بين الخطأ والصواب

د. عبد الحفيظ خوجة
* زيادة الوزن عند المراهقين
* من الخطأ أن نجد البعض من ذوي الأوزان الزائدة لا يعترفون بأنهم يعانون من زيادة الوزن والسمنة وأنهم معرضون لمضاعفات خطيرة جراء ذلك، ويستمرون في الأنماط المعيشية الخاطئة في حياتهم.
صحيح أن الوزن الفعلي بين الناس يختلف وفقا لاختلاف التصور الذاتي للوزن عند كل واحد منهم. وهذا ما أوضحته دراسة بريطانية أجريت بين المراهقين ونشرت نتائجها أخيرا في «المجلة الدولية للسمنة International Journal of Obesity»، وأظهرت أن ثلث المراهقين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة ويعتقدون في تصورهم الذاتي أن أوزانهم لا تزال ضمن الحدود الطبيعية وبالتالي فلا يَشْكون من المشكلة ولا يسعون لحلها.
كان الهدف من الدراسة معرفة نسبة المراهقين ذوي الوزن الطبيعي ممن يعتبرون أنفسهم ذوي أوزان كبيرة جدا (المبالغين في تقدير أوزانهم size overestimation)،، ونسبة المراهقين الذين يعانون من زيادة الوزن أو البدانة ويعتبرون أنفسهم ذوي أوزان طبيعية صحية أو حتى أن أوزانهم خفيفة جدا (المستخفين في تقدير أوزانهم size underestimation)، وأجريت الدراسة على عينة سكانية كبيرة قاموا بتجميع بياناتها في أكثر من ثماني سنوات في إنجلترا.
أخذ علماء من إمبريال كوليدج في لندن Imperial College London بتحليل بيانات لـ5000 مراهق، تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاما. وقاموا بتحديد مؤشر كتلة الجسم BMI لكل واحد من المشاركين وكذلك التعرف على تصوراتهم الشخصية لأوزانهم.
وجد الباحثون أن ما يقرب من ثلاثة أرباع المشاركين (73 في المائة) هم في نطاق الوزن الطبيعي، والخمس منهم لديهم زيادة وزن، بينما صنف سبعة في المائة بأنهم يعانون من السمنة المفرطة. لكن التصور الذاتي للأوزان والأحجام لم يتطابق عند الجميع مع الحقائق.
كان 39 في المائة من المراهقين الذين يعانون من زيادة الوزن والسمنة ينظرون لأوزانهم على أنها «طبيعية»، وعدد قليل ومحدود منهم (0.4 في المائة) يعتقدون أن أوزانهم «خفيفة جدا». ووجد أن أكثر من ثمانية من أصل عشرة من المراهقين ذوي الوزن الطبيعي كانوا ينظرون لأنفسهم بشكل صحيح بأن أوزانهم طبيعية بالفعل. وكان سبعة في المائة يعتقدون أنهم ذوو «أوزان ثقيلة جدا»، ونحو عشرة في المائة يعتقدون أن «أوزانهم خفيفة جدا»، أما بالنسبة للفتيات فكن أكثر عرضة للتفكير في أنفسهن معتبرات أن «أوزانهن ثقيلة جدا».
ومع نتائج الدراسة علق رئيس فريق البحث د. جان واردل Jan Wardle أن هذه الدراسة كانت سببا للاحتفال وإعادة التفكير. فالشباب الذين كانوا يعتقدون أنهم يعانون من زيادة الوزن وهم طبيعيون وكانوا في وقت من الأوقات سيلجأون إلى اتباع حميات غذائية قاسية ويتعرضون لاضطرابات غذائية خطيرة، أصبحت لديهم نظرة واقعية حول أحجام أجسامهم. ومع ذلك، فإن الإشكالية تظل عند أولئك الذين يعانون من زيادة الوزن وقلة الوعي حول زيادة الوزن والسمنة، ولديهم في كثير من الأحيان تصور خاطئ عن أنفسهم، يجب أن يكونوا على علم أن أوزان أجسامهم ليست صحية، كما يجب علينا مساعدتهم على إنقاص أوزانهم.

* القهوة وأمراض العصر
* القهوة هي واحدة من المشروبات الأكثر استهلاكا على نطاق عالمي واسع. ويثار نقاش متشعب وطويل حول كمية استهلاكنا لها مقابل الأضرار الصحية التي قد تنتج عنها. وظلت الأخبار الطبية تطالعنا من وقت لآخر عن إمكانية الإصابة بأمراض العصر لمن يسرف في شرب القهوة تارة، وتارة أخرى أن شرب عدد من أكواب القهوة يوميا لا ينشط الجسم فحسب، بل يقيه من الأمراض.
وظل العلماء يسعون لإثبات تلك العبارات بدراساتهم وأبحاثهم. واستمرارا في إجراء البحوث حول هذا الموضوع، فهذه دراسة دنماركية نشرت نتائجها في «المجلة الدولية لعلم الأوبئة International Journal of Epidemiology»، وأجريت لاختبار الفرضية القائلة بأن التناول المفرط للقهوة يرتبط وراثيا مع انخفاض مخاطر السمنة، ومتلازمة الأيض (التمثيل الغذائي) والسكري من النوع 2، ومع العناصر الأخرى ذات الصلة بها.
استخدمت هذه الدراسة فحص الحمض النووي DNA، حيث إنه يحدد جزئيا مقدار استهلاك الفرد للقهوة. وفحص الباحثون، في جامعة كوبنهاغن، الحمض النووي وحللوا المعلومات حول شرب القهوة وأمراض نمط الحياة لـ93000 شخص دنماركي وأوجدوا العلاقة بينهما.
وجد الباحثون أنه يبدو أن كمية القهوة المستهلكة تتأثر بالجينات الوراثية لكل شخص. فإذا كانت لدى شخص ما الجينات الخاصة بالقهوة، فإنه سيشرب القهوة أكثر من غيره الذين لا يمتلكون هذه الجينات! ولكن المثير للدهشة في هذه الدراسة أنها استنتجت أيضا أن هذه الجينات الخاصة بالقهوة هي مستقلة تماما عن عوامل نمط الحياة الأخرى، ولذلك أمكن أن نستنتج أن شرب القهوة في حد ذاته ليس مرتبطا مع أمراض نمط الحياة، وبمعنى آخر أن جينات شرب القهوة لا ترتبط مع خطر الإصابة بأمراض نمط الحياة كداء السكري من النوع الثاني أو السمنة، وإن استهلاك القهوة لا يرتبط لا إيجابا ولا سلبا مع أمراض نمط الحياة المختلفة.

* مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email][email protected][/email] الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..