرات تقترب من أن تكون طفيفة، ومن الأفضل لك تحسين نظامك الغذائي بدلا من تناول تلك المكملات.

* حقيقة رياضية

* يستمر الجسد في حرق السعرات الحرارية عقب توقف التمرين.. حقيقة.

يرتفع الأيض في الجسم عقب انتهاء التمرينات الرياضية في الوقت الذي يتعافى فيه الجسم ويستعيد صحته. وتستمر فترة «الحرق بعد التمرين» لمدة تتراوح بين 3 ساعات و24 ساعة بناء على مدة وكثافة التمرين. وذلك التأثير يتجه إلى الاستمرار لمدة أطول عقب تأدية التمرينات المرهقة مثل رفع الأثقال، أكثر من تمرينات قوة التحمل، ولكن، حتى مع ذلك، فذلك التأثير لا يعدو أن يكون طفيفا ويتلاشى بمرور الوقت.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..