أخبار السودان

بين ندوة دنقلا، شرط الاعتذار وحادثة المواطن مع قنصلية جدة

أحمد الملك

هاجمت عصابات المؤتمر الوطنى ندوة لقوى نداء السودان في مدينة دنقلا وفرّقتها بالقوة. هذه هي بشائر ديمقراطية مشير الغفلة. مجرد ندوة سلمية لا يستطيع النظام احتمالها. فيما رأس النظام السادر في استبداده المطلق يطرح نفسه حكيما للأمة ، لا تستطيع (الأمة) العيش من دون توجيهاته (الكريمة). حتى أنه لا ينتظر حتى يحط طائره الميمون من رحلة (تسوله الوطني) في الامارت، فيستدعي الصحافة داخل الطائرة، ليستقوا الحكمة الطائرة، المتعجلة التي لا تكاد تقوى على الانتظار لحين هبوط الطائرة.

وطننا بلد الكوارث. أذكر انني سمعت العم الراحل المقيم ابراهيم سلمان يحكي عن مقابلته في مطلع ثمانينات القرن الماضي، لأحد المدرسين الانجليز الذين عملوا قديما في السودان، وكان الرجل الانجليزي مندهشا ان التلاميد العباقرة الذين اشرف على تعليمهم لم يجدوا فرصة في قيادة البلد بعد استقلاله، بينما تبوأ القيادة أكثر تلاميذه فشلا وبعدا عن الجدية والرغبة في التحصيل!
مشير الغفلة نسي حديثه عن القانون والعدالة والقضاء المستقل، ليعلن أن العفو عن أبو عيسى وأمين مكي مدني مرهون بإعتذارهما.

العميد الذي إنقلب على النظام الديمقراطي المنتخب وعلى الدستور، ويجب أن يحاكم يوما ما بتهمة تقويض النظام الديمقراطي، قبل جرائمه الاخرى (التي لا تحصى) والتي يطارد بسبب بعضها من القضاء الدولي، يريد أن يتقدم له الاستاذان فاروق أبو عيسى وأمين مكي مدني بالاعتذار حتى يتكرم بالعفو عنهما!

من يعتذر لمن؟ الرجلان من اشرف قيادات العمل السياسي المعارض، مواقفهما كانت دائما واضحة وناصعة وإنحيازهما لطموح شعبنا في الانعتاق من نير الظلم والاستبداد لم يكن يوما محل جدل.الظلم والاستبداد الذي يمثل حكم السيد المشير أسوأ تجلياته، فالنظام الانقاذي الانقلابي الذي اغتال النظام الديمقراطي بليل، وعطّل القانون ودولة المؤسسات، لم يوجد له مثيل في السوء ربما في التاريخ كله. من حيث إنتهاكاته اليومية التي لا تحصى للحقوق، وعدم إحترامه للإنسان السوداني، وفساده وعدم حرصه على وحدة وأرض وطننا.

طبيعي في هذا العهد أن يطلب مشير الغفلة من مناضل مثل فاروق أبو عيسى أو مناضل مثل أمين مكي مدني، الاعتذار، فكل شئ الان بالمقلوب في بلادنا. المجرم في القصر والشرفاء في السجون. من يدفع الجبايات التي يعتاش عليها النظام وأجهزته القمعية ومؤسساته التي لا تخدم سوى منسوبي النظام نفسه، يواجه الضرب والمهانة والاذلال. بينما المغتصب السارق المجرم هو من يستجوبه بل ويعلمه الأدب وكيف يتصرف في حضرة أولياء نعمة الوطن!

ما حدث للمواطن السوداني في قنصلية جدة يعطي نموذجا واضحا لنظرة العصابة للمواطن السودان ، الذي يجب أن يدفع جبايات النظام ويتحمل في الوقت نفسه كل الاذلال والمهانة دون أن يكون له حق الاحتجاج حتى.والا تحولت السفارة أو القنصلية أو حتى أي مؤسسة داخل الوطن، في لمحة بصر الى وضعها الطبيعي: مكتب او معتقل تابع لجهاز الأمن الذي يحكم بلادنا فعليا، تمارس فيه كل صنوف المهانة والاذلال حتى يتأدب المواطن السوداني ولا يرفع (عينه) في حضرة (أسياده) الأمنجية!!

نظام مشير الغفلة أعلن منذ لحظات الانقلاب الاولى أنه بصدد اعادة صياغة الانسان السوداني، كل من حفظ عدة آيات من القران الكريم ورفع اصبعه نحو السماء صارخا أن: الله اكبر ، ظن أنه يحمل تفويضا إلهيا، وحين يتعلق الأمر بمواطن لا يزال (في نظرهم) يرزح في جاهليته، فلا مناص له سوى الطاعة المطلقة، حتى يتسنى لأهل الانقاذ (الأتقياء الذين يخافون الله) إخراجه من ظلمات جاهليته الى نور المشروع الحضاري!

لاحقا سيتضح أنه لن يوجد ظلام أو جاهلية أكثر مما هو موجود في قلوبهم وأدمغتهم، وأنهم مجرد تجار دين لا يخافون الله ولا عقابه، إنهم مجرد طغاة صغار، لا يرتقون حتى لمستوى طاغية يستبدل الحرية بالخبز وحبة الدواء. إستولوا على الحرية والخبزوباعوا لنا بضاعة مغشوشة من الوعود والأكاذيب وأوهام الانقاذ، قسّموا بلادنا وأشعلوا نار القبيلة والعصبية فيما بيننا، وجعلونا ندفع منصرفات تعذيبهم وقتلهم لنا.

المواطن أسعد التاي الذي تعرض للضرب والاذلال في قنصلية جدة، يدفع هو ورفاقه من المغتربين أجور هؤلاء الذين يمدون أياديهم الآثمة التي تربت على المال الحرام وعلى إنتزاع أموال وحقوق الناس بغير حق، لتضرب وتسحل مواطن شريف يعمل ليله بنهاره ليوفر اللقمة لأسرته وأقربائه في الوطن ممن تخلت دولة الانقاذ عن رعايتهم. وليدفع جبايات نظام لا يشبع من نزع اللقمة من أفواه المحتاجين دون أن يقدم لهم ولأطفالهم شيئا سوى الذلة والمهانة. بل أنهم يدفعون حتى مرتب الطاغية الأكبر نفسه وحاشيته من كلاب السلطة . المغتربون الذين يتفنن نظام الظلم والارهاب في تعذيبهم هم أولياء نعمة النظام، هم مصدر رزقه الوحيد بعد أن نجح في تدمير كل موارد وطننا بما فيها الانسان نفسه. لكن لأن الإنقاذ نظام بلا ضمير أو أخلاق فليس غريبا عليهم عض اليد التي تطعمهم.

يتذللون أمام الدنيا كلها، للحصول على بضعة دريهمات، كل شئ معروض للبيع أمامهم في سبيل أن يتعطف عليهم العالم، بدءا من ضمائرهم مرورا بأرض وطننا وإنتهاء بملفات رفاقهم أنفسهم! ولكن حين يمدون أياديهم لمواطن مقهور غادر وطنه بحثا عن العيش الشريف بعيدا عن طغيانهم، تتحول الجبايات الى حقوق لا يأتيها الباطل بين يديها، والتسول الى (قلع) وضرب ومهانة!
أسد عليّ وفي الحروب نعامة!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. اهم حاجة النوعيات تعرفوها كويس لانو طال الزمن او قصر النظام زايل ولابد من القصاص داخل وخارج السودان ,, والقرادة لما يموت الجمل بتمشي وين ؟

  2. عريهم يا ود الملك بحمم يراعك صنما صنما حتى يأتي يوم الحساب الذي هو آت لا ريب فيه… يرونه بعيدا ونراه قريبا ولات ساعة ندم… أولم يقرأ هؤلاء العلوج التاريخ عندما ضاقت الأرض بما رحبت ولم يجد بنو أمية مخبأ لهم.

  3. تسلم اخونا احمد الملك ولكن لابد من ان تتكاتف الجهود لازالة النظام البشيرى الاخوانى وحتى لو كلف ذلك استشهاد نصف الشعب السودانى .
    معك عمر صديق احمد مجذوب سبق يا احمد تقابلنا فى هولندا 2003 – 2004 وذلك ايام دراستى فى مدينة دلفت (نسيب معتصم ارصد الملك بالواضح كده)
    تحياتى لكل الشباب معكم

  4. أيها الأخوة الراكوباب : مقاطعة الانتخابات حل لا بأس به ، نظراً لأن ردة الفعل من شرذمة البشير أوضحت بعض الحقائق التى كان يجهلها الناس ، علينا جميعاً العمل على منع أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا بالذات وناس الحلة وناس القرية ، العمل على مقاطعة الانتخابات ، هذا هو الحد الأدنى من السعى لإزالة هذا النظام الفاسد الفاشي .

  5. نري اقلب القوي المعارضة تكتب من خلف الستار الي متي هذا الجبن لم نري اسد مثل بن الوليد يرفع راية الحق في وجه الباطل لذا من الاولي ان تسحب البطانية وتنامو حتي يخلف للسودان بطل ينزع من الباطل حق …وعن حقيقه وجدتها ويكتمها الغالبيه لا نري افضل من الجعلي لحكم البلاد والرجال ماتو
    نحن اشبال دنقلا كل جدودنا حكمو البلاد بالحق واصغرها جعفر النميري الله يرحمه لم نري حينها ظلم والبلاد برخاء وامان وتطور عندما تركنا الحكم لاهل العرب افسدو ما في باطن الارض كل المشريع تعطلت بسبب ماذا الفساد مشروع الجزيرة كنانه حتي االانجازات اللذي شاهدناه في حكم البشير مثل الكباري اصبع ينهار علي راس المواطنين مثل كبري المنشية وغيرها لماذ السبب ليس من القبيله وانما الفساد هو المدمر والقنبله ان لم نغيير ما بانفسنا لم يتم التغيير الفساد دمر بلادي الفساد دمر بلادي الواسطات ضيع بلادي الواسطات ضيع بلادي التزوير ضيع بلادي التزوير ضيع بلادي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..