مقاربات

مقاربات

الصادق المهدي الشريف
[email][email protected][/email]

الرسالة (1)
? قالت حليمة بائعة اللبن لآمنة.. وقد جاءت كعادتها قبل شروق الشمس.. وهي تكيل لها لبناً بقرش:
(سمعت الخبر؟؟.. الزين مو داير يعرس!!) .
? وكاد الوعاء يسقط من يدي آمنة. واستغلت حليمة انشغالها بالنبأ فغشتها اللبن.
? وفي زحام الفرح.. وهجليج في القلوب أكبر من مدينة.. يزداد سعر جوال السكر من 35 جنيهاً ليصبح 45 جنيهاً.. وتتساقط دموع الفرح.
(2)
? كان فناء المدرسة (الوسطى) ساكناً.. خاوياً.. وقت الضحى، فقد أوى التلاميذُ إلى فصولهم، وبدأ مِن بعيد صبيٌ يهرولُ لاهثَ النفسِ، وقد وضع طرف ردائه تحت إبطه حتى وقف أمام باب (السنة الثانية).. وكانت حصة الناظر:
(يا ولد يا حمار.. إيه أخرك ؟؟)
ولمع المكر في عيني الطريفي:
(يا فندي سمعت الخبر؟؟)
(خبر بتاع إيه يا ولد يا بهيم؟؟)
ولم يُزعزع غضبُ الناظر من رباطة جأش الصبي، فقال وهو يكتم ضحكته:
(الزين ماش يعقدولو بعد باكر).
? وسقط حنك الناظر من الدهشة.. ونجا الطريفي.
? والأوقاف تُحرِّك بعضاً من كوادرها لمراجعة الحسابات الخاصة ب(أوقاف سودانية) في المملكة العربية السعودية.. والحسابات يتداخل بعضها في بعض.
? ولجنة من ديوان المراجع العام ترجع وتقولُ أنّ الفاقد من تلك الأوقاف تعجز حقائبهم عن حمل دفاتره.. والأموال بعضها بالريال السعودي.. وبعضها بالدولار.
? وشراهة الاسواق للدولار تجعل خبراً عن (مبلغ خمسة مليون دولار) يدفع بسعر صرف الدولار الى أسفل.. دعك من عشرات الملايين التي تحدث عنها تقرير المراجع العام.
? وحين يهمُّ المراجع بفتح فمه ليطلع أعضاء المجلس الوطني عن تقرير لجنته العائدة من السعودية.. فجأة يدوي التكبير.. ووزير الدفاع يعلن عن تحرير هجليج.. ونجت الاوقاف.
(3)
? وفي السوق أقبل عبد الصمد على دكان شيخ علي، محتقن الوجه، ليس ثمة أدنى شك في أنه غضبان. كان له دينٌ على شيخ علي، تاجر العماري، دينٌ ماطله عليه شهراً كاملاً.. وقد قرر أن يخلصه منه ذلك اليوم، بالخير أو بالشر.
? (علي.. أنت يعني قايل أنا ما بخلص قروشي منك، ولا فكرك شنو؟؟).
? (حاج عبد الصمد. كدى قول بسم الله واقعد نجيب لك فنجان جبنة).
? (يا زول جبنتك طايره عليك، قوم افتح الخزنة دي ادني قروشي، ولا كمان أن بقيت ما بي ضُمه كمان فهمني).
? وبصق شيخ علي (السفة) من فمه، وقال (كدى اقعد احدسك بالخبر دا).
? (يا زول أنا مو فاضي لك ولا فاضي لي خبيراتك، باقي أنا عارفك مستهبل داير تطرتش على قروشي).
? (يمين قروشك حاضرات، كدى اقعد انحكيلك حكاية عرس الزين).
? (قلت عرس منو؟؟).
? (عرس الزين)
? وجلس عبد الصمد ووضع يديه على رأسه وظل صامتاً.. ولم يخلص دينه في ذلك اليوم!!.
? ولمدة ثلاثة ايام بعد تحرير هجليج.. ظلَّ أحمد يحمل الأوراق والفحوصات.. و .. أمّه المريضة.. الى المستشفى الإتحادي من أجل إكمال اوراقها لعلاجها بالخارج.. ويعود في آخر كلّ يوم وهو يحفظ الجملة التي يرددها له المدير الطبي للمستشفي (كدي.. خلي الأوضاع تروق شوية).
(4)
? والمقاربات هذي بين ستينات القرن الماضي.. حين الف الراحل الطيب صالح في الستينات رواية عرس الزين.. وعالم ما بعد ذلك بخمسين سنة.. وندورُ وندورُ.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..