الوسيط الأفريقي.. القفز على حواف الأزمات السودانية

أحمد حسين آدم

سياسي وأكاديمي سوداني مختص بالقانون الدولي

فشل وانسداد أفق
خلفيات وتداعيات
مراجعة لازمة

من المتوقع أن يزور ثابو أمبيكي الرئيس السابق لجمهورية جنوب أفريقيا رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة للسودان وجنوب السودان والتي تتولى مهمة الوساطة بين أطراف الأزمة السودانية العاصمة السودانية الخرطوم خلال الأيام القليلة القادمة.

أحاول في هذا المقال استعراض بعض الحقائق والخلفيات عن دور أمبيكي منذ بدايات دخوله الفعلي على خط الأزمة السودانية، لقد قصدت أن تكون هذه المناسبة سانحة تقييمية لأداء الوساطة الأفريقية، صحيح أن أمبيكي مسؤول أمام أجهزة الاتحاد الأفريقي كمجلس السلم والأمن والمفوضية الأفريقية ومجلس الأمن الدولي باعتبارها المؤسسات التي فوضته لأداء مهامه كوسيط، بيد أن ما يقوم به من أدوار تؤثر في مصير السودانيين.

فشل وانسداد أفق
تأتي الزيارة الوشيكة للوسيط أمبيكي في ظل إخفاقات مستمرة لوساطته، حيث انهارت جولة المحادثات الأخيرة ذات المسارين، مسار النزاع في دارفور من جهة، ومسار النزاع في المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) من الجهة الأخرى، والتي انعقدت في الفترة من 19 إلى 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2015 في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا قبل أن تحقق هدفها المعلن المتمثل في الاتفاق على وقف العدائيات للأغراض الإنسانية بين أطراف النزاع كافة.

لكن كعهدها لامت أطراف النزاع بعضها بعضا حول مسؤولية انهيار جولة المفاوضات، بينما انتقد مراقبون الوساطة، إذ اتهموها بالتنظيم الضعيف للجولة التفاوضية، الأمر الذي شجع النظام الحاكم في السودان للاستمرار في مراوغته وإملاء شروطه على العملية التفاوضية.

غير أن الأمر لم يقف عند حد فشل الجولة الأخيرة، فقد فشلت الآلية الأفريقية كذلك في عقد اللقاء التحضيري للحوار الذي كان مقررا له أن يجمع تنظيمات الجبهة الثورية المعارضة وحزب الأمة المعارض في جانب، وما تسمى لجنة “سبعة+سبعة” الموالية للنظام في السودان في الجانب الآخر.

فشل لقاء السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري لاعتذار أطراف المعارضة الرئيسية، حيث إن الدعوة للقاء لم تأت نتيجة تشاور مسبق للأطراف المعنية، ربما أرادت الوساطة بالدعوة للقاء التعويض عن فشلها وإنقاذ مصداقيتها، لكن جاءت النتيجة بما لا تشتهي.

لا ندري ماذا يريد أمبيكي إنجازه في زيارته المتوقعة للخرطوم؟ وهل سيستقبل بشكل لائق هذه المرة، أم سيخرج مُغاضبا كما فعل في زيارته السابقة؟ فالمعلوم أن النظام حاول إملاء شروطه عليه إبان زيارته في أغسطس/آب الماضي، ومنها رفضه انعقاد الحوار الوطني خارج البلاد.

ربما تهدف الزيارة هذه المرة إلى ضمان مشاركة النظام في اللقاء التحضيري الذي تسعى الوساطة لعقده بأديس أبابا منذ مدة كي يحفظ أمبيكي ماء وجهه، ومن ثم ينتقل الحوار إلى الخرطوم وفقا لرغبة وإصرار النظام.

خلفيات وتداعيات
مهما يكن من أمر فإن أمبيكي أضحى في موقف محرج يصعب تبريره نتيجة إخفاقه المستمر، وهو أمر سيؤثر على مساعيه للاحتفاظ بموقعه كوسيط، صحيح أنه قد أسر أكثر من مرة لأطراف نافذة بنيته الاستقالة، ولكنه تراجع لتقديرات يعلمها.

إن تجربتنا مع هؤلاء والمنظمات التي يمثلونها علمتنا ألا نعول أو نعطي اهتماما لخلافاتهم، فهم جميعا أعضاء أصيلون في النادي الأفريقي الرسمي وتربطهم مصالح وعلاقات معقدة، لا ننسى كذلك أن أمبيكي يعتبر من المنظرين والنافذين في القرار الأفريقي الرسمي.

من المهم التمعن في مراحل ارتباط الرجل بالأزمة السودانية، ففي الـ21 من يوليو/تموز ٢٠٠٩ دعا مجلس الأمن والسلم الأفريقي إلى تكوين آلية أفريقية رفيعة حول نزاع دارفور، مهمتها تقديم توصيات ومقترحات حول المحاسبة ومكافحة الإفلات من العقوبة من ناحية، والمصالحة وتضميد الجراح الاجتماعية والنفسية بين سكان الإقليم من ناحية أخرى.

وكانت تلك الدعوة قد صدرت بعد أسبوع واحد فقط من تاريخ تقديم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية طلبه إلى المحكمة لإصدار أوامر قبض ضد الرئيس البشير، لاتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية في دارفور.

والغريب كذلك أن مجلس السلم والأمن الأفريقي دعا في ذات المناسبة مجلس الأمن الدولي لإعمال المادة الـ16 من ميثاق روما المنظم للمحكمة الجنائية الذي يمنح المجلس السلطة الحصرية لتأجيل القضايا المحالة منه إلى المحكمة لمدة ١٢ شهرا.

في فبراير/شباط ٢٠٠٩ أصدر الاتحاد الأفريقي قرارا بإنشاء الآلية الأفريقية الرفيعة حول دارفور وتم تعيين أمبيكي رئيسا لها وعضوية كلا من الرئيس البوروندي السابق بيير بيويا، والرئيس النيجيري الأسبق الجنرال عبد السلام أبو بكر.

هذه الخطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة لإجهاض ملف دارفور أمام المحكمة الجنائية وإيجاد مخرج للبشير وحمايته من ملاحقة المحكمة.

في أكتوبر/تشرين الأول ٢٠٠٩ أيضا أصدرت الآلية الأفريقية تقريرها حول النزاع في دارفور، وقد توصل التقرير إلى أن هنالك خروقا وانتهاكات خطيرة للقانون الدولي ارتكبت في الإقليم، وأن الحكومة السودانية قد فشلت في تحقيق العدالة بمحاكمة مرتكبي تلك الانتهاكات الجسيمة.

تضمن التقرير كذلك العديد من التوصيات، من ضمنها إصلاح النظام القانوني السوداني وإنشاء المحكمة المختلطة التي تمارس اختصاصها ضمن نطاق النظام القضائي السوداني، واقترح أن تتألف من قضاة سودانيين وأجانب لتحاكم المتهمين بارتكاب الجرائم الأكثر خطورة في دارفور.

ولا جدال في أن المقترح سعى لاجتراح مقاربة أفريقية لإيجاد مخرج للبشير من العدالة الدولية، لكن على الرغم من كل ذلك رفض البشير المقترح جملة وتفصيلا، الأمر الذي أسدل الستار على مهمة أمبيكي الأولى من دون أن يتخذ هو أو الاتحاد الأفريقي موقفا حازما إزاء تنفيذ توصيات ذلك التقرير.

وفي أكتوبر/تشرين الأول من ذات العام قرر الاتحاد الأفريقي توسيع مهمة وتفويض آلية أمبيكي الخاصة بالنزاع في دارفور وتغيير اسمها إلى الآلية الأفريقية الرفيعة للسودان وجنوب السودان، لتتولى التوسط بين الدولتين حول قضايا ما بعد الانفصال العالقة مثل الحدود والنفط والديون ومنطقة أبيي المتنازع عليها وقضية المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، ومرة أخرى لم يستطع أمبيكي إحراز أي نجاح أو اختراق يذكر.

على الرغم من ضعف أداء الآلية الأفريقية ظلت التفويضات والمساندات تتوالى عليها من المجتمع الدولي، فمثلا أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2046 الملزم تحت الباب السابع في مايو/أيار 2012، وهو القرار الذي منح الآلية تفويضا ملزما للاستمرار في وساطتها بين السودان وجنوب السودان من جهة، والحكومة السودانية والحركة الشعبية-شمال من جهة أخرى.

من جانب آخر، أصدر الاتحاد الأفريقي القرارين 456 و539 اللذين فوض بموجبهما الوساطة بتسهيل العملية السلمية الموحدة ذات المسارين لإنجاز اتفاقيتي وقف العدائيات والترتيبات الأمنية النهائية بين أطراف النزاع في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، كما تم تفويضها بمهمة تسهيل ما يسمى التحول الديمقراطي والعملية الدستورية في السودان عبر الحوار الوطني الشامل.

غير أن كثيرا من المؤشرات التي ظهرت في جولة المحادثات الأخيرة في أديس أبابا تؤكد أن أمبيكي ربما يتراجع عن التوسط في مسار دارفور تحت ضغط النظام الحاكم الذي يرفض فتح ملف دارفور خارج نطاق وثيقة الدوحة للسلام، أي أنه سيتمسك حصرا بمهمة مسار التفاوض في المنطقتين والحوار الوطني، لكن حتى في ما يلي مسار المنطقتين هنالك بون شاسع بين الموقف التفاوضي للنظام من جانب، والموقف التفاوضي للحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال من الجانب الآخر.

فبينما تتمسك الأخيرة بالحل الشامل الذي يراعي خصوصية المنطقتين يتشبث النظام الحاكم بمفاوضات تتقيد حصرا بقضية المنطقتين كأحد الملفات المتبقية من اتفاقية السلام الشامل لعام 2005.

مراجعة لازمة
إن أمر الوساطة الأفريقية يحتاج إلى وقفة صارمة من السودانيين المعنيين بالتغيير وقضايا الحرب والسلام، فأمرها يتعلق بمصير الملايين من السودانيين الذين أصبحوا لا يثقون في جدية العملية التفاوضية.

علي أطراف التفاوض الانخراط في عملية مراجعة شاملة لجدوى العملية التفاوضية الحالية بطرح الأسئلة المهمة: هل هي عملية منتجة وتقود إلى تحقيق تطلعات وحقوق الجماهير التي تمثلها؟ هل الوساطة بهيكلتها وتفويضها ومرجعيتها الحالية مؤهلة لتسهيل عملية تفاوضية وحوار حقيقي متكافئ يضع السودان على طريق التغيير الديمقراطي المنشود وتجاوز إخفاقات دولة ما بعد الاستعمار الفاشلة؟

من المهم أن تتجنب الأطراف المفاوضة أي عملية “تفاوضية” تستغل كملهاة زمنية وأداة لشراء الوقت ليستمر القتل، أو أن تستغلها بعض الأطراف الإقليمية والدولية للتهرب من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه المدنيين في مناطق النزاع.

إن الوساطة الأفريقية بوضعها الحالي لا يمكن أن تساعد الأطراف على تحقيق أي حل سياسي شامل في السودان، حيث تنقصها الكوادر والخبرات، والتفويض الشامل الفعال، والنفوذ الحاسم على أطراف الأزمة، والحياد، كما تنقصها الرؤية الواضحة لما يسمى الحل الشامل والعملية السلمية ذات المسارين.

نقدر جهود أمبيكي، لكنه تأخر كثيرا عن مواجهة كافة الأطراف ووضعها أمام مسؤولياتها، ولا يمكن أن تستمر هذه العملية من دون خريطة طريق واضحة، ومن غير المقبول الإذعان لعملية الإفشال المتعمدة للعملية التفاوضية، بل والتساهل مع الذين يرهنونها لصالح الأجندات الأمنية والعسكرية.

السيدان كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي مبعوثا الجامعة العربية والأمم المتحدة لحل الأزمة السورية استقالا من منصبيهما عندما أدركا أنهما لن ينجحا في حل تلك الأزمة، بل رأيا أن استمرارهما في منصبيهما ربما يمثل غطاء لعملية سلمية زائفة ولاستمرار القتل والإبادة في سوريا.

المصدر : الجزيرة

تعليق واحد

  1. امبيكي وما أدراك ما امبيكي سيصبح في الأخير كيكي كيكي زي ما رحتي وجيتي، قابض الأجر مسبقا وناقد العهد مدركا، طالما هو فاشل في الوصول إلى حل يرضي طرفي النزاع فالأفضل له وللاطراف المطالبة بنزيه أكثر حكمة وحنكة.

  2. سؤال لمن يتحدثون عن دارفور وكأنها ملكهم لوحدهم وللحركات المسلحة،ماذا أنتم فاعلون بعد التحالف الإسلامي؟؟؟

    أعتقد بأن شرعيتكم التي اتت أيضا بالسلاح مثلكم مثل الإنقاذ والتي جعلتكم أيضا 13 سنة لافين سياحة حول فنادق العالم أصبحت الآن في خطر،فيا المختص بالقانون الدولي كفاكم عبثا ملصق “ارهاب” ليس ببعيد عنكم وغدا ناظره لقريب والبشير ليس بمخلد سيذهب في نهاية المطاف.

  3. سلام أستاذ أحمد حسين

    ما هو الهدف الإستراتيجي الذي تسعى إلي تحقيقه الحركة الشعبية من المفوضات؟؟
    هل تسعى لتفكيك النظام؟؟ هذا لن يحدث لأنها لم تنتصر إنتصاراً حاسماً في ميدان المعركة، حتى يستسلم النظام ويفكك نفسه؟
    هل تسعى لتعرية النظام وكشفه أمام المجتمع الدولي؟؟ وهل يحتاج النظام إلى كشف سواءاته اكثر من يكون رئيسه مُلاحقاً دولياً،، وهل هُنالك إثبات أكثر من النكوص عن إتفاق عقار-نافع (يونيو 2011) – لاحظ التاريخ؟؟

    الحكومة تعرف ما تُريد، وهو شراء الوقت، وهي تعلم أن الإتحاد الإفريقي بلا أسنان!!

    أما الوساطة فتلك رواية أخرى، فامبيكي ليس كوفي عنان أو الإبراهيمي، وأسألوا عنه إجليوتي (زعيم المافيا في جنوب إفريقيا) والراحل/ جاكي سيليبي-مُدير الشرطة وممثل جنوب إفريقيا في الإنتربول (الذي توفي في السجن بعد محاكمته وإدانته بالفساد والإفساد، والرجلان من أقرب أصدقاء امبيكي، وقد كلفته مواقفه تلك ومؤامراته ضد الرئيس الحالي/ زوما، منصبه لسياسي.
    على الحركة الشعبية نفض يدها عن هذه المسرحية، أو القبول بما يُطرح عليها مقابل العودة للخرطوم والعمل من هناك، فالمستقبل لها، وهي قادرة على تغيير مركز القرار (الخرطوم) بالأيدي العارية..

    والسلام
    مهدي إسماعيل

  4. امبيكى اكبر خاذوق وطالما انه ممسك بهذه المبادرة الحيوية والهامة فى حياة الناس فان مشكلة دارفور والمنطقتين لا ارى لهم بوادر خير فى القريب العاجل لان امبيكى موظف والة من اليات الغرب المستخدمة بكل سوء ضد شعوب العالم الثالث وخاصة شعوب افريقيا للطمع فى خيراتها واخص الخصوص السودان

  5. امبيكي مرتشي فاشل.. فمن فشل في ادارة دولته لا ينجح في ادارة اشياء اخرى.. الافارقة كلهم مرتشون. الحل في ذهاب امبيكي والاتحاد الافريقي وتحويل الملف الى مجلس الامن الدولي.. فامبيكي قد فشل بامتياز ولا اعتقد بانه قد يفعل شيئافي زيارته المرتقبة للخرطوم او لغير الخرطوم لانجاز المهمة، فحكومة الخرطوم تمسكه من يده التي تؤلمه. فمن فشل في خلال السنوات السابقة في انجاز مهمته لا يستطيع ان ينجح في يوماو اسبوع او حتى سنة من الان فصاعدا.. معادلة بسيطة.. لا تحتاج الى دروس خصوصية.. فامبيكي فاشل فاشل..فان كنت في مكان رئاسة التفاوض للحركات المسلحة لرفضت هذا الوسيط لفشله.. فعشر من الجولات الفاشلة كفيلة بان تحكم بقشل هذا الوسيط..

  6. عمر النظام الحاكم مع انه مدان دوليا له دلالة تدل على …… فعلى المعارضة ان تنتبه ولا تكون هى الاخرى سبب عذاب الشعب المغلوب على امره .

  7. محمد حسين انت واحد من اعضاء الحركه الاسلاميه تاريخك لايسمح لك ان تنتقد النظام وسوف تعود كغيرك

  8. امبيكي لا يحتلف عن (زوما) الذي هرب الذكتاتور من قبضة القضاء الجنوب افريقي . احد عشرة جولة مفاوضات فشلت حتي لم تصل لاتفاق اطاري منذ تمزيق اتفاقية 28 يونيو 2011 بواسطة الذكتاتور والسبب الاول والاخير ناتج من النظام الدكتاتوري وعدم وجود ضاغط مثل (دانفورث)ومعتقل (قوانتنامو) الشهير وستفشل كل المفاوضات القادمة ولن تفتح حتي (شريان حياة) كما حدث في المفاوضات السابقة (2004/1994) ولم يبقفي بديل الا اسقاط النظام بانتفاضة شعبية .

  9. السيد أمبيكي (يعتاش) من الأزمة السودانية
    (يحّلها) .. ويقعد عاطل .. أم فكّو .. يطعن عينو بي اصبعو ؟؟؟

  10. أهم ما يُميز الراكوبة ، إنه بيفهم الحاصل أكثر من التعليقات ، و أغلبها صادق.

    و منزوحي التعليقات و المقال:

    إذا كان ما ذكره [abdalaa] بشأن إنتماء كاتب المقال سابقاً للتيار الإسلامي ، فإنه يحتاج لجهد أكبر لإقناع الرأي العام بتوبته و ألا ينهج (إستايل) الأفندي ، و أن يتخذ كواقف واضحة و صادقة (أمثال عمار و عثمان شبونة) ، و ما يخرج من القلب يدخل القلب ، خلاف ذلك ، فغثاء.

    المعيار الحقيقي في المعادلة هو: مصلحة المواطن السوداني ، جميع الأطراف بعيدة كل البعد عن ذلك.

    سيدنا عبدالله بن حذافة من سادة الصحابة ، أسرته الروم في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، في جملة ثمانين من المسلمين ، فأرادوه على الكفر فأبى عليهم.
    فقال له ملك الروم:
    قبل رأسي و أنا أطلقك و من معك من المسلمين ، فقبل رأسه فأطلقهم.
    فلما قدم على عمر قال له: حق على كل مسلم أن يُقبل رأسك ، ثم قام عمر فقبل رأسه قبل الناس رضى الله عنه.

    إنتخابات الرئاسة 2010 (الخج و التزوير) ، كان أغلبية المعارضين لحكم الإنقاذ سترشح ممثل الحركة ، و لم يكن هذا لكثير فضل له ، لكن كان مستمداً من شعبية الراحل د. جون قرنق و لمواقفه بعد السلام و لثقة الجماهير بأنه كان سيكون خياراً أفضل من الأحزاب ، ووأسباب أخرى كثيرة لا مجال لبحثها هنا.

    و في الوقت الذي كانت فيه جماهير الشعب السودان تتدافع من تلقاء نفسها لمناصرة أكثر المرشحين حظاً لإسقاط مرشح الحكومة ، فإذا به و نتيجةً لحسابات و مواقف سياسية (لم يكن فيها أي إعتبار للإرادة الشعبية) ، قرر المرشح الإنسحاب من الإنتخابات ضارباً بعرض الحائط همم الجماهير و آمالهم لمناصرته بإعتباره كان الخيار الأفضل ضد مرشح النظام.

    رمضان حسن لاكو ، رشح من قبل سلفاكير كمرشح للحركة في الإنتخابات ، و فعلاً تحرك في أوساط مجتمع الجنوبيين المتواجدين بالعاصمة (سلاطين و نظار) ، بدأ بالإتصال في أوساط الأحزاب و الفعاليات السياسية بالشمال (ما عدا حزب الأمة).

    بعد كل هذه التحركات (و جس النبض) ، تفجأ رمضان بأن المكتب السياسي للحركة الشعبية قد قرر ترشيح ياسر عرمان!!

    كان وراء هذا التعيين لام أكول ، و المعارضين لهذا التعيين توقعوا أن الأمر وراءه شئ قد خطط له ، لمعرفتهم اللصيقة بأساليب لام أكول.

    و هذا بالضبط ما حدث!

    كما توقع المعارضين لهذا التعيين ، خطط لام أكول ليكون لديه ورقة ضغط لمساومة النظام ، و من الطبيعي أن يتوقع أن جماهير الشمال كانت ستناصر أي مرشح معقول من قبل الحركة (كراهيةً في النظام و التنظيم الحاكم) ، و في مرحلة معينة و عندما بدأ يتضح للنظام بأن الإنتخابات لا تسير في صالحه (رغم التذوير و الخج الذي باركه كارتر و عمرو موسى ، بحجج خايسة) ، تمت الصفقة:
    إنسحاب مرشح الحركة ، مقابل تقنيين و شرعنة النظام (جانب كارتر و عمرو موسى و من يمثلونهم) ، و إكمال بنود إتفاقية السلام (المتفق عليها مسبقاً و الموقعة من الطرفين برعاية دولية) التي إتضح جلياً وقتها و حسب تصاعد وتيرة الإفك والغبن و سياسة (التنفير) المقصودة المقصودة من نظام الإنقاذ المسعور لكرسي السلطة ، بأن النتيجة الحتمية لإكمال بنود إتفاقية السلام ، كانت ستقود لإنفصال الجنوب.

    كل الأطراف كانت راضية على النتائج ، النظام و الراعي الدولي (عمرو موسى و كارتر) ، و الحركة.

    هل راعى أحد حساب الإرادة الشعبية؟ بالطبع لا.

    الصفقة السياسية التي تمت لا تنجح غيوتنمية بقالة ناهيك عن مصير دولة و أمة. و كان الرأي الحكيم (خاصة من أبناء الجنوب) ، أن لا ينساق الجميع على درب سياسة الإنقاذ ، و إستخدام أساليبها القذرة لنيل مكاسب آنية ستضيع هباءاً مع وجود هذا النظام و إشتعال و توتر حدود التماس بين الشمال و الجنوب (التي أعدها و خطط لها النظام).

    و بالفعل هذا ما حدث ، الدولتين المزعومتين إنحطتا أسفل سافلين و ما زالتا في إنحطاط و الضحية المواطن (الإرادة الشعبية).

    أصبحنا في زمن لا يعلو فيه صوت الحكمة مع إنه سهل و ميسر ، إذا خاف الناس الله فينا و راعوا مصلحة الشعب ، لكن الشعب ليس في حساباتهم.

    لو إستطاع سلفاكير التمسك بترشيح رمضان حسن لاكو ، لما إستطاع لام أكول أو المكتب السياسي سحبه من الترشيحات ، لتاريخ الرجل النضالي و مرجعيته الاقليمية و سجله (النظيف) و حدبه على مصلحة الوطن (قبل التقسيم) و المواطن ، و لإستحال للاعبي مائدة القمار (أطراف الصفقة) إستخدامه كورقة ضفط لإنجاح صفقة قذرة ، و كان نجاح الصفقة يتطلب همبول يبيع مصالح و طموحات أمة معتقداً إنه قام بالصواب! و الآن أين مهندس الصفقة لام أكول؟ مازال المسلسل مستمراً و مازالت الأمة تنزف و تضحي.

    قد يكون لدي قصور في فهم السياسة و ألاعيبها القذرة ، لكن ما لا أفهمه:
    أن جميع المفاوضين (جميع الأطراف) تظهر عليهم مظاهر الصحة و العافية و جميعهم يتناولون ثلاث وجبات دسمة ، كيف لهم أن يناقشوا مصالح شعب يتناول وجبة واحدة في اليوم بشق الأنفس و الأمر أسوأ في مناطق العمليات ، ناهيك عن الأمان و أسس الحياة الكريمة ، لو إلتزم المفاوضين مستوى معيشة مواطنيهم لتوصلوا للحل منذ أمد (و الكلام تحته كلام).

    ذكر أحد المعلقين أن أمبيكي خازوق ، و أتفق معه في هذا الرأي ، لكنني أعتقد أن أمبيكي خازوق لخاصة نفسه ، فما بالك بالك بخوازيقنا!!

    النظام الحاكم أعد نفسه إعداد جيد لهذا الصراع و التشرزم و إستخدم آلته الشيطانية لخلق البيئة الفاسدة لتمديد و تمكين سلطته ، و إنساق الجميع لتحقيق مآربه (بوعي أو بدون وعي).

    متى كان النوبة كيان منفصل عن المجتمع السودانوي. إن كان بهم ما يميزهم عن باقي شرائح المجتمع فهي كلها صفات حميدة و قدوة للمجتمع المتعافي : إخلاص و صدق ، و رجالة و فاء بالعهود و في كل مجال مبرزين و مثال بسيط ، الجيش:

    أحسن المعلمين و الأفضل كفاءةً في أداء المهام ، و الأكثر إنضباطاً و إخلاصاً ، و اللائحة طويلة ، و من أراد التحقق فليسأل أي أحد من قدامى منتسبي الجيش.

    جميع الأطراف تدعم نهج النظام الشيطاني في بث روح التشرزم و العنصرية و الفتن و توابعها من الحقد و الحسد و الكل مدفوع بجهات تدعم هذه الروح التي تفكك وحدة الأمم و الجميع يستلهمون من إبليس و إن إختلفت شعاراتهم أو قمصانهم و كرافتاتهم.

    الجميع يفاوض على مكاسب آنية (مناصب ، شواغر ، مال …إلخ) و يكحلونها بمطالب تعجيزية تطيل أمد الوضع السئ الذي تستفيد منه جميع الأطراف ، و جميعهم يتحدثون بإسم الشعب ، و في واقع الحال الشعب لا ناقة له و لا جمل فيما يحدث ، بل ينذف حتى يبست عروقه و نخاف اليوم الذي لن تجدي فيه المعينات (الدربات) في إعادة الدم لجسده.

    نسأل الله أن يزيل عنا جميع الخوازيق و نصبح أمة معافاة موحدة.

  11. السيد أمبيكي (يعتاش) من الأزمة السودانية
    (يحّلها) .. ويقعد عاطل .. أم فكّو .. يطعن عينو بي اصبعو ؟؟؟

  12. أهم ما يُميز الراكوبة ، إنه بيفهم الحاصل أكثر من التعليقات ، و أغلبها صادق.

    و منزوحي التعليقات و المقال:

    إذا كان ما ذكره [abdalaa] بشأن إنتماء كاتب المقال سابقاً للتيار الإسلامي ، فإنه يحتاج لجهد أكبر لإقناع الرأي العام بتوبته و ألا ينهج (إستايل) الأفندي ، و أن يتخذ كواقف واضحة و صادقة (أمثال عمار و عثمان شبونة) ، و ما يخرج من القلب يدخل القلب ، خلاف ذلك ، فغثاء.

    المعيار الحقيقي في المعادلة هو: مصلحة المواطن السوداني ، جميع الأطراف بعيدة كل البعد عن ذلك.

    سيدنا عبدالله بن حذافة من سادة الصحابة ، أسرته الروم في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، في جملة ثمانين من المسلمين ، فأرادوه على الكفر فأبى عليهم.
    فقال له ملك الروم:
    قبل رأسي و أنا أطلقك و من معك من المسلمين ، فقبل رأسه فأطلقهم.
    فلما قدم على عمر قال له: حق على كل مسلم أن يُقبل رأسك ، ثم قام عمر فقبل رأسه قبل الناس رضى الله عنه.

    إنتخابات الرئاسة 2010 (الخج و التزوير) ، كان أغلبية المعارضين لحكم الإنقاذ سترشح ممثل الحركة ، و لم يكن هذا لكثير فضل له ، لكن كان مستمداً من شعبية الراحل د. جون قرنق و لمواقفه بعد السلام و لثقة الجماهير بأنه كان سيكون خياراً أفضل من الأحزاب ، ووأسباب أخرى كثيرة لا مجال لبحثها هنا.

    و في الوقت الذي كانت فيه جماهير الشعب السودان تتدافع من تلقاء نفسها لمناصرة أكثر المرشحين حظاً لإسقاط مرشح الحكومة ، فإذا به و نتيجةً لحسابات و مواقف سياسية (لم يكن فيها أي إعتبار للإرادة الشعبية) ، قرر المرشح الإنسحاب من الإنتخابات ضارباً بعرض الحائط همم الجماهير و آمالهم لمناصرته بإعتباره كان الخيار الأفضل ضد مرشح النظام.

    رمضان حسن لاكو ، رشح من قبل سلفاكير كمرشح للحركة في الإنتخابات ، و فعلاً تحرك في أوساط مجتمع الجنوبيين المتواجدين بالعاصمة (سلاطين و نظار) ، بدأ بالإتصال في أوساط الأحزاب و الفعاليات السياسية بالشمال (ما عدا حزب الأمة).

    بعد كل هذه التحركات (و جس النبض) ، تفجأ رمضان بأن المكتب السياسي للحركة الشعبية قد قرر ترشيح ياسر عرمان!!

    كان وراء هذا التعيين لام أكول ، و المعارضين لهذا التعيين توقعوا أن الأمر وراءه شئ قد خطط له ، لمعرفتهم اللصيقة بأساليب لام أكول.

    و هذا بالضبط ما حدث!

    كما توقع المعارضين لهذا التعيين ، خطط لام أكول ليكون لديه ورقة ضغط لمساومة النظام ، و من الطبيعي أن يتوقع أن جماهير الشمال كانت ستناصر أي مرشح معقول من قبل الحركة (كراهيةً في النظام و التنظيم الحاكم) ، و في مرحلة معينة و عندما بدأ يتضح للنظام بأن الإنتخابات لا تسير في صالحه (رغم التذوير و الخج الذي باركه كارتر و عمرو موسى ، بحجج خايسة) ، تمت الصفقة:
    إنسحاب مرشح الحركة ، مقابل تقنيين و شرعنة النظام (جانب كارتر و عمرو موسى و من يمثلونهم) ، و إكمال بنود إتفاقية السلام (المتفق عليها مسبقاً و الموقعة من الطرفين برعاية دولية) التي إتضح جلياً وقتها و حسب تصاعد وتيرة الإفك والغبن و سياسة (التنفير) المقصودة المقصودة من نظام الإنقاذ المسعور لكرسي السلطة ، بأن النتيجة الحتمية لإكمال بنود إتفاقية السلام ، كانت ستقود لإنفصال الجنوب.

    كل الأطراف كانت راضية على النتائج ، النظام و الراعي الدولي (عمرو موسى و كارتر) ، و الحركة.

    هل راعى أحد حساب الإرادة الشعبية؟ بالطبع لا.

    الصفقة السياسية التي تمت لا تنجح غيوتنمية بقالة ناهيك عن مصير دولة و أمة. و كان الرأي الحكيم (خاصة من أبناء الجنوب) ، أن لا ينساق الجميع على درب سياسة الإنقاذ ، و إستخدام أساليبها القذرة لنيل مكاسب آنية ستضيع هباءاً مع وجود هذا النظام و إشتعال و توتر حدود التماس بين الشمال و الجنوب (التي أعدها و خطط لها النظام).

    و بالفعل هذا ما حدث ، الدولتين المزعومتين إنحطتا أسفل سافلين و ما زالتا في إنحطاط و الضحية المواطن (الإرادة الشعبية).

    أصبحنا في زمن لا يعلو فيه صوت الحكمة مع إنه سهل و ميسر ، إذا خاف الناس الله فينا و راعوا مصلحة الشعب ، لكن الشعب ليس في حساباتهم.

    لو إستطاع سلفاكير التمسك بترشيح رمضان حسن لاكو ، لما إستطاع لام أكول أو المكتب السياسي سحبه من الترشيحات ، لتاريخ الرجل النضالي و مرجعيته الاقليمية و سجله (النظيف) و حدبه على مصلحة الوطن (قبل التقسيم) و المواطن ، و لإستحال للاعبي مائدة القمار (أطراف الصفقة) إستخدامه كورقة ضفط لإنجاح صفقة قذرة ، و كان نجاح الصفقة يتطلب همبول يبيع مصالح و طموحات أمة معتقداً إنه قام بالصواب! و الآن أين مهندس الصفقة لام أكول؟ مازال المسلسل مستمراً و مازالت الأمة تنزف و تضحي.

    قد يكون لدي قصور في فهم السياسة و ألاعيبها القذرة ، لكن ما لا أفهمه:
    أن جميع المفاوضين (جميع الأطراف) تظهر عليهم مظاهر الصحة و العافية و جميعهم يتناولون ثلاث وجبات دسمة ، كيف لهم أن يناقشوا مصالح شعب يتناول وجبة واحدة في اليوم بشق الأنفس و الأمر أسوأ في مناطق العمليات ، ناهيك عن الأمان و أسس الحياة الكريمة ، لو إلتزم المفاوضين مستوى معيشة مواطنيهم لتوصلوا للحل منذ أمد (و الكلام تحته كلام).

    ذكر أحد المعلقين أن أمبيكي خازوق ، و أتفق معه في هذا الرأي ، لكنني أعتقد أن أمبيكي خازوق لخاصة نفسه ، فما بالك بالك بخوازيقنا!!

    النظام الحاكم أعد نفسه إعداد جيد لهذا الصراع و التشرزم و إستخدم آلته الشيطانية لخلق البيئة الفاسدة لتمديد و تمكين سلطته ، و إنساق الجميع لتحقيق مآربه (بوعي أو بدون وعي).

    متى كان النوبة كيان منفصل عن المجتمع السودانوي. إن كان بهم ما يميزهم عن باقي شرائح المجتمع فهي كلها صفات حميدة و قدوة للمجتمع المتعافي : إخلاص و صدق ، و رجالة و فاء بالعهود و في كل مجال مبرزين و مثال بسيط ، الجيش:

    أحسن المعلمين و الأفضل كفاءةً في أداء المهام ، و الأكثر إنضباطاً و إخلاصاً ، و اللائحة طويلة ، و من أراد التحقق فليسأل أي أحد من قدامى منتسبي الجيش.

    جميع الأطراف تدعم نهج النظام الشيطاني في بث روح التشرزم و العنصرية و الفتن و توابعها من الحقد و الحسد و الكل مدفوع بجهات تدعم هذه الروح التي تفكك وحدة الأمم و الجميع يستلهمون من إبليس و إن إختلفت شعاراتهم أو قمصانهم و كرافتاتهم.

    الجميع يفاوض على مكاسب آنية (مناصب ، شواغر ، مال …إلخ) و يكحلونها بمطالب تعجيزية تطيل أمد الوضع السئ الذي تستفيد منه جميع الأطراف ، و جميعهم يتحدثون بإسم الشعب ، و في واقع الحال الشعب لا ناقة له و لا جمل فيما يحدث ، بل ينذف حتى يبست عروقه و نخاف اليوم الذي لن تجدي فيه المعينات (الدربات) في إعادة الدم لجسده.

    نسأل الله أن يزيل عنا جميع الخوازيق و نصبح أمة معافاة موحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..