سئمنا الحربَ .. لا بديل عن التّفاوض إلاّ التّفاوض !!

بلا انحناء

فاطمة غزالي
[email][email protected][/email]

سئمنا الحربَ .. لا بديل للتّفاوض إلاّ التّفاوض !!

الحركة الشّعبية أهدت المؤتمر الوطني فرصةً (للتّوهط) في الجلوس على كرسي الحكم في وقت بدأت فيه ملفات الفساد المتساقطة هنا وهناك تهدد أركانه، وارتفعت أصوات المواطنين في الطُّرقات والمركبات العامّة تشكو وتسب وتلعن الضّنك المعيشي الذي حاصر السّواد الأعظم من الشّعب.. الحركة الشّعبية جعلتنا نشكُّ في أنّها تنفذ أجندة لصالح المؤتمر الوطني، أو نصدق الرّواية التي يتناقلها السّاسة في صوالينهم ومفادها أنّ قرار الاستيلاء على هجليج قرار أحادي اتخذه رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت بإيعاز من قيادات حركة العدل والمساواة التي يريد أن يتخذها بديلاً وسنداً لكون نسبة ثقته في (أولاد قرنق) باقان أموم ومجموعته صارت في تراجعٍ مستمر، وبدلاً من أن يبارك خطوة باقان تجاه الاتفاق المبدئي حول الحريات الأربع التي شرع باقان في التبشير بها في أواسط الجنوبيين فإذا بـ(سلفا) يفاجأهم بالهجوم على (هجليج) التي أدخلت حتى المجتمع الدّولي في حرج، وأفقدت الشعب الجنوبي والشمالي العيش بأمان في كلٍّ من الدولتين.
وإذا كانت هذه الرّواية منسوجة من الخيال، فليكن خيالُنا أوسع بأن سيزداد الشّك في أن الحركة الشعبية تقوم بأدوار، وتنتهج أساليب ترفع من أسهم المؤتمر الوطني سياسياً..
ففي الوقت الذي يتحدث فيه الرأي العام عن التّغيير والإصلاح، وتحقيق الديمقراطية – خاصّة بعد أن حاصرت الأزمة المعيشيّة المؤتمر الوطني – إذا بالحركة الشّعبية (تُلخبط) الحسابات وتعود بنا إلى مرحلة حالة الطوارئ ودمغة الجريح، ودعم الجهاد.. الحركة الشّعبية وباستيلائها على هجليج صرفت بعض الأنظار عن مسألة التّغيير والإصلاح، وصارت لغة الحرب هي القاسم المشترك في دالة الواقع السياسي السوداني، وإلاّ تم سحب جواز الوطنيّة ممن يتحدث عن حلول سلميّة.. والشّاهد على ذلك مسألة الحديث عن مؤتمر دستوري لم تجد الارتياح في نفوس المؤتمر الوطني الذي يتحدث عن توحيد الجبهة الداخليّة وفقاً لرؤيته.
الوطنيّة الحقّة هي أن نفيق قليلاً من نشوة استرداد منطقة هجليج، وأن نزيل غشاوة النّصر التي تحجب الرؤية وتوقف عجلة التّفكير في كيفية الصُّعود إلى ما فوق النّصر وايجاد توليفة تزيل التوتر القائم بين دولتي السّودان وجنوب السّودان .. ومهما حقق السّودان من نصر لن يكون مكتمل الأركان مادام هناك حالة طوارئ قائمة بسبب الاستعداد للحرب، وهناك شباب مرابط في ميادين القتال، والنّصر الكامل الدّسم في علم السّلام وفض النزاعات هو الوصول إلى نقطة التّفاهم التي تنتهي إلى تسويات سياسية تغلق أبواب جحيم الحروب، وتحفظ الأرواح، وتحقن الدّماء، وتحمي البلاد ومواردها من الدّمار.
بالرّغم من الأجواء المشحونة بالعداء بين القيادات السياسية في الدّولتين التي لعبت فيها الإساءات المتبادلة دور الوقود الذي يزيد الحريق اشتعالاً، الواقع يفرض على الدولتيين الجلوس في مائدة التفاوض لأنّ مصلحة الشّعب والوطن تُملي على القيادة السياسية في البلدين أن تستصحب معها تأثيرات الحروب وتداعياتها الإنسانيّة والسياسيّة والاقتصاديّة .. والحديثُ عن إغلاق ملف التّفاوض ليس من المنطق في شيء، ومهما وصلت درجات النّصر ووصل مداه السياسي والدّبلوماسي والميداني على الحركة الشّعبية.. النّصر ليس مبرراً موضوعياً للوقوف في خانة اللا تفاوض لأنّه – أيّ التفاوض- هو الوسيلة الوحيدة لطي الأزمة التي أرهقت السّودان موحداً ومنشطراً. صحيح النّصر يضع الطرف المنتصر في خانة الطّرف المفاوض الأقوى في مائدة الحوار، ويستطيع أن يسجل أهداف كثيرة في مرمى التّفاوض، ولكن لن يكون النّصر بديلاً لحالة اللا استقرار بين البلدين، وإذا كان الهدف من استمرار الاحتقان والتّوتر بين البلدين هو الوصول إلى نقطة (الفوز – الخسارة) بأن يرفع أحدها الراية البيضاء ليأخذ خصمه كل شيء بقوة السلاح لا شك في أن الشّعب في الدولتين سينتظر كثيراً في محطة المعاناة الإنسانية مطوقاً بفواتير باهظة يدفعها قسراً من قوت يومه لأنّه في وطن أدمن نزيف الدّماء وسماع أصوات المدافع.. سئمنا الحرب!!.
الجريدة

تعليق واحد

  1. “نقطة التّفاهم التي تنتهي إلى تسويات سياسية تغلق أبواب جحيم الحروب، وتحفظ الأرواح، وتحقن الدّماء، وتحمي البلاد ومواردها من الدّمار.”

    سلمت يا استاذة فاطمة- الوطنية الحقة هى ايقاف الهدر والهزل والجد فى بناء الوطن والشعب والتفكير فى المستقبل فى الامان والاطمئنان للاجيال القادمة وليس زجهم فى كراهية وحرب بين شعب كنا نحن وهو شعب واحد- ليكون هذا العداء ملازما لنا طول العمر!!

    لكن لن يفقهوا هؤلاء القوم؟ فهجليج لم تحرر بعد الهجليج الجد هؤلاء الرجرجة والدهماء والهجيج

  2. بسم ألله ألرحمن ألرحيم

    أخت فاطمه ألسلام عليكم ورحمة ألله مداخلتى مطوله فاليسامحنى الجميع (1)

    كارثة وأزمة (هجليج)لا تحتاج منى لتعليق لولا أن بعض الحمّقى لا يزالون يتحدثون عن (ساحات الفداء) انتظرتُ ولم أكتب حتى هدأت الازمة.. فما كان معلوماً ومعروفاً من أن الحريق لم يستهدف سوى الروابط بين شعبى الشمال والجنوب.. فكان نصيب (الشباب) الموت الزؤام والنهب والسلب والتضييق هنا .. وهناك ..

    سبقت إحراق (هجليج) سلسلة من الأحداث المؤسفة التى تعرضت لها المنطقه مما اضطر النظام لركوب الصِعاب واقتحام الأهوال بل ودخول نار جهنم برغم الفساد والإفساد.. كانت حلقه فى مسلسل آخر من الفظائع التى عرَّضتها(الفضائيات) كشفت (الكاميرا) جزءاً يسيراً من الجحيم الذى كان السودانيون (شمالاً وجنوباً) يتلظّون فيه قبل واثناء الحريق الأخير الذي اجتاح (هجليج).. يبدو أن البشير وساسته فى هذه الأيام مشغولون بكيفية الإعداد لخوض غمار حرب ضروس طالما تغنوا بها واعتبروها خياراً استراتيجياً لسياستهم

    نعم ..سئمنا الحربَ ..لم تنل الهجمات العسكرية المتكررة التى يمارسها الجيش هنا وهناك وكل ما نتج عنها مئات الضحايا والمشردين..

    سيكتفى النظام بترديد الأطروحات الدبلوماسية الموضوعة مسبقاً والتى تتكرر في مثل هذه المناسبات ليجرى تسويف الحدث بعدئذ ووضعه ضمن الملفات العالقة التى لا يُفكر احد فى هاتين السُلطتين بوضع حلول جدية لها تنطلق اولاً وأساساً من تطلعات الشعبين وتتفق مع حيثيات نضاله في سبيل حقوقه المشروعة فى البترول وكل ما يترتب على ذلك من تبعات في كافة مجالات الحياة المختلفة..

    المفاوضات هذه الأيام أمام مفترق طرق كبير يتمثل في كيفية جمع (الأفرقاء) لدينا مشكلة سياسية تحتاج إلى حل سياسي. ليس لهذا الحل غير اسم واحد هو (التفاوض) المشكلة فى صراع (نيفاشا)غير المحلول الذى ترك وراءه كثيرا الضحايا وكثيرا من المطالبات، وخلف ازمة ثقة عميقة متعددة المستويات فى المجتمعين الأهلى والسياسى.. قد تختلف مواقفنا وانحيازاتنا حِيال المشكلة هذه قد تختلف الحلول التى نتصورها لها لكن قِلة مِنا تُنكر وجود المشكلة ذاتها..

    * إن ما يمكن التعويل عليه بالنسبة لسياسة النظام هو الإبتعاد عن (الوهم) الذى رافق ويُرافق سياسة تبنى قرع طبول الحرب التى لم تُحقق فيها أىّ إنتصار لحد الآن يصب فى مجرى تطلعاتهم بالقضاء على (الحشره الشعبيه)

    فالإبتعاد عن وهم الإنتصار العسكرى يجب ان يُرافقه البديل الذى لا خيار غيره لدى النظام إذا ما اراد هذا النظام فعلاً وقف سيل دماء الشعبين وإذا ما اراد هذا النظام فعلاً الإكتفاء بآلاف الضحايا الذين سقطوا لحد الآن من الجانبين وإذا ما اراد هذا النظام فعلاً ان يُساهم فى إستقرار وتقدم المنطقة التى لا يُمكنها ان تنال ذلك دون التغلب على مشاكلها المتعددة ..

    وقضية الشعب الكوردي والإعتراف به وبنضاله وحقوقه تقع في المقدمة من ذلك ، وإذا ما اراد النظام التركي ان يثبت للعالم بأنه تخلى عن سياسة (البلطجه)ففى التفاوض تكمن الحلول العملية لتجاوز هذه الأزمة ولتوطيد اسس السلام بيننا هذا السلام الذى يجب ان يكون عادلاً بكل معطياته ..

    * وللحديث بقيه أخت فاطمه ..

    الجـعـلى البعـدى يـومـو خنـق .. ودمـدنى السٌُــنى

  3. للاسف مسرحية هجليج تعد ازمة مفتعلة سعى الطرفان لاخراجها للوجود هربا مما يواجهان داخليا من انهيار اقتصادى جراء وقف امداد البترول اضافة الى ملفات الفساد التى باتت تهدد بقاء النظامين .

  4. أها يافطومة ماوريتنا التفاوض دا يكون علي أي أسس وماحددتي لينا الجهة التي ترفض التفاوض!!! بعض الصحفيين وعند مالايجدون شيئا يكتبون عنه ويكون ماعندهم (موضوع) أسهل حاجة يتكلموا عنها ضرورة جلوس الطرفين (للتفاوض) ثم الحديث عن البديهيات من المعلوم عن فوائد التفاوض وإيراد مساوئ الحروب وكأنها إكتشافات جديدة.. ولا مش كده يافطومة؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..