أخبار السودان

المراجع …لا يراجع

كمال كرار

يخرج إلي العلن كل سنة تقرير للمراجع العام،عن نتائج مراجعة حسابات الحكومة في العام السابق،يقدمه المراجع لبرلمان الحكومة عبر خطاب يلخص فحوي التقرير،فيصبح الخطاب مادة إعلامية،وينتهز بعض النواب الفرصة لإظهار حرصهم علي المال العام،وتنتهي مناقشات النواب إلي لا شئ،ويدخل التقرير إلي الإرشيف بتوصياته،ويغط الجميع في سبات عميق إلي أن يأتي التقرير التالي وهكذا دواليك.

المراجع العام لا يراجع نصف الوحدات الحكومية المكلف بمراجعتها لأنها تمنع فرق المراجعة من الدخول،أو لأن قوانينها فوق قانون المراجعة العامة،أو لأن المساهمين الأجانب في المصنع الفلاني لهم مراجع خاص.
والمراجع العام لا يكشف تقارير مراجعة البنوك،حتي لا يفقد العملاء الثقة في الجهاز المصرفي عندما يتبينون حجم المبالغ المنهوبة.
ولا يستطيع المراجع العام مراجعة شركات الأمن والجيش والشرطة،وأي استثمارات أخري للجهات الإستراتيجية،رغم أنها أموال عامة وليست خاصة،لأسباب تتعلق بسرية أنشطة هذه الشركات.
وعندما يشير المراجع العام لأمور التجنيب،والإعفاءات الجمركية والضريبية،أو للإعتداء علي المال العام،يقول له الفاسدون(قديمة إلعب غيرها).

وعندما يتحدث بالأرقام عن عجز مالي في وزارة النفط،تقول له (هات المستندات)،بينما تقرير المراجع نفسه مأخوذ من مستندات الوزارة،وليست هنالك مستندات في جيب المراجع العام لتقديمها كدليل ملموس.
وكم من مرة أشار المراجع لقروض(أكلت)،وحوافز نهبت،وأموال سرقت،ولجان مشتروات مضروبة،فلا القروش رجعت،ولا الحرامية سجنوهم،بل ظل شعار السدنة مرفوعاً(ملك الملوك إذا وهب لا تسأل عن السبب).
وهكذا يبدو تقرير المراجع العام السنوي مسرحية كوميدية،يكتب قصتها(الحرامية)،وأبطالها ناس(أنهبني وتحلل)والمتفرجون هم سواد الشعب الذي تؤكل أمواله في وضح النهار.

وحتي موعد التقرير القادم،ففي النهب سيتنافس المتنافسون،ولا من شاف ولا من دري ولا يحزنون،وفي النفط مالا تعلمون.
من فوائد تقرير المراجع العام بالنسبة للسدنة أنه يشغل الجماهير عن ضنك المعيشة والغلاء،فتتصدر الأنباء أخبار المراجع،وليس البصل الذي وصل سعر الجوال منه إلي 900 جنيه،وفي خصم الجدل حول تقرير المراجع تنقطع الكهرباء والموية،وتتفاقم أزمة المواصلات بالخرطوم،وتجري الترتيبات لزيادة أسعار الكهرباء،وربط النفايات بفاتورة الكهرباء تعسفياً،وتزداد تذاكر المواصلات الدخلية بالخرطوم دون إعلان،وتذاكر البصات السفرية عبر المدن دون توضيح،وينهار الجنيه أمام الدولار بالضربة القاضية.

وفي مكتبه الفاخر المطرز بالأبنوس والعاج،يستلم(السادن الفنان) التقرير اليومي،عن الحالة اليومية،فيتبسم لغياب المظاهرات والاحتجاجات،ولانشغال الناس(بالفارغات)،فيختم علي التقرير بالشمع الأحمر ما مفاده(يحفظ مع باقي الملفات)،ثم يراجع حساباته بالإسترليني والدولارات،في بنوك ما وراء المحيطات،ويكتب علي الدفتر بالقلم الأحمر(ماذا يفعل الحاسد مع الرازق يا أيها الشمّات).
تلك حكاية تقرير المراجع العام،وهي تشبه حكاية الأيتام في موائد اللئام،وعلي المال العام السلام

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. كلموا الجماعة ديل الواحد لما يتكلم أمام الكاميرات مايسوي أي حاجة ولا يحك راسو.
    عشان الشفاتة ديل بثبتوا الفيديو محل دايرين. وتبقى زي الفلقة. أمممممممممممم.

  2. إنت يا كمال كرار مفروض تكون المراجع العام لأنك تراجع وتحسب أنفاس المراجع العام المضروب والفشنك والمدثر بثياب الذل والإنحطاط والكذب والخداع .كل رجالات وبضاعة وفكر ودجل وسياسات الإنقاذ مضروبه ومنتهية الصلاحيه وقد إنكشفت للجميع رائحة نتانتها فلا سوق لها إلا حرقها ودفن المتفحم من باقي جثتها .

  3. ماهو دور مجلس الشعب فى المال العام؟…مجلس الشعب ينبغى ان تكون الجهة الرقابية الاولى فى الدولة والاشد فاعلية…فأعضاء مجلس الشعب هم من يحركون قضايا المال العام داخل ديوان المراجع العام…هم من يثيرون القضايا فيما الديوان يقوم بمتابعتها…لكن الحاصل فى السودان المنكوب ان الديوان هو من يثير القضايا والنواب يتفرجون عليه مثل المواطن المغلوب على امره

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..