تغيرات بيولوجية وهرمونية تتحكم في أزمة منتصف العمر

تعود ?أزمة منتصف العمر? إلى تغيرات بيولوجية وهرمونية مختلفة في جسم الرجل والمرأة، تكون لها العديد من التأثيرات المباشرة على الحالة النفسية للطرفين، بما يدفع إلى تغير ملحوظ في تصرفاتهما وتعاملهما مع الأمور بصورة مغايرة.

العرب أماني حسن

تبدأ أزمة منتصف العمر لدى الكثيرين في سن الثلاثين وما بعدها، ويصاحبها تغيرات واضحة على الفرد، غير أنها تختلف من الذكر إلى لأنثى، فهي بالنسبة للمرأة مرتبطة بالتغير الهرموني الذي يواكبها مع انقطاع الطمث، الذي يسبب أزمات نفسية، وقد تتخطى هذه المرحلة فيما بعد.

وتقول أستاذة الطب والعلاج النفسي بالقاهرة، الدكتورة ميرفت جودة، إن أزمة منتصف العمر تصيب الرجال والنساء على حد سواء، ولكن أعراضها تختلف لدى الطرفين، وهي مرحلة مهمة وفارقة في حياتهما، رغم أنها تأتي في مرحلة متأخرة بعض الشيء.

وتفسر ذلك بأن أزمة منتصف العمر تأتي نتيجة الشعور بالروتين الممل في الحياة، وتختلف من شخص استطاع تحقيق الكثير في حياته من تكوين عائلة وتحقيق مكانة اجتماعية جيدة وتوفير احتياجاته واحتياجات أسرته وقطع شوط كبير في المجال المهني، وبين آخر لم يستطع تحقيق الكثير في حياته.

وكشفت دراسة بريطانية أن ضغوط العمل والعلاقات تجعل أزمة منتصف العمر تبدأ في الثلاثينات لدى الكثير من البريطانيين وتحوله إلى أتعس عقد في حياتهم. فيما وجدت الدراسة التي نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية ?بي بي سي? في وقت سابق أن أعدادا متزايدة من البريطانيين من الفئة العمرية 35 إلى 44 عاما يشعرون بالوحدة والاكتئاب أكثر من الفئات العمرية الأخرى، وأن 21 بالمئة من الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و44 عاما اعترفوا بأنهم شعروا بالوحدة في معظم الأوقات. فيما اعترفت نسبة مشابهة بالعلاقات السيئة، سواء في العمل أو المنزل، سببت لهم الشعور بالاكتئاب.

وأوضحت الدراسة أن 28 بالمئة من البريطانيين والبريطانيات من الفئة العمرية 35 إلى 44 عاما تركوا وظائفهم بسبب علاقة سيئة في العمل مع زملائهم. ووصف معظمهم علاقاتهم مع شركاء حياتهم بأنها إيجابية، فيما أبدى واحد من كل خمسة منهم القلق بشأن الأوضاع المالية الراهنة.

وتتابع أستاذة الطب النفسي أن تلك المرحلة تتواكب معها محاسبة شديدة للذات، ومراجعة كافة خطوات الحياة، مع محاولة استقراء المستقبل، عن طريق الحاضر وهو ما يشعر الشخص بالسخط والاكتئاب، خاصة مع شعوره بأن ما بقي من العمر لا يضاهي ما ذهب منه.

وأثبتت دراسة أجرتها جمعية المرأة البرازيلية في مدينة ساو باولو، أن المرأة تعاني من أزمة منتصف العمر، لا سيما مع شعورها بانتهاء دورها كأنثى، وهو ما يزيد لديها حالة الاكتئاب والشعور بالقلق.

وأكدت دراسة بريطانية أخرى أن الرجال لا يوجد لديهم ما يعرف بسن اليأس الهرموني مثل النساء، وذلك وفق دراسة شملت 17 ألف رجل، حيث تبين أن نسبة هرمون الذكورة ?التستوستيرون? لا ينعدم بل ينخفض بدرجة بسيطة جدا، ووفق ذلك رجح الخبراء أن تمتع الرجال بسن الشباب أطول من فترة تمتع المرأة به.

ومن جانبها تلفت جودة إلى ضرورة الاحتواء النفسي للمرأة في تلك المرحلة لأنها تصبح أكثر عدوانية واندفاعا. فيما تشير إلى أن الرجل يحاول أن يصبح منفتحا أكثر ويحاول التقرب من عائلته أكثر ويصبح أكثر هدوءا من المرأة. وتنبه إلى ضرورة الاعتناء بهما في تلك المرحلة.

وتؤكد على ضرورة التعامل مع الأمر بجدية حتى لا يتحول إلى حالة من الاكتئاب والانعزال ومن الشعور باللاجدوى القاتل.

وأظهرت دراسة تحليلية للاكتئاب والسعادة شملت مليوني شخص أن شعور المرء بالتعاسة في منتصف العمر ظاهرة عالمية. وبينت أن الناس في جميع أنحاء العالم، يشعرون بأدنى درجات السعادة في أواسط الأربعينات من عمرهم.

وأجرى الدراسة التي نشرت في مجلة العلوم الاجتماعية والطب، المتخصصان في علم الاقتصاد، البروفيسور أندرو أوزوالد من جامعة وورويك، والبروفيسور ديفيد بلانتشفلوار من كلية دارتماوث، في الولايات المتحدة.

وكانت نتائج الدراسة متشابهة في البلدان الغنية والفقيرة، مع ترجيح وصول الشعور بعدم السعادة إلى ذروته في منتصف العمر، على أن هذه الحالة تنتاب النساء في وقت أبكر مما تنتاب الرجال.

ويعتقد معدا الدراسة أن الاكتئاب الذي يصيب المرء في مرحلة منتصف العمر لا ينتج عن عوامل خارجية كوجود أطفال صغار في البيت، أو الطلاق، أو التغيرات التي تطرأ على الوظائف، أو الدخل.

ويقول أوزوالد إن بعض الناس يعانون أكثر من غيرهم، لكن البيانات التي خرجنا بها تقول إن متوسط هذا الأثر كبير. وهو يحدث للرجال والنساء، للأعزب والمتزوج، للغني والفقير، ولمن لديهم أبناء ولمن ليس لديهم أبناء. ولا أحد يعرف سبب هذا الاتساق.

ويشير الخبراء إلى أنّ أكثر الأمور المقلقة للرجال والنساء في منتصف العمر تتمثل في الخوف من التغييرات التي تأتي مع تقدم العمر كالإصابة بالمرض، لا سيما أمراض الضغط والسكري والقلب، والخوف من أن يصبح الرجل أو المرأة أقل جاذبية للجنس الآخر، والخوف من الموت، وتقلق النساء كثيرا بشأن انقطاع الطمث، وأثر ذلك في الحياة الجنسية وفي شكل المرأة.

ويوضح البروفيسور روجر كيربي مدير مركز البروستاتا في لندن أن العديد من الرجال يغرقون في يأس منتصف العمر عندما تبدأ كروشهم في الظهور، فهذا المظهر لا يبدو قبيحا فقط، ولكن الدهون حول الخصر ترتبط بمتلازمة أيضية تزيد خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية والسكري وضعف الانتصاب وحتى سرطان البروستاتا.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..