محنة التعليم وسياسات التخبط المربكة وتشويه الوعي المعرفي والاجتماعي لأجيال المستقبل

رأي

محنة التعليم وسياسات التخبط المربكة وتشويه الوعي المعرفي والاجتماعي لأجيال المستقبل

فائزة ابراهيم نقد

نعي تماماً ان حكومة الانقاذ منذ استلابها للسلطة تعمل جاهدة لتغبيش الوعي الاجتماعي وتشويه المعرفة، وهذا هو السبيل الوحيد لتمكينها سياسياً واقتصادياً.
– مما يؤكد ان التخريب الشامل الذي طال التعليم مستهدفاً كل مفاصله ومقوماته لم يكن عفوياً وانما استراتيجية موجهة لخلق جيل مرتبك المعرفة مشتت الذهن ومشوه الشخصية لاستمرارية (التمكن والتمكين).
– فالجريمة التي لحقت بالعملية التربوية ليست بالسهلة ولها افرازاتها السالبة على الانسان والمجتمع، وتتطلب التحرك العملي من كل الحادبين على التعليم من معلمين وتربويين ومتخصصين في علم النفس التربوي وآباء وأمهات وطلاب.. الخ للتصدي العملي والرفض القاطع بأن يكون أبناؤنا وبناتنا (جرذاناً) للتجارب الخرقاء والقرارات المتخبطة والتي أدت لخلل شمل كل معطيات العملية التربوية فعلى سبيل المثال:
٭ المناهج: – وما يطالها من تشويه – وهي عظم ظهر التعليم اذ أصبحت لا علاقة لها بالواقع الاجتماعي والثقافي فقط تكرس لفلسفة هذا النظام بأسلوب ركيك. زائداً الاخطاء السائدة في المعلومة واللغة (الامثلة الحية متوفرة) والحشو الذي يؤدي للتشتت وعدم التسلسل والربط وعملية التلقين والحفظ الذي يبعد التلميذ عن اعمال الذهن والتفكير واستخلاص المعلومة… الخ.
٭ المعلم: يعاني من تدني راتبه مع ارتفاع تكاليف المعيشة ومطالب الحياة اليومية تأخير المرتبات لمدة تصل إلى ستة أشهر أو أكثر مع تقليص التدريب وافراغ معاهده من معطياتها التربوية المتكاملة.
– ازدحام الفصول والاجلاس الخطأ – الذي قد يصل لافتراش الارض – يؤدي لصعوبة التوصيل والمتابعة.
– انعدام وسائل الايضاح وهي من أهم معينات المعلم مما يجعل المعلم (ملقناً مملاً).
– تدني البيئة وتصدع المباني فصولاً ومكاتب وأثرها النفسي على الاداء والاستيعاب.
– انعدام المعينات الاساسية في العملية التربوية: (المعامل، غرف الفنون، غرف الاقتصاد المنزلي، مسارح، ملاعب رياضية، مكتبات مدرسية …الخ) مما يجعل المهنة مملة ورتيبة.
– ازدحام المناهج وعدم ترابطها واخطاؤها تنعكس على اداء المعلم وتهز مكانته أمام تلاميذه.
– ازدحام المعلم بالدروس الخصوصية – والتي اصبحت ضرورة مادية – يخلق خللاً في العلاقة بين المعلم والتلميذ.
– تعرض اعداد كبيرة من المعلمين المؤهلين للفصل والتشريد، منهم من هاجر، ومنهم من هجر المهنة وذلك يعتبر خصماً على التعليم.
– ظهور بدعة المدارس النموذجية وبدعة مدارس الموهوبين، فهي محبطة للمعلم والطالب معاً، حيث تفرز المنافسة غير العادلة بجانب تعميق التعليم الصفوي وهذا يتناقض مع الهدف الأساسي من العملية التربوية.
– البيئة المدرسية:
٭ تصدع المباني لدرجة الانهيار والرعب الذي يعيش فيه التلاميذ والمعلمون في فصل الخريف.
٭ كثيراً من المدارس تنعدم فيها دورات المياه.
٭ البيئة الجافة من خضرة وميادين تخلق الاكتئاب وتؤدي لتدني التحصيل.
٭ اندثار المناشط التربوية (مسرح، رياضة، جمعيات أدبية …إلخ) مما يقتل الابداع عند التلاميذ.
٭ اقتطاع أجزاء كبيرة من مساحات المدارس لانشاء أماكن تجاربة، وهذا يعني نقل السوق بكل سلوكياته (العرض والطلب) لحصار التلاميذ والتلميذات، وهذا يتنافي مع رسالة دور العلم.
٭ هذه بعض الأمثلة الطفيفة لتسليط الضوء على التخريب الشامل الذي أحدثته سلطة الانقاذ. ولا مخرج منه إلا بعقد مؤتمر قومي للتعليم يشارك فيه التربويون والمختصون في كل مناحي التربية والتعليم وقدامى المعلمين والقوى السياسية والمنظمات ذات العلاقة بهذا الجانب. للقيام بتغيير جذري للنظام التعليمي (أهدافه، مقوماته، مضمونه، تمويله). زائداً مراجعة السلم التعليمي ليكون وفقاً لأهمية كل مرحلة وليس تخبطاً (4/4/4 أو 3/3/6 أو 3/9 و3/8)!! فالسلم التعليمي ليس فريقاً رياضياً يوزع وفقاً للمباراة! فالتعليم له أهدافه وكل مرحلة تلبي احتياجات محددة.
٭ كما يجب أن يقف التربويون أمام ظاهرة المدارس الخاصة الاستثمارية والتي اصبحت اعلاناتها تنافس السلع الاستهلاكية.
وهل شريحة الرأسمالية الطفيلية طالت التعليم لتخريج صفوة ذات عقلية بذخية وسلوكيات سالبة خصماً على المجتمع؟
تقييم هذه الظاهرة يصحبه تقييم التعليم الأهلي في السودان وتاريخه وارثه الايجابي. ولماذا اندثر؟.
٭ ختاماً: التعليم منهار ولا تخدعنا الاحتفالات المزيفة لنتيجة مزيفة (بالمائة الأوائل!!)، فنحن نعلم ان المنافسة غير عادلة ناهيك عن المعلومة المشوهة التي قامت عليها المنافسة – وتزييف النتيجة نفسها التي يعلمها حتى التلاميذ فلتكن الاحتفالات المزيفة في مجالات أخرى وليس التعليم والذي نعلم جميعاً وهم يعلمون أيضاً انه يخرج طلاباً مبتوري المعرفة، يفرغون التلقين على اوراق الامتحانات، ويخرجون للحياة دون تفكير عميق ويكتشفون التناقض الواضح بين الحشو غير العلمي والواقع الاجتماعي والحياتي اليومي.
فعلى قطاعات المجتمع ذات الصلة بالعملية التربوية أن تضع واقع التعليم في أولوياتها، وأن تخلق الآلية التي تعيد للتعليم وظيفته الاساسية، ورسالته التربوية المتوازنة مع الموروث الاجتماعي عموماً واحتياجات التنمية على وجه الخصوص.
*موجه تربوي بالمعاش

الصحافة

تعليق واحد

  1. جزاك الله خير معلمى الجليل صدقت التعليم إنتها لم بقى فية سوى الاسم لم تكن المدارس تلك المدارس ولانشطة نفسها كل معلم ذات كفائة ترك المهنة وهاجر أو تطرد لانة يعطى وأجبة وباإخلاص ولم تكن لة مكانة
    وأضف للذاك المدارس النموزجية أو مدارس الموهبوين هى التى تشكل فوضى فى التعليم كان فى السابق الاستاذ أو المعلم لم يستمر 2 سنة فى نفس المدرسة لذا كان المعلمين يتقلون من الشرق الى الغرب من الشمال الى الجنوب يعنى تكامل
    جزاك الله خير يا أستاذ على المذكرة

  2. الأستاذة فائزة بارك الله فيك وفى مقالك
    المعلم الأن أصبح أنا ماقادر أتكلم كنت معلم
    أتكلم عن السلم التعليمى عن المعلم البائس الفقير عن البيئة المدرسية المتدهورة عن المواد الحشو الفارغ عن المدارس الخاصة والتفرقة الصفوية عن أنهيار العملية التربوية والمناشط والثقافة وضياع أهداف العملية التعليمية المخرجات الضعيفة فى كل النواحى

    مشكوووووووووووووووووووورة وضعت يدك على الداء الأكبر فى السودان

  3. اختى …. فائزة

    الان كل رجال الاعمال اتجهوا للاستثمار فى التعليم الخاص والتربيه والتعليم توافق على الطلبات لفتح المدارس بدون متابعه دقيقه . لان الوزارة تاخذ منهم الرسوم والضرائب ومستفيده من ذلك. واخيرا اصبحت الوزارة من المستثمرين باسم التعليم الخاص ( النموزجيه) لماذا لا تكون كل المدارس الحكوميه نموذجيه . وده من اكبر اخطاء الوزارة .
    ا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..