شمس” سودانير” المشرقة هل غربت؟!

تقرير: بهاء الدين عيسى
القرار الصادر بتشكيل لجنة لدراسة تصفية شركة الخطوط الجوية السودانية “سودانير” برئاسة مدير التنمية البشرية بالشركة الرشيد عجيب، أثار جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية والسياسية، ما بين مؤيد ورافض للوضع المأساوي الذي آل إليه حال الشركة الوطنية ذات الماضي العريق.
خراب الناقل الوطني
يشير العضو السابق بلجنة خصخصة سودانير يحيى الحسين أن الناقل الوطني يمضي نحو الهاوية، منبها إلى أن سودانير فقدت نحو “90” في المئة من خطوطها بما في ذلك خط هيثرو، وأبدى عضو اللجنة تذمره خلال التجاوزات التي صاحبت بيع الأسهم إلى شركة عارف والفيحاء الكويتية، ووصف مدبري الصفقة الفاشلة بالجوكية على حد تعبيره في إشارة منه إلى وساطاء سمساسرة، ونبه إلى أن الأسهم البالغة “70” في المئة عادت إلى حكومة السودان بأقساط مريحة غير أنها فشلت في إعادة الناقل الوطني إلى سيرته الأولى، وتناول الحسين الخراب الذي عم الشركة، والخسائر الفادحة، والتصرف في بيع أصول سودانير في عدد من الدول بينها القاهرة ولندن، بجانب مديونيات ضخمة لشركات ووكلاء في عدد كبير من دول الخليج.
ولا تزال قصة سودانير صفقة آل عارف وكواليسها قيد المجهول حيث لم يتسنَّ بعد الكشف عن المخططين لها، إضافة إلى عدة شبهات بملفات بينها خط هيثرو الذي بيع مقابل 136 مليون دولار، هذا خلاف عقارات سودانير في لندن.
طائرات خارج الخدمة
ووفقا لتقرير تحصلت “التيار” على فحواه فإن سودانير تملك حاليا مجموعة من الطائرات المعطلة هي طائرتان إيرباص “A300″، إيرباص”A320” فوكرز “50”، وتعمل فقط ضمن أسطول سودانير المملوك للشركة طائرة واحدة فوكرز “50” مستخدمة للسفريات الداخلية، عزا مختصون الوضع الذي آلت إليه سودانير في الوقت الراهن إلى تجاهل الدولة لقضية الناقل الوطني وعدم إيفائها بضخ مبالغ لصيانة وتجديد الأسطول، وتشير المعلومات إلى أن تصديقا مبدئيا صادرا عن وزارة المالية منذ العام 2013 قضى بتوفير ضمانات لصيانة الطائرات خارج الخدمة غير أن الجهات ذات الصلة لم تصرف المبلغ لإكمال عمليات الصيانة والتأهيل.
في زاوية أخرى ومنذ تشكيل مجلس إدارة الشركة الجديد قبيل “3” أشهر والذي يرأسه وزير المالية د. بدر الدين محمود لم يجتمع سوى مرة واحدة أي أن المجلس حسب رواية مقربين مصاب بشلل تام وغير نشط كما إنه لم يوفِ بالتزاماته تجاه الشركة حيث وعد بإحداث نقله في الشركة.
خضخصة وتصفية
في وقت سابق أمر المدير العام للشركة الإدارة العامة للشؤون الإدارية والمالية بحصر استحقاقات العاملين حتى 30/3/ 2015، وتفيد المتابعات أن عدد العاملين في سودانير يقدر بنحو “1450” شخصاً.
وكان رئيس نقابة العاملين بسودانير الزبير بشير تناول ترتيبات جارية لعقد اجتماع مهم مع المدير العام للشركة خلال “48” ساعة؛ لبحث الموقف على ضوء الأنباء التي توترات حول التصفية وألقى بشير باللائمة على مجلس إدارة الشركة الجديد لعدم تجاوبه مع نقابة العاملين وعدم استجابته إلى دعوة مقدمة لبحث الموقف وتابع “حتى الآن مجلس الإدارة الجديد لم يحدد مقعد النقابة فيه”، ويقول رئيس نقابة العامليين بسودانير: إن مجلس الإدارة الحالي يفقد الخطة والرؤية، واتهم في جانب آخر جهات نافذة بالعمل على تدمير الصرح الوطني العملاق لمصلحة خاصة، وينبه إلى أن إحدى الشركات الجديدة ذات الثقل طالبت بأيلولة بعض العمليات التشغيلية لسودانير “أي عمليات الكتارين”، إليها بيد أن الطلب قبول بالرفض، واتم بشير وزارة المالية بالتهاون في الناقل الوطني منذ بيع الأسهم إلى ما أسماها بشركة اللحوم? أي عارف الكويتية، التي لا تملك أية خبرة تشغيلية ومن ثم إعادة الصفقة إلى الحكومة السودانية”، كما أقر رئيس نقابة سودانير بانعكاسات الحظر المفروض على السودان من الإدارة الأمريكية.
غرفة الإنعاش
دخلت سودانير الناقل الوطني في غرفة الإنعاش ولا بواكٍ عليها، وكما اليتيم رغم أبوة الحكومة لها ما زالت تتلقى الضربات والاتهامات، خاصة أنها لم تجد أي نوع من الدعم الحكومي منذ أن آلت إلى الحكومة بعد مفاصلة شركة عارف.
والتدهور الذي طال سودانير لم يقف فقط على مديونياتها الضخمة التي فاقت حاجز الـ300 مليار جنيه، بينما تقول الحكومة إنها ضخت في أوقات سابقة حوالى 100 مليون دولار في شكل استثمارات وضمانات لإنعاش سودانير.
تقرير حكومي
لكن تقرير حكومي تحصلت “التيار” على نسخة منه يشير إلى أن أكثر المتضررين من الحظر المفروض على السودان هي الخطوط الجوية السودانية المنشأة منذ عام 1947م، التي تستخدم طائرات بوينج الأمريكية التي منعت منها قطع الغيار، وفقدت فرصها في الصيانة الدورية والتأهيل، كما أفاد ذات التقرير بأن حوادث الطيران في السودان سببها المقاطعة الأمريكية، وحرمان الشركة من الحصول على قطع الغيار التي كانت جزءاً من عقود شراء هذه الطائرات، وأن المورد الأمريكي لم يستطع إرسال قطع الغيار، وكما نعلم فإن حادث سقوط طائرة سودانير أدى إلى استشهاد 150 راكباً، بمن فيهم بعض الأجانب عام 2003م، بينما يذهب آخرون إلى أن جهات عدة من بينها الحكومة لعبت دورا في انهيار سودانير، ويشير إلى ذلك حديث عدد من المديرين السابقين للشركة بوضع الناقل الوطني في ذيل أولويات الصرف الحكومي، وإصدار قرارات بناء على انطباعات شخصية..
عراقة سودانير
وتعد الخطوط السودانية من أقدم شركات الطيران في الوطن العربي وأفريقيا والشرق الأوسط إن لم تكن أقدمها على الإطلاق، لكن وضع الخطوط السودانية الآن يرثى لها.
بالرغم من أنه يضم كوادر على أعلى مستوى من التأهيل والخبرة لكن المشاكل الحالية كلها بسبب سوء الإدارة الفاشلة والفساد إضافة إلى الحظر الأمريكي المفروض على قطع الغيار للطائرات.
بداية الانهيار
بداية الانهيار كانت في عام 1980م عندما توقف الدعم الحكومي للشركة، وما زاد الأمر سوءًا هو أن فرضت واشنطن عقوبات على السودان في 1993 وأدرجتها في قائمة الدول الراعية للارهاب، مما اضطرها منذ ذلك الوقت إلى شراء الطائرات وقطع غيارها بطرق غير مباشرة وبسعر “أضعاف مضاعفة” من خلال السماسرة في الخليج، وكذلك استئجار الطائرات لتسيير رحلاتها.
في عام 2007 طرحت الحكومة 70% من الشركة للمستثمرين، واستحوذت إحدى الشركات الكويتية (مجموعة عارف) على 49% من الشركة، وقد عادت الملكية إلى الحكومة العام المنصرم 2011، وأصبحت سودانير شركة سودانية 100%، وقامت بفض شراكتها بمجموعة (عارف) الكويتية، ومع ذلك ليس هناك أي تقدم فالحال كما هو.
كان أطلق عليها البعض سفريات الشمس المشرقة، لم تكن مفخرة للسودانيين- فقط- بل كانت مفخرة للعرب والأفارقة معاً، يقول الراوي: إنّ الخطوط الجوية الأثيوبية عندما بدأت تشق طريقها الجوي اشترت طائرتين مستعملتين من الخطوط الجوية السودانية؛ لأنّ هذه الأخيرة اعتادت أن تجدد أسطولها من وقت إلى آخر.
لكن سودانير صارت تتذيل خطوط الطيران في الوقت الراهن بينما الخطوط الجوية الأثيوبية هي اليوم مضرب مثل في النجاح، أسطولها من أحسن الأساطيل الجوية العالمية، وهي الأولى على مستوى الانتشار في القارة الأفريقية، إضافة إلى وصولها إلى كل المحطات العالمية الكبرى، وأرباحها هي الأعلى.

التيار

تعليق واحد

  1. الفشل الإداري والفساد في سودانير أوضح من الشمس ، فإذا كانت سودانير تدار بطريقة صحيحة وعلى أساس تجاري وبنزاهة لما وصلت لهذا الدرك الأسفل من الفشل ( ولا عزاء للفاتح جبرا ) . إنه الفساد الذي ضرب كل المؤسسات العامة في مقتل . طيران الأمارات التي تأسست بعدها بحوالي الثلاثين سنة هي الآن الأولى عالمياً . أما حكاية العقوبات هذه فهي العذر الأقبح من الذنب … فإذا كانت تنقصكم قطع الغيار وتعلمون أن الطائرات لا تتم صيانتها فلماذا تجازفون بأرواح البشر … من الأفضل ألا تقلع الطائرة بدلاً عن تعريض حياة المئات للخطر …

  2. أصلاً عندما أعادت الحكومة شراء أسهم عارف كان ذلك بغرض التغطية على الخطأ المقصود الأول ببيع الشركة إلى شركة عارف التي تحايلت على القانون وأشركت شركة سودانية باسم شركة أجنبية وبدأت في بيع أصول الشركة حتى فاحت القضية فآثرت الإنسحاب وإسترداد قيمة أسهمها دون أن تسأل عن ما قامت ببيعه من أصول على رأسها خط هيثرو والمتهم الرئيسي موجود بلندن ويتجول في كل أنحاء العالم ويدير تجارة ضخمة ولا أحد يسأل .. لانريد الخوض في هذه القضية فقد أشبعتها مواقع التواصل الإجتماعي بحثاً وأدلي فيها مختصون وخبراء من سودانير – فرع الصالح العام ببحوثهم وسكبوا فيها خبراتهم وكشفوا فيها كل شيء ولكن !!!!

    ما نراه الآن محاولة جديدة لبيع وتصفية جديدة وكل ذلك لإهالة المزيد من الركام على القضية الأصلية حتى لا يعرف لها أول من آخر…قضية سودانير قضية تهم كل الشعب السوداني وتمثل شرفه ويجب أن يهب الجميع مرة أخرى للدفاع عنها وإعادتها سيرتها الأولى وأن توكل لأهل القضية وأن يساهم الشعب كله في إنقاذها بدعوة تنطلق من الراكوبة أسوة بقرش الكرامة سالف الذكر وأن يتبنى قضيتها هؤلاء السياسيون المعارضون وأن يدفعوا لها مما يدفع لهم وأن يتبرع الكل الذين يحاربون والذين هم مسالمون وأن تكون شركة من الجميع لشراءها وإنقاذها ومن هنا نبدأ بدعوة العدل والمساواة وعبدالواحد وتحرير السودان بكل مسمياته والذين يحاكمون الآن ومحمد عثمان المبرغني والدقير والصادق المهدي وبقية أحزاب الأمة الفيدرالي والقومي وغيره لنتفق على إنقاذ واحدة من شركات السودان الزمن الجميل ولنثبت لأهل السودان أن قلبكم عليهو ولننزع إحدى عجائبنا من أيدي العابثين بمقدرات شعبنا (هذه من مقدرات الشعب الأصلية) وأنكم يمكن أن تتفقوا على الحد الأدنى الذي يهم شعبنا
    ملحوظة: يمكن أن ياتئم الإجتماع في أديس أبابا

  3. حتما ان سودانير اصبحت عبء ثقيل حكومة على الحكومة وفي نفس الوقت هنالك صعوبة نحو تصفيتها لان ذلك يتطلب فتح ملف خط هيثرو وشركة عارف ومااليه من جرائم فساد وافساد لذلك تجد الحكومة نفسها مضطرة اضطرارا على الابقاء على سودانير خوفا من كشف المستور

  4. [ابودعد]
    Despite the fact that this episode is considered outdated, and linger in debate, but still your remarks have drawn my attention. First, due the fact that it seems you do retain further evidences, which could be very daunting, especially in concern to the person who mastered this filthy scheme, and you mentioned that he is free roaming in London. Sure, such an allegation will not be viable on it is face, unless it is support with clear legible evidence, which you sadly did not furnish in your comment! Indeed, it will be worthwhile if you elaborated further on this respect. Can we all rely on your wits to come up with something that virtuous?
    Your proposal to support this fading airline, in my humble opinion is worth considering, not in economic value, sure the return of it will not solve this acute problem, but in showing the solidarity with this organization. The vigorous question, which will always be lingering. Who will manage this firm at the moment? With this tarnished regime, certainly we cannot anticipate something good to come from them. Therefore, without the change of the management, which a prerequisite with a natural body, with no bonds with regime, no one will pay attention to your call. I assume this is supposed to be your first call. Hope you will keep your call to invigorate this body, which we all ?used? to consider a pride of our old good country. Cordially,

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..