الانتحار كوسيلة اخيرة بالسودان، الي اين نسير؟ا

الانتحار كوسيلة اخيرة بالسودان، الي اين نسير؟

محمود الدقم-لندن
[email][email protected][/email]

اصبت بالهم وبالغم الاسبوع الماضي وانا اقرا خبرين احدهما اللعن من الاخر، الخبر الاول هو انه لا يوجد اختصاصي لعلاج الادمان بالسودان، ولا اختصاصي واحد، وهذا الكلام صدر من شخص لا يمكن الا ان تاخذ برايه دون ان اي محاججة او مناطحة، الا وهو الدكتور الجزولي دفع الله، بلد، ياقوم مافيها استشاري واحد متخصص في علاج الادمان، في الوقت التي تتحدث فيه التقارير عن ارتفاع نسبة المدمنين وسط الشباب والشابات، خاصة طلاب الجامعات.

والخبر الاخر كشف عنه الدكتور محمود بشري، رئيس جمعية الطب النفسي بايرلندا وبريطانيا حيث صرح بارتفاع نسبة المنتحرين بالسودان، وانه لا توجد خدمات صحة نفسية كافية والموجودة متكدسة بالخرطوم.

تقرير عام 2003 اشار الي وجود 592 حالة انتحار، ولقد صرحت الاستاذة حرم الرشيد شداد استاذة في علم النفس الجنائي في جامعة الرباط الوطني من السودان، ان مستشفي الاذن والانف والحنجرة كان قد استقبل 507 حالة انتحار او محاولة انتحار بالصبغة في شهر واحد وان الارقام في ازدياد، اكرر عزيزي القاريء كل شهر، وليس كل سنة!! والبرنامج قد اذيع في العام 2007م والمنتحرات او المحاولات تترواح اعمارهن بين 18-48سنة، اضف اليهم نسبة (الرجّالة) واجلس واحسبها علي طريقتك، والان 2012م وفي ظل ضغوطات الحياة الاقتصادية والمعيشية والحروب والنزوح والبؤس في كل الخدمات عموما فالله اعلم وحده يعلم كم انتحر(ت) وكم يفكر ان ينتحر؟؟

ضع كلامنا في عاليه في حسبانك، واضيف اليه انه وفي الاسابيع الماضية قرأنا انتحار كم شخص بوسائل مختلفة، انتحار نظامي بوضع فوهة بندقية كلاشنكوف علي فمه ثم اطلق النار علي نفسه منتحرا، انتحار شخص من علي كبري القوات المسلحة بعد ان ترك وصيته، انتحار سيدة بمدني حزنا علي تطليقها، صيدلانية تشرع بمحاولة انتحار ببلع عشرين حبة منومة، انتحار رجل وقوفا امام قطار ببحري، نشال مخمور يحاول الانتحار داخل حراسة بالخرطوم، جنوبية تضطرم النار في نفسها في محاولة انتحار، الخ.

وهكذا تحول بقدرة قادر بعض السودانيين من ذوي ارادة قوية قاهرة تقف في وجه الصعاب، الي روح انهكتها الضغوطات النفسية الاليمة والحروب والكوارث المختلفة، و فضلت الموت اختيارا وانتحارا بدلا من السرقة والنهب والاساليب الملتوية، مع تمام التاكيد ان النفس اكرمها الله تعالي كي تعمّر الارض، من جهة اخري اسئلة كثيرة تطرح نفسها بقوة، لماذا لا تبذل الدولة اهتمام اكثر بهذه الظاهرة؟ لماذا لا توفر الدولة الحد الادني من مقومات العيش الكريم لمواطنيها كي لا تدفع الفاقة البعض لهذا الخيار الذي يدمر الاسرة بعد رحيل احد اعضاءها بهذه الطريقة التي تحرج الاسرة ليوم الدين؟ لماذا لا تخصص الدولة اخصائيين نفسانيين ومراكز اجتماعية لاعادة تاهيل الذين يعانون من ازمات نفسية في الوقت الذي اصبح فيه السودان مثل يوم القيامة يوم يفر المرء من امه واخيه وجميع الناس؟ قضية الانتحار عزيزي القاريء اصبحت مثل كرة الثلج تدحرج بسرعة وكلما تدحرجت كلما اذادت سرعتها وحجمها، الي اين نسير اذن؟

تعليق واحد

  1. السلام عليكم اخي محمود….لقد نكأ مقالك جرحا غائرا….ففي بضع سنوات خلت قرأت خبرا عن تلميذة المدرسه الابتدائيه في احد ضواحي الخرطوم…والتي انتحرت متناولة صبغة الشر بعد ان طردت من المدرسه لعدم دفع الرسوم الدراسيه…ويالها مفارقه في بلد يزعم مسؤولوه ان التعليم فيه مجاني والزامي علي السواء….ولا زلنا نري في اطراد تسرب الاطفال فيه الي الشارع دون مؤهلات تعينهم علي قسوة الحياة التي يتنافس فيها حملة الشهادات في بلادي(مئات الالاف من الخريجين) علي بضع وظائف …ثم كل مساء اوصباح (اصبح لا فرق بينهمافيما يحملان من اخبار في بلدي)…نسمع بانضمام المزيد من اهل هذا البلد الي ركب المنتحرين ….اوحقا هذا هوالسودان بلد الطيبين المتعففين …الذين يقنعون بالقليل…ويعفون عن اكل اموال الحرام….اكاد لا اصدق….كنا حين لا نجد رسوم الدراسه نستمتع بالسياط تلهب اعقابنا ونري في ذلك نوعا من الرجوله عسي ان يكفي ذلك اهلينا شر تحمل تكاليف الدروس المسائيه …ولم يكن من اساتذتنا الا ان يقنعوا من ذلك بالكفاف…وكنا في ذلك كله سعداء لا نحقد علي غني ولا نستهزيء بفقير…ثم عدت علينا عوادي الزمان فتحولنا من بلد النيل الذي عكف اهلنا الصابرون علي صفافه الالاف السنين ..الي بلادلا تزورها الشمس الا لماما …وكانها تستحي ان تزورها…او الي هذا البؤس قد صرنا اللهم فرجك علي عبادك في السودان …فانت ارحم بهم من بعضهم …وانك بالاجابة جدير اميين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..