البنك المركزي يصدم المصريين بخفض ساحق لقيمة الجنيه

أصيبت الأوساط الاقتصادية وعموم المصريين بصدمة شديدة أمس حين قرر البنك المركزي خفضا مزلزلا لسعر صرف الجنيه. وقال محللون إنه سيؤدي إلى قفزة كبيرة في أسعار جميع السلع المصرية ويقتطع نسبة مماثلة من القدرة الشرائية للمصريين، رغم فوائده غير المباشرة لقطاع الصادرات واستقطاب الاستثمار.

العرب

القاهرة – وجه البنك المركزي المصري أمس ضربة قوية مفاجئة إلى سعر صرف الجنيه المصري حين خفض سعر صرفه مقابل الدولار بنسبة كبيرة جدا بلغت 14.5 بالمئة، بحجة القضاء على السوق السوداء وأزمة الدولار المتفاقمة.

وباع المركزي نحو 198 مليون دولار في عطاء استثنائي لتغطية واردات سلع استراتيجية أساسية بسعر 8.85 جنيه للبنوك مقارنة بسعر 7.73 جنيه في العطاء الدوري السابق يوم الأحد. وسوف يباع الدولار بسعر 8.95 جنيه رسميا في المصارف المحلية بعد هذا العطاء.

وقال المركزي المصري في بيان صحافي إنه قرر ?انتهاج سياسة أكثر مرونة في ما يتعلق بسعر الصرف والتي من شأنها علاج التشوهات في منظومة أسعار الصرف واستعادة تداول النقد الأجنبي داخل الجهاز البنكي بصورة منتظمة ومستدامة تعكس آليات العرض والطلب?.

ويرى محللون أن الخفض المزلزل في سعر صرف الجنيه سيؤدي إلى قفزة كبيرة في أسعار جميع السلع ويقتطع نسبة مماثلة من القدرة الشرائية للمصريين، رغم فوائده غير المباشرة لقطاع الصادرات واستقطاب الاستثمار.

وأضافوا أن القرار سينقل معظم أعباء الأزمة المالية إلى كاهل المصريين. ويبدو من شبه المؤكد أن يؤدي إلى ارتفاع التضخم بنسبة كبيرة خلال الأشهر المقبلة.

وتواجه مصر المعتمدة على الاستيراد نقصا حادا في الدولار منذ انتفاضة يناير 2011 وما أعقبها من اضطرابات أمنية وسياسية واقتصادية، أدت إلى عزوف السياح والمستثمرين الأجانب وانخفاض تحويلات المصريين في الخارج وهي المصادر الرئيسية للعملة الصعبة.

وأضاف المركزي أنه يتوقع ?أن تؤدي تلك القرارات إلى استقرار مستويات أسعار الصرف بصورة تعكس القوة والقيمة الحقيقية للعملة المحلية في غضون فترة وجيزة?.

وأشار البنك إلى أنه يستهدف الوصول باحتياطيات النقد الأجنبي إلى ?حوالي 25 مليار دولار في نهاية العام الحالي، نتيجة لجذب الاستثمار الأجنبي بعد الاطمئنان إلى إنهاء القيود على إيداع وسحب الأموال، وتسهيل خروج آمن لتلك الاستثمارات واستعادة الاقتصاد المصري لقدراته التنافسية?.

وتهاوت الاحتياطيات المالية من 36 مليار دولار قبل ثورة يناير 2011 إلى نحو 16.5 مليار دولار في فبراير، في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية، التي أدت إلى نضوب السيولة الدولارية في القطاع البنكي.

وألغى البنك المركزي المصري الأسبوع الماضي سقف الإيداع والسحب البنكي بالعملة الصعبة لمستوردي السلع الأساسية والأفراد.

وعقب إعلان خفض قيمة الجنيه قال هشام عكاشة رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري، أكبر بنك حكومي في البلاد إن مصرفه وبنك مصر طرحا شهادات استثمار أمس للأفراد بعائد 15 بالمئة مقابل التنازل عن أي عملة عربية أو أجنبية.

وأضاف عكاشة في اتصال هاتفي مع رويترز أن ?الشهادات لأجل ثلاث سنوات بعائد يصرف كل ثلاثة أشهر? وأن طرح الشهادات بدأ أمس ولمدة 60 يوما.

وقال هاني جنينة من بلتون المالية القابضة إن ?قرارات المركزي ومصرفي الأهلي ومصر، هي ضربة قاصمة للسوق السوداء. لا أتوقع أن تستمر هذه السوق بعد مارس أو أبريل على أقصى تقدير?.

وأكد متعامل في السوق الموازية لرويترز أنه ?حتى الليلة التي سبقت القرار، كنا نبيع الدولار بسعر 9.20 جنيه. لكننا لا نبيع ولا نشتري يوم الاثنين. نحاول أن نفهم أولا ما يحدث من حولنا قبل أن نقرر ماذا نفعل؟?.

وتعرض الجنيه المصري لضغوط مع تناقص الاحتياطيات لكن البنك المركزي كان مترددا في خفض قيمته تخوفا من تأجيج التضخم الذي يقع بالفعل في خانة العشرات.

ويرى هاني جنينة أن ?توقيت التخفيض هو إظهار حسن النية (من المحافظ) لصناديق الاستثمار الأجنبية بعد اجتماع المحافظ مع الصناديق يوم الجمعة الماضي?.

وأضاف أن ?القرارت الأخيرة ستجذب لنا استثمارات أجنبية سواء في أذون الخزانة أو غيرها.. جميع الاتفاقيات الخاصة بالقروض أو الاتفاقيات الاقتصادية التي كانت معلقة بسبب سعر الصرف ستنفرج الآن وتنتهي في أقرب وقت ممكن?.

وتعتمد مصر في مواردها من النقد الأجنبي أساسا على عائدات قناة السويس التي تراجعت بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي وتراجع حركة الملاحة الدولية، وعائدات السياحة التي تلقت ضربة جديدة بعد إسقاط الطائرة الروسية في سيناء في نهاية أكتوبر الماضي.

كما تراجعت تحويلات المصريين في الخارج، وخاصة من دول الخليج بسبب تراجع أسعار النفط العالمية. ويقول الخبراء إن معظم تلك التحويلات أصبح يتم من خلال السوق السوداء أي خارج النظام البنكي.

وتفاقمت أزمة الاحتياطات المالية رغم المساعدات الخارجية التي حصلت عليها الحكومة المصرية من دول الخليج خلال العامين الماضيين والتي تقارب 20 مليار دولار.

ويقول بعض الخبراء إن خفض قيمة الجنيه سيؤدي إلى زيادة الصادرات نتيجة خفض سعرها، وبالتالي إلى ارتفاع قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية.

وقفز مؤشر البورصة المصرية بنسبة 6.7 بالمئة أمس في رد فعل مباشر لخفض قيمة الجنية لتعويض الانخفاض غير المباشر للقيمة الفعلية للأسهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..