في ذكري معركة ام دبيكرات

بقلم : حامد الباهي

ان الحقائق التاريخية لا تخفي ولا تستر حتي وإن ران عليها غبار التلفيق والاختلاق وان غشيتها الغفلة واصابها الخنوع فالزمن وان طال كفيل ببيانها وازالة ما علق بها من اردان الغرض والهوي ويظل الهاجس الكبير ان لوكان الامر خلاف ما وصل الينا وما نقل وحرر ونشر , ان الشك ينسب للمتهم فيبرئه ذلك في اضابير الشرائع القانونية ودساتيرها , اما في حال بطلنا فمواقفة وتضحيات جنده في كل شبر من بقاع الوطن كفيلة بانصافه ورد الظلم عنه فالبطولة والتضحية لم تكن في ام دبيكرات وحدها والشعراء الذين تفننوا في تدبيج القصائد عرفوا قدر ومكانة من وقف في وجه الامبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس لاكثر من ثلاثة عشر عاما ..
امن ام دبيكرات اتاك مخبر … ام زرتها تتنسم الاخبارا
ام كنت حاضرهم غداة تجمعوا … حول الخليفة ينشدون الثار
انفوا الهوان فآثروا ان يطردوا … بظبا السيوف عن البلاد العارا
طلع العدو عليهم فتقدموا … متسابقين وفارقوا الاعمارا
لله من جيش الخليفة فتية … اتخذوا الوفاء الي الممات شعارا(1)
( 1- من ديوان الشاعر/ محمد احمد البيتي )
يصف كتاب معركة ام درمان لوينستون تشرشل فيما قبل الخاتمة وقبل معركة ام دبيكرات يقول ( في البدء كان الجميع يعتقد ان في نية الخليفة الانسحاب لمسافة لا يمكن الوصول اليها الي الابيض او جنوب دارفور , وكانت الشائعات تدور حول وجود اسلحة بامدرمان وقد كانت مدفونة وان الاضطرابات قد عمت المدينة وفجاة في 12 نوفمبر وردت انباء عجيبة وغريبة ان الخليفة لا ينسحب للجنوب او الغرب بل يتقدم شمالا نحو امدرمان) .

ان اشارات هامة تستدعي استصحابها من خلال ترجمة بعض المصادر الصحفية لتلك الفترة :
تقول صحيفة Cornishman الانجليزية عن نهاية معركة ام دبيكرات : ” هناك كان الخليفة عبدالله مستلقيا علي الفروة وقد اخترق جبته الرصاص فصارت الجبة كالغربال..وسقط بجواره قائدان من اعظم قادته وهما الخليفة علي ودحلو و
الامير احمد فضيل وبجانبي جثة الخليفة وجدنا نحو عشرة او اثني عشررجل من أمراءه المعروفين وأمامهم أمراء قوات الملازمين المخلصون حتي الموت . لقد كان الكلونيل ونجت يتأمل في ذلك المشهد الذي قد يكون مفزعا للبعض الا انه كان بحق يمثل مشهدا لمجموعة من الرجال الشجعان الذين لقوا حتفهم بنبلٍ وبسالة ” .. ثم تنقل الصحيفة أقوال احد الأمراء الأحياء الذين استجوبتهم القوات البريطانية عن اخر لحظات الخليفة وتذكر انه قال : ( عندما اشتدت وقائع المعركة نادي الخليفة عبدالله علي أمراءه وقال لهم .. لن أتراجع أبدا .. سأموت هنا .. وقابل الأمراء قراره بالموافقة التامة .. فلقي الأمراء مع قوات الملازمين حتفهم مع قائدهم ). ثم تختم الصحيفة الخبر بالخاتمة الآتية : ” مهما كان من امر الخليفة عبدالله فلابد ان نعترف انه كان عدوا فائق الشجاعة. لقد كان مشهد مقتله وثباته البطولي باعثا علي نسيان كل ما نسب اليه من تجاوزات.. فلترقد روحه بسلام ”
صحيفة Cornishman الانجليزية ،١٤ ديسمبر ١٨٩٩، ارشيف الصحافة البريطانية .

وتتوافق رواية الصحيفة الانجليزية مع ما ذكره المؤرخ والمحلل العسكري عصمت زلفو في كرري والذي قال : ” بعد أن شاهد الخليفة النيران التى أبادت الصفوف من أمامه وعندما بدأ تقدم العدو أمر كل أمرائه بالترجل عن جيادهم وافترش فروته على الأرض وجلس عليها واتجه للقبلة . جلس الخليفة علي ودحلو عن يمينه ونادى أحمد فضيل الذى كان مشغولاً بإعادة تجميع رجاله وأجلسه عن يساره وجلس خلفه من كانوا فى رئاسته ، وعندما وجهت نيران الرشاشات من أعلى التل وقف اب جكة أمام الخليفة محاولاً ستره بجلبابه من الرصاص المتطاير فأصيب وسقط أمام الخليفة فأخذ الخليفة رأسه ووضعه فى حجره فحاول أحمد فضيل إبعاده من الخليفة فمنعه الخليفة مؤنباً قائلا له : «أب جكة شالنى أربعتاشر سنة أنا ما أشيلو يوم إستشهادو؟».
أصيب الخليفة فى ذراعه اليسرى فستر الجرح بيده اليمنى وعندما بدأ مشاة الكتيبة التاسعة فى التقدم نحوهم لم يطق الخليفة علي ودحلو صبراً فاستل سيفه ووقف ليتقدم لمواجهه العدو وهو يظلع فصاح فيه الخليفة آمرا بالجلوس وكانت تلك آخر كلمات نطق بها فقد أصيب بعدها بثلاث طلقات فى صدره أخترقت إحداها قلبه ..«من كتاب كرري لعصمت زلفو».

————–
لله عبد الله في الميدان من … بطل يجالد ماردا جبارا
ياجند عبد الله من مستشهد … قد فاز او متحيز قد سار
هذا الخليفة في ام دبيكرات على … ما قد عهدتم لم يزل نفارا
هيهات تمتحن الحوادث نفسه … بل زاده اقبالها استبصارا
او يذهب الخطب العظيم بحزمه … يوما بلي قد زاده اصرارا
—————
خطاب الضابط الانجليزي جورج فرانك ” George frank” لابن عمه تي جي فرانك ” T.J.frank ” في بريطانيا يصف فيه استشهاد الخليفة عبدالله وأمراءالمهدية في ام دبيكرات :
“و عندما احس الخليفة بدنو اجله .. نادي علي أمرائه و كبار رجاله .. ورفض الاستسلام كعادته .. افترشوا الفروة جميعاً وجلسوا عليها كجلوس المسلمين للصلاة .. وانتظروا مصيرهم بشجاعة فائقة …
ثم ذهبت بعد ذلك لأري الخليفة .. فوجدت أمامه جثث الملازمين من حملة البنادق.. ويبدوا انهم قُتلوا جميعا دون ان يتزحزح احد منهم من مكانه .. وكان خلفهم الخليفة عبدالله مسجي بجسده وبجانبه جسد المقاتل الجسور الامير احمد فضيل وحوله جثامين كبار أمراء المهدية .. وعندما دققت في جثمان الخليفة وجدت وجهاً صبوحاً .. يشي مظهره بالشجاعة والقوة وعليه اثار الوقار والهيبة..له ذقن تتخلله بعض الشعيرات البيضاء .. ولون وجهه فاتح البشرة .. له أنف منقاري ووجه عريض نوعا ما .. ثم دققت بجانبه علي الامير المخلص الي اخر لحظات الممات .. احمد فضيل .. وكان علي وجهه اثار ابتسامة مطمئنة واضحة لا تخطئها العين و عينين عسليتين اكثر اطمئناناً وبجانبهما وجدت جثمان الخليفة علي ود حلو أيضاً ”
خطاب بتاريخ ٢٨ نوفمبر ١٨٩٩
أوراق الضابط الانجليزي جورج فرانك
George Frank papers SAD/ 403/2
(كتاب مهدي السودان ومقتل الجنرال غردون ،فيرغس نيكول دار سوتونSutton للنشر ، جلوستارشاير ، المملكة المتحدة ٢٠٠٤ ) .
ذكرت بعض المصادر ان ما يربو علي العشرة الف مقاتل كانوا في معية الخليفة في ام دبيكرات وحدها لم ينفضوا من حوله وان كان قد احلهم من بيعته فهي معركة كبري وسجال بين الحق والباطل لاينتهي فلن يتخلي السودانيون عن ايمانهم ووطنيتهم ولن ينتصر الباطل وان طال امده .
——————————
لله من حول الخليفة عصبة … في الله قد كانوا له انصارا
هذا علي الحلو جاد بنفسه … ومضي الي غرف اليها صارا
هذا فضيل وان في تاريخه … شرفا اليه سيلفت الانظارا
——————————–
ان معركة أم دبيكرات في يوم الجمعة 24 نوفمبر 1899 مثلت لوحة خالدة ستظل في وجدان هذا الشعب لانها اظهرت معدنه النفيس وصلابته ورفضة للظلم والهوان لقد تسابقوا جميعا لنيل الشهادة وكما فعلوا في كرري فاستشهدوا ولم ينل الرصاص من ظهورهم قط وتلك ملاحظات لعمري جديرة بالاهتمام فالصور تبين كيف انهم استقبلوا الرصاص المنهمر بصدورهم مقبلين غير مدبرين.
تدافع جند الأمير الختيم موسى من الأبيض وقطع فرسان الامير أحمد فضيل الفيافي من القضارف للالتحاق بجيش الخليفة استعدادا للتوجه نحو امدرمان . اما ثالثهم فهو فارس وبطل لا يشق له غبار انه الامير عربي دفع الله احد اشجع امراء المهدية واكثرهم حنكة , كان يصارع البلجيك في الاستوائية ويتحرق شوقا للانضمام لجيش الخليفة ومساعدته بنفسه ورجاله ولم يتسني له ذلك وانتهي به المطاف محاربا في جيش السلطان علي دينار … ومن اهل الشمال كان هناك الامير احمد جمال الدين الجعلي ومن دامر المجذوب الأمراء محمد الطاهر وعبد الرحمن المجذوب و كان هناك ايضا السيد الصديق ابن الامام المهدي ومن الوسط الامير النايب عثمان ود احمد البطحاني والامير البشير عجب الفيه الكناني ومن اقصي الشرق الامير عثمان دقنة ، ومن امراء المهدية في دارفور وكردفان الامير يعقوب ابو زينب و الامير عبدالباقي عبد الوكيل والامير فضل الحسنة .. نعم لقد قاتلوا ببسالة وشجاعة وقدموا ارواحهم رخيصة في سبيل الله والوطن ..

لولا استماتته لما خلدت لنا … قيم وعدنا بعده احرارا
لولا استماتته لما عرفوا لنا … في حكمهم من بعده مقدارا
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. لأن ما جرى في أم دبيكرات لم يكن عاديا بل بهر وفاق كل التصور لأن شهداء أم دبيكرات بقيادة الخليفة عبدالله التعايشي هم الذي وقفوا ضد التوغل الاوربي بكل حسم في جهات كثيرة من السودان ووضع الخريطة الجغرافية لحدوده فمن الجنوب الغربي واجهوا الفرنسيين والبلجيك ومن الجنوب واجهوا الانجليز من يوغندا ومن الشرق الفرنسيين من وراء الحبشة وفي الشمال الشرقي الايطاليين وكيف لا نذكرهم بالحير وهم الذين وقفوا في وجه هذا الصلف المتحامق علنا والمستتر داخليا بمؤامرات العربان الصديقة (المتواصلة الي اليوم من احفادهم لتشويه هذه التضحيات)….. واجهوا كل التحديات هذه بإيمان صادق وحب للوطن والعقيدة ، لذلك عرف المستعمرين عظمة الخليفة وارادوا ان يطمسوا ذلك التاريخ الثر ويشوهوا تلك اللوحة الخالدة وبذلك يجتثوا روح المقاومة والتحرير من ضمير الأمة السودانية ولكن هيهات لهم.

  2. من خلال التاريخ الذي تم سرده في معارك تحرير السودان تجد العدوا نفسه يكتب الحقائق وينصر إعداءه ولكن الطوابير الخامسة من الذين كانوا مع العدوا يكتبوا عكس ذلك وجلهم يزور التاريخ لمعاني يعرفها هو نفسه

    الى اليوم لم يعطى أي حر قدم نفسه ودمه من اجل السودان حقيقة
    حتى من كانوا قادة لجيوش التحرير اليوم تجد اطلالات املاك لهم حول الخرطوم وام دارمان وبحري اما عيدان النار من شجعان التحرر عليهم السلام

  3. أخي الفاضل
    بارك الله فيك
    تذكر الشعب السوداني بأيام الشجاعة والايمان والوطنية
    في هذه المعركة استشهد أجدادي محمد الطاهر وعبد الرحمن المجذوب
    ومازال أحفادهم وأنا منهم علي عهد الدين والايمان والوطن ياقين
    حسبي الله ونعم الوكيل

  4. المجد للرجال الشجعان رجال هذي الارض والعار للامبراطورية البريطانية والخونة. هكذا يموت الرجال واقفين مثل الشجر.

  5. الاستاذ المحترم حامد الباهي
    شكرًا مقال جيد الترتيب وخصوصا الاستشهاد بالجرائد الانجليزية ….معركة ام دبيكرات كانت معركة السودان كله ضد كتشنر وونجت واذياله من المصريين وقد سن الخليفة عبدالله سنة الثبات واستشهد ومعه كل هؤلاء الأبطال من كل قبائل السودان حتي اعترف العدو قبل الصديق بشجاعتهم

  6. هذه من صورة من صور الشجاعة النادرة عند الشعب السوداني الذي بذل النفس والمال والولد في سبيل الوطن، فكيف تكون كرري والشكابة وام دبيكرات نسياً وقد رقد على وهادها ما يزيد عن 80 ألف مجاهد وامير ومحارب، فلو كانت هذه الواقعة في احدى البلاد الاخرى لتفاخرت بها وجعلتها مئذنة تزورها الاجيال والسواح والاجانب. اخبرني قريبي ( يعمل موظف في وزارة الخارجية) انه شاهد جون كيري وزير الخارجية الاميركية والذي زار السودان وكان المبعوث الامريكي لجنوب السودان في بداية الالفية ,ابدي الرجل رغبته في زيارة ضريح الإمام المهدي وبيت الخليفة، فقد انتزعت منه مخلفات بيت الخليفة إعجاباً يفوق الوصف، وظل يطلب منا تفاصيل التفاصيل عن المواقع وعن الانصار، ولعله علم لأول مرة كيف يدافع اهل السودان عن وطنهم . لابد ان تنقل كل آثارنا المرتبطة بالثورة المهدية في الجزيرة ليحتفي بشهدائها في كتفية ومصطفى القرشي، وشكابة الخليفة شريف والفاضل والبشري وعند الامير احمد المكاشفي والامير ود كريف والامير بابكر ود عامر والشيخ ود البصير وغيرهم لمتحف واحد هذا ما تعمله كل شعوب الدنيا. ذلك التاريخ المجيد هو الذي يشكل مظلتنا الحقيقية التي نستظل بها بين الأمم.

  7. الحبيب الباهي
    جزاك الله خير ،،،
    بعض الاخوان لايعجبهم هذا السرد وكانه ينتقص منهم شئ
    زي النغمة ( هسع كنت هناك مافي شئ )

  8. من خلال مذكرات الاعداء تتلمس الحقائق حيثوا كتبوا عن عدوخم وذكروا حقائق من بسالة وشجاعة وغيرها

    اما الطوابير الخامسة قامت بتزوير كل التاريخ
    واما قادة جيوش التحرير قاموا بجمع وتسجيل العقارات الى اليوم يملك احفادهم الوف من العقارات التي ورثوها
    اما عيدان النار من المحاربين الشجعان عليهم السلام

  9. من أوبريت الشريف زين العابدين الهندي

    حباب البقعة مبروكة الاله والدين
    حباب السودنوك سمارة وزين
    حباب مهرك ضبح غردون من الاضنين
    حباب المهدي كبر فيك حرارة ودين
    حباب اسد العرين عبدالله ود تورشين
    حباب دقنة سواكنه في الدورين
    حباب يعقوب وشيخ الدين

  10. هي اعظم ثورات العالم و يكفي انها صنعت دولة حرة في قلب افريقيا وسط موجة من الهجمات الاستعمارية لم تنجو منها القارة.انت دولة رغم التحديات على درجة عالية من الدقة و التنظيم الاداري تشهد بذلك وثائق الثورة المهدية بدار الوثائق القومية،راجع محمد ابراهيم نقد في كتابه علاقات الرق في المجتمع السوداني النشاءة و السمات و الاضمحلال صفحة 89 من طبعة العالمية للطباعة و النشر. لذا تعرضت لتشويه متعمد لعقود ولازال مستمرا قادته المخابرات البريطانية و المصرية في ذلك الوقت و استمر اثناء الاحتلال البريطاني المصري للسودان. فوصفت بالفوضى ونشرت مقولة- الدنيا مهدية -ولم تكن كذلك . ووصفت بالظلم وكل فظيع ولم تكن كذلك كان دولة من صميم الشعب قادها المسحوقين من طبقات الشعب الفقير و رفضها الخونة و المستفيدين من الاحتلال التركي الذين استمر بعضهم حتى يومنا هذا يدافع عن الخيانة التي لازلنا نعاني من اثارها بعد اكثر من مائة عام ولازال ضيجيج احفاد الخونة و اكاذيبهم يطنان في اذاننا ليل نهار ويحرم امتنا من سلامها الاجتماعية و يقلق شهداء الامة و ابطالها في كرري و ام دبيكرات و الحلاوين و ساحل البحر الاحمر و كردفان في قبورهم الطاهرة و يقلق قلوبنا المحبة للوطن.
    المجد للثورة المهدية اول ثورة تحرر في افريقيا شاء من شاء و ابى من ابى و سيعاد كتابة التاريخ حتما منتظرا ليرد لشهداء الامة السودانية اعتبارهم المفقود على مدى اكثر عقود عديدة.

  11. كلام جميل , لكن السودان لم يزل تحت الاحتلال . و ذلك عندما ذهب الانجليز سلموا السلطه لايدى من سيستمرون بنفس نهج الانجليز فى محاربه بؤر مصنع المهديه و الثوره وهو غرب السودان عموما و هذا ما يجرى الى يومنا هذا !! لكن الاستقلال الحقيقى بدأ يلوح فى الافق و حينها سينعم احفاد الثوار الذين حاربوا الانجليز حقيقياو يحسون بذهاب الانجليز حقيقيا . و ذلك بذهاب احفاد عملاء الانجليز نهائيا من حكم السودان .

  12. * تمثل الثورة المهدية المسلحة إنبعاثا للكيان السياسي الجديد للدولة السودانية المعاصرة فالكفاح المسلح هو الذي أوجد الدولة والمجتمع ومعهما النظام السياسي وأعطى أيضا قيمة للإنسان السوداني أمام شعوب العالم عندما إنتفض بسلاحه ضد الظّلم والاستبداد الإستعماري طلبا للحرية ولردّ الإعتبار لكينونته وشخصيته الحضارية بجميع مكوناتها التي تكمن فيها كرامته وإنسانيته ولإسترجاع ممتلكاته وأرزاقه المسلوبة من المستعمر التركي إن الثورة التي هزمت واحدة من أكبر القوى العالمية بإمكانيات بسيطة ومتواضعة كانت قدوة ونبراسا للشعوب المظلومة ولحركات التحرّر في العالم وكانت أيضا موضوع إعجاب وأمل لأبناء الأمة العربية في الوحدة والتحرّر وكنموذج تضحية يمكن الاقتداء بها لتحقيق أهداف العرب في صراعهم الحضاري مع قوى الشّر في العالم لهذه الأسباب نرى أن ثورة بهذا العطاء الوطني والقومي والإنساني يريد أعداء البلاد والأمة العربية والإنسانية تقزيمها ومحو آثارها من التاريخ والذاكرة الجماعية للشعب وإعتبار إنتصار الثورة مجرّد (هِبَة) سياسية لكي تنسى أجيالنا القادمة تاريخ وبطولات أجدادهم وتستهين بقيم الثورة ورموزها الوطنية وتضحيات شهدائها العظام ويصبح بالنسبة لهم (لا حدث) ولذلك نرى أنّ الإهتمام ببناء حاضر الدولة في جميع مناحي الحياة لا يجب أن ينسينا ماضينا وتضحيات أجدادنا فالثورة المهدية هي مرجعية سياسية وعقائدية لأيّ عمل وطني وعليه فإن غرس قيمها في أذهان وقلوب الأجيال المتعاقبة سوف يعزّز التماسك الاجتماعي ويقوي روابط الوحدة الوطنية ويُنمّي لدى الفرد قيم الوطنية والحرية كشيئين متلازمين ومقدسّين لا يمكن الاستهانة بهما كما يرى حزب البعث العربي الاشتراكي أنّ ثورة المهدي و ثورة أكتوبر ليست مجرّد إحتفال مناسباتي بل هي ذاكرة متجدّدة عبر التاريخ يجب أن يلقّن ويدرّس في المنظومة التربوية للبلاد في جميع مراحل التعليم كلّ حسب مستواه وأنّ أيّ تقصير في تحقيق هذا المطلب هو عمل غير وطني ومنافي لمبادئ وقيم الثورة المهدية وثورة أكتوبر المجيدة.

  13. شكرا استاذنا حامد الباهي على السرد الرائع والمعلومات الجميلة. هذا المقال قدرت توضح بطوله هذه الشهداء وسوف لم يتقبل به ابناء المرتزقه العملاء الرخصاء!!

    لله درك خليفه المهدي المجاهد العظيم وشهداء ام دبيكرات

  14. من ابيات الشعر عالم عباس محمد نور يرثي الخليفة عبدالله وشهداء ام دبيكرات

    أ ذا هو الوطنُ؟ أودت به الإحنُ !
    وهو الذي كان (الخليفة) في المصلى رابضا كالليث
    مؤتزرا وشاح الصبر والإيمان، يفني صامدا في الزود عنه
    يمينه ألق الفداء وفي شمائله الجسارة والشهادة …

  15. أحسنت أخي القول والمدح وأوفيت الرجال الأبطال حقهم ولا يعرف قدر الرجال إلا الرجال وأبناء الرجال
    ومثلهم جدير بالاحتفاء والتكريم وتخليد ذكراهم بأبرز معالم البلد وتسمى بأسمائهم الشوارع وقاعات الدرس والمساجد
    حتى تعرف الأجيال الناشئة عظمتهم وقوة شكيمتهم وحبهم لوطنهم وتضحيتهم بالغالي والنفيس وأنفسهم من أجل رسم خارطة هذا الوطن الذي ننعم بالعيش فيه فلهم منا التحية والتجلى ونسأل الله العلي القدير أن يتغمدهم بواسع رحمته ومغفرته ويسكنهم فسيح جناته مع الصديقين والشهداد وحسن أولئك رفيقا.

  16. عندما نذاكر أوراق التاريخ ونستعرض كيف قُضي على الدولة السودانية الستقلة قضاء مبرما، وكيف حوربت لدرجة عدم السماح لأي ثلاثة أنفار بالتجمع وكانت تلاوة الراتب جريمة يعاقب عليها القانون،حتى قال كتشنر مقولته الشهيرة: «المهدي وراتب المهدي وخليفة المهدي قد دمرتهم ودفنتهم في حفرة عميقة فمن بحث عنهم سوف ألحقه بهم»! وكان الغزاة وقد شهدوا بطولات السودانيين في المهدية واستهانتهم بالموت وتضحياتهم ، صاروا مثل من ذاق عضة الثعبان فخاف من جرة الحبل، يقتلون كل من يتشككون بشأنه ثم يتحققون من خطورة ما يهدد به لاحقا! عندما نقلب ذلك التاريخ نستغرب كثيرا اذن ظلت تلك ذكري الثورة المهدية حتى بلغتنا اليوم برغم ظروف الزمان والمكان؟
    ثم نجد الاجابة حاضرة في الطريقة التي استشهد بها الخليفة عبدالله وصحبه -عليهم السلام أجمعين في مشهد أم دبيكرات الذي انحنى له الأعداء مما جعلهم يؤدون التحية العسكرية عندما أُنزل جثمان الخليفة في قبره بام دبيكرات ووقف الضابط اركان حرب «وندهام» مشدوها ومتسائلاً امام الجنرال ونجت قائلاً هل نؤدي التحية العسكرية لهذا الخصم اللدود؟؟ فأجابه «ونجت»أنت لا تعرف يافتى عظمة من دفنا، ومهما كان رأينا في الخليفة ورجاله فانهم ماتوا ميتة الأبطال فكانت تلك الميتة هي القوة الملهمة التي حفظت ذكري الثورة المهدية حية : فقد تنازلوا عن الآني من أجل المستقبلي و قد ضحوا بالدولة، لكنهم سقوا الفكرة..فكرة السودان الحر المستقل …. بمدد روحي وقومي متصل لا ينقضي سيله حتى عاشت والى اليوم: يؤمن بها الجد والأب والحفيد ،الجدة والابنة والحفيدة…لكل شعب كرامة وتاريخ وبطولات يفخر بها وهذه الملاحم يفتخر بها اي سوداني

  17. فعلا الخليفة مات ميتة أبطال شجعان ولكن أين كانت تدابير الحرب والفر والكر والحرب خدعة كما يقولون؟

  18. رحم الله الخليفة عبدالله ورفاقه الفرسان الشجعان رحمة واسعة فهم الآن بين يدي الله.
    لكن يااستاذنا الباهى ومعجبيه ، قد أثبتم أن الخليفة لم يقاوم وهو في النزع الأخير ، بل حتى منع أمراءه الأشاوس من المقاومة وجلس على فرائه ينتظر الموت الآتى. إذا لم يكن هذا هو عين الإستسلام فكيف يكون الإستسلام؟
    ثم ، أستاذنا الباهى ، هل لك أن تحدثنا عن سياسات الخليفة الداخلية وقضائه على أمراء الدولة المهدية الآخرين مثل الأمير حمدان أبوعنجة والزاكى طمل بعد تعذيب طويل وآخرين؟
    ثم، يأتي السؤال الكبير ، هل كان بالإمكان الأخذ بنصائح أمير أمراء المهدية الأمير عبدالرحمن النجومى الذى نصح مرارا وتكرارا بالعدول عن (الحماقة الكبرى) محاولة فتح مصر، مما كان قد يترتب عليه نجاة الدولة المهدية؟
    أسئلة محورية كثيرة تنتظر الإجابات الشجاعة، أستاذنا الباهى ، وهي أهم من كيف مات الخليفة، هل مات واقفا أو جالسا، وقد أثبتت أنه مات جالسا.

  19. الخليفة عبدالله بطل من ابطال السودان قاد الجيش بنفسه ولما عرف انها النهاية فرش الفروة و استشهد في الميدان كاي فارس نبيل ولكن بعض قبائل الشمال التي تعودت علي عطايا الترك والانجليز لا يقرون له فضله ويصمون اذاننا بزعيق ونعيق عن نمور من ورق واابطال وهميين كالزبير باشا تاجر الرقيق و المك الرعديد نمر و وصالح المك و القائمة تطول وتطول
    هذه العنصرية النتنة والتي لا تعترف لاي احد من اطراف السودان بالحق في حكمه فنجدهم يلفقون الاكاذيب للخليفة الشجاع و السلطان علي دينار وحتي عثمان دقنة انبري احد واولاد الميرغني المدللين المنعمين اظنه الجني المسمي ابراهيم الميرغني ليشتمه ويلفق له الاكاذيب هذه السياسة هي التي فرتقت الجنوب وستفرتق الغرب والشرق لتقعدوا انتم في الشمالية القاحلة لوحدكم وترجعوا كما كنتم قبل الثورة المهدية ايام الاتراك مكوك وقبايل متناحرين متنافرين وهذا هو الغباء والحماقة التي ستضيع السودان

  20. خليفة الصديق أعز الله وجهه

    بقلم عبد الله علي إبراهيم

    (في مناسبة الذكرى السادسة عشر بعد المائة لمقتل الشهيد الخليفة عبد الله خليفة الصديق في أم دبيكرات)
    تمر علينا هذه الأيام حولية معركة ام دبيكرات السادسة عشر بعد المائة. وخطرت لي في المناسبة فكرة استثارتني يوم أطلعني عليها الأستاذ أحمد المرضي الفنان التشكيلي قبل عقد من الزمان. وكانت فكرته أن يستثمر تطور تكنلوجيا الحاسوب ليعالج صورة خليفة الصديق الخليفة عبد الله التعايشي المسجى على ظهره قتيلاً في ساحة الفداء بأم دبيكرات عام 1899. وهي صورة نشأنا عليها. وربما عددناها آية في الموت من أجل القضية. فقد اختار خليفة الصديق الموت على نهج الفروسية السودانية متى لم يعد من الموت بد. فمتى حصرك العدو وأنسدت الدنيا عليك بما رحبت جلست على مصلاك متوكلاً رابط الجأش باذلاً بغير لجاج ثمن مغامرتك في الحق ومسارعتك لله.
    ولكن ربما تسرب شيء من الوهن في النفوس والعزائم إذا لم نعد نرى من الرجل إلا لحظة من لحظات ضعفه القوي أو قوته الضعيفة. وهي لحظة تركه عليها خصم مستبد وغاز فاجر. وكان نبهني طالب من طلابي من كلية الفنون الجميلة في بداية عقد الثمانينات إلى خطر الصورة وزواياها من جهة الوعي التاريخي. فقد حلل الطالب في بحث التخرج صور غردون المرسومة التي نتداولها ولم يجد بينها رسماً له إلا وهو فاخر سامق مستعل. فتراه يحتل صدارة الصورة حتى في لوحة هجوم الأنصار عليه. ويند في علاه الفوق تماسكاً . . . ولا عليه. بينما ظهر الأنصار في أسفل الصورة كالجرذان تجتمع على هذا القديس الشهيد. ولما أطلعني المرضي على مشروعه لاستنهاض خليفة الصديق من عثرة أم دبيكرات فرحت بوعد أن نرى الرجل الحق.
    ربما كان الخليفة عبد الله أحد أهم رموزنا التي تحتاج إلى توطين أفضل في لوحة تاريخنا الحديث. فهو ضحية “خمارة التاريخ”. فقد نشأنا على ضفاف النيل لا نذكر الخليفة إلا مصحوباً بقول حبوباتنا عن لحس جيش الأنصار حتى لعجين الخمارة من فرط بأسهم. وهذه واقعة واحدة لا تصلح للحكم على الخليفة وعصره المعقد بإطلاق إلا لمن لا يكترث للتاريخ فيجعل من مرارته سداً دون أن يحيط بماضيه خيره وشره. وأنا أعلم أنه قد سبقتني الدكتورة فيفان ياجي إلى النظر الأكاديمي الحصيف لتقويم خليفة الصديق بمعطيات أخرى غير “خمارة البلد”. ونشرت لها مقالاً مترجماً عن دعوتها بمجلة الدراسات السودانية التي كنت قائماً على تحريرها في آخر عقد الثمانين. ولا أدري أين بلغت من هذا العمل المبروك.
    أزعجني علم تاريخي غير دقيق في تقويم خليفة الصديق ساد في عقودنا الأخيرة. فقد أصبح الخليفة مثلاً يضرب في ركوب الرأس العقائدي أو الهوس الديني الذي يبلد حس المرء السياسي ويجعله أسير أيدلوجيته لا يسمع ولا يرى. ووجد فيه بعض خصوم الإنقاذ الحاكم سابقة تاريخية ل “صناجة” الإنقاذ العقائدية التي يفسرون بها عزلة النظام السياسية وتطفل لعالم علينا. وأنا غير معني بالإنقاذ هنا بالطبع. ولكن بدا لي أننا ربما احتجنا إلى مراجعة صورتنا عن الخليفة كعقائدي مهووس.
    فمما يعاب على الخليفة عبد الله أنه استعلى على مساع الأمبراطور منليك الحبشي الذي عرض عليه تحالفاً “أفريقياً” ضد القوى الأوربية الغازية. وكان من جاء بالعرض هو رأس منقشا رسول الأمبراطور. فقد طلب الرأس من خليفة الصديق أن يتحالفوا ضد قوى الإثم الأوربي و”الإنجليز الحمر” بالذات. ولم يقتنع الخليفة بذلك. ورد عائبو الخليفة تعنته إلى أصوليته الإسلامية. فقد أعمته كراهة الحبش المسيحيين دون أن يقف على الخطر الحق القادم لا ريب فيه وهو من المستعمرين الأوربيين. وواضح أن لائمي الخليفة أسقطوا ضيقهم بالأصولية الدينية التي تفاقمت في عقودنا الأخيرة على سياسة الخليفة تجاه الحبشة. ولكنهم ربما ظلموا الخليفة. فهناك شواهد على أن الخليفة مال إلى عرض الحبش بل أكرم وفادة رأس منقشا في أوائل 1898 وترخص مضيفهم في مأكلهم ومشربهم. فقدموا لهم لحم الخنزير وبنت الحان حتى يفكوا عقدة لسانهم كما قال توماس باكنهام مؤلف “التكالب على أفريقيا” المشهور.
    ولكن هناك ما هو أهم من هذا في دفع العيب عن الخليفة في تواثقه مع منليك. فقد اختلف المؤرخون حول جدية منليك في عرضه على الخليفة عبد الله التحالف ضد الغزاة الأوربيين. وكانت مجلة التاريخ الأفريقي المشهورة ساحة لحوار حول هذه المسألة في النصف الأول من الستينات بين الدكتور ج ن ساندرسن، استاذ التاريخ بجامعة الخرطوم والمختص بتاريخ صراع القوى الأوربية في أعالي النيل، والدكتور هارولد ماركوس أستاذ التاريخ بجامعة ولاية متشغان والمختص في تاريخ أثيوبيا. وكان من رأي ساندرسن أن منليك كان صادقاً في عرضه للتحالف مع الخليفة لصد الغزاة الأوربيين. وله في ذلك أدلة يضيق بها المجال هنا بالطبع. ويبدو أن كتابنا ورثوا عن ساندرسن هذا الرأي الذي يبدو فيه الخليفة سلبياً تجاه تودد منليك أو سافر العداء له. وليس هذا بمستغرب فقد كان ساندرسن بيننا وتلقينا معارف التاريخ عنه.
    ولكن لماركوس رأياً آخر وهو أن منليك لم يكن يضمر الصدق في عرضه الخليفة. فقد أضحت سياسته قائمة على “التقية” منذ نصره العظيم على أيطاليا في 1896 وتوحيده للحبشة. ومفاد هذه السياسة هو أن يتقي القوى الأوربية ذات الأطماع في شمال شرق أفريقيا ومنابع النيل كفرنسا وانجلترا ويستثمر خلافاتها وأن لا يصدر عنه ما يورطه تحت طائلة مساءلة وعقاب. ورتب سياسته نحو الخليفة عبد الله على هذا النهج. فقد كان يريد له أن يكون خصماً لبريطانيا الغازية ينشغل بها عنه وينصرف بذلك عن المواضع المتنازع عليها بشرق السودان وغرب الحبشة. وكان شاغل منليك أن ينأى بالحبشة عن أطماع أوربا بضرب الأوربيين وغيرهم واحدهم بالآخر.
    ومما يدل على أن منليك لم يقصد بالحلف الأفريقي ضد الاستعمار الأوربي سوى مضمضة لفظية أنه لم يقدم للخليفة عرضاً معلوماً ذا التزامات برغم إلحافه على عقد الحلف المعلوم مع الخليفة. بل ربما علم الخليفة بإتفاق منليك مع بريطانيا في 14 مايو 1897. وهو اتفاق وقعه الأمبراطور مع رنيل رود أكبر معاوني لورد كرومر في مصر بعد أن أزعج بريطانيا التقارب الحبشي السوداني المزعوم. وكان أول شواغل بريطانيا في الاتفاقية أن يلتزم منليك بوقف تسرب السلاح عن طريق الحبشة للسودان ما استطاع إلى ذلك سبيلا. ووقعت لمنليك منافع من هذه الاتفاقية مثل إطلاق يده في تملك أرض (13500 ميلاً مربعاً) تتبع الصومال البريطاني، وأن تكف بريطانيا عن جمركة ما تستورده الحكومة الأثيويبة من بضائع عبر ميناء زيلع. بل ربما كان تودد الخليفة إلى منليك هو أيضاً نوع من “التقية” يريد به تحييده حتى لا ينشغل بغير ملاقاة حملة كتشنر. بل تنازل الخليفة عن منطقة بني شنقول لمنليك لأنها كانت الموضع السوداني الذي لم يقاوم منليك وضع يده عليه دون المواضع المتنازع عليها جميعاً.
    إنني لأرنو إلى اليوم الذي يستنهض المرضي خليفة الصديق من رقدة أم دبيكرات في إطار همة تاريخية تنصف الرجل من “خمارة التاريخ”. وأريد أن أرى في وجهه الناهض من العثرة بعض الوسامة التي لم يقدر حتى خصومه على دسها. فقد وصفه سلاطين باشا، وهو واحد من سجناء المهدية، بأن له وجهاً عربياً شفوقاً وفماً حسن التشكيل وشارباً خفيفاً وهامشاً من الشعر على خدوده يتكاثف على ذقنه. وأنه مربوع لا بالممتليء ولا النحيف. تصحب الابتسامة عبارته ويكشف عن أسنان بيضاء لامعة.
    أما آن لهذا الفارس الشاهد الوسيم أن ينهض على قدم وساق لنشهد وجهه النبيل في زحام التاريخ.

  21. عندما استشهد الخليفة عبد الله وصحبه الأبرار وعلى رأسهم الخليفة على ود حلو ذلك الرجل العالم الفقيه وهو جريح كرري وصاحب المواقف والحكم، رقد بجانبه شهيداً ذلك الشاب الصديق بن الإمام المهدي والأمير أحمد فضيل أمير القضارف ضارباً المثل في الوفاء وأتى في ظروف قاسية ليستشهد مع الخليفة الرجل الفارس المقدام أبو جكة هو جد الناظر القامة وحكيم أهل السودان بابو نمر ناظر المسيرية ، وعندما أصيب أبو جكة في مقتل وقع على الخليفة عبد الله وأراد الأمير أحمد الفضيل أن يرفعه منه فقال له اتركه فقد حملني ستة عشر عاماً فلا أستطيع أن أحمله لحظة واحدة، وبهذه الكلمات الصادقة الوفية لحقه الخليفة عبد الله واختلطت دماؤهم معاً وكانوا جميعاً مستقبلين يقاتلون بسيوفهم و ببنادقهم وهم جلوس على ربوة صغيرة، فما كان من ونجت باشا إلا أن يطلق في تلك اللحظات وبعد أن تأكد تماماً أن الخليفة عبد الله وصحبة الأبرار قد لاقوا حتفهم في أعظم مشهد بطولي لم يقابله في حياته ولم يسمع عنه، فطلب من كبار الأمراء المجاهدين الأنصار أن يقوموا بدفنهم بالطريقة الشرعية المثلى التي تليق بهم وسط عزف الموسيقى الأسكتلندية الحزينة وإطلاق 21 طلقة مدفعية إجلآلآ وتعظيماً ووداعاً لعظمة هؤلاء الرجال الأبطال الذين بهروا وسطروا أعظم ما كتب في تاريخ الاستشهاد زالبطولة السوداني
    أم دبيكرات صارت مدرسة ورسالة وطنية خالدة في جيش الشعب السوداني الأبي، لم يشهد مثلها التاريخ لأن رأس الدولة استشهد وسط جنود ضارباً بذلك المثل والقيم..

  22. هكذا الرجال !!

    الخليفة عبدالله وصحبه الابرار عندما اشتد بهم الحصار لم يطلقوا ارجلهم للريح ويغادروا السودان بل افترشوا فروتهم باتجاه القبلة وتشهدوا وانتظروا الاقدار حتى استشهدوا بمدافع الاجنبي الغدار ..

    هكذا انشئت وتكونت يا سودان حتى اتاك من لا يعرف كيف كانت نشأتك وتكوينك وعمل في تفتيتك وتقسيمك وتصغيرك لتناسب حجمة الضئيل في زمن الضآلة والصغر وتم تشويه تاريخك بالطريقة المناسبة لهم

    هكذا نحن وسنعيد السودان لسيرته الاولى طال الزمن او قصر وستذهب العصابة الحرامية وتجار الدين الى ما وراء الشمس ان شاء الله …

  23. جسدت معركة ام دبيكرات قمة الاستشهاد في اروع صورها باستشهاد القائد وهو رأس الدولة وامام الدين الخليفة عبد الله محارباً وسط جنوده وهو ما ليس له مثيل في التاريخ الاسلامي او غيره باستشهاد القائد وسط جنوده وكان ذلك حسن الختام مما اثار اعجاب الاعداء وجعلهم يؤدون التحية العسكرية عندما نزل جثمان الخليفة في قبره بام دبيكرات ووقف الضابط اركان حرب «وندهام» مشدوها ومتسائلاً امام الجنرال ونجت قائلاً انؤدي التحية العسكرية لهذا الخصم اللدود؟؟ فاجابه «ونجت» انت لا تعرف يافتى عظمة من دفنا ومهما كان رأينا في الخليفة ورجاله فانهم ماتوا ميتة الابطال.
    (محمد داود الخليفة)

  24. أخي الفاضل
    بارك الله فيك
    تذكر الشعب السوداني بأيام الشجاعة والايمان والوطنية
    في هذه المعركة استشهد أجدادي محمد الطاهر وعبد الرحمن المجذوب
    ومازال أحفادهم وأنا منهم علي عهد الدين والايمان والوطن ياقين
    حسبي الله ونعم الوكيل

  25. المجد للرجال الشجعان رجال هذي الارض والعار للامبراطورية البريطانية والخونة. هكذا يموت الرجال واقفين مثل الشجر.

  26. الاستاذ المحترم حامد الباهي
    شكرًا مقال جيد الترتيب وخصوصا الاستشهاد بالجرائد الانجليزية ….معركة ام دبيكرات كانت معركة السودان كله ضد كتشنر وونجت واذياله من المصريين وقد سن الخليفة عبدالله سنة الثبات واستشهد ومعه كل هؤلاء الأبطال من كل قبائل السودان حتي اعترف العدو قبل الصديق بشجاعتهم

  27. هذه من صورة من صور الشجاعة النادرة عند الشعب السوداني الذي بذل النفس والمال والولد في سبيل الوطن، فكيف تكون كرري والشكابة وام دبيكرات نسياً وقد رقد على وهادها ما يزيد عن 80 ألف مجاهد وامير ومحارب، فلو كانت هذه الواقعة في احدى البلاد الاخرى لتفاخرت بها وجعلتها مئذنة تزورها الاجيال والسواح والاجانب. اخبرني قريبي ( يعمل موظف في وزارة الخارجية) انه شاهد جون كيري وزير الخارجية الاميركية والذي زار السودان وكان المبعوث الامريكي لجنوب السودان في بداية الالفية ,ابدي الرجل رغبته في زيارة ضريح الإمام المهدي وبيت الخليفة، فقد انتزعت منه مخلفات بيت الخليفة إعجاباً يفوق الوصف، وظل يطلب منا تفاصيل التفاصيل عن المواقع وعن الانصار، ولعله علم لأول مرة كيف يدافع اهل السودان عن وطنهم . لابد ان تنقل كل آثارنا المرتبطة بالثورة المهدية في الجزيرة ليحتفي بشهدائها في كتفية ومصطفى القرشي، وشكابة الخليفة شريف والفاضل والبشري وعند الامير احمد المكاشفي والامير ود كريف والامير بابكر ود عامر والشيخ ود البصير وغيرهم لمتحف واحد هذا ما تعمله كل شعوب الدنيا. ذلك التاريخ المجيد هو الذي يشكل مظلتنا الحقيقية التي نستظل بها بين الأمم.

  28. الحبيب الباهي
    جزاك الله خير ،،،
    بعض الاخوان لايعجبهم هذا السرد وكانه ينتقص منهم شئ
    زي النغمة ( هسع كنت هناك مافي شئ )

  29. من خلال مذكرات الاعداء تتلمس الحقائق حيثوا كتبوا عن عدوخم وذكروا حقائق من بسالة وشجاعة وغيرها

    اما الطوابير الخامسة قامت بتزوير كل التاريخ
    واما قادة جيوش التحرير قاموا بجمع وتسجيل العقارات الى اليوم يملك احفادهم الوف من العقارات التي ورثوها
    اما عيدان النار من المحاربين الشجعان عليهم السلام

  30. من أوبريت الشريف زين العابدين الهندي

    حباب البقعة مبروكة الاله والدين
    حباب السودنوك سمارة وزين
    حباب مهرك ضبح غردون من الاضنين
    حباب المهدي كبر فيك حرارة ودين
    حباب اسد العرين عبدالله ود تورشين
    حباب دقنة سواكنه في الدورين
    حباب يعقوب وشيخ الدين

  31. هي اعظم ثورات العالم و يكفي انها صنعت دولة حرة في قلب افريقيا وسط موجة من الهجمات الاستعمارية لم تنجو منها القارة.انت دولة رغم التحديات على درجة عالية من الدقة و التنظيم الاداري تشهد بذلك وثائق الثورة المهدية بدار الوثائق القومية،راجع محمد ابراهيم نقد في كتابه علاقات الرق في المجتمع السوداني النشاءة و السمات و الاضمحلال صفحة 89 من طبعة العالمية للطباعة و النشر. لذا تعرضت لتشويه متعمد لعقود ولازال مستمرا قادته المخابرات البريطانية و المصرية في ذلك الوقت و استمر اثناء الاحتلال البريطاني المصري للسودان. فوصفت بالفوضى ونشرت مقولة- الدنيا مهدية -ولم تكن كذلك . ووصفت بالظلم وكل فظيع ولم تكن كذلك كان دولة من صميم الشعب قادها المسحوقين من طبقات الشعب الفقير و رفضها الخونة و المستفيدين من الاحتلال التركي الذين استمر بعضهم حتى يومنا هذا يدافع عن الخيانة التي لازلنا نعاني من اثارها بعد اكثر من مائة عام ولازال ضيجيج احفاد الخونة و اكاذيبهم يطنان في اذاننا ليل نهار ويحرم امتنا من سلامها الاجتماعية و يقلق شهداء الامة و ابطالها في كرري و ام دبيكرات و الحلاوين و ساحل البحر الاحمر و كردفان في قبورهم الطاهرة و يقلق قلوبنا المحبة للوطن.
    المجد للثورة المهدية اول ثورة تحرر في افريقيا شاء من شاء و ابى من ابى و سيعاد كتابة التاريخ حتما منتظرا ليرد لشهداء الامة السودانية اعتبارهم المفقود على مدى اكثر عقود عديدة.

  32. كلام جميل , لكن السودان لم يزل تحت الاحتلال . و ذلك عندما ذهب الانجليز سلموا السلطه لايدى من سيستمرون بنفس نهج الانجليز فى محاربه بؤر مصنع المهديه و الثوره وهو غرب السودان عموما و هذا ما يجرى الى يومنا هذا !! لكن الاستقلال الحقيقى بدأ يلوح فى الافق و حينها سينعم احفاد الثوار الذين حاربوا الانجليز حقيقياو يحسون بذهاب الانجليز حقيقيا . و ذلك بذهاب احفاد عملاء الانجليز نهائيا من حكم السودان .

  33. * تمثل الثورة المهدية المسلحة إنبعاثا للكيان السياسي الجديد للدولة السودانية المعاصرة فالكفاح المسلح هو الذي أوجد الدولة والمجتمع ومعهما النظام السياسي وأعطى أيضا قيمة للإنسان السوداني أمام شعوب العالم عندما إنتفض بسلاحه ضد الظّلم والاستبداد الإستعماري طلبا للحرية ولردّ الإعتبار لكينونته وشخصيته الحضارية بجميع مكوناتها التي تكمن فيها كرامته وإنسانيته ولإسترجاع ممتلكاته وأرزاقه المسلوبة من المستعمر التركي إن الثورة التي هزمت واحدة من أكبر القوى العالمية بإمكانيات بسيطة ومتواضعة كانت قدوة ونبراسا للشعوب المظلومة ولحركات التحرّر في العالم وكانت أيضا موضوع إعجاب وأمل لأبناء الأمة العربية في الوحدة والتحرّر وكنموذج تضحية يمكن الاقتداء بها لتحقيق أهداف العرب في صراعهم الحضاري مع قوى الشّر في العالم لهذه الأسباب نرى أن ثورة بهذا العطاء الوطني والقومي والإنساني يريد أعداء البلاد والأمة العربية والإنسانية تقزيمها ومحو آثارها من التاريخ والذاكرة الجماعية للشعب وإعتبار إنتصار الثورة مجرّد (هِبَة) سياسية لكي تنسى أجيالنا القادمة تاريخ وبطولات أجدادهم وتستهين بقيم الثورة ورموزها الوطنية وتضحيات شهدائها العظام ويصبح بالنسبة لهم (لا حدث) ولذلك نرى أنّ الإهتمام ببناء حاضر الدولة في جميع مناحي الحياة لا يجب أن ينسينا ماضينا وتضحيات أجدادنا فالثورة المهدية هي مرجعية سياسية وعقائدية لأيّ عمل وطني وعليه فإن غرس قيمها في أذهان وقلوب الأجيال المتعاقبة سوف يعزّز التماسك الاجتماعي ويقوي روابط الوحدة الوطنية ويُنمّي لدى الفرد قيم الوطنية والحرية كشيئين متلازمين ومقدسّين لا يمكن الاستهانة بهما كما يرى حزب البعث العربي الاشتراكي أنّ ثورة المهدي و ثورة أكتوبر ليست مجرّد إحتفال مناسباتي بل هي ذاكرة متجدّدة عبر التاريخ يجب أن يلقّن ويدرّس في المنظومة التربوية للبلاد في جميع مراحل التعليم كلّ حسب مستواه وأنّ أيّ تقصير في تحقيق هذا المطلب هو عمل غير وطني ومنافي لمبادئ وقيم الثورة المهدية وثورة أكتوبر المجيدة.

  34. شكرا استاذنا حامد الباهي على السرد الرائع والمعلومات الجميلة. هذا المقال قدرت توضح بطوله هذه الشهداء وسوف لم يتقبل به ابناء المرتزقه العملاء الرخصاء!!

    لله درك خليفه المهدي المجاهد العظيم وشهداء ام دبيكرات

  35. من ابيات الشعر عالم عباس محمد نور يرثي الخليفة عبدالله وشهداء ام دبيكرات

    أ ذا هو الوطنُ؟ أودت به الإحنُ !
    وهو الذي كان (الخليفة) في المصلى رابضا كالليث
    مؤتزرا وشاح الصبر والإيمان، يفني صامدا في الزود عنه
    يمينه ألق الفداء وفي شمائله الجسارة والشهادة …

  36. أحسنت أخي القول والمدح وأوفيت الرجال الأبطال حقهم ولا يعرف قدر الرجال إلا الرجال وأبناء الرجال
    ومثلهم جدير بالاحتفاء والتكريم وتخليد ذكراهم بأبرز معالم البلد وتسمى بأسمائهم الشوارع وقاعات الدرس والمساجد
    حتى تعرف الأجيال الناشئة عظمتهم وقوة شكيمتهم وحبهم لوطنهم وتضحيتهم بالغالي والنفيس وأنفسهم من أجل رسم خارطة هذا الوطن الذي ننعم بالعيش فيه فلهم منا التحية والتجلى ونسأل الله العلي القدير أن يتغمدهم بواسع رحمته ومغفرته ويسكنهم فسيح جناته مع الصديقين والشهداد وحسن أولئك رفيقا.

  37. عندما نذاكر أوراق التاريخ ونستعرض كيف قُضي على الدولة السودانية الستقلة قضاء مبرما، وكيف حوربت لدرجة عدم السماح لأي ثلاثة أنفار بالتجمع وكانت تلاوة الراتب جريمة يعاقب عليها القانون،حتى قال كتشنر مقولته الشهيرة: «المهدي وراتب المهدي وخليفة المهدي قد دمرتهم ودفنتهم في حفرة عميقة فمن بحث عنهم سوف ألحقه بهم»! وكان الغزاة وقد شهدوا بطولات السودانيين في المهدية واستهانتهم بالموت وتضحياتهم ، صاروا مثل من ذاق عضة الثعبان فخاف من جرة الحبل، يقتلون كل من يتشككون بشأنه ثم يتحققون من خطورة ما يهدد به لاحقا! عندما نقلب ذلك التاريخ نستغرب كثيرا اذن ظلت تلك ذكري الثورة المهدية حتى بلغتنا اليوم برغم ظروف الزمان والمكان؟
    ثم نجد الاجابة حاضرة في الطريقة التي استشهد بها الخليفة عبدالله وصحبه -عليهم السلام أجمعين في مشهد أم دبيكرات الذي انحنى له الأعداء مما جعلهم يؤدون التحية العسكرية عندما أُنزل جثمان الخليفة في قبره بام دبيكرات ووقف الضابط اركان حرب «وندهام» مشدوها ومتسائلاً امام الجنرال ونجت قائلاً هل نؤدي التحية العسكرية لهذا الخصم اللدود؟؟ فأجابه «ونجت»أنت لا تعرف يافتى عظمة من دفنا، ومهما كان رأينا في الخليفة ورجاله فانهم ماتوا ميتة الأبطال فكانت تلك الميتة هي القوة الملهمة التي حفظت ذكري الثورة المهدية حية : فقد تنازلوا عن الآني من أجل المستقبلي و قد ضحوا بالدولة، لكنهم سقوا الفكرة..فكرة السودان الحر المستقل …. بمدد روحي وقومي متصل لا ينقضي سيله حتى عاشت والى اليوم: يؤمن بها الجد والأب والحفيد ،الجدة والابنة والحفيدة…لكل شعب كرامة وتاريخ وبطولات يفخر بها وهذه الملاحم يفتخر بها اي سوداني

  38. فعلا الخليفة مات ميتة أبطال شجعان ولكن أين كانت تدابير الحرب والفر والكر والحرب خدعة كما يقولون؟

  39. رحم الله الخليفة عبدالله ورفاقه الفرسان الشجعان رحمة واسعة فهم الآن بين يدي الله.
    لكن يااستاذنا الباهى ومعجبيه ، قد أثبتم أن الخليفة لم يقاوم وهو في النزع الأخير ، بل حتى منع أمراءه الأشاوس من المقاومة وجلس على فرائه ينتظر الموت الآتى. إذا لم يكن هذا هو عين الإستسلام فكيف يكون الإستسلام؟
    ثم ، أستاذنا الباهى ، هل لك أن تحدثنا عن سياسات الخليفة الداخلية وقضائه على أمراء الدولة المهدية الآخرين مثل الأمير حمدان أبوعنجة والزاكى طمل بعد تعذيب طويل وآخرين؟
    ثم، يأتي السؤال الكبير ، هل كان بالإمكان الأخذ بنصائح أمير أمراء المهدية الأمير عبدالرحمن النجومى الذى نصح مرارا وتكرارا بالعدول عن (الحماقة الكبرى) محاولة فتح مصر، مما كان قد يترتب عليه نجاة الدولة المهدية؟
    أسئلة محورية كثيرة تنتظر الإجابات الشجاعة، أستاذنا الباهى ، وهي أهم من كيف مات الخليفة، هل مات واقفا أو جالسا، وقد أثبتت أنه مات جالسا.

  40. الخليفة عبدالله بطل من ابطال السودان قاد الجيش بنفسه ولما عرف انها النهاية فرش الفروة و استشهد في الميدان كاي فارس نبيل ولكن بعض قبائل الشمال التي تعودت علي عطايا الترك والانجليز لا يقرون له فضله ويصمون اذاننا بزعيق ونعيق عن نمور من ورق واابطال وهميين كالزبير باشا تاجر الرقيق و المك الرعديد نمر و وصالح المك و القائمة تطول وتطول
    هذه العنصرية النتنة والتي لا تعترف لاي احد من اطراف السودان بالحق في حكمه فنجدهم يلفقون الاكاذيب للخليفة الشجاع و السلطان علي دينار وحتي عثمان دقنة انبري احد واولاد الميرغني المدللين المنعمين اظنه الجني المسمي ابراهيم الميرغني ليشتمه ويلفق له الاكاذيب هذه السياسة هي التي فرتقت الجنوب وستفرتق الغرب والشرق لتقعدوا انتم في الشمالية القاحلة لوحدكم وترجعوا كما كنتم قبل الثورة المهدية ايام الاتراك مكوك وقبايل متناحرين متنافرين وهذا هو الغباء والحماقة التي ستضيع السودان

  41. خليفة الصديق أعز الله وجهه

    بقلم عبد الله علي إبراهيم

    (في مناسبة الذكرى السادسة عشر بعد المائة لمقتل الشهيد الخليفة عبد الله خليفة الصديق في أم دبيكرات)
    تمر علينا هذه الأيام حولية معركة ام دبيكرات السادسة عشر بعد المائة. وخطرت لي في المناسبة فكرة استثارتني يوم أطلعني عليها الأستاذ أحمد المرضي الفنان التشكيلي قبل عقد من الزمان. وكانت فكرته أن يستثمر تطور تكنلوجيا الحاسوب ليعالج صورة خليفة الصديق الخليفة عبد الله التعايشي المسجى على ظهره قتيلاً في ساحة الفداء بأم دبيكرات عام 1899. وهي صورة نشأنا عليها. وربما عددناها آية في الموت من أجل القضية. فقد اختار خليفة الصديق الموت على نهج الفروسية السودانية متى لم يعد من الموت بد. فمتى حصرك العدو وأنسدت الدنيا عليك بما رحبت جلست على مصلاك متوكلاً رابط الجأش باذلاً بغير لجاج ثمن مغامرتك في الحق ومسارعتك لله.
    ولكن ربما تسرب شيء من الوهن في النفوس والعزائم إذا لم نعد نرى من الرجل إلا لحظة من لحظات ضعفه القوي أو قوته الضعيفة. وهي لحظة تركه عليها خصم مستبد وغاز فاجر. وكان نبهني طالب من طلابي من كلية الفنون الجميلة في بداية عقد الثمانينات إلى خطر الصورة وزواياها من جهة الوعي التاريخي. فقد حلل الطالب في بحث التخرج صور غردون المرسومة التي نتداولها ولم يجد بينها رسماً له إلا وهو فاخر سامق مستعل. فتراه يحتل صدارة الصورة حتى في لوحة هجوم الأنصار عليه. ويند في علاه الفوق تماسكاً . . . ولا عليه. بينما ظهر الأنصار في أسفل الصورة كالجرذان تجتمع على هذا القديس الشهيد. ولما أطلعني المرضي على مشروعه لاستنهاض خليفة الصديق من عثرة أم دبيكرات فرحت بوعد أن نرى الرجل الحق.
    ربما كان الخليفة عبد الله أحد أهم رموزنا التي تحتاج إلى توطين أفضل في لوحة تاريخنا الحديث. فهو ضحية “خمارة التاريخ”. فقد نشأنا على ضفاف النيل لا نذكر الخليفة إلا مصحوباً بقول حبوباتنا عن لحس جيش الأنصار حتى لعجين الخمارة من فرط بأسهم. وهذه واقعة واحدة لا تصلح للحكم على الخليفة وعصره المعقد بإطلاق إلا لمن لا يكترث للتاريخ فيجعل من مرارته سداً دون أن يحيط بماضيه خيره وشره. وأنا أعلم أنه قد سبقتني الدكتورة فيفان ياجي إلى النظر الأكاديمي الحصيف لتقويم خليفة الصديق بمعطيات أخرى غير “خمارة البلد”. ونشرت لها مقالاً مترجماً عن دعوتها بمجلة الدراسات السودانية التي كنت قائماً على تحريرها في آخر عقد الثمانين. ولا أدري أين بلغت من هذا العمل المبروك.
    أزعجني علم تاريخي غير دقيق في تقويم خليفة الصديق ساد في عقودنا الأخيرة. فقد أصبح الخليفة مثلاً يضرب في ركوب الرأس العقائدي أو الهوس الديني الذي يبلد حس المرء السياسي ويجعله أسير أيدلوجيته لا يسمع ولا يرى. ووجد فيه بعض خصوم الإنقاذ الحاكم سابقة تاريخية ل “صناجة” الإنقاذ العقائدية التي يفسرون بها عزلة النظام السياسية وتطفل لعالم علينا. وأنا غير معني بالإنقاذ هنا بالطبع. ولكن بدا لي أننا ربما احتجنا إلى مراجعة صورتنا عن الخليفة كعقائدي مهووس.
    فمما يعاب على الخليفة عبد الله أنه استعلى على مساع الأمبراطور منليك الحبشي الذي عرض عليه تحالفاً “أفريقياً” ضد القوى الأوربية الغازية. وكان من جاء بالعرض هو رأس منقشا رسول الأمبراطور. فقد طلب الرأس من خليفة الصديق أن يتحالفوا ضد قوى الإثم الأوربي و”الإنجليز الحمر” بالذات. ولم يقتنع الخليفة بذلك. ورد عائبو الخليفة تعنته إلى أصوليته الإسلامية. فقد أعمته كراهة الحبش المسيحيين دون أن يقف على الخطر الحق القادم لا ريب فيه وهو من المستعمرين الأوربيين. وواضح أن لائمي الخليفة أسقطوا ضيقهم بالأصولية الدينية التي تفاقمت في عقودنا الأخيرة على سياسة الخليفة تجاه الحبشة. ولكنهم ربما ظلموا الخليفة. فهناك شواهد على أن الخليفة مال إلى عرض الحبش بل أكرم وفادة رأس منقشا في أوائل 1898 وترخص مضيفهم في مأكلهم ومشربهم. فقدموا لهم لحم الخنزير وبنت الحان حتى يفكوا عقدة لسانهم كما قال توماس باكنهام مؤلف “التكالب على أفريقيا” المشهور.
    ولكن هناك ما هو أهم من هذا في دفع العيب عن الخليفة في تواثقه مع منليك. فقد اختلف المؤرخون حول جدية منليك في عرضه على الخليفة عبد الله التحالف ضد الغزاة الأوربيين. وكانت مجلة التاريخ الأفريقي المشهورة ساحة لحوار حول هذه المسألة في النصف الأول من الستينات بين الدكتور ج ن ساندرسن، استاذ التاريخ بجامعة الخرطوم والمختص بتاريخ صراع القوى الأوربية في أعالي النيل، والدكتور هارولد ماركوس أستاذ التاريخ بجامعة ولاية متشغان والمختص في تاريخ أثيوبيا. وكان من رأي ساندرسن أن منليك كان صادقاً في عرضه للتحالف مع الخليفة لصد الغزاة الأوربيين. وله في ذلك أدلة يضيق بها المجال هنا بالطبع. ويبدو أن كتابنا ورثوا عن ساندرسن هذا الرأي الذي يبدو فيه الخليفة سلبياً تجاه تودد منليك أو سافر العداء له. وليس هذا بمستغرب فقد كان ساندرسن بيننا وتلقينا معارف التاريخ عنه.
    ولكن لماركوس رأياً آخر وهو أن منليك لم يكن يضمر الصدق في عرضه الخليفة. فقد أضحت سياسته قائمة على “التقية” منذ نصره العظيم على أيطاليا في 1896 وتوحيده للحبشة. ومفاد هذه السياسة هو أن يتقي القوى الأوربية ذات الأطماع في شمال شرق أفريقيا ومنابع النيل كفرنسا وانجلترا ويستثمر خلافاتها وأن لا يصدر عنه ما يورطه تحت طائلة مساءلة وعقاب. ورتب سياسته نحو الخليفة عبد الله على هذا النهج. فقد كان يريد له أن يكون خصماً لبريطانيا الغازية ينشغل بها عنه وينصرف بذلك عن المواضع المتنازع عليها بشرق السودان وغرب الحبشة. وكان شاغل منليك أن ينأى بالحبشة عن أطماع أوربا بضرب الأوربيين وغيرهم واحدهم بالآخر.
    ومما يدل على أن منليك لم يقصد بالحلف الأفريقي ضد الاستعمار الأوربي سوى مضمضة لفظية أنه لم يقدم للخليفة عرضاً معلوماً ذا التزامات برغم إلحافه على عقد الحلف المعلوم مع الخليفة. بل ربما علم الخليفة بإتفاق منليك مع بريطانيا في 14 مايو 1897. وهو اتفاق وقعه الأمبراطور مع رنيل رود أكبر معاوني لورد كرومر في مصر بعد أن أزعج بريطانيا التقارب الحبشي السوداني المزعوم. وكان أول شواغل بريطانيا في الاتفاقية أن يلتزم منليك بوقف تسرب السلاح عن طريق الحبشة للسودان ما استطاع إلى ذلك سبيلا. ووقعت لمنليك منافع من هذه الاتفاقية مثل إطلاق يده في تملك أرض (13500 ميلاً مربعاً) تتبع الصومال البريطاني، وأن تكف بريطانيا عن جمركة ما تستورده الحكومة الأثيويبة من بضائع عبر ميناء زيلع. بل ربما كان تودد الخليفة إلى منليك هو أيضاً نوع من “التقية” يريد به تحييده حتى لا ينشغل بغير ملاقاة حملة كتشنر. بل تنازل الخليفة عن منطقة بني شنقول لمنليك لأنها كانت الموضع السوداني الذي لم يقاوم منليك وضع يده عليه دون المواضع المتنازع عليها جميعاً.
    إنني لأرنو إلى اليوم الذي يستنهض المرضي خليفة الصديق من رقدة أم دبيكرات في إطار همة تاريخية تنصف الرجل من “خمارة التاريخ”. وأريد أن أرى في وجهه الناهض من العثرة بعض الوسامة التي لم يقدر حتى خصومه على دسها. فقد وصفه سلاطين باشا، وهو واحد من سجناء المهدية، بأن له وجهاً عربياً شفوقاً وفماً حسن التشكيل وشارباً خفيفاً وهامشاً من الشعر على خدوده يتكاثف على ذقنه. وأنه مربوع لا بالممتليء ولا النحيف. تصحب الابتسامة عبارته ويكشف عن أسنان بيضاء لامعة.
    أما آن لهذا الفارس الشاهد الوسيم أن ينهض على قدم وساق لنشهد وجهه النبيل في زحام التاريخ.

  42. عندما استشهد الخليفة عبد الله وصحبه الأبرار وعلى رأسهم الخليفة على ود حلو ذلك الرجل العالم الفقيه وهو جريح كرري وصاحب المواقف والحكم، رقد بجانبه شهيداً ذلك الشاب الصديق بن الإمام المهدي والأمير أحمد فضيل أمير القضارف ضارباً المثل في الوفاء وأتى في ظروف قاسية ليستشهد مع الخليفة الرجل الفارس المقدام أبو جكة هو جد الناظر القامة وحكيم أهل السودان بابو نمر ناظر المسيرية ، وعندما أصيب أبو جكة في مقتل وقع على الخليفة عبد الله وأراد الأمير أحمد الفضيل أن يرفعه منه فقال له اتركه فقد حملني ستة عشر عاماً فلا أستطيع أن أحمله لحظة واحدة، وبهذه الكلمات الصادقة الوفية لحقه الخليفة عبد الله واختلطت دماؤهم معاً وكانوا جميعاً مستقبلين يقاتلون بسيوفهم و ببنادقهم وهم جلوس على ربوة صغيرة، فما كان من ونجت باشا إلا أن يطلق في تلك اللحظات وبعد أن تأكد تماماً أن الخليفة عبد الله وصحبة الأبرار قد لاقوا حتفهم في أعظم مشهد بطولي لم يقابله في حياته ولم يسمع عنه، فطلب من كبار الأمراء المجاهدين الأنصار أن يقوموا بدفنهم بالطريقة الشرعية المثلى التي تليق بهم وسط عزف الموسيقى الأسكتلندية الحزينة وإطلاق 21 طلقة مدفعية إجلآلآ وتعظيماً ووداعاً لعظمة هؤلاء الرجال الأبطال الذين بهروا وسطروا أعظم ما كتب في تاريخ الاستشهاد زالبطولة السوداني
    أم دبيكرات صارت مدرسة ورسالة وطنية خالدة في جيش الشعب السوداني الأبي، لم يشهد مثلها التاريخ لأن رأس الدولة استشهد وسط جنود ضارباً بذلك المثل والقيم..

  43. هكذا الرجال !!

    الخليفة عبدالله وصحبه الابرار عندما اشتد بهم الحصار لم يطلقوا ارجلهم للريح ويغادروا السودان بل افترشوا فروتهم باتجاه القبلة وتشهدوا وانتظروا الاقدار حتى استشهدوا بمدافع الاجنبي الغدار ..

    هكذا انشئت وتكونت يا سودان حتى اتاك من لا يعرف كيف كانت نشأتك وتكوينك وعمل في تفتيتك وتقسيمك وتصغيرك لتناسب حجمة الضئيل في زمن الضآلة والصغر وتم تشويه تاريخك بالطريقة المناسبة لهم

    هكذا نحن وسنعيد السودان لسيرته الاولى طال الزمن او قصر وستذهب العصابة الحرامية وتجار الدين الى ما وراء الشمس ان شاء الله …

  44. جسدت معركة ام دبيكرات قمة الاستشهاد في اروع صورها باستشهاد القائد وهو رأس الدولة وامام الدين الخليفة عبد الله محارباً وسط جنوده وهو ما ليس له مثيل في التاريخ الاسلامي او غيره باستشهاد القائد وسط جنوده وكان ذلك حسن الختام مما اثار اعجاب الاعداء وجعلهم يؤدون التحية العسكرية عندما نزل جثمان الخليفة في قبره بام دبيكرات ووقف الضابط اركان حرب «وندهام» مشدوها ومتسائلاً امام الجنرال ونجت قائلاً انؤدي التحية العسكرية لهذا الخصم اللدود؟؟ فاجابه «ونجت» انت لا تعرف يافتى عظمة من دفنا ومهما كان رأينا في الخليفة ورجاله فانهم ماتوا ميتة الابطال.
    (محمد داود الخليفة)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..