( ألوان الزهور ) والتعاون المهجور !!

قراءة تانية

( ألوان الزهور ) والتعاون المهجور !!

السر قدور

في ميدان كرة القدم غرب محطة سكة حديد الدامر جلست مع العشرات من صغار السن أمام الأعيان الذين جهزت لهم الكراسي لمشاهدة عرض فيلم ( الخرطوم )
الذى قدمته فى ذلك المساء وحدة السينما المتجولة .. كان ذلك في مطلع خمسينيات القرن الماضي وبمناسبة زواج الملك فاروق ( ملك مصر والسودان ) من زوجته الثانيه ناريمان صادق .. وأنا أشاهد الفيلم الذي يصور أغنية ( الخرطوم ) والتي عرفت بعد ذلك باسم ( ألوان الزهور ) لم يكن يخطر ببالي أنني بعد عشر سنوات سأقف أمام الكاميرا مع صاحب الأغنية أمير العود الفنان الكبير حسن عطية .
كان رائد السينما جاد الله جبارة قد اختار حسن عطية للقيام ببطولة فيلم قصير واختارني مع الزميل الفنان عثمان حميدة ( تور الجر ) للتمثيل معه ، والفيلم كان من انتاج مصلحة التعاون بعنوان ( إيد في إيد ) وهو فيلم إرشادي موضوعه أهمية التعاون في مجال الانتاج والتسويق الزراعي يمثل فيه حسن عطية دور رئيس إحدى الجمعيات التعاونية الزراعية .
وكان هذا الفيلم ضمن مجهود كبير قامت به مصلحة التعاون في ذلك الوقت لنشر ثقافة التعاون في المجتمع وتشجيع الناس على تكوين الجمعيات التعاونية في مجالات الانتاج والتوزيع .. وذلك المجهود الذي كانت تقوم به مجموعة من إدارة مصلحة التعاون شمل تقديم العديد من البرامج والندوات والاحاديث في الإذاعة السودانية كلها تدعو الى الاهتمام وتنشيط الحركة التعاونية ، ولم يتوقف ذلك عند الانتاج الزراعي ولكنه اتسع ايضا ليشمل التسويق التجاري فظهر ( دكان التعاون ) في العديد من الأحياء ، والدكان ينسق مع جمعية الحي التعاونية في توفير وتوزيع السلع بأسعار معقولة وكان لدكان التعاون دور إيجابي في ضبط الأسعار ومحاربة الغلاء .
وكان لهذا الجهد ان يتواصل وهو يستلهم روح ( النفير ) في نشر ثقافة التعاون واقتصاد التعاون في المجتمع السوداني ولكنه تعرض للتعطيل والإهمال بعد قيام ثورة أكتوبر وربما اعتبره البعض من مخلفات عهد حكومة الرئيس عبود وربما انشغل الناس عنه بالمعارك السياسية الصاخبة بعد ثورة اكتوبر وذهب بعض رواده وقادته الى منازلهم تحت شعارات ( التطهير واجب وطني ) .
أذكر هذا وأنا أتابع الأخبار حول تنمية الانتاج الزراعي وابتكار ما سمى بمراكز توزيع السلع في ولاية الخرطوم .. وأسال لماذا لا نعود الى تنشيط الحركة التعاونية ؟ .. ولماذا لا تخصص في ولاية الخرطوم بل في كل الولايات وزارة خاصة لإحياء الحركة التعاونية ؟ ، واذا كان لدينا في الوزارة الاتحادية وزارة للتعاون الدولي فلماذا لا نفكر في قيام وزارة اتحادية ايضا للتعاون الداخلي أو الاجتماعي او الاقتصادي .. لا يهم اسم الوزارة وإنما الهدف هو المهم .. والهدف الذي يجب أن نسعى الى تحقيقه هو تنشيط الحركة التعاونية في المجتمع

الراي العام

تعليق واحد

  1. يا عمنا الجو أصبح فاسد و ملئ بالميكروبات التي تعشعش في نسيج المجتمع بسبب نظام أفسد جميع مناحي الحياة بحيث لا يصلح تعاون و لا جمعيات تعاونية????? مراكز توزيع السلع صورة من الفساد و المحسوبية يستفيد منها نفر قليل من الناس هم أصحاب هذه المراكز و يتضرر منها عدد كبير من التجار المثقلون بالضرائب و الرسوم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..