ضغوط سياسية تنقذ البشير من المحكمة الجنائية..البشير عمد إلى تحدي المجتمع الدولي والجنائية

أطل شبح المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الرئيس السوداني، عمر البشير، من جديد، بإثارة المحكمة العليا لجنوب أفريقيا قضية اعتقاله وتسليمه للجنائية إبان مشاركته في قمة الاتحاد الأفريقي، التي بدأت في جوهانسبرغ، السبت، لكن البشير استطاع التنصّل من هذا الأمر، وعاد، أمس، إلى الخرطوم.

تحركات المحكمة الجنوب أفريقية جاءت نتيجة ضغط منظمات حقوقية، رأت ضرورة التزام جوهانسبرغ بتسليم البشير للجنائية باعتبارها من الدول الموقّعة والمصادقة على ميثاق روما الذي بموجبه أنشئت المحكمة.

وأصدرت المحكمة الجنائية في عام 2009 مذكرة توقيف في حق البشير لارتكابه جرائم حرب في دارفور، وفي 2010 ألحقتها بتهم تتصل بالإبادة الجماعية. ومنذ ذلك الوقت باتت حركة البشير وأسفاره محدودة، خصوصاً إلى الدول الأعضاء في الجنائية، كما سبق وألغيت بعض رحلات الرئيس السوداني بسبب رفض بعض الدول السماح له بالعبور عبرها باعتباره مطلوباً دولياً.

وفي تحدٍ كبير، حزم البشير قراره بالذهاب إلى جنوب أفريقيا والمشاركة في القمة الأفريقية، وهو يعي تماماً القرارات التي أصدرتها الحكومة هناك، في وقت سابق، فيما يتصل بموقفها المؤيد للجنائية، وتأكيدها أنها لن تتردد في تسليمه في حال وصوله إلى أراضيها، لكن لجنة مختصة عكفت على دراسة الزيارة وأوصت البشير بالقيام بها بعد أن فنّدت جميع المحاذير الأمنية، وهو أمر لاقى قبولاً لدى البشير.

ورأى مراقبون أن البشير عمد من خلال زيارته إلى جوهانسبرغ، إلى تحدي المجتمع الدولي والجنائية معاً، بتأكيد قدرته على الوصول حتى إلى الدول الأعضاء في الجنائية، ولا أحد يمكنه الحد من حركته، فضلاً عن أنها محاولة لإعادة الالتفاف الشعبي حوله، وهو ما فقده بعد تظاهرات سبتمبر/أيلول 2013 التي راح ضحيتها نحو 500 شخص بين قتيل وجريح، لا سيما أن الانتخابات الأخيرة أظهرت تراجع شعبيته بشكل قوي. ويدرك البشير، تماماً، أن زيارته إلى جوهانسبرغ ستخلق ضجة، ولكنها تقتصر عند حد بعض التظاهرات ليعود ويحتفل بعد عودته إلى الخرطوم بانتصاره على المحكمة الجنائية، لكن وتيرة الأحداث في جنوب أفريقيا كانت أسرع وخالفت توقعات الرئيس السوداني بعد أن استجابت المحكمة العليا في بريتوريا لمطالبات المحكمة الجنائية بتوقيف البشير، وعقدت جلسة محاكمة منعت بموجها البشير من مغادرة البلاد إلى حين البت في قضية تسليمه إلى الجنائية من عدمه.

لكن السياسة أطلت برأسها في قضية البشير، إذ عمدت حكومة جنوب أفريقيا إلى المطالبة بإمهالها أربعاً وعشرين ساعة لإعداد مرافعتها، وهي فترة كانت كافية للبشير لمغادرة البلاد. وأكد مصدر لـ”العربي الجديد” أن خطوة محاولة منع البشير من مغادرة جوهانسبرغ أثارت سخط القادة الأفارقة المشاركين في القمة الأفريقية، وكادت تنسف اجتماعات القمة، مشيرة إلى أن الدولة المضيفة تعرّضت لضغوط قوية لوقف الإجراء وعدم الامتثال لقرار المحكمة الجنائية حول منع البشير من المغادرة، ما وضع الحكومة هناك في إحراج كبير.

ورأى محللون أن الخطوة من شأنها أن تؤثر داخلياً في جنوب أفريقيا، وتنتقص من حظوظ الرئيس الحالي، جاكوب زوما، في الفوز في الانتخابات المقبلة، باعتبار أن الشارع سينظر إليها كإحدى آليات كسر قرارات القضاء، كما أن المعارضة ستستغل هذا الموضوع ضد زوما.

وقال سفير السودان في جوهانسبرغ، إن حكومة جنوب أفريقيا، أبلغت البشير أن الخطوة أثارتها المعارضة في جوهانسبرغ بشكل مقصود، مؤكدة التزامها بتوفير الحماية للبشير وكل القادة الأفارقة ومغادرتهم البلاد متى شاؤوا من دون أي قيود.

ورفعت السفارات الغربية في الخرطوم درجة استعدادها الأمني تخوّفاً من ردة الفعل جراء ما جرى مع البشير في جوهانسبرغ، وعمّمت السفارة الأميركية تحذيرات لرعاياها وطالبتهم بتجنب أماكن التجمعات تحاشياً لأي تداعيات محتملة.

في المقابل سخر الرئيس البشير من المحكمة الجنائية الدولية، وقال في تصريح لوكالة “الأناضول” إن “الجنائية انتهت وقمة جوهانسبرغ ما هي إلا مراسم لتشييعها ودفنها”.

وانقسم السودانيون ما بين مؤيد ورافض للخطوة، وخرجت تظاهرات في عدد من الدول الغربية وفي جنوب أفريقيا نفسها تحثّ الحكومة على اعتقال البشير وتسليمه إلى الجنائية بسبب الفظائع التي ارتكبها في إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق. وسارعت “الحركة الشعبية قطاع الشمال” على لسان أمينها العام ياسر عرمان لتأييد الخطوة. وقال عرمان، إن مشاركة البشير في القمة تمثّل تحدّياً للقضاء المستقل في جنوب أفريقيا، ولكل تاريخ وإرث هذا البلد. معتبراً أن “البشير مجرم حرب لا تختلف سياساته عن نظام الأبرتهايد، وهو عنصري بامتياز، ويجب ألا يصدّق أحدٌ في جنوب أفريقيا أن البشير يخوض معارك ضد الغرب أو مستهدف من الغرب بسبب سياساته الوطنية”.

في المقابل، حذر رئيس حزب الأمة السوداني، الصادق المهدي، قمة الاتحاد الأفريقي ودولة جنوب أفريقيا من خطوة اعتقال البشير وتسليمه إلى المحكمة الجنائية وفق محاولات المحكمة الجنوب أفريقية، وقال، إن هناك حاجة لمواءمة العدالة الجزائية والعدالة الإصلاحية وعدم التضحية بالاستقرار في المستقبل.

وذكر في رسالة بعث بها إلى تلك الأطراف عنونها بصفته آخر رئيس وزراء منتخب في السودان، أن المخرج السياسي هو في المادة 16 من ميثاق روما والمتعلّق بتعليق قرار الجنائية في حال صادق البشير على اتفاقية السلام الشامل العادل والتحوّل الديمقراطي الحقيقي بإشراف الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن.

لكن محللين اعتبروا ما جرى رسالة من المجتمع الدولي للرئيس السوداني، أن ملف الجنائية يمكن إثارته في أي وقت باعتباره ورقة ضغط، إضافة إلى أن جوهانسبرغ يصعب عليها اعتقال البشير بسبب ثقلها الأفريقي وحساباتها المتصلة بمحاولات إيجاد مقعد دائم في مجلس الأمن.

ورأى هؤلاء أن الخطوة برمتها محاولة للضغط على البشير لتقديم تنازلات أكبر حيال التسوية السياسية الشاملة داخل بلاده، مرجحين أن تقود الخطوة البشير إلى واحد من خيارين، إما المواجهة مع المجتمع الدولي والعودة للمربع الأول، أو المهادنة والمضي قدماً في قضية التسوية وتطبيع العلاقات، فيما من شأن الخطوة داخلياً أن تحدث هزة داخل الحزب الحاكم الذي ينظر بعض قادته إلى البشير كعبء على الحزب.

افلعربي

تعليق واحد

  1. جاكوب زوما الكافرأعطى موثقا وألتزم به ياكيزان حيث لم يسلم البشير ولكن أنتم ياتجار الدين من قبل أعطيتم مواثيق ولم تلتزمو بهافقدسلمتم كارلوس الإرهابي لفرنسا بعد أن أعطيتوه موثقاو التنظيمات الأرهابية بعد تعاونكم معها وأيضا أعطيتموهم مواثيق ثم نهبتم أموالهم وتعاونتم مع الأمريكان ضدهم. حيرتونا يا كيزان من أنتم وإلى أي طائفة من المسلمين تنتمون.

  2. بعد الحادثة دي أتوقع أن البشير امبارح صحى من النوم مذهووور يهضرب
    الحقوني أوكامبو جا,,, باسوندة جات؟؟
    خلاس الرررووووب أنا ما اسد افريقيا انا فار جربان بس أنا تاني مابجي

  3. لا كرامة لمن لا سفيه له!

    غاب الصدق، وغار العدل، وفقدت المصداقية، وعلا صوت الدهماء، وأحضر السفهاء، وأُقصيَ العقلاء، وأبعد الحكماء، ولم يبق مكانٌ للطيبين البسطاء، ولا للمخلصين الأمناء، ولا للصادقين الأصلاء، عندما تسيد المبطلون، وتحكم المتنفذون،

  4. نحن كسودانيين لا نقبل المهانة والذلّة مهما كان سوء الادارة، نعم نتمنى للبشير الزوال أو حتى أن تنسف طائرته من فوق أو يغتال، لكن أن يُقبض عليه، أعتقد أي سوادني لديه ذرة من النخوة والكرامة والرجولة لا يقبل أن يُهان حتى ولو وكيل وزارة، وأكبر دليل على ما أقول هو تحذير الإمام الصادق المهدي الذي لا أحد يشك في حنكته في السياسة ولا اعتقد أحد تأذّى بثورة البشير مثله، لا عرمان ولا سجمان، فهؤلاء لا يعرفون معنى الغيرة والنخوة والكرامة.

  5. البشير بطل شاء أشباه الرجال أم أبو . نحن كدا و إنتو كيف ؟
    دا فى موضوع الجنائية والحركات المسلحة لكن نختلف معه كديكتاتور و يجب أن يقدم تنازلات للمعارضة السلميةو يكون حكومة وفاق وطنى حقيقى حتى لو أدى لفقدان كرسى السلطة. 25 سنة كفاية حتى لو كنت ناجح ناهيك عن فشلك.
    ملحوظة : موضوع الجنائية دا قلة أدب من الخواجات و أذنابهم ناس الرويبضة و الدبرة و عيال دارفور. على فكرة هؤلاء العيال يسيؤا لدرافور الإباء و الشموخ . درفور فيها رجال عظماء و إرث حضارى و تقليد قل أن تجدة فى العالم.
    مفتاح الحل أيها المشير بيدك و الله العظيم و يبدأ بإستقالة و هذا حق دستورى لك و تكوين حكومة إنتقالية و بعدها دستور قومى يحدد فية أهل السودان كيف يكون الحكم و بعدها تترشح زيك زى أى حزب و إن فزت لا غضاضة.

  6. حمدلله لسلامة لوصولك الى البلادك يارئيسة بس حاجة واحد ملطوب منك فى حياتيك الرئاسية / عمل بالعدلة والمساواة بين شعبك ووقف الحرب مع شعبك يالسيد الزعيم.
    اثبت لعالم بان انت رجل صحاب علاقات دبلوماسية

  7. لو أن هناك حسنة واحدة مما ترتب على الضجة التي أثارتها المحكمة العليا لجنوب أفريقيا بحكمها القاضي بمنع البشير من مغادرة جنوب أفريقيا، توطئة لأعتقاله وتسليمه لمحكمة الجنائيات الدولية، فهي فضح الصادق المهدي وكشفه كجاسوس للمؤتمر الوطني وعمر البشير مزروع في أحشاء الجبهة الثورية بإرادتها ومعرفتها المسبقة بماهية هذا الجاسوس.

    نحن في كيان الأنصار وشباب حزب الأمة، لطالما ناشدنا قادة الجبهة الثورية حتى بحا صوتنا، بأنهم يرتكبون خطأ فادح وغير مغفور عندما يسمحون لجواجسيس عمر البشير وعلى رأسهم العميل الأنقاذي الصادق المهدي ومعاونيه بالتلصص على ثوارنا والأطلاع على خططهم العسكرية وزرع جواسيسهم وسط المتحركات العسكرية للثوار.

    من هنا نعيد ونكرر مطالبتنا لقادة الجبهة الثورية ونخص بالذكر الدكتور جبريل إبراهيم قائد حركة العدل والمساواة، أن أرواح شبابنا لا تقبل المجاملات والرهانات الزائفة. قومية الجبهة الثورية ليس رهينة لأمثال هؤلاء الجواسيس … هذه المجاملات ظلت تسبب في أخطاء فداحة، ليس أقلها مقتل قائد ومؤسس العدل والمساواة دكتور خليل إبراهيم، ما جرى في النخارة وقوز دنقو.

    الجبهة الثورية التي تمثل مظالم أكثر من 80% من النسيج الأجتماعي السوداني، إذا كان هؤلاء الـ 80% لم يمنحوها القومية والشرعية، فأننا لا نرغب في قومية يمنحها الجواسيس والعملاء من أمثال الصادق المهدي ورهطه.

  8. مما لاشك فيه ان موضوع المحكمة الجنائية الدولية يسبب الارق والصداع النصفي لحزب المؤتمر الوطني والرئيس البشير وبقية المطلوبين لعلمهم المسبق ان مطاردة المحكمة الجنائية الدولية ستكون مستمرة وان التهم لا تسقط عنهم بالتقادم ولن تسقط الا بالوفاة فقط
    ولوتعالى حزب المؤتمر الوطني وزايد وغالط حول هذه الحقيقة واطلاق عبارات مثل ان المحكمة الجنائية انتهت وشيعت الى مثواها الاخير وان المحكمة الجنائية لا انياب لها ولن نسلمها ولا كديس وغيرها من عبارات التحدي المسموعة والمتداولة الا ان حقيقة الامر بان المحكمة مصدر خوف ورعب ومهدد رئيس للنظام الحاكم وسبب لهمومه
    ارى فيما ارى ان المحكمة الجنائية الدولية امر واقع ولا بد من قيام الرئيس البشير وبقية المطلوبين بالمثول امامها مثل ما فعل الرئيس الكيني وقبله ابوقردة حتى ياكدوا براءتهم منالتهم الموجهه لهم والا سيظلوا مطاردين ويؤخذ عليهم هروبهم منها قرينة تثبت الجرائم ضدهم مما يستصعب حصولهم على ضمانات بالافراج المؤقت عنهم بعد القبض عليهم بوسيلة ما قد تعمد اليها المحكمة الجنائية او مجلس الامن فليست هنالك ثوابت وضمانات ان يبقى الحال على ماهو عليه من فر وكر الى ما لانهاية

  9. رئيس همو الغاء قرار المحكمه الجنائيه باى
    وسيله حتى ولو على جماجم ابناء شعبو ولو
    قعد فى الحكم 70سنه

  10. تحياتي لجميع المعلقين ،،
    ولكن شتان بين تعليق الأخ إبراهيم #1286632 ( والزول أبو جلمبوا ) #1286617.
    متى نستفيد من تلك الصفحات فيما يخدم الوطن .
    تحياتي / أبو مصعب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..