اسكتوا دعاة الحرب المتنطعين

اسكتوا دعاة الحرب المتنطعين

ابراهيم بخيت
[email][email protected][/email]

هل تشتعل الحروب دون ان تكون هنالك قضايا خلافية فشلت اطروحات كلا الطرفين فى الوصول لتسويتها عبر التفاوض ؟ لقد ظلت هذه القضايا الخلافية القيد الثقيل الذى يقيد كل السودان منذ الاستقلال و الى يومنا هذا . و لن يكفى فى هذا الوقت العصيب من تاريخ السودان شمالا و جنوبا القول بأنه نتيجة لفشل النخب التى حكمت البلاد بعد الاستقلال سواء على النهج الديموقراطى او الانقلاب العسكرى , ما يزيد على الخمسين عاما من الفشل الضار الذى اقعد البلاد عن ان تحمل اسما واحدا او هوية واحدة او عقيدة سياسية واحدة غالبة، لا يمكن ان تكون اسبابه إلا القصور الذهنى و موات الضمير و تلاشي الوطنية , و المحزن الحقيقى فى الامر ان الفشل فى تحديد الهوية هو الذى ساق البلاد الى ما هى عليه فانبرت العقول اسيرة الانا و الفهم القاصر لمرمى الدين القاصد للتآلف لتصعيد وتيرة التباغض و التنافر العرقى و الدينى . ولسؤ الحظ انساقت مع هذه الدعوات عقول اقل حنكة و لا تعرف ما تخبئه من متتاليات معقّدة و ثقيلة الوقع لا يمكن ان يكون الامساك بزمامها فى ايديهم . و هذا التفكير و السياسة قصيرة النظر هى التى احكمت قبضتها منذ الثلاثين من يونيو بداية النظام الميكيافللى البراغماتى . و لو انه لم يرفع راية الاسلام زورا لكان قد وجد سندا صادقا من دول الغرب كافة . و لو انه اعطى تعاليم الاسلام حقها و انزلها واقعا يمشى بين الناس لوجد سندا داخليا يرسّخ مقعده على السلطة ويتجاوز بها كافة ” الابتلاءات” الحقيقية و ليس أزمات الحكم و كوارث سياسات الاقصاء . و لكنه بكل أسف بدأ بإكذوبة اعتقد انها تنطلى لبرهة حتى يمسك كامل خيوط السلطة و الثروة ثم ينساها المواطنين و العالم من حولهم . على كل فقد القت الانقاذ كل من هو على خلاف مع سياساتها فى اليم مكتوفا و زادت عليه الماء بمراسيم ورسوم و جبابات و اسكتت صوته بحزام قاس من القوانين المقيدة للحريات و المحروسة بجيش عرمرم من الاجهزة الامنية المدججة بوسائل القمع مما زاد الشقة بينهما . و هذا الواقع العكر هو الذى يمسك بزمام الراهن السياسي و تطل المساحة الفاصلة بين نظام الحكم و الشعب المحكوم و تفرض هيمنتها على المبادرة او الاحجام حيال ازمة هجليج و احتلالها . و هجليج لم تك هى الحادثة الطارئة الوحيدة التى يمكن ان يكون الاقبال او الاحجام عن سوحها هو تيرموميتر قياس الوطنية صعودا او هبوطا او عدما . فقبلها كانت هنالك موجبات تستدعى الاستنفار للذود عن حياض الوطن ، لما انه لم يحدث ذلك باخ ما جاء بعدها ، و هذه حقيقة السكوت عنها يحيّز مفهوم الوطنية و يجيّره لصالح الالتزام السياسي . و لكنه كما يقولون ” رب ضارة نافعة ” فالضرر هو ما اصاب جزءا عزيزا من الوطن اصبح مسرحا للقتل و الدمار و توسيع شقة الاختلاف ين ابناء الوطن “الواحد” طال الزمن او قصر رغما عن الذى حدث. و النافع هو انه حان الوقت لكل حصيف اريب فى الانقاذ ان يمد يده للآخر و يفك وثاقه و يخرجه من يم الاقصاء للمشاركة الحقيقية فى إدارة الازمة الحالية. فهجليج و الانفصال كلاهما امران طارئان يزولان بزوال العقول التى احدثتهما و النظرة الموضوعية فى النهج المتبع الذى قاد لذلك . و المؤكد انها ليست عقولا اصيلة الوطنية ،و لكن تقودها مضمورات يعف اللسان عن ذكرها لانها ليست مما يشرّف انسانا سويا يدرك ان الموت و الحياة و الارزاق طالها فى كتاب محفوظ ، مضمورات لانسان يقدم مصلحته الخاصة و مصلحة حزبه على مفهوم الوطن و الوطنية . و لكن ماذا نقول فى العقول التى لا تتعلم و لا تستفيد من التجارب التى ترى فى الحرب مهما كانت دوافعها ترسيخا للنهج السليم . و فى اى دين او عقيدة او عرف او وجدان انسانى تعتبر الحرب نهجا سليما . و ما هو السليم فى قيادة البلاد الى مهاوى التهلكة و التشظى , نعم نقف بقلوب ثابتة مع قواتنا المسلحة الوطنية و لكننا لا نريدها ان تنساق وراء سياسات الحروب التى يفشل السياسيون فى ادارة ملفات الدولة كلها . و مواقف القوات المسلحة مع النخب السياسية الفاشلة مجرّبة فى السودان ومنتوجاتها تمشى بيننا . و مواقف النخب السياسية مع الانظمة الانقلابية العسكرية ايضا معروفة . فأين هم العقلاء فى الجهتين . و اين هو السودان الوطن الواحد ما قد كان و ما سيكون فى مضموراتهم , لا للحرب نعم للسلام . و السلام اقل كلفة من الحرب ، و السلام قريب جدا و طريقه سالكا لمن يصغى و يعمل البصر و البصيرة . و على دعاة تأجيج اوار الحرب من الصحفيين الكتية بدعوى الوطنية ان يراسلونا من ميادين الحروب لكى نقرأ ماذا يكتبون ؟ و عليهم ان يتذكروا ان الحروب مهما طال امدها فهى لنهاية اليمة للمهزوم و للمنتصر على حد سواء خاصة فى سوداننا الذى كان و ما هو كائن اليوم . الواقع اليوم لا قدرة و لا سلطة و لا دراية لحزب واحد مهما عظّم نفسه و قدراته و قدّس سياساته ان يخرج منه بما يفيد الوطن و يقيم الاستقرار . الوطن اليوم محتاج لقدرات و مقدرات و عقول كل ابنائه فى الشمال و الجنوب . و الطريق للسلام و الوحدة فى المشاركة الصاجقة . و المشاركة الصادقة موجودت وسائلها فى الاوراق و التوصيات و المصفوفات و الانقافات و التعهدات التى تضج بها دواويين الدولة و الجامعات و مراكز البحوث . فهل من حاكم قلبه على الوطن و ليس على السلطة و الثروة ؟ و هل يكف دعاة الحروب عن تمجيدها , علهم يدركون ان الوطنى المخلص طامل الوطنية حمامة سلام رفقا بوطنه و ابناء وطنه من الفرقة و التشتت و متتاليات الحرب .

[email][email protected][/email]
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..