شعار الساعة هو: إطلاق الحريات العامة

الآن بعدما أتيح للسودانيين, حوالي 26 عاماً كي يهضموا خلالها الصدمة الناجمة عن إنقلاب الجبهة الإسلامية, يصعب الفهم بعد كل التجربة المريرة التي قادت خلالها شعبنا بالسلاسل: من حوار إلي آخر و من جوع إلي مسغبة, و من إهانة إلي إذلال, و من تدهور إلي المزيد منه, ومن موت إلي موت, ومن ضياع إلي آخر, و من أمراض إلي أوبئة, و من تردٍ إلي إنهيار.. إلخ. لا جدال بل المؤكد أن المؤتمر الوطني هو المسيطر والأقوي يسعي إلي تركيز أركان دولته من جديد بأي ثمن و لكن علي, أنقاض كل العناصر التي قبلت الحوار بإعتبارها أنها هي التي تستفيد منه ثم تأتي قوي الإجماع المعبرة عن طموحات شعبنا وهي ترفع رايات الخلاص بعد ذلك. الخلاصة أن بلادنا اليوم تجتاز فترة عصيبة من تاريخها. إنها فترة زاخرة بالأزمات, أقل ما يقال فيها أنها تتسم بالخطورة البالغة. أوضح تشبيه لحالة السودان أنه يمر في طور المخاض: فهو من جهة يشهد ألواناً كثيرة من الصراع العنيف المصحوب بأخطار عميقة الأثر إنتهت بإنفصال الجنوب, وهو من جهة ثانية ينتظر أحداثاً جديدة, و تحولاً جذرياً في طريق المصير. أما ألوان الصراع هذه التي تثير الضمير الإنساني في بلادنا, فتشير كلها, وإن تعددت غلي وجود مشكلة أو مشاكل سياسية عويصة, ولإن هذه المشاكل العويصة هي المصدر لكل ما يجري من أحداث, والمحرك العميق لجميع مظاهر الصراع والقلق و إذا بحثنا عن تحديد واضح لكل المشكلات السياسية, فإنه يرتفع أمامنا حجاب كثيف من الغموض و الإبهام. لكننا حين نمعن النظر قليلاً, يهولنا أن نجد أن معظم ما تنطوي عليه مآلات الحوار أنها تدور بعيداً عن المجال الحقيقي لتلك الموضوعات. الملاحظة الرئيسية التي تستلفت إنتباه المتابع أنها في الغالب تستطرد حتي تتيه في أجواء التفكير و الأطر المجردة و العامة التي صممها المؤتمر الوطني, في إهمال تام للواقع السوداني, مهملة بذلك النزول إلي واقع المشاكل و التردي الذي يشبه أحياناً عملية إغماض العين لرؤية الأشياء, و يكاد محتواها يكون مجرد مجموعة أفكار تعجيزية أي هي بتعبير آخر لون من الجدل البيزنطي.القضية و ما فيها يا سادة إن لشعبنا تجارب تؤكد إدراكه لموطن الداء الذي إستفحل حتي أوشك الإطاحة بوطن الجدود والحل:هو إطلاق الحريات العامة.

تعليق واحد

  1. الإقرار بدولة المواطنة التي يتساوى فيها البشر من حيث الحقوق والواجبات. ثُم الإلتفات إلى قضايا معاش الناس في إطار من الإحترا المتبادل.

    المُدهش أن الدستور الحالي (200% يكفل ذلك، فوثيقة الحقوق التي يتضمنها لم تترك فرضاً ناقصاً، ولكن عدم توفر الإرادة السياسية وعدم المصادقية، جعلت الدستور حبراً على ورق.

    لسنا في حاجة لإعادة صناعة العجلة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..