البي بي سي .. هل من عودة هل

في الأنباء أن الحكومة بعد تفاهمات أجرتها مع إذاعة (مونت كارلو) ستعود بموجبها هذه الإذاعة للبث مجدداً في السودان، بينما لا يزال الحوار جارياً مع الإذاعة العالمية الأشهر (البي بي سي) ربما تفضي نهاياته الى عودتها أيضاً للبث من السودان، ويذكر أن هاتين الإذاعتين كانتا قد أوقفتا عن البث من السودان قبل عدة سنوات بقرار حكومي، وكان ما فعلته الحكومة لإيقاف البي بي سي يماثل ما يفعله التاجر عندما يكون على محك الإفلاس بعكوفه على البحث والتنقيب في دفاتره القديمة، فحين بيّتت الحكومة النية على إيقاف بثها على الموجة القصيرة إف م، لم تكن في حوزتها حجة جاهزة وحاضرة تبرر بها قرار الإيقاف، فكان أن عكفت وزارة الإعلام على البحث والتنقيب في سجل البي بي سي لرصد أية مخالفة سابقة تصلح كمبرر وحجة تسوّغ وتسوّق قرار وقفها، وقد كان، فقد وجدت الوزارة – وهي محقة – أن البي بي سي قد أخطأت ثلاث مرات قبل عدة سنوات، مرة حين بثت خدمتها من جوبا (قبل الانفصال) دون إذن وموافقة الحكومة المركزية، ومرة لأنها مارست أنشطة تأهيلية وتدريبية داخل السودان عبر خدمتها المتخصصة في التدريب (بي بي سي ترست) دون الحصول على «إذن نهائي» من الوزارة، ومرة ثالثة لإدخالها – بشكل غير مشروع «عبر الحقيبة الديبلوماسية للسفارة البريطانية» – معدات بث فضائي مباشر معروفة اختصاراً بـ(SNG)، هذه هي الحيثيات الثلاث التي سوّغت بها الوزارة قرارها ثم حاولت تسويقه على اعتبار أنها من الخطايا المستحقة لعقوبة الإيقاف، والوزارة في ذلك لم تكذب ولكنها تتجمل، فالصحيح أن البي بي سي قد وقعت في هذه الأخطاء ولكن الصحيح جداً أنها أخطاء قد مضت عليها سنون وأقربها وهو إدخال المعدات عن طريق الحقيبة الدبلوماسية قد مضى عليه وقتها عامان، وقد اعترفت البي بي سي بأخطائها هذه في حينها واعتذرت عنها، بل أنها قبلت على لسان مدير التعاون الدولي فيها حينذاك بمصادرة المعدات محل الاشتباه، وأعلنت أن ما حدث قد تم عن طريق الخطأ وباجتهاد شخصي لمن قام به دون الرجوع للمدير المسؤول وأنها اتخذت الإجراءات الكفيلة بالتصدي لهذا الخطأ، ولكن رغم ذلك استلت الوزارة هذه الأخطاء من أضابيرها لتوقفها بموجبها.
غير أن الراجح أن الإيقاف كان بسبب ما تذيعه البي بي سي وتبثه من أخبار وبرامج، وكان قد عبر عن ذلك صراحة كثير من النافذين والكتاب الصحافيين المحسوبين على النظام والتنظيم، بل وشنوا هجوماً كاسحاً على ما تذيعه وتبثه البي بي سي، ووصفوها بأنها مغرضة ومتحاملة ووضعوها في خانة (العدوة) للسودان، وباركوا إيقافها، رغم أن مثل هذا الإجراء يعد ضرباً من المحال في ظل الأجواء المفتوحة وثورة الاتصالات التي ألغت كل حاجز ومانع بما يجعل من كل حاجب أو مانع لا أثر له، ولن يفيد في شيء غير أن يُحسب ضد متخذه، وخاصة في حالة إذاعة مثل البي بي سي ارتبط بها الشعب السوداني لأكثر من ثمانية عقود لم يحدث أن توقف بثها خلال هذه المدة الطويلة لغير الأسباب الطبيعية والفنية.

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. البي بي سي لم تعد كما كانت منذ تولى إدارتها العربي حسام السكري أظنه مصري أو شامي، فملأها بغير المؤهلين والمؤهلات حتى في اللغة العربية ذاتها وصعد المذيعين أمثال سمير فرح فخلطوا العربية الفصحى التي تعودنا عليها منها بعاميتهم المحلية المصرية والشامية وولى عصر الكرمي وأيوب صديق وبدأ عهد مها القمل وهناء عوني وأضانك ما تسمع إلا التور وبهذه المناسبة نشيد بتألق المذيعات الجديدات السمراوات من السودان والمغرب على راديو تلفزيون البي بي سي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..