تحت القبة…!!

وقفت نجلاء تتعارك مع صاحب «الركشة» الذي أصر على عشرين جنيهاً فيما كانت تساومه على دون ذلك.. في هذه اللحظة توقفت وراء «الركشة» عربة «توسان» أنيقة وذهبية اللون.. هنا انتقل بصر نجلاء إلى حسناء التوسان.. هذا يعني أن شيخ جمال الدين بإمكانه أن يعالج مشكلتها المستعصية.. ألقت السيدة الممتلئة السلام على نجلاء فيما كانت تستخدم «الريموت كنترول» لوداع السيارة.
كان المكان نظيفاً وأنيقاً أشبه بعيادة الأطباء.. شيخ جمال الدين يجلس في قطية فخيمة فيما المرضى ينتظرون في صالة مكيفة الهواء لا تبعد كثيراً عن عيادة الشيخ..لافتة خارجية تؤكد أن رسوم مقابلة الشيخ جنيهاً واحداً.. حينما تقف أمام معاون الشيخ يسألك عن جنيه «البياض» ويوجهك بدفعه مباشرة للشيخ.. وبعدها يطلب منك ذات المعاون دفع مبلغ مئتي جنيه كرسوم دعوة في سبيل الله.. بعد ذلك تتم إحالة المريض إلى ما يشبه المعمل.. غرفة الأسرار مزودة بكاميرا مربوطة بقطية الشيخ.. من خلال النقاش المبدئي مع هذا الرجل يكون الشيخ قد ألمّ بتفاصيل يحتاجها لاحقاً في غرفة المقابلة للإدهاش.. هذه الفكرة البسيطة جعلت الشيخ ذائع الصيت.
قبل خمس سنوات كان جمال الشريف تائهاً في أسبانيا.. ينام أحياناً على الرصيف وفي بعض الأوقات يركب عربة مرسيدس.. يكسب كثيراً وينفق كثيراً..لا يهمه سوى أن يعيش اللحظة.. في بعض الأوقات يعمل مترجماً للسياح العرب وحينما لا يتوفر ذلك يعمل حمالاً للأمتعة في فندق «فور سيسون».. من هنا تعلم فن الأوانطة.. دون مقدمات مات الشريف.. أهل السجادة جاءوا إليه وأخذوه عنوة من عالمه.. بعد أيام بايعوه على خلافة شيخ الشريف.. لم يضيف للمسيد سوى كاميرا المراقبة وقطية النصب والاحتيال.
في غرفة الانتظار جلست نادين بالقرب من نجلاء.. احترام الفاصل الطبقي جعل كل واحدة تلزم حدودها.. بين الفينة والأخرى كانت كلاهما تسترق نظرة من الأخرى.. نادين بسط الله لها في النعم..زوجها رجل أعمال معروف.. طاف بها بلدان العالم .. مشكلته الوحيدة أنه بخيل جداً في غرفة النوم.. جربت كل شيء.. توقفت عند أبواب الأطباء وتوسلت بالشيوخ والنتيجة لم تتغير.. قرأت في «الواتساب» عن شيخ جمال الدين حلال المشبوك.. جاءت سراً لتطرق بابه عسى أن يكون الحل تحت القبة.
نجلاء فتاة مسح الحزن بعض من جمالها.. تزوجت صغيرة جداً من أحد أبناء الجيران.. كان ود جبريل يقود حافلة في الخط حينما رآها أول مرة.. قصة حب لم تكتمل فصولها.. في المساء أوقف الأسطى محمد جبريل دابته المهترئة أمام بيت عم أحمد.. دون مقدمات دخل في الموضوع ونال موافقة مبدئية.. خلال شهر تم الزواج وانتقلت نجلاء مع زوجها إلى أطراف مدينة أم درمان.. هذا الرجل لا يشبع أبداً.. رغبته تزيد مع كل مرة.. أحيانا يغيب من العمل.. احتملته في البداية .. رويداً رويداً بدأت تكره رائحة جسده.. حينما لا يرحمها يغمي عليها.. جارتها ابتسام حملت لها أخبار الشيخ الجديد.. بصعوبة وفرت النفقات.
ابتسم شيخ جمال الدين.. كانت كل حالة تعالج الأخرى.. استوعب بخبرته في العربدة أن مشكلة نادين ليست في زوجها.. وأن مشكلة نجلاء لا تتعلق بود جبريل.. إجمالي المشكلة أن كلاً من الرجلين لم يكن في المكان المناسب.. الحل يبدو سهلاً ولكنه في ذات الوقت صعب.. قهقه شيخ جمال الدين ثم كتب على اللوح الرضاء بالمقسوم عبادة.
اخر لحظة