أخبار السودان

“ثلاثون رواية” محمد أحمد.. روائي وقاص يهزم الإعاقة

الخرطوم ? نمارق ضو البيت

آمن بأن الإعاقه لا تكمن في تلف أحد أجزاء الجسد, بل كان موقنا بأنها خلل في الروح يكسر الإرادة ويحول الحياة إلى غرفة مظلمة في انتظار النهاية، لذلك لم يبق أسيرا لمقعده المتحرك، دخل إلى مبنى الصحيفة بصحبة عدد من الأطفال, يملأهم التفاؤل والانسجام. في بادئ الأمر ظننتهم أبناءه، لكنه قال (أنا والحمد لله لم أتهور وأرتكب حماقة الزواج بعد).

من ثم عرَّفنا على الأطفال الذين معه، وقال بأنهم أبناء إخوته، الروائي والقاص محمد أحمد محمد، الذي لم يجد حظا من الإعلام ولا يعرفه الكثيرون، نسبة لعجزه عن نشر أعماله التي تجاوزت الـ (30) رواية على حد قوله، والتي وقفت تكاليف الطباعة عائقا في وجهها فلم تر النور، حيث يملك قدرة جبارة على الكتابه, إذ يمكنه كتابة أربعة أعمال روائية في العام الواحد، فيبقى منكباً على الكتب والأوراق طيلة اليوم، فتجده يقرأ ويكتب ويُجالس الأطفال وينسج لهم قصصا من وحي خياله.

طرق كل الوسائل:

محمد أحمد يحلق في الروايات التي ينسجها، لم تعقه قدماه المبتورتان يوما عن الطيران إلى حيث تسكن القصص ويعيش أبطالها، ورغم الإحباطات والطرد الذي واجهه في أكثر من جهة إعلامية، سواء في الصحف، والقنوات التلفزيونية، الإذاعات، لم يستسلم محمد وظل يبحث عن وسيلة ولم يُعرف بها الناس بأعماله وكتاباته الروائية والشعرية. (اليوم التالي) أتاحت له فرصة التعبير عن ما يجيش بداخله من مشاعر وأفكار، فكان الآتي:

روايات غارقة في العامية:

بدأ محمد الكتابة منذ أن تعرض لحادث حركة أسفر فيما بعد عن قطع كلتا قدميه، كان ذلك في العام 1994م، حين أيقن أن كثيراً من الوظائف لن تناسب حالته الصحية الجديدة، التي سرعان ما تأقلم معها لإيمانه التام بأن الحياة لا تنتهي بفقدان أحد الأطراف، وظل يقرأ للكثير من كتَّاب العرب والغرب، ويمارس تجربته الشعرية بمنتهى الثقة. قال محمد: تأثرت في روايتي (حقل التفاح) بالكاتب الأمريكي سمر سموم، وكانت هذه الرواية هي الحد الفاصل ما بين الغرق في الكتابة بالعامية وانتهاج أسلوب (سموم). وبصراحة لا أفضل الكتابة المليئة بالمفردات العامية، وبالرغم من أن الطيب صالح قد تمكن للوصول إلى العالمية مع استخدامه للعامية، إلا أنني أعزي هذا النجاح لأن الإنجليز واللبنانيين هم من تبنوا هذا النجاح، من ثم اعتنقه السودانيون فيما بعد. وأضاف قائلا: للأسف معظم الكتاب السودانيين يلجأون للغرق في سرد التفاصيل الجنسية لجذب القارئ، وكي يصلوا للشهرة بصورة أسرع، ومن وجهة نظري الحياة لا تدور حول محور الجنس، وحديثي هذا لا أعني به تجاهل العلاقات الحميمية في الرواية السودانية جملة وتفصيلا، لكن لا ينبغي على الكاتب أن يركز عدسته الكتابية عليها لهذا الحد، فيمكنه استعراض مسيرة حياة أبطال الرواية دون الغرق والإسهاب في تناول تفاصيل التفاصيل عن قصص العلاقات الحميمية التي مروا بها، فالحياة ليست عبارة عن جنس فقط.

الكتابة للأطفال مسؤولية كبيرة:

ويستطرد قائلا: زادني الحادث الذي أصابني قوة وتشبثا بالحياة، زاد حبي وتعلقي بالقراءة والكتابة يوماً بعد يوم, فمنذ العام 1994م لم أتوقف عن القراءة، لكنني كنت إنقطع عن الكتابه بسبب العلاج, وحولت غرفتي في المشفى إلى مكتبة، ورغم الإحباطات التي اعترضتني من قبل الجهات الإعلامية من صحف، قنوات تلفزيونية، إذاعات، لم أستسلم أو أسمح لشبح اليأس بالتسلل إلى روحي، بل استمررت في رحلة القراءة اليومية وأصبحت أكتب بعدل أربع روايات في العام، واليوم فاقت رواياتي وكتاباتي القصصية الثلاثين عملاً أدبياً. ويضيف محمد أحمد: إلى جانب الأعمال الروائية أكتب الشعر أحيانا، وبرغم تأليفي لبعض قصص الصغار بحكم حبي لهم وقربي منهم، إلا أنني لم أحاول الدخول إلى عالم الكتابة للأطفال، فالكتابة لهم تعد مسؤولية كبيرة تؤثر في تكوين شخصياتهم.

أزمة الثقافة والمثقفاتية:

وواصل محمد قائلا: بمنتهى الحزن والأسف يؤسفني جدا أن أقول إن السودان لم يعد يقرأ كما في السابق، وهذا اتضح تماما في أزمة ادعاء الثقافة من قبل كثير من المثقفاتية، فهنالك فرق بين المثقف الواعي والمفكر الذي يقرأ بالفعل، وبين ذلك المثقفاتي الذي يحفظ بعض أسماء الكتب إلى جانب بعض الأفكار التي يجادل بها الناس، ومن خلالكم أطلب من وسائل الإعلام أن تتبنى إظهار كل من له رسالة يريد تقديمها للمجتمع، وهم والجمهور فيما بعد يستطيعون التمييز بين المثقف والمفكر الحقيقي من مدعي الثقافة، وليس اللجوء إلى طردهم كما حدث معي في بوابات معظم المؤسسات الإعلامية

اليوم التالي

تعليق واحد

  1. شكرا للراكوبه لتسليطها الضوء على مثل هذه القضيه
    ولاكن ولو يمثل نوع من الدعايه المجانيه يا ريت لو نشتم شئ من مداد الاديب السودانى علنا نجد سودانيتنا فيه

  2. شكرا للراكوبه لتسليطها الضوء على مثل هذه القضيه
    ولاكن ولو يمثل نوع من الدعايه المجانيه يا ريت لو نشتم شئ من مداد الاديب السودانى علنا نجد سودانيتنا فيه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..