الخبز الحافي

أشرف عبدالعزيز

في يونيو الماضي قررت الحكومة رفع سعر صرف دولار استيراد القمح المستخدم في صناعة الخبز من 2.9 جنيه إلى 4 جنيهات للدولار وسط توقعات بأن ينسحب القرار على إنقاص أوزان الخبز أو زيادة أسعاره بشكل مباشر.
تلا ذلك إعلان الحكومة في أغسطس الماضي، تحرير سلعة الدقيق وفك احتكار استيراد القمح من قبل مطاحن “سيقا وويتا وسين” للغلال، التي كانت تحتكر استيراد القمح.

استهلاك البلاد من القمح مليونا طن سنوياً، في حين تنتج البلاد ما لا يتجاوز من 12 إلى 17% من الاستهلاك السنوي، حيث تعاني الحكومة من توفير اعتمادات العملة الصعبة لاستيراد القمح والتي تصل إلى أكثر من ملياري دولار سنوياً.
بشكل مباغت قررت وزارة المالية تعديل سعر صرف دولار استيراد القمح من 4 جنيهات الى 6 جنيهات، وقال وزير المالية بدر الدين محمود في تصريح صحفي: “إن التعديل جاء لإزالة التشوهات ومعالجة دعم الأسعار”. وأبان أن التعديل اتخذ وفقاً لنتائح العطاء الأخير لاستيراد القمح والدقيق، ومؤشرات الأسعار العالمية والتي تشير لهبوط الأسعار، واصفاً ذلك بأنه “خطوة إيجابية” للخروج من الدعم بطريقة كلية بدون الضغط على المواطن، للاستفادة من انخفاض أسعار القمح عالمياً. وأفاد أن وزارته تعمل للخروج من الدعم نهائياً مع الاهتمام بالشرائح والفئات الضعيفة.

صدق الوزير في حديثه عن انخفاض أسعار القمح عالمياً، وذلك لم يحدث اليوم، بل منذ فبراير الماضي حيث أفادت التقارير بأن أسعار القمح في الأسواق العالمية شهدت انخفاضاً حاداً بلغ 40% مع توقعات بموسم حصاد وفير هذا العام.
عندما أعلنت الحكومة في سبتمبر قبل عامين عن حزمة قراراتها الاقتصادية تحت غطاء رفع الدعم عن الوقود والتي أثارت جدلاً واسعاً، وفقد السودان على إثرها أرواح شباب أبرياء خرجوا مستنكرين تداعيات القرارات وما أفرزته من غلاء طاحن، طفقت الحكومة في التبريرات مؤكدة بأن (البنزين) يستهلكه الأغنياء وليس الفقراء وأن سياساتها الاقتصادية الجديدة جاءت من أجل الشرائح الضعيفة والفقيرة والتي ستتولى الدولة دعمها ورعايتها.

ولم تمضِ أشهر على القرارات حتى وبدأت أسعار (المحروقات) عالمياً توالي انخفاضها فيما لم تتحسن لا (أحوال) الفقراء ولا (حال الاقتصاد) نفسه، وما أشبه الليلة بالبارحة، بل هي أقبح منها بكثير، فالقمح أسعاره تنخفض والحكومة ترفع سعر دولاره، وكعادتها تنظر إلى الأمر بمنظارها وتريد أن تتنصل عن دعم القمح مستفيدة من هبوط أسعاره عالمياً وتعتبر هذه الخطوة إيجابية لأنها لا تضغط على المواطن، وكأن أسعار القمح هذه قد لا ترتفع مجدداً.

بطل رواية الخبز الحافي – للروائي محمد شكري- ترعرع وسط أسرة كان دور الأب فيها ظالماً وقاسياً، والعنف الذي نشأ فيه الابن، أفضى إلى تدميره روحياً وقيمياً وأخلاقياً، وتدمرت في نفسه مكانة الأب الرمزية، فكان يشعر بعدم الرضا من ضحكات أمه مع أبيه ويقول: “اللعنة على كل الآباء إذا كانوا مثل أبي”، “أكره الناس الذين يشبهون أبي”.. هذا حالنا مع الحكومة التي تمثل أبانا وتظلمنا ولا ترد حقوقنا لا تترك لنا مجالاً غير لعنة كره (أبونا).

الجريدة
______

تعليق واحد

  1. هذه حكومة اذا زادت الاسعار عالميا تزيد وتقول هذا سعر السوق العالمي واذا انخفضت لا تنزل الاسعار بل ايضا ترتفع
    هذه حكومة الكيزان يعبدون المال والسلطة والاعلام
    انها صفات اليهود

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..