أخبار السودان

ما الذي يجري في السودان؟ا

تهدد الحرب مجددا عملية السلام بين شمال السودان وجنوبه، التي استغرق التوصل إليها عقدين من الزمن، والتي من المقرر أن تنتج عنها دولة جديدة في يوليو المقبل، هي جنوب السودان. لجأ الرئيس السوداني عمر البشير مجددا إلى القوة، بدلاً من المفاوضات، لحل خلاف في أكبر بلد إفريقي، حيث دخلت قواته المسلحة أبيي في 21 مايو الماضي، لكن القوة أداة فظة لن تستطيع على المدى الطويل أن تخدم مصالح البلاد أو المنطقة وما وراءها. وكما صرحت إدارة أوباما بحق، كان الرد «غير متناسب» مع الهجوم الذي شنه الجنوب على الجنود السودانيين.

إن جيش الخرطوم يسيطر الآن على منطقة أبيي، وهي منطقة خصبة قرب حقول النفط. ومنطقة أبيي المتنازع عليها، كان من المفترض أن يتقرر مصيرها خلال يناير الماضي في استفتاء عام، إلى جانب التصويت الذي حدد مصير جنوب السودان. وكان الاستفتاء جزءا من معاهدة سلام بين الشمال والجنوب في عام 2005 بدعم من الولايات المتحدة. وبسبب الخلاف حول من يحق له التصويت، لم يصوت سكان أبيي، رغم أن 99% من شعب جنوب السودان اختاروا الانفصال عن الشمال.

حدد موعد استقلال جنوب السودان في 9 يوليو المقبل، رغم أن التفاوض ما زال جاريا على العديد من القضايا العالقة، بما في ذلك كيفية تقسيم الإيرادات النفطية. ويبدو كما لو أن قوات الخرطوم دخلت أبيي في سبيل تحسين موقفها التفاوضي، وفي سبيل جعل موقع أبيي غير المحسوم كأمر واقع على الأرض.

ويتعين على العالم أن يعمل بصوت واحد، ليس بالقصف بالقنابل، بل بممارسة الدبلوماسية الخشنة، والتي تتضمن تشديد العقوبات. أدان المجتمع الدولي هذا التحرك الأخير، حين طالب مجلس الأمن بالانسحاب الفوري وغير المشروط للجنود السودانيين ومع أن الصين، وهي عضو في مجلس الأمن ولها مصالح نفطية مهمة في السودان، كانت تقليديا صديقة للخرطوم وتبيعها الأسلحة، فإنها دعمت بصمت عملية السلام، بعد أن تبين لها أنه يتعين عليها أن تحصل على الجنوب الغني بالنفط، وأن عدم الاستقرار يعرض إمداد الطاقة الخاصة بها للخطر، وقد آن الأوان لأن تستخدم الصين نفوذها وتأثيرها على الخرطوم للقيام بالانسحاب.

وللأزمة عواقب أيضا، وليس فقط إدانات من المجتمع الدولي. فالاستفتاء قد وضع الخرطوم على طريق تطبيع العلاقات مع الغرب، وعلى القيادة في الخرطوم أن تدرك أن دخول أبيي يعرض هذا المسار للخطر. ومما يثير التفاؤل أن الشمال والجنوب يتحدثان أحدهما إلى الآخر، وقد اتفقا على منطقة منزوعة السلاح على طول الحدود بينهما، فيما تبدو الجارة إثيوبيا على أهبة الاستعداد لإرسال جنود لحفظ السلام إلى أبيي، خوفا من أن يرتد عدم الاستقرار عليها.

ويتعين على الخرطوم أن تدرك أن القوة العسكرية والتهديد بحرب جديدة، لا يخدم مصالحها، فالشمال والجنوب في اعتماد متبادل على النفط، وعدم الاستقرار المتطاول سوف يقطع تدفق الإيرادات. ومن غير المرجح أن يخيف هذا التكتيك المعتمد مناطق السودان المضطربة ويدفعها للاتحاد مع الخرطوم، والمسلحون في المنطقة الغربية الشاسعة من السودان على سبيل المثال، باتوا، حسبما تورد التقارير، أكثر جرأة بسبب الاستفتاء في الجنوب.

ومع قدوم ربيع التطهير في الدول العربية، فإن السؤال هو: كم من الوقت سيمضي قبل أن يتوصل السودانيون إلى الفكرة ذاتها؟

وعلى المدى الطويل، فإن حكومة تشمل الجميع هي التي توحد السودانيين وتضع هذه البلاد على طريق الازدهار، أما إجبار السودان على المضي في هذا الطريق، فهو شيء ينتمي إلى مدرسة قديمة جدا.

صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية

تعليق واحد

  1. منذ ان حكمنا الشريكين وهما علي خلاف دائم مع تبادل الاتهامات لبعضهم.
    لم يكرسوا الجهود لتحقيق الوحدة الجازبة التي وعدا بها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..