سلاح ذو حدود كثيرة

سلاح ذو حدود كثيرة …

بهاء جميل
[email][email protected][/email]

في عصر أصبح فيه الحرف أقوى من الرصاصة ، وأصبحت فيه الكلمة أقوى من الصاروخ ، وفي وقت تحولت فيه العبارة إلى قنبلة نووية فتاكة ، وفي زمان باتت فيه الدول تشعل الحروب بالانترنت وبغرف والبالتوك وتقيم الدنيا ولا تقعدها من خلال شاشات التلفزيون ، في زمان مثل هذا يجب أن نترك العواطف جانبا ، حتى يتحلى خطابنا السياسي خاصة ذلك الذي يصدر من القيادات العليا بالقدر المطلوب من الحكمة ، والاتزان ، والذكاء ، وبعد النظر ، يجب أن يزن ساستنا كلماتهم – كلها – بموازين الذهب قبل أن تخرج من أفواههم حتى لا تعود عليهم وعلى الوطن بأكمله بمزيد من النتائج العكسية الضارة .

وان كان لا بد من خطاب تعبوي جماهيري يثير العواطف ويحرك الهمة في النفوس فليترك ذلك للقيادات الصغرى وللصفوف الدنيا حتى يكون ثمة مخرج وحتى لا نهدي لخصومنا هدايا قيمة يستفيدون منها أقصى فائدة ممكنة .
إن العنف والتشنّج الذي شاب خطابنا السياسي على الدوام وصبغ كل الخطب العصماء التي كان يتفوه بها السياسيون في السودان على مر التاريخ السياسي لم تأتي ولن تأتي إلينا إلا بنتائج سالبة لأنها ستعمل على زيادة استعداء الرأي العام الخارجي لنا ، وستحّوله أو ستزيد من تحوله في اتجاه دعم خصومنا .

بالأمس وبينما كان الدكتور ربيع عبد العاطي يتحدث في قناة الخرطوم عن المؤامرات والدسائس التي تحاك ضد الوطن ، ويتحدث عن ضرورة مخاطبة الرأي الغربي الذي يعلب دوراً كبيراً في التأثير على مُتخذ القرار في بلدانه من خلال إنشاء محطات ناطقة باللغة الانجليزية ومن خلال استبدال الملحقيات الثقافية في الخارج بمراكز ثقافية حتى تعمل على توصيل الحقائق لشعوب تلك الدول كانت مواقع الانترنت ومحطات التلفزة تنقل تصريح الرئيس البشير بوصفه للحركة الشعبية بالحشرات التي يجب أنت تباد .
من الواضح جدا أن الرئيس البشير قد وفق في خطابه كله ما عدا تلك الجزئية ، ومن الواضح أيضاً أنّ الرئيس البشير كان يتحدث عن الحركة الشعبية تحديداً وليس عن كل مواطني الجنوب ولكن دون شك سيتم استغلال هذا التوصيف أبشع استغلال من جانب الإعلام الغربي ومن الحركة الشعبية التي بدأت فعلاً في استثماره منذ اللحظة الأولى حينما سارعت لربطه بوصف الهوتو للتوتسي في رواندا بأنهم صراير يجب أن تباد قبل أن يقوموا بقتل حوالي 800 ألف منهم .

إنّ مثل هذا التصريح بالإضافة للأثر السالب الذي سيتركه لدى المواطن الغربي المؤثر في صانع القرار وبالإضافة للدعم الدولي السياسي والمادي والمعنوي الذي سيوفره للحركة الشعبية ، وبالإضافة للفائدة الكبيرة التي سيمنحها للدوائر المعادية التي ستوظفه لإثارة المزيد من مشاعر العداء ضد السودان سيؤدي بلا شك إلى توحيد الجبهة الداخلية للجنوبيين وسيدفع حتى المعارضين منهم للوقوف وراء حكومتهم ودعمها بغض النظر عن ما ارتكبته وعن ما ترتكبه من أخطاء ففي ظل تصريح مثل لن يستطيع أي سياسي جنوبي أن يقف موقف المعادي للحركة أو حتى موقف الحياد وإلا فانه سيُتهم بعدم الوطنية وبموالاته لنظام الخرطوم الذي يريد أن يبيد الجنوبيين .
أمر آخر أود الإشارة إليه هو التنسيق بين القيادات السياسية حتى لا تخرج التصاريح متضاربة او متناقضة ..

والله من وراء القصد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..