«الســــاعاتي» .. هل تجــــاوزته عقـــارب الزمـــن؟!

«الساعاتي» من المهن التي سادت في وقت ما، ولكنها صارت مثل كثير من المهن التي أوشكت على الانقراض، وتنتظر حظها من النسيان.
كان مألوفاً قبل سنوات رؤية «الساعاتي» يقضي وقتاً طويلاً وهو منهمك في طاولته الخشبية، وقد حشد عشرات الساعات والمئات من قطعها الصغيرة، بعد أن يلصق إحدى عينيه بمكبر أسود صغير، ليغوص في عوالم ساعة يد جميلة.. يبحر في أحشائها بأنامله المبدعة وبحرفيّة عالية.. يتلمس العُطل ويعيد إليها دقاتها.. وكانت الساعات ثقافة ذائعة الصيت، سواء أكانت تعمل بالتروس أُتوماتيكياً أو التي تعمل بالحجارة.. ولم تكن مثل ساعات اليوم.. رخيصة الثمن تقليدية الصنع.. ومن أشهر الساعات في الماضي «سيكو فايف» اليابانية، «رومر»، «جيفال» السويسرية، «رادو»، «لوركس»، و«سيتزن»، و«أُوماكس»، ونجدها قد انعدمت من الأسواق وحلت بدلاً عنها الساعات التي تعمل بالحجارة.
الساعات كانت باهظة الثمن، لا يقتنيها إلا المقتدرون، ومنها ساعة الجيب، كبيرة الحجم، التي تتدلى من سلسلة معدنية، وتعتبر لمسة ساحرة بمظهرها اللافت، بفضل ألوانها ذهبية.
وفي الماضي كان من المألوف رؤية أُناس يرتدون الساعة دون أدنى معرفة بطريقة قراءتها، وذلك إظهاراً للتباهي والنعمة واليُسر، في حين كانت طريقة قراءة الساعة تُدرّس للصغار في المدارس ضمن المناهج..
و للسيدات أيضاً نصيب وافر من عالم الساعات، إذ كانت تنشر الأنماط النسائية وتعتبر جزءاً من زينة وأناقة المرأة.
لكن.. عقارب الزمن التي لا تعرف التوقُّف لم تتجاوز ساعات الجيوب واليدين فقط، بل طالت حتى جدران البيوت التي كانت تزدان بساعات حائطية..
هذه المهنة.. كان لها أباطرة وخبراء عرفتهم الأسواق، منهم الشاعر عبد المنعم الركابي، والمرحوم حسين سنجة، ومن الفنانين إبراهيم موسى أبا، وصديق عباس.
والآن.. قلَّ رواد «الساعاتي».. وصار طوال اليوم يأتيه زبون أو اثنان.. نظراً للتطوُّر التكنولوجي السريع وظهور الموبايل المحمول الذي يغني الكثيرين عن الساعة.. بالإضافة لانتشار ساعات رخيصة وتجارية لا يكلف صحبها نفسه مشقة صيانتها بمال يستطيع به شراء أخرى جديدة..!

الاهرام اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..