إلى الحركة الإسلامية في برهة فارقة

غرس الوطن

إلى الحركة الإسلامية في برهة فارقة

أم سلمة الصادق المهدي

نحن لا نتمنى أن يُبغتنا التغيير الآتي حتما والذي هبت نسائمه المباركة ليجدنا في مرج أو على غير استعداد ، لذلك اقترحنا عدة (مطلوبات قبل اليوم الموعود) في سلسلة مقالات بلغ عددها عشرة- رجونا أن تجد الاهتمام والتنقيح اللازم لتصبح بجدوى .وبذات العزيمة وحزم لا يلين لا نريد لذلك التغيير المنتظر أن يكون مظهريا أو شكليا بحيث يتيح لأهل الحركة الاسلامية بمسمياتهم المتعددة من العودة مرة أخرى لمسرح الأحداث بعد أن يغيروا جلودهم، دون أن يدركوا، ثم يعلنوا على الملأ(ما أدركوه): أن المؤتمر الوطني الذي (شال وش القبيح) ما هو الا النتيجة المنطقية والتعبير المتوقع عن سنده الفكري ومرجعيته الآيديولوجية التي زينت له الانقلاب وسيلة لتسنم السلطة وبناء على أن:ما بني على باطل فهو باطل كانت نتيجته الوقائع المؤسفة الماثلة أمامنا.كما نطلب منهم مثلما قدمنا في الاسبوع الماضي نقدا ذاتيا عميقا (لحركتهم) لتحريرها من متلازمتي الانتهازية والميكافيلية بمحاسبات داخلية عميقة تستبق محاسبة الآخر الوطني لهم ثم الاعتراف جهرا بالكلفة العالية التي أرهقت بها مغامراتهم السودان وشعبه وطبعا الاستعداد لدفع الاستحقاقات كاملة.

والمدركون لحقيقة أن مابني على باطل هو باطل و سيذهب جفاء عاجلا أو آجلا يستغربون، ليس على ما انتهى اليه أمر الانفراد والعناد فذاك متوقع عند كل ذي نظر ، بل استغرابهم هو على بكاء بعض الاسلاميين اليوم على ما يتصورونه: طهرا قد تهتك وكسبا قد ضاع وأملا قد خاب. كأنما اعتاد الناس على زرع الشوك وحصاد الورود، مما يعطينا الحق في قول : إن تلك الدموع ما هي الا دموع التماسيح و تريد استغفال الناس مثلما كان في الماضي، وهو ماض محفور في الذاكرة الجمعية ومسجل في الدفاتر فقد سمح الناس وقتها في (1985) بذهنية عفا الله عما سلف للحركة الاسلامية وبعد أن لعبت دورا مفصليا في مد عمر نظام مايو لثمان سنين عجاف أخرى أي مدة بلغ مداها الزمني عدد السنين التي قضاها النميري منفردا بالحكم مضافا اليها سنتي مشاركته للشيوعيين.كما أعانوه على تشويه ديباجة الاسلام بتطبيق للاسلام أسماه النميري (الشريعة البطالة) ثم سمحنا لهم بالعودة بلبوس جديد دون محاسبة أو تقريع على أخطائهم الفادحة تلك مما مكنهم من تسميم أجواء الديمقراطية و تفتيش أخطائها والتبكيت عليها بآلة اعلامية فاجرة وامكانات مالية هائلة ومفسدة ثم أخيرا التمكن من وأد الديمقراطية دون عناء في يونيو 1989.
كما قلنا إن الثورات العربية والمد الاسلامي العالمي الكاسح يستوجبان منا تحذير ورثة الأنظمة العربية من الاسلاميين بوجوب تجنب تجربة الانقاذ في الحكم مفارقة المشرق للمغرب وخوف الصحيح من الأجرب.ونخص بتلك النصائح جيراننا في شمال الوادي بعد تهنئة الرئيس المنتخب في مصر على ثقة الشعب :أن يتواضع ليدرك أن انتخابه لا يعني أن الشعب المصري صار بأغلبية لحزبه فليس كل من أعطاه صوته هو من الاخوان ولكن الخيارات اليائسة هي السبب والهرب من التمديد لمبارك باسم شفيق هو السر فأمام مرسي واخوان مصر فرصة حقيقية ونادرة للاستفادة من درس السودان .

ومن أجل تلك المهمة كان تقليبنا لدفاتر الحركة الاسلامية في السودان قد أوقع في أيدينا عرض أ. صالح مصطفى أحمد معلى لكتاب يقدم فيه تجربة تلك الحركة في حكم الدولة السودانية بشكل يغالط حقائق الواقع الذي نعيشه تماما ليصورها نموذجا لنجاح باهر يصلح للاهتداء بكسبه وهذا هو الخطر العظيم الذي يتعين علينا دحضه بهمة لا تفتر ولا تمل .

الكتاب الذي نعنيه هو كتاب:( الحركة الإسلامية في السودان.. مدخل إلى فكرها الاستراتيجي والتنظيمي ) لكاتبه الأستاذ محمد بن المختار الشنقيطي الموريتاني الذي لم يزر السودان أبدا كما أكد أ.صالح معلى لذلك فشهادته الموثقة تؤكد لنا أن انزعاجنا من مثل تلك الأبواق مبرر.فالشهادة من شخص لم يزر السودان في شأن سوداني تعني أن للحركة الاسلامية صوت عال استطاع عبور الحدود الدولية ودعاية فعالة نجحت في تصوير ما نراه من فشل على أنه نجاح .و نجحت في تسويق تلك البضاعة التي نطأ جمر نتائجها الحارقة ،ومع ذلك يوجد من يؤمن بجدواها لدرجة الدعوة للاقتداء بنهجها وهذا ما يؤكده معلى معتبرا الكتاب الذي تعرضنا له اليوم مما (تجب مطالعته للاستفادة منه بالسودان وخارجه وللمهتمين بأمر الصحوة الاسلامية قاطبة للاستفادة من تلك التجربة).

وجريا وراء تأكيد أن الفسيخ لا يمكن أن يكون شربات نورد تلخيصا للعرض المذكور ونقارنه بما بين أيدينا من معطيات ونكشف مفارقته للواقع المر الذي صار يمقته حتى من صنعوه(أنظر تصريحات علي عبد الله يعقوب واحمد عبدالرحمن لصالون سيد احمد خليفة في صحافة 17 يونيو الماضي). يقول أ0 معلى إن الكتاب الصادر عن دار الحكمة بلندن في العام 2002م يضم مدخلاً وسبعة فصول .وفي المدخل يتساءل المؤلف :هل الوسيلة القاصرة تخدم المبدأ السامي؟ وهل يصلح أن نحاول خدمة المباديء الجليلة بوسائل متخلفة عن عصرها ومناهج مهلهلة في منطقها؟ تحدث المؤلف عن نمطين من المفاهيم مصدرهما الوحي و لا غنى للعقل البشري عنهما:مفاهيم متعلقة بالمبدأ (ماذا؟) وأخرى بالمنهج (كيف؟) وقال ان المفاهيم المتعلقة بالمنهج تمثل معضلة أمام الحركات الاسلامية المعاصرة بسبب (تخلف الثقافة العملية)التي أدت الى عدم التوازن بين فقهي المبدأ والمنهج نتيجة (لعدم الفاعلية) لأسباب عددها مكانه .ويمضي الكاتب ليقول :رغم أن الحركات الاسلامية ظهرت لاسترجاع الوظيفة الاجتماعية للدين التي تمثل (جوهر أزمة المجتمع المسلم)لكن انشغالها بعلم الكلام وهو( كل فكر لا تترتب عليه ثمرة فاعلة) أقعدها عن ذلك مع استثناءات قليلة .و يمضي المؤلف في قول إن فشل الحركات الاسلامية في التوفيق بين المبدأ والمنهج أكسبها الاستبداد والتخلف القيادي وتضارب الأهداف الاستراتيجية والتكتيكية في الجانب الفكرى، الاستراتيجي و التنظيمي وعدم القدرة على تجريد المبدأ عن حامله والوسيلة التي تخدمه وغياب فكرة الامكان التاريخي ) ويقترح الكاتب على الحركات الاسلامية للخروج من ذلك أن تحول(الرغبة الى عزم والعزم الى خطة والخطة الى فعل) والا فإن الوسيلة القاصرة لا تخدم المبدأ السامي بل تقتله.

مناقشة المدخل:يلفت نظرنا هنا أن مؤلف الكتاب الذي يستخدم بصيرة نافذة لنقد تجربة الحركات الاسلامية في العالم ويعترف بأوجه قصورها يعجز عن بسط تلك البصيرة النافذة على تجربة (الاسلاميين) في السودان ليدرك أن المشكلة في تلك التجربة لم تنتج عن وسيلة قاصرة لتحقيق مبدأ سامي فقط بل الأسوأ من ذلك نتجت عن اتباع وسيلة ملتوية تدين بعقيدة ميكافيلي الشهيرة :الغاية تبرر الوسيلة بما يجعلها الأكثر استحقاقا للنقد .كما نعيب على المؤلف استلافه أسباب نجاح تجربة الامام المهدي في السودان الذي حول فعلا (الرغبة الى عزم والعزم الى خطة والخطة الى فعل) دون تنويه بذلك مع أن الكتاب ورد فيه ما يدل على معرفة ببيئة الحركة الاسلامية في السودان ونستغرب ألا يشمل ذلك دراسة لتاريخ السودان ،كما استلف المؤلف فهم الامام المهدي لمهديته كتكليف وظيفي لتجديد الدين،وأسقط ذلك الفهم على تجربة حكم الانقاذ كذبا وزورا مع تجاهل تام لمجرد ذكر لأصل تلك الفكرة ومصدرها.

الفصل الأول:الملامح والروافد:

من المعايير التي تصلح للحكم على مدى فاعلية التنظيمات السياسية «المرونة، التماسك، الاستقلالية، التركيب، الاستيعاب والإيجابية،» فهل انطبقت تلك المعايير على الحركة الإسلامية في السودان؟ ولماذا ؟ وكيف تعاملت مع روافد فكرها الإستراتيجي والتنظيمي؟ يرى المؤلف أن الحركة الإسلامية السودانية هي الحركة الوحيدة التي انطبقت عليها جميع معايير الفاعلية تقريباً. ويرجع ذلك إلى جملة من الملامح العامة الإيجابية التي اتسمت بها وأصبحت

جزءاً من كينونتها وهويتها الذاتية ولولا الحساسيات القطرية (لاستفاد الناس من فكرهم وتجربتهم) وتلك الملامح هي:
أولاً: ارتباط الفكر بالعمل ،ثانياً الارتباط الوجودي بين المبدأ والمنهج.ثالثا: الوعي بحركة الزمان وخصوصية المكان.رابعا:البحث عن المنهج والنظام.خامسا:استخلاص العبرة التاريخية.سادساً : الاهتمام بالقوى النوعية.سابعاً: منهج التوكل والإقدام:تجبن الحركات الاسلامية عن المراجعة خوف انكشاف الخطأ كما تجبن عن الاقدام خوف الوقوع في الخطأ).ثامنا:سيادة الروح المؤسسية.تاسعاً : فلسفة التصحيح والاستدراك: فإن منهج الحركة الإسلامية في السودان كان ناقداً، أساسه التطوير الدائب والاستدراك على الآخرين وعلى الذات.عاشراً : منهج الترفق والتدرج (اهتمت الحركة بالثقافة العملية ذات الصلة بتحقيق الحياة الإسلامية في مجتمعها، وأن تكون مستجيبة للواقع المعيشي في البلد الذي تجاهد فيه متناغمة مع حاجات الناس وفي مستوى استيعابهم).

مناقشة الفصل الأول:لابد أن كل من يقرأ النقاط التي أوردها المؤلف مدللا بها على انطباق

معايير «المرونة ، التماسك، والإيجابية» على تجربة الاسلاميين في حكم السودان يضحك على تناقض تلك النقاط مع الواقع لكنه ضحك كالبكا كوننا ندرك النتائج المرة التي طالت السودان وأهله نتيجة للفشل الصراح في تلك المعايير المتخذة معيارا لتقييم النجاح والفشل:نحن نعلم أن الارتباط بين الفكر والعمل والمبدأ والمنهج ان كان مقصودا به الفكر والمبدأ الاسلامي مثلما هو معلن فالتطبيق انتهى الى استبداد مطلق وظلم فاجر عوضا عن الحرية والعدالة التي يأمرنا بها الاسلام.أما نجاح الحركة الاسلامية السودانية في استخلاص العبر التاريخية فيحدثنا عنه إعادة تجربة مايو الانقلابية الفاشلة بحذافيرها وقد يكون صحيحا أن الحركة اهتمت بالنوع على أساس أنها حركة صفوية أما الحديث عن التدرج والتصحيح والاستدراك وسيادة الروح المؤسسية فمجرد أماني يشهد بمفارقتها للواقع تصريح رئيس شورى المؤتمر الوطني الذي صرح بانعدام نهج الشورى بدرجة مستحكمة وغياب الشورى يعني انعدام سبل التصحيح والاستدراك واستحالة سيادة الروح المؤسسية.
الفصل الثاني: الثنائيات الكبرى:يرى مؤلف الكتاب أن الحركة الاسلامية السودانية قد نجحت في التعامل مع الثنائيات بمرونة ولم تجمد على شكل واحد في ذلك التعامل تكيفا مع واقعها المتغير.. ولم تمثّل لديها هذه المرونة أية خطورة على المبدأ، إذ أنها تنطلق من فلسفة «أن جوهر الحق واحد مهما تعددت الأثواب التي يلبسها».

مناقشة الفصل الثاني:

مع اتفاقنا مع المؤلف على مرونة الحركة الاسلامية لكننا نختلف معه في حدود تلك المرونة التي نراها تحولت الى سيولة طالت الاستراتيجي أيضا وشكلت خطرا ماحقا على المبدأ وصار هدفها الوحيد المخدوم البقاء في السلطة بأي ثمن.

الفصل الثالث :البنية الهيكلية:

ذكر المؤلف أن هيكل الحركة الإسلامية في السودان ظل يتغير باستمرار طبقاً للتغيرات في دستورها وتكيفاتها مع واقعها السياسي والاجتماعي، وفق إستراتيجية تنشئ الجهاز التنظيمي لغرض محدد تسعى الجماعة لتحقيقه تمرحلاً مع برامجها، تنفيذاً وتخطيطاً، لكنها تخلصت من أزمة الحركة المصرية ( أزمة القيادة، وأزمة الحركة الباكستانية أزمة القاعدة )، وكلا الأزمتين قعدت بالحركة لردحٍ من الزمان في بلدانها، مع اعترافه بأثر الحركتين على هيكل الحركة الإسلامية بالسودان في طور تأسيسها، كما أظهر مجموعة من الاختلافات الجوهرية في الفكر التنظيمي للحركة السودانية عنهما، وهو أمر أكسبها جدة وتميزاً وفاعلية، وتتمثل هذه الاختلافات في : اتساع السلطة التأسيسية، الانتقال من البساطة إلى التركيب، التوسع الرأسي،التوسع الأفقي ، التوازن بين السلطات ، حضور العمل التنظيري في رسم إستراتيجيات الحركة،اتباع نظام الأسر المفتوحة.
مناقشة الفصل: يتناول هذا الفصل توصيفا للنهج العملي الذي مكن الحركة الاسلامية من الانتشار وهو نهج ايجابي ان أبعدت عنه الأساليب الملتوية التي تتعجل النجاح وتؤدي الى الافساد مثل الكسب الانتخابي عن طريق الترغيب (والترهيب بعد استلام السلطة) والكسب النوعي عن طريق اختراق المؤسسات التي يجب أن تظل قومية وقد كنا تحدثنا في مناقشة الفصل الأول عن الفشل في ربط النظري بالعملي بشكل واضح (عوَم المبدأ) وضحى به.

الفصل الرابع: البناء القيادي

يرى الكاتب أن أزمة القيادة في الحركات الاسلامية تمثلت في ثلاث:

الخطأ في تصورها لوظيفة القائد، أهو مخطط إستراتيجي ومشرف عام؟ أم إنه جندي وموظف إداري؟-محورية القائد والتي ينتج عنها مجموعة من العيوب «سيادة مفهوم السيطرة، إغراء الاتباع بالصراع على مناصب القيادة، التأثير السيئ على لغة التفاهم بين القيادة والقاعدة»- ميل القيادة إلى عزل مخالفيها في الرأي والشدة عليهم -إفراغ الشورى من مضامينها. لكن من وجهته يرى المؤلف أن الحركة الإسلامية في السودان كانت واعية للدرس، متجاوزة لأزمة القيادة، حيث اتبعت مجموعة من الضوابط التي أكسبتها تميزاً، ويمكن إجمال تلك الضوابط فيما يلي:
الشمول والتكامل القيادي،المراقبة والمحاسبة،إتاحة حق تولي القيادة لجميع العضوية.

مناقشة الفصل الرابع:وعلى عكس الكاتب نحن نرى أن الحركة الاسلامية في السودان أو تجربة الانقاذ في الحكم أفرزت عيوب الأخطاء الثلاثة المترتبة على محورية القيادة ،ميل القيادة الى عزل مخالفيها وافراغ الشورى من مضامينها بشلك يرشح من الصحف الحكومية كل يوم.
الفصل الخامس:العمل في المجتمع

حيث يرى الكاتب أن الحركة الإسلامية في السودان لم تفقد أبداً الثقة بالجماهير المسلمة، ولم تقف منها موقف عداء واستعلاء، بل تعاملت معها وفق منهج يدرك أن المجتمع المسلم -مهما انحرف- تظل فطرة الخير مركوزة فيه. وأن التفاعل هو الذي يفجر هذه الفكرة، وبالتالي كانت عملية في صلتها بالمجتمع «فهي تقدر كوامن الخير فيه وتشجعها، ولو لابسها غبش، وتقف في وجه الشر ولا تترك له فراغاً يتمكن فيه». حيث تعاملت مع القوى

الاجتماعية بمنهج (التفاعل) و(الانفتاح). نماذج لعلاقتها بالمجتمع :الأحزاب،الجيش،الطلاب ،علماء الشرع (دمجهم في نشاط الحركة أثمر أن سلم الواقع الاسلامي السوداني من الازدواجية المريرة التي تعاني منها كثير من المجتمعات الأخرى)،الصوفية،المرأة،القبائل،المسيحيون،العمال
وأثمر برنامج الحركة الشمولي الطموح استفادة من خير كل الطوائف، فأصبحت تعالج أمور المجتمع «بتعمق في فقه الدين كالعالم، ومنهجية في تزكية النفوس كالصوفي، وتعبئة جماعية لبناء قوة منظمة تقيم شأن الدين الخاص والعام كالمجاهد).

مناقشة الفصل الخامس:الحقيقة ان ما يرد في الفصل الخامس يجعلنا نجزم أن المؤلف لا يعيبه فقط أنه كتب عن تجربة لم يزر الأرض التي طبقت فيها، وتجاهل دراسة تاريخها ، بل نقول ان المؤلف استمد انطباعاته من مصادر تسبح بحمد التجربة الانقاذية بمعزل تام عن الواقع المشاهد وأن الكاتب لذا بدا مثل من يعيش في جزيرة معزولة عن كل معلومات الفضاء الاسفيري والا فكيف نفهم نفيه الاستعلاء عن ممارسات الحركة الاسلامية مع أن في القيام بانقلاب على حكومة نصبها الشعب، (للانقاذ) يعني تضخيما للذات واستعلاء بالحجر على الشعب وتصنيفه عاجزا عن تدبير أمره محتاج لانقاذ الانقاذيين .أما معاملة بقية المجتمع بأريحية ففي ذلك مغالطة مبهتة لمن يعرفون ما فعلته الانقاذ وتفعله الآن بكل فئات الشعب.
وفي مناقشتنا لهذا الفصل نعيب على المؤلف مرة أخرى استعارته لتوصيف نهج الحركة الاسلامية في السودان وصفا يميز الثورة المهدية التي استفادت من ايجابيات كل التيارات الاسلامية دون وجه حق ودون ذكر لمصدره النظري .

الفصل السادس:

في هذا الفصل تحدث المؤلف عن علاقة الحركة في السودان بالسلطة ولماذا كانت الحركة الإسلامية بالسودان أول القوى السياسية وقوفاً في وجه النظام المايوي؟ ولماذا صالحته؟ وما هي أسباب نجاحها في ذلك؟ وماذا جنت من المصالحة؟ وذكر محطات العلاقة بالسلطة في :محاولة انقلاب الرشيد الطاهر بكر 1959 ،مشاركة الحركة في اكتوبر 64،وقوفها في وجه مايو في 1970 وفي يوليو 1976
ومصالحة نظام مايو في 1977
ثم مشاركته السلطة ابتداء من 1978 حتى خواتيم 1985
عندما انقلب نميري على الحركة..
ويرى الكاتب أن المصالحة كانت فوق التصور المطلوب من النجاح،لأسباب وعوامل عددها مكانه مما جعلها تجني مكاسب استراتيجية من المشاركة.

مناقشة الفصل السادس:

في الفصل تضخيم مرضي لدور الحركة الاسلامية في التاريخ السوداني فالحركة الاسلامية السودانية لم تكن ذات كينونة تتصرف بها منفردة في السابق بل كانت دوما ردفا للآخرين ويعدد الامام الصادق المهدي مراحل الوفاق مع الجبهة الاسلامية في كتاب الوفاق والفراق مع الجبهة بما يبين ذلك: فالأنصار في 1970 هم الذين واجهوا النظام المايوي وفي 76 هم الذين دخلوا الى الخرطوم لتحريرها من ظلمه وعددهم الذي بلغ ألفا من المقاتلين كان في صحبته 50 مقاتلا فقط من الاخوان وفي يوليو 77 كان حزب الأمة بقيادة رئيسه الامام الصادق المهدي هو من قاد المصالحة الوطنية مع نظام مايو بشروط لم يلتزم بها الطاغية لذلك فشلت ورغم عدم الاخلال بالشروط استمر الاخوان في مشاركة مايو السلطة بشكل لا يمكن وصفه بأقل من الانتهازية وعدم الأخلاق والتغاضي عن كل مبدأ ( النكوص عن التمكين للحريات تهريب الفلاشا، كسر مقاطعة الكوكاكولا، تأييد زيارة السادات لكامب ديفيد…الخ الاخفاقات )
الفصل السابع:العلاقة بالحركات الإسلامية ويتناول هذا الفصل آثار استقلالية الحركة الاسلامية السودانية عن الحركة العالمية ومراعاتها لظروف بيئتها المحيطة تكيفا مع معطيات تلك البيئة ومراعاة الزمان والمكان.

مناقشة الفصل السابع

جنحت الحركة الاسلامية في السودان الى استقلالية محمودة عن الحركة الاسلامية العالمية للتكيف مع مطلوبات الداخل ولكنها لم تخلُ من التأثر السلبي بمواجع الحركات الأخرى في العالم مثل ما كتب كاتب اسفيري على الشبكة العنكبوتية :
استمدت من أدبيات الحركة الاسلامية المصرية روح الانتقام واقصاء الآخرين بسبب المعاناة من الكبت والتنكيل من نظام عبد الناصر.
واستمدت من أدبيات الحركة الاسلامية الباكستانية التي بايعت الجنرال محمد ضياء الحق إماما وهو الذي سطا على السلطة بانقلاب عسكري ومثلها بايعت نميري اماما للمسلمين ثم تشربت باتجاه نشأ لدى الحركات الإسلامية بإمكانية اللجوء للانقلابات العسكرية طالما تؤدي نفس المقصد وهو الوصول للسلطة لتحقيق دولة الإسلام الراشدة دن التقيد بالديمقراطية غير مضمونة النتائج.فكانت النتيجة الفشل التام في تحقيق دولة الاسلام والفشل التام في تحقيق دولة الوطن بما يؤكد أن ما بني على باطل هو بالتأكيد باطل.
وسلمتم

الصحافة

تعليق واحد

  1. أشهدوا يا قوم وأكتبوا على لساني – أنا المواطن الفقير الغلبان الذي يحلم بصحن من الكمونية ، هذا ليس مزاح أو سخرية فأنا لم أذق اللحم خلال فترة طيلة سوى مرة أو مرتين في مناسبات – المهم أنني قررت قرارا لا رجعة فيه أنه بعد نجاح الثورة بإذن الله – قررت أن أقطع لسان المدعو نافع المشهور بأبو العفين ، تذكروا كلامي هذا ، سوف أقطع لسانه من لقاليقه ، هذا اللسان القذر لن ينطق بعد نجاح الثورة ، وفي حال كان أبو العفين يواجه اتهامات يمكن أن تقوده الى المشنقة فسوف يذهب الى المشنقة بلا لسان ،،، أنا أعرف أين أجده وسوف أقطع لسانه ، سوف أقطعه وأقدمه هدية لمتحف التاريخ الطبيعي ليتذكر الشعب السوداني على مر التاريخ أن لسان من أساء لشعبه موجود بمتحف التاريخ

  2. (حزب الأمة رمز القوة) هذه العبارة كنا نراها في الستينات مكتوبة على العربات (الجيب) التابعة للحزب وفعلا كان الحزب آنذاك يرمز للقوة ولا يجرؤ أحد على التطاول عليه.. اليوم قرأت أن شـرطة حزب البشير قذفت دار حزب الأمة بالغاز المسيل للدموع لأنهم سـمعوا هتافات داخل الدار ضـد البشير فسبحان الله.. حزب الأمة رمز القوة يقذف أنصاره بالغاز في عـقر دارهم!! السيد الإمام أضـعف الحزب الذي كان رمزا للقوة بالكلام والمساومات والعجب أن ابنه عبدالرحمن يجلس فرحا في القصر عند عمه عمر البشير!! يا للعار يا للعار.

  3. المرأة الفاضل بنت الرجل الفاض التحية والود والاحترام…

    لقد اسمعتي اذ ناديتي حيا ولكن لا حياة لمن تنادي…..
    هؤلاء الناس لا يسمعون إلا لأنفسهم ولا يفهمون إلا انفسهم ولا يشاورون إلا انفسهم ولا يتكلمون إلا مع انفسهم لذلك كانت آذانهم صماء طيلة فترة حكمهم وما طرحه عليهم والدك العظيم يكاد يملأ ما بين السماء والارض ولم تكن هناك استجابة وقد جاء الوقت الذي يدركهم فيه الطوفان كحال نوح مع ابنه فلم يعصمه الجبل من الماء….

    انتظري امر الله في خلق الله وتفرجي …..

  4. ما الذي يجعل أميركا تدعم التيار الإسلامي العربي؟

    أبو سرحان الزيدي
    قد يفرح من يفرح في هذا الدعم الذي هو سم في عسل. هؤلاء الفرحون يسعون لمكاسب ولو كره المؤمنون أو الوطنيون، ينطلقون من حب الذات والسعي لمكسب سرابي، وهمي في اغلب الأحيان. ولكن لماذا أميركا تجند كل إمكانياتها وتستدعي كل حلفاءها وعملاءها ليدخلوا في اللعبة؟. إن هذه اللعبة بالتأكيد مربحة وقد تأخذ أوجه متعددة منها :
    1 ? إضعاف البلدان العربية وتعميق جراحها واستهلاك كل الإمكانيات المادية والبشرية والعسكرية وإنهاك الاقتصاد وزيادة الديون، وتكبيل هذه البلدان بقيود يصعب الإفلات منها.

    2 ? في ظل هذه المعمعات وكون أميركا لاعبا قويا فيها ومن خلال سماسرتها تبحث عن عملاء جدد تستطيع دعمهم لاستلام السلطة ومن ثم السير في ركاب المشروع الأميركي في السيطرة على المنطقة.والسبب أن العملاء القدامى قد انتهت أوراقهم وأصبح الشعب يرفضهم. وفي هذه اللعبة ينهك الشعب ثم تطرح عليه الوجوه الجديدة أو قديمة بثوب جديد. فيكون أمام أمر واقع للقبول للأسباب التالية.
    ا ? انه أنهك ماديا وقدم التضحيات الجسام وهو الآن غير قادر على المواصلة بسبب مما انتابه من جهد ذهب سدى والبعض عاطل لا مورد له وقد ترك الكثير مصدر رزقه.
    ب ? فقد الثقة بكثير من القيادات التي انحرفت عن المنهج أو تصارعت مع بعضها البعض على الكراسي كما هو الحال في مصر أو ليبيا وغيرها، إثناء الانتخابات، حيث كل يريد أن يحصل على السلطة متناسين مصلحة الشعب وما قدمه ما ثمن باهظ.

    3 ? وقد يكون أمرا مهما وهو أن أميركا وإسرائيل ومن خلال الحلفاء الجدد من العرب أن تجعل التيار الإسلامي يصعد للحكم في الوقت الذي تعمل على تأجيج الصراع بين الكتل وإفشاله في إدارة الدولة رغم الدماء الكثيرة. وهنا تكون أميركا قد ضربت عصفورين بحجر واحد.
    الأول : تشويه صورة الإسلام من خلال عناصر التسييس التي دعمتها، فتظهر الإسلام بأنه دين دموي، لا يراعي حقوق الإنسان يتصف بالعنف والقتل، مما تكون صورته بشعة أمام العالم لتحقق النفور من الإسلام وتصوير الدين المسيحي على انه مسالم وهذا يشجع فرق التبشير لديها.
    الثاني : تهيئة الفرصة المناسبة للاستبدال بمن تريد، وهم معدين سلفا. وبذالك تكون قد أرست مشروعها الشرق أوسطي، القديم الجديد وضمنت مصالحها في المنطقة وأبعدت أي خطر مستقبلي ضد إسرائيل كما فسحت المجال للحليف إيران بالتحرك بحرية، ابتداء من العراق ومنطقة الخليج. ناهيك عن الذراع الإيراني في الجنوب اللبناني وسوريا وكذلك التغلغل في المنظمة الفلسطينية حماس. وتشير المعلومات أن إيران تدعم بعض التيارات الإسلامية باستثناء سوريا وبواسطة إطراف عربية.

    هذا بعض ما يؤشر من خلال سير الإحداث وانكشاف زيف بعض التحركات العربية بقيادة قطر والسعودية. وكذلك تحريك المالكي وبأوامر إيرانية للوقوف إلى الجانب السوري الذي كان بالأمس يشهر به ويتهمه بمعاونة الإرهاب، كما يسميه في العراق. كما ساهمت أميركا وإيران في التهيئة لمؤتمر الجامعة في بغداد مستخدمة كل الضغوط لكي يعقد المؤتمر وبذلك تضفي مشروعية على حكم المالكي الغير شرعي. وهذا ما حدث. وقد دفع الشعب العراقي الثمن من دمه ورزقه. والكل يعرف هذه اللعبة. فأميركا لا تحب استقرار المنطقة العربية أو بروز قائد عربي قدير ينهض بالبلاد او يعلن موقفه الرافض لإسرائيل أو الهيمنة الأميركية في المنطقة. يستطيع المتتبع أن يدرك ولو بالحد الأدنى الإبعاد الحقيقية وراء اللهجة الأميركية اتجاه ما يسمى بالربيع العربي وتحقيق مصير الشعوب.والصوت العالي للمطالبة بحقوق الإنسان! عجيب. أين هي حقوق الإنسان العراقي في ظل الاحتلال الأميركي والبديلة إيران؟!! الشعب العراقي فدم اكثر من مليوني شهيد ولديه خمسة ملايين يتيم وما يربو على مليون أرملة يضاف إلى ذلك التدمير الكامل للبنى التحتية ونهب خيراته وتشريد وتهجير الملايين. فهل تغطى كل هذه بغربال. إذن كل ما يقال عن أميركي أو إيران أو دول أوربية (هو قول حق أريد به باطل) والحر تكفيه الإشارة.
    إن الذي يجري في المنطقة العربية وبتخطيط أميركي ? إيراني ? صهيوني هو إستراتيجية جديدة لاستعمار جديد للدول العربية والسيطرة على ثرواتها الاقتصادية ومنافذها المطلة أو التي تربط القارة الإفريقية والأسيوية والأوربية عبر منافذ حيوية كقناة السويس وباب المندب والخليج العربي. حيث أن العالم العربي موقع يطل على اغلب دول العالم المهمة وبدون السيطرة أو التحالف لا يمكن لأميركا أن تحمي أو توسع مصالحها في المنطقة، وعليه فهي تسعى وبكل الوسائل لتنفيذ مشروعها الذي فشل. بإعادته بشكل آخر وفق إغراءات ما يسمى بالربيع العربي والعمل على تغيير الوجوه.وهنا يأتي دور الشباب الناهض الذي يقود الثورة بان ينتبه تماما لهذا المخطط ويغلق كل الأبواب التي من شانها خدمة المشروع وبالتالي تفويت الفرصة على أميركا وحلفائها من خلال رص الصفوف وسد كل الثغرات التي فتحت أو احتمال فتحها من قبل الأعداء وسماسرتهم. وبذالك يمكن الحفاظ على نهج الثورة وزيادة رصيدها الشعبي الوطني والقومي وحتى الإنساني والله ولي التوفيق.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..