البحث العلمى يدعم الحكومة

البحث العلمى يدعم الحكومة

د.عماد الدين عبد الله آدم بشر
[email][email protected][/email]

لا يختلف اثنان في أهمية البحث والتنقيب والاجتهاد بصفة عامة وعلى كافة المستويات، فردية أو جماعية، فعلى سبيل المثال يمارس الشباب البحث والاجتهاد في اختيار شريكة الحياة والتي بيّن لنا الرسول (ص) معاييرها وترك لنا أمر البحث والتنقيب والتجوال حسب الرغبات، فقال عليه السلام:”تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”. وقول رسولنا الكريم هذا إشارة واضحة وقوية للكد والاجتهاد والبحث باستمتاع لاختيار الزوجة الصالحة التي إن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله وإن نظر إليها سرته. ما ذكر يبيّن لنا مدى أهمية وعظم المهمة الملقاة على عاتق الشباب والتي تتطلب مجهودات خارقة لوضع هذا الأساس المتين والذي يعتبر تكليفاً يحاسب عليه المرء يوم القيامة والذي به ولو من باب التعدد يقلل من ظاهرة عدد المطلقات “وربما في هذا مقالٌ آخر”، هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر المجتمعية الأخرى مثل هجرة الأساتذة والنفايات والتي نعتبرها ثروة قومية “وربما في هذا مقالٌ آخر” وفساد النفوس وغيرها تعتبر بيئة خصبة لإجراء البحث والتنقيب، ولكن ما نعنيه هنا البحث العلمي الأصيل والمحكم الذي يستند على قواعد ومعايير متفق عليها. وفي تقديري أنه البحث الذي يجب أن يستند عليه متخذو القرار في كل صغيرة وكل كبيرة، فالبحث العلمي بمقدوره توفير عدة “سيناريوهات” لمتخذ القرار وعليه عدم الخروج من دائرتها، بل عليه تنفيذ ما يختاره من سيناريو “بحذافيره” ولا مجال لزيادة أو نقصان، لأنه استند على بحث علمي محكم بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمختصين وربما يكون بعضهم من خارج الحدود، وكذلك لابد لهذا البحث أن يكون واقعياً في التناول والتطبيق في أرض الواقع، فالواقع الآن ينضح بكمية هائلة من المشاريع الفاشلة والتي تكاد تجزم بأنها لم تستند إلى أية دراسة ناهيك عن أنها خضعت لبحث علمي ينشد فيه الباحث الحقيقة والموضوعية والقياس، ولكثرة هذه المشاريع، نطلق لك – عزيزي القارئ – العنان للنظر حولك وإحصائها إن استطعت إلى ذلك سبيلا. الباحث بالتأكيد لا ينحاز إلى رأي معين أو موقف معين بل يذكر كل المواقف والآراء بغض النظر عن درجة اتفاقه أو معارضته لها، وهو ما يميز البحث العلمي ويعطيه قوة وحيادية واستقلالية. البحث العلمي دائماً ما يكون مرناً من خلال “سيناريوهاته” المختلفة فعلى سبيل المثال لا الحصر، مصانع النسيج الحكومية والتي يرى الكثير من أول وهلة الخطأ الفادح الذي ارتكبه وقتها -عندما كانت صناعة النسيج تصول وتجول وتقدل وهي الداعم الأكبر لخزينة الدولة رد الله غربتها وأعادها قوية وهي تستند على الذهب الأبيض بعد ذهاب الذهب الأسود – متخذو القرار في إنشاء مصانع النسيج في مدن السودان المختلفة مثل نيالا وكوستي والدويم وكادقلي وغيرها، علماً بأن القطن يتمركز بكثرة في مشروع الجزيرة، ولكن إن كان هناك بُعد تنموي أو اجتماعي أو خلافه، قطعاً يوفر لك البحث العلمي سيناريو آخر وقد كان. فالبحث العلمي يمتلك قوة خارقة لحل المشكلات المستعصية وتقديم أيسر الطرق لمتخذي القرار للاستناد عليها عند اتخاذ القرار والذي حتماً يكون صائباً لحيادية واستقلالية الباحث، وبذا نكون قد جنبنا أنفسنا استخدام مقياس التجربة والخطأ ومقياس الأهواء والأمزجة الشخصية، ومن هنا أدعوكم للتجول والنظر حولكم لكمية المشاريع الفاشلة، بدءاً من الشخص نفسه ومروراً بالمشاريع التي تنفذ باسم الدولة، كم من المبالغ التي فقدت بسبب هذه المشاريع علماً ولا أبالغ إن قلت إن 0.01 فقط من هذه المبالغ يمكن لها أن تهدي لمتخذي القرار مقترحات قوية تخدم كل أهل السودان وعلى رأسهم طلاب الجامعات في كافة المستويات الذين يشاركون أساتذتهم في دراسة هذه المقترحات وبالتالي نحد من هجرة العقول السودانية لوجود البحث وماله ومعيناته الأخرى، وأيضاً تستفيد الجامعات السودانية من هذه الأبحاث المحكمة في تحسين التصنيف والترتيب العالمي لها، وحتماً في ذلك فائدة عظمى للسودان ولمتخذي القرار، منها الحد من الهجرة على كافة المستويات وكذلك توفير مبالغ كبيرة من المال كان يمكن لها أن تذهب هباءً منثوراً، وبذا يكون البحث العلمي داعماً للحكومة وليس العكس، وأيضاً الحل النهائي لمعضلة تمويل البحث العلمي بمعنى أن التمويل يتأتى من خلال حلول المشكلات التي تعترض المؤسسات سواء كانت حكومية أو خاصة، وبذلك يرتفع الإنفاق الحكومي على البحث العلمي بطريقة غير مباشرة بدلاً من تلكم النسبة الخجولة التي لا تفي بشيء، وكذلك محاربة الظواهر السالبة بكافة أنواعها وأيضاً إيجاد مشاريع واقعية وجادة تسهم في خفض أو محاربة البطالة نهائياً. وأيضاً يمكن للبحث العلمي أن يتكامل مع الشركات الخاصة والتي قطعاً يكون السودان هو المستفيد الأكبر منها، ونذكر هنا، التكامل بين جامعة الجزيرة وشركة وايرا الهندسية والتي تضم مجموعة متميزة من الشباب الطامح والطامع في خدمة بلده بقيادة الباشمهندس محمد عبد الرحيم الذي آثر نقل التقانات الحديثة من أمريكا التي يعيش فيها إلى بلده السودان، وتمخض عن هذا التكامل اتفاقية بين الطرفين كان البحث العلمي حاضراً متألقاً فيها خاصة في مجال الطاقات المتجددة والتي أفردت لها جامعة الجزيرة مركزاً يهتم بشؤونها والترويج لها، وبالتأكيد هنالك العديد من الشركات والمؤسسات التي تضع البحث العلمي نصب أعينها ولكن هذا مثال فقط. وختاماً نأمل أن يكون ما قاله وزير الدولة بوزارة العلوم والتقانة الأستاذ محجوب محمد عبد الله عن أنه لا مخرج للبلاد من أزمتها الاقتصادية وإيجاد البدائل إلا بالتوجه الكامل للاعتماد على مخرجات البحث العلمي، هو شعار تتبناه الحكومة للمرحلة القادمة، ونأمل أيضاً أن تستند السياسات بصفة عامة على البحث العلمي وليس العكس، وأن يعلم الجميع أن تقدم الأمم ونهضتها الحضارية مرهونة برعايتها واهتمامها به وبتطبيقاته، وأن أهمية البحث العلمي تتطلب الاهتمام بالجامعات والمراكز البحثية وإعطائها حجمها الحقيقي ليكون لها دور أساسي ومرجعية في عملية صنع القرار وإعداد السياسات العامة للدولة. كما نأمل أن يتسلح الجميع بأدوات البحث والتنقيب والمصداقية بدءاً من اختيار الزوجة على المستوى الشخصي وحتى المشاريع العامة التي يكون هو طرفاً فيها. والله المستعان

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..