حساسية الطعام قد تسبب الموت المفاجئ

المواد المسببة للحساسية الغذائية تكون على شكل إنزيمات لا تتقبلها أحماض المعدة التي تهضم الطعام ما يسبب الحساسية في جسم الانسان.

العرب

يصف الباحثون حساسية الطعام بأنها استجابة غير طبيعية للمواد الغذائية التي يتم رفضها من قِبل الجهاز المناعي، وهو ما يجلب عدم القُدرة على الهضم بشكل صحيح لعدم تحمّل اللاكتوز، وبسبب هذه التفاعُلات يمكن أن تُسبّب مرضا خطيرا، وفي بعض الحالات قد تكون قاتلة.

تحدث الحساسية الغذائية نتيجة عدم تحمّل الشخص الطعام، بسبب وجود موانع جسدية تؤثر على تقبّل وجبات مُعيّنة من الغذاء، وغالبا يكون هناك رد فعل سلبي تجاه المأكولات ممن لديهم حساسية الطعام، وتشير الإحصائيات إلى وجود حوالي 4 بالمئة من مجموع سكان العالم مُصابون بالحساسية الغذائية. ويوجد أكثر من 150 صنفا غذائيا بعضها يصيب من يشكون من الحساسية بأعراض قاتلة مثل: الفول السوداني وجوز الهند والسمك ومحار البحر والبيض واللبن والقمح وفول الصويا.

أكدت الإحصائيات أن تناول الأشخاص للأطعمة التي تُصيبهم بالحساسية يتسبّب سنويا في دخول 300 ألف حالة منهم غرف العناية المركزة، ويؤدي سنويا بحياة 150 ألف فرد منهم. وتظهر أعراض حساسية الأطعمة بعد دقائق معدودة من تناول الطعام الذي يسببها، وتشتدّ أعراضها بعد ساعتين من تناوله. يشار إلى أن الأعراض تختلف وتتفاوَت شدتها، فالأشخاص الذين تكون حساسيتهم بسيطة يُعانون من سيلان الأنف المصحوب بالعطاس والحكة والطفح الجلدي، أما الأشخاص الذين تكون حساسيتهم شديدة فيُصابون بردة فعل عنيفة، منها الاختناق وأزيز في الصدر وتورّم اللسان والشفاه والحنجرة وقيء وإسهال، وفي حالات أخرى تتسبَّب هذه الحساسية في هبوط حاد في الدورة الدموية والوفاة المفاجئة.

ويقول د. ديفيد فليسشر الباحث بأحد مراكز التغذية الأميركية، إن التغيّرات التي طرأت على عملية الزراعة باستخدام المبيدات والمخصبات والهرمونات، بالإضافة إلى التغيّر الكبير الذي حدث في طريقة تغذيتنا، حيث الاعتماد أكبر على الأغذية السريعة والمعلبة، كلها أدت إلى حدوث خلل بالجهاز المناعي جعله يُهاجم البروتينات الموجودة في أغذيتنا على أنها أجسام غريبة، وبالتالي انتشار حساسية الأطعمة في السنوات القليلة الماضية.

ويرجع فليسشر سبب معاناة بعض الأشخاص من حساسية الأطعمة دون غيرهم إلى عدة عوامل، أهمها الدور الكبير الذي يلعبه عامل الوراثة، فإذا كانت الأم والأب يعانيان من الحساسية، فإن احتمال إصابة أبنائهما بالحساسية حوالي 75 بالمئة تقريبا، أما إذا كان أحد الأبوين يعاني من الحساسية أو شخص آخر من أفراد العائلة، فإن احتمالات الإصابة تنخفض لتصل إلى ما بين 30 و40 بالمئة، أما إذا كان الأبوان لا يعانيان من الحساسية، فإن احتمال إصابة الأبناء ستنخفض إلى ما بين 10 و15 بالمئة.

ويؤكد د. مصطفى عبدالسلام، استشاري الأمراض الصدرية، أنه في ظل احتمال تعرض المصاب للموت المفاجئ جراء الحساسية، عليه أن يحتفظ بقائمة الأطعمة التي يتحسس منها، مع تعليمات الطبيب ووضعها في مكان بارز في المطبخ، وأن تكون لديه في منزله وفرة من الأدوية المضادة للحساسية، وإذا كان من أصحاب الحساسية الشديدة فيجب عليه الاحتفاظ بالعلاج الذي يصفه الطبيب له، وأخذه على الفور، ثم مراجعة الطبيب للمتابعة.

ويشير د. عبدالسلام إلى أن أعراض حساسية الطعام تختلف من شخص لآخر، فبعض الخلايا تفرز موادا كيمائية في الأذنين والأنف والحلق، وآخرون قد يشعرون بحكة في الفم وصعوبة في التنفس والبلع، وقد تمتدّ الأعراض لتشمل ألماً في البطن والجهاز الهضمي. ويؤكد أن المواد المسبّبة للحساسية الغذائية تكون عبارة عن بروتينات داخل المواد الغذائية، لا تتقبّلها أحماض المعدة أو الإنزيمات التي تهضم الطعام، ونتيجة لذلك تحدث الحساسية في جميع أنحاء الجسم.

ويوضح د. هاني فاروق، استشاري الأمراض الصدرية والحساسية، أن الشخص المصاب بحساسية الطعام يواجه حكة في الفم فور تناول الطعام، وبعد بلعه بلحظات تصاحبه أعراض مثل القيء والإسهال.

وتابع: عندما يمتص الجسم المواد المسبّبة للحساسية الغذائية خلال مجرى الدم، فإنها يمكن أن تسبّب انخفاضا في ضغط الدم، ومن ثم تنتقل المواد المسبّبة للحساسية لتصل إلى الجلد، ويشعر المصاب أن جسده يأكله مثل لدغات النحل تماما، وفور انتقالها إلى الرئتين تُسبّب تشنّجا قصبيا. ويؤكد أن كل هذه الأعراض تحدث في غضون بضع دقائق إلى ساعة، وبالتالي على الأسرة أن تسارع بنقل المريض إلى المستشفى، قبل أن تتطوّر الحالة المريضة التي قد تؤدي إلى الوفاة في أغلب الحالات.

ويعاني نحو 15 مليون شخص، من بينهم 6 ملايين طفل، في الولايات المتحدة من حساسية الطعام. وتتسبب 9 أنواع من الأطعمة في حدوث نحو 90 بالمئة من حساسية الطعام وهي: الحليب، والبيض، والسمك، والقشريات، والمحار، والجوز، والفول السوداني، والقمح، وفول الصويا. ويعد الفول السوداني من أكثر الأطعمة التي تثير حساسية الطعام في الولايات المتحدة. وينص قانون تحديد الطعام المسبب للحساسية وحماية المستهلك لعام 2004 على ضرورة تحديد 8 أنواع من الطعام المسببة للحساسية بوضوح وبكلمات بسيطة على المنتجات الغذائية سواء من خلال توضيح المادة المسببة للحساسية بشكل منفصل أو إدراجها ضمن قائمة المكونات.

حلل باحثون جملة بيانات من 436 شخصا يعانون من حساسية الفول السوداني أو البندق أو الكرفس أو السمك أو الغمبري. وتم أخذ كل من تم إجراء الدراسة عليهم من مشروع ?يوروبريفال? الذي يهدف إلى تقييم المخاطر المرتبطة بحساسية الطعام وعلم الأوبئة بين السكان الأوروبيين. وكان يطلب من كل مشارك الاشتراك في تحد لتناول طعام يتضمن تناول كميات صغيرة من الطعام الذي يعانون من حساسية تجاهه، بينما يتم رصد استجاباتهم.

ووجد الباحثون أن أعراض الحساسية لدى الأشخاص الأكثر حساسية من بين نسبة الـ10 بالمئة تظهر بعد تناول كمية تتراوح بين 1.6 و10.1 مليغرام من البندق والفول السوداني وبروتين الكرفس، في حين أنها تظهر بعد تناول 27.3 مليغرام من السمك و2.5 غرام من بروتين الجمبري. وعبر الفريق عن أمله في أن تنجح تلك النتائج في تزويد المصابين بالحساسية بمعلومات أكثر عن كميات مسببات الحساسية وأن تساهم في تحسين البيانات التي توجد على أغلفة المنتجات الغذائية.

وقالت الأستاذة كلير ميلز، من معهد الالتهاب والعلاج بجامعة مانشستر في المملكة المتحدة: ما نود أن نراه هو تحذيرات تخبر المصابين بالحساسية بالمنتجات التي عليهم تفاديها تماما أو تلك التي لا تثير أعراضا إلا لدى الأشخاص الأكثر حساسية. وكانت دراسات سابقة قد أشارت إلى أن الأطفال الذين يعيشون في المناطق الداخلية من المدن أكثر عرضة للإصابة بالحساسية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..