تجار الدين: الوطن الأبوا لى بى .. !!

تجار الدين: الوطن الأبوا لى بى .. !!

سيف الحق حسن ..

لا تستغربوا اعزائى فمادامت الطغمة الحاكمة مستمرة في حكمنا غصبا وإثارة الفتن الدينية والقبلية والعرقية والعنصرية وأحدثها الوطنية فلربما تكون هذه أغنية في الحاضر الغابر للرئيس الراقص أو المستقبل المعلول للرئيس المجهول. صدقوني سيسودون هم ولن ننعم بوطن واحد مستقر يسع الجميع، ولا جوار آمن يكون لنا وجيع. وستعمن هذه الأغنية حتى يُرقص بها العريس أولا قبل العروس للتدليل على مدى درجة الارتقاء في الخيابة الوطنية.

فقضية الوطن يا سادتى ليست شعارا نرفعه فى دقائق معدودة ثم نستدير له ظهرنا أو نلقيه أرضا بعدها. قضية الوطن ليست للغناء أو الرقص لمدة خمس دقائق فقط. فالوطنية سلوك يعايش فى الحياة اليومية والتزام مدى العمر بفخر التراث وعز وكرامة الإنتماء للتراب وفوق كل ذلك الإستعداد للتضحية من أجله وفى سبيله فى أى وقت وفى أى مكان وبكل شئ وبدون معرفة الثمن.

تجار الدين وتجار الوطن …

لقد قدم الشعب السودانى (الشمالى والجنوبى) على امتداد تاريخه أرتالا من الشهداء من أجل وحدة الوطن. ولكن أتى غصبا علينا ما لم يكن فى الحسبان. فئة تعمل بالمزايدات من دينية و سياسية و أخلاقية. جاءت وقالت فى بيانها الأول أنهم جاءوا من أجل استمرار الوطن موحدا حرا كريما بعدما فرط به الخونة المفسدين!. تولوا الوصاية على الشعب غصبا وادعوا المسئولية عنه وفصلوا الشرعية المزيفة لتقنين تسلطهم وإستبدادهم. ولكن فضحوا بجلاجل بغرقهم في مستنقع الفساد والإجرام. لقد إتضح أنهم تجار شطار ولكن بضاعتهم بائرة لأنها تجارة بقضايا مصيرية كالدين والوطن والشعب. تجارة للمصالح الحزبية والشخصية. لقد عرفهم الجميع تماما انهم أشخاص عفى عليهم الزمن. عرفنا مكرهم وخداعهم ولم يعد يتقبلهم أكثر من ذلك أحد وأن نهايتهم على يد هذا الشعب إنشاء الله لأكيدة عاجلا أم آجلا. فماضيهم اللعين يكبلهم وأفكارهم السوداء تحاصرهم ولن يغفر لهم أحد ما اقترفوه بحق هذا الشعب والوطن.

و ما تزال مصرة على حياكة المؤامرات لضمان تغييب الشعب عن الحقيقة وتفرقته وممارسة إذلاله وحرمانه من ابسط متطلباته والنيل من قضيته وحريته وحرمانه من حقوقه. وتدجن وتثير كل أساليب التضليل والتمييع وإثارة الفتن والكذب والقمع والإرهاب وترويج ثقافة الكراهية بين أبنائه متصورين أن هذا سيوصلهم إلى مآربهم الدنيئة، وانه سيمكنهم من الحفاظ والبقاء على كراسي الحكم أبد الدهر. فأمثال هؤلاء لا يمكن أن يمثلوا السودان ولا شعبه. فالشعب السودانى لن ينسى أو يمكن أن يفقد قدرة التمييز بين التجار الذى يعملون فقط لضمان مصالحهم الشخصية والحزبية وبين من يضحى من اجل شعبه ووطنه. فمهما زادوا من جبروتهم وظلمهم، فالمظلوم لا يستطيع التغاضي عن الظلم والقهر مهما طال الزمن.

بالمنطق وبهدؤؤؤ يا مواطنين…

الآن فجرت هجليج أزمة أو شبه فتنة وطنية تحاول تأجيجها بالباطل الطغمة الحاكمة.

أصوات تنادى بإسترداد هجليج بالقوة بمبدأ ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. فهى أصوات بالطبع موالية أو أصوات اقتنعت بصكوك الوطنية التى توزعها الطغمة الحاكمة ولذلك إرتأت لإزالة أي خلاف معها لحين، والنزول مباشرة فى خندقها ضد عدو الوطن!.

أما أصوات أخرى تنادى أن كفوا عن هذه الحرب فليس للشعوب مصلحة فيها. هجليج تنتمى لدولة شمال السودان 100% حسب التحكيم الدولى، وليس لدولة الجنوب حق البتة في احتلالها. المجتمع الدولى أدان وأقر وأعترف بذلك. وبالتأكيد ستحل المشكلة دبلوماسيا من خلال الأمم المتحدة أو مجلس الأمن وإن طال الزمن.
فالعالم لم يعد مثل الماضى، القوى يأكل الضعيف. يمكن اليوم لدولة الشمال أن تدخل هجليج وتحررها. ولكن بالتأكيد ستكون بخسائر، وما يهمنا هنا الأرواح. وبعدها ثانية يمكن أن تهجم دولة الجنوب مجددا. وهكذا كر وفر ومزيد من الخسائر. وفى النهاية، يقتل من قتل، و نرجع لطاولة المفاوضات والحل الدبلوماسي. وكأنك يا أبوزيد ما غزيت. فلنا في نيفاشا العبرة والموعظة السيئة. فإذا لماذا لا نختصر هذا المشوار الذي يؤدى إلى إزهاق الأرواح. وفى النهاية هى حرب الشريكين السابقين. ولا نستبعد أنها مجرد رقص إستربتيز” لمصالحهما فى السلطة والنفط وأشياء أخرى كما قال عنها الأستاذ تيسير حسن إدريس فى مقاله. وفى النهاية يرى هذا الفريق أن الطغمة الحاكمة هى أساسا من مزق السودان وجر الوطن والشعب لهذا المستنقع. فهى حربها هى لحماية نفطها بدليل لماذا هجليج وليس من قبل حلايب!.

الفريقان وطنيان ولكن لكل منطقه ومبرراته مع أى الفريقين يقف. ولكن حسب وجهة نظرى أن الفريق الثانى هو من على حق.

فمن كان فى الفريق الأول ولا ينتمى للطغمة الحاكمة و مبدأه ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة نسأله: ما قوله فى الديمقراطية التى أخذت منه بالقوة وكيف لنا إنتزاعها؟ ماذا عن نهب ثروة البلد وخزينة الوطن والتمتع بها فئة معينة؟ ماذا عن إضعاف الجيش والمؤسسات الحكومية وطرد الموظفين للصالح العام؟. ماذا عن إثارة النعرات العنصرية والقبلية. ماذا عن الفساد الذي استشرى؟. ماذا عن قتل الأبرياء في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وفى كل مكان من بلدى السودان. ماذا عن انفصال الجنوب؟ ماذا عن تدهور الصحة والتعليم والبيئة؟ كيف تُحمِسكم وتُشجعكم أغنية أرض الجدود نفديك بالأرواح نذود أو جددونا زمان وصونا على الوطن؟ ألا تحس بالخجل!. ألا يترأى فى ناظريكم خريطة السودان الأصلية؟ و.. و..ماذا إن كانت هجليج أساسا لعبة وتمثيلية للهروب من الأزمة الإقتصادية ومداراة الفشل وضمان إالتفاف الشعب ودعم الدول الإقليمية والغربية!.

إنفصلنا ولكن أليس هناك نظرة فى المستقبل كيف تكون العلاقة بين هذين الشعبين اذا استمرت هذه الحرب. ألن تزرع هذه الحرب كراهية وعدائية دائمة ومستقبلية بين الشعبين. فهل يمكن أن ننعم بسلام بسبب هذه الحدود الجغرافية الواسعة؟. والأدهى والأمر أن تدخل الرشاوى والإبتزاز وشراء ذمم بين الجانبين لإسقاط النظامين و عمل استخباراتي واسع النطاق يقوض كل اشكال النمو الإقتصادى وذلك خصما على تقدم الشعبين.

فحكموا عقولكم وأنظروا للموضوع من أعلى وبرؤية ثاقبة.

الخناجر المسمومة ….

وما بدا يقلقني و يؤسفنى حقا الأصوات التي انجرت مع الطغمة الحاكمة للتخوين في وطنية الآخرين وحملت خناجر للطعن فى ظهورهم.

يا سادتي مقياس الوطنية هو التضحية في سبيل الوطن كما ذكرنا.

فالمؤتمر الوطنى يمتاز ويتقن فن المزايدة بالدين والوطن و يتسلح بمنطقي الأستقواء والإستعلاء ليستبد بكل ما طالت يده من الدولة. فهو يعتبر كل ما يخدم مصالحه هو مطلب وطني، وكل ما لا يتطابق مع توجهاته وطموحاته هو إساءة للوطن. وممنوع على غيره التمتع و التنعم بما يتنعم به من عطايا وخيرات هذا البلد ومقدراته. إنتزع كل الشرعيات وفصل القوانين لحسابه وحجب الحقوق عن أصحابها لكي يستبيحها بلامحاسبة ولا مسائلة لأنهم هم بشر ولكن يفوقون الملائكة فى العصمة. ففى الامن والسلم يتسلوا باحتقار ذات الشعب وأنهم هم الأجدر بقيادته ويلعنون سنسفيل من يعارضهم. وفى الحرب يتمطوا بالتهكم فى وطنية من يخالفهم الرأى ويتوعدونه بأشد العذاب وبئس المصير. فكما تعلمون فهم يتبعون سياسة التشكيك والظنون وقمع المخالفين وإحباطهم بالتهم الباطلة واستخدام الصيغ الاستهزائية والتهكمية.

وكل هذا بسب الأنانية (الحزيية أو الشخصية). والأنانية والتضحية من أجل الوطن صفتان متناقضتان. فاذا تعدت المصالح الشخصية أو الحزبية لأى مواطن مصالح الوطن فقد يكون سقط فى مستنقع الأنانية لشخصه أو حزبه.

وطنية فى درجة التجمد…

مثلا عمر البشير مطلوب للمحكمة الجنائية الدولية. فإذا كان يغلب مصلحة الوطن على نفسه أو حزبه لذهب إلى لاهاى معززا مكرما. عذرا لو كان بهذه الدرجة من التضحية الوطنية لوقف كل الشعب بجانبه ومنعه من الذهاب ولربما لأتى له بأوكامبو بذاته من أضانه ذليلا وزجوا به فى سجن كوبر.

أرجعوا معى للوراء قليلا، فلو كان الكيزان أصلا (حزب الجبهة الإسلامية القومية) يغلبون مصلحة الوطن على حزبهم لما كانوا قد أقدموا على إنقلاب الإنقاذ المشئوم من أساسه.

أنظروا معى الآن إلى هذا الواقع الحالى. فشل إدارى وإقتصادى وسياسى وإجتماعى بائن بالفساد المستشرى والتردى فى الخدمات والتعليم والصحة والبيئة وكل مقومات الحياة الكريمة. فلو كان لحزب المؤتمر الوطنى ذرة من وطنية لكان إستقال من إدارة البلاد بسبب هذا الفشل والفساد والإفساد والإنحطاط فى شتى المجالات. ولكن هم عازمون بإصرار وسائرون بإلتزام بالتضحية ولكن ليس من أجل الوطن ولكن من أجل سواد قلوبهم ولا يبالون فى أى هاوية سيوقعوا الوطن من جراء مصالحهم الحزبية والشخصية.

فهل يمكن أن يقنعنى أحد بوطنية هؤلاء التجار! أو أن يعدد لى التضحيات التى قدموها لهذا الوطن؟

وحتى فى معظم الأحزاب الأخرى طغت الأنانية الحزبية على مصلحة الوطن. فهم سبب في صنع ازمة السودان اللاوطنية. فقادة الأحزاب ينظرون لمصالحهم الشخصية اولا ثم جماهيرهم الحزبية على مصلحة عموم الشعب.
القادة العظام في التاريخ ضحوا في سبيل أوطانهم وشعوبهم ومبادئهم وبنوا حياة وتراث ما زالت اثاره باقية. فالمبادئ الوطنية وقضية الوطن يجب أن تكون الجدار الصلب الذي لا مساومة فيه ولا مجادلة. فمثلا أما كان بالأحرى للسيد الصادق المهدي أن يعيش طوال عمره إلى النهاية ولا يصافح البشير مطلقا. فكيف يسامح قادة الأحزاب فى من سرق حرية الوطن وحلم الشعب بالديمقراطية. قضية الوطن ليس فيها مهادنة. قضية الوطن تضحية إلى النهاية وإلتزام بالمبادئ والقيم. فإما أن تتحقق وإما بلاش من كله. فماذا كسبنا من 23 عاما مسروقة غير التردى المريع وعض أناملنا من الغيظ وشد شعر رؤوسنا من هول ما نرى من حروب ومصائب وفشل وفساد وإفساد وعجز. بل نتمنى ونريد أن نرجع لنقطة الصفر. أما كنا سنحترمكم يا سادة كثيرا أنكم لم تدنسوا أيديكم بهؤلاء الأوغاد الذين أورودونا هذا الحال.

ولكن القلب مازال ينبض..

ورغما عن أنف كل ما يحاق بالشعب، فقد خلق الله الناس شعوبا وقبائل ليتعارفوا، فهذه إرادة الله الحقيقية، ويكفى أننا تجمعنا الأرض. فكفى مزايدة بوطنيتنا يا تجار. فإرادة الشعوب هي المنتصرة دوما. وسنناضل من أجل بناء السودان الفضل والوطن الواحد فى المستقبل. وسينعم الوطن بالاستقرار والازدهار والتقدم والرفاهية بإذن الله. فالتاريخ يسير إلى الأمام، وكل ما تقومون به أوهام لتضليل المستقبل مصيرها الزوال. فلن تنالوا مرادكم لأن الوقت وإستمراركم وإستمرائكم فى التسلط كفيل بكشف ما تضغنون. سيكون لكم الشعب بالمرصاد، وسيحول مؤامراتكم إلى سراب، وستكونون أنتم الماضي الملعون وسيلقى بكم في مزابل التاريخ ليس مأسوف عليكم.

فيا أعزائى: “الوطن شجرة طيبة لا تنمو الا فى تربة التضحيات وتسقى بالدم والعرق”. كما قال ونستون تشرشل.

فلنكن الجدار الصلب الثابت الذى ينظر إليه أطفالنا ويرسموا فيه أحلامهم بثقة من دون إرتجاف أوخوف ولا حتى رعشة. فلنثبت لهم لكى يخطوا فوقنا بقوة فنحن جسورهم المعلقة فى بحر المستقبل. لتكون كلماتنا حضارة ومبادئنا عزوة وإرثنا لهم أصالة. لنكون لهم التراب الغض الذى يمشون فيه بسلام وأمن وأمان ليرتقوا فى مراتب العزة والإزدهار والرخاء.

تعليق واحد

  1. الأخ كاتب المقال سيف الحق، كتاباته متميزه ومفيده ومعه أناس كثر هنا علي هذه الراكوبه ولكن المشكله تكمن في أنفسنا جميعا” فنحن أشتات ولا يجمعنا هنا في معارضة النظام غير هذا المنبر ، أدعو لقيام (فورم) إن لم يكن حزب -نلخص فيه جميع الآراء أو المقترحات ذات الشأن ويتطلب ذلك -بالطبع أن تكون الأفكار جديدة ويمكن تنزيلها علي أرض الواقع في الحال بدلا” عن قراءتها ونسيان ما جاء فيها ،

    وتعجبت أيما تعجب عند قراءتي لمقترحات الدكتور ابراهيم الكرسني في شأن النقاط التي كان من المفترض إدراجها في بيان تحالف المعارضه لإسقاط النظام في شأن هجليج !! ومبعث دهشتي هو لماذا لا يستشار شخص في مقام وآراء الدكتور الكرسني قبل كتابة مثل هذه البيانات؟؟ أعلم سلفا” أن الجبهة المسلحة تعمل في ظروف حرب وظرف إستثنائي ولكن هذا لا يمنع أن تتضافر الجهود وتعمل علي كل الجبهات ويجب علينا -إذا كنا جادين فعلا” في إسقاط هذه الحكومة أن نتعاون مع بعضنا تماما” مدنيين وعسكريين وهذا ما كنا نفعله في السابق في تنظيم الأخوان المسلمين ، كنا مثلا” نجهز لإنتخابات الإتحاد قبل سنة كاملة من الموعد، وتأتينا أحيانا” أسماء “البلارمه ” مصنفة وجاهزه من الثانويات (من المدارس التي يوجد فيها أخوان) أما إذا جاءت اللستة “نية ” يعني- من دون إعداد – نقوم نحن بالتصنيف والعمل الجاد المتواصل ليلا” ونهارا” وكاتبة هذه السطور كانت لا تكل ولا تمل ، وكان مسؤولنا في وحدتنا هو عبد المنعم عثمان شقيق علي عثمان محمد طه نائب الرئيس، وكانوا شحيحيين جدا” في صرف المال ويأمرون الأعضاء بتقليل الإنفاق حتي أن بعضا” منا كان يذهب من الديوم الشرقية لمقر معدية جزيرة توتي مشيا” علي الأقدام لأداء إجتماع تنظيمي هذا أقل القليل . سقت كل ذلك لأدلل أن هذا النظام كان اعضاؤه ذوي شراسة وصمود ومثابرة شديدة وصبر علي الشدائد وللأسف سوف لن يسقط الإ بمجهود دؤوب و تكاتف و تعاون و تواضع منا جميعا” لا فرق بين أحد منا و الآخر إلا في ما يقدمه من جهد و بذل ، والله غالب علي أمره …………………مزاهر نجم الدين

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..