حكومة البشير وصفقة بيع الوطن ..

حكومة البشير وصفقة بيع الوطن

عمر يحيى الفضلي
[email][email protected][/email]

لقد مضى عهد الاستعمار التقليدي الذي كان يستدعي غزو عسكري واستراتيجيات بادارة اجنبية مباشرة للسيطرة على المستعمرات والتحكم على مواردها .. اليوم وبعد احداث سبتمبر 11، 2001 بدأ عهد استعمار بمنهج جديد حديث لا يستدعي اي تدخل عسكري ولا إدارة اجنبية .. استعمار محلي بالوكالة مؤسس على اتفاقيات خاصة تبنى حول تسليم السلطة لنظم قامعة ديكتاتورية باتفاقيات وتعهدات سرية ..
يتم السيطرة على هذه المستعمرات بواسطة انظم عسكرية تقوم بالاستيلاء على السلطة عن طريق انقلابات عسكرية تدعم من قبل البلد المستعمر .. لتعمل تلك النظم المأجورة باستعمار بلدانها لانجاز وتنفيذ اجندة محددة لصالح المستعمر مقابل تأمين بقاءهم على السلطة والسماح لهم بنهب وسلب ما يشائون باي سبل ممكنة ..
السودان الذي يتمتع بموقعه الجغرافي الاستراتيجي الفاصل الواصل بين العالم العربي والافريقي والذي يجعل منه بلد ذو اهمية خاصة تتطلب من الغرب السيطرة والتحكم عليه باي شكل لتأمين الاقليم من خطورة تكوين خلايا الارهاب ..
ولكن .. هنالك اليوم اهداف اقتصادية اخرى يعمل الغرب وامريكا على تحقيقها معتمدةً في ذلك على التوتر الأمني والتمرد والنزاع المسلح الذي يستدعي التسليح المستمر باشكاله وانواعه في الاقليم وذلك من اجل تأمين عائد اقتصادي ضخم لتلك البلدان المتخصصة في التصنيع الحربي ..
ان مجال تصنيع الاسلحة والتداول فيه عالمياً اصبح اليوم من اكبر المجالات التي تعتمد عليه الدول المصنعة للاسلحة .. وهناك نوعان من الاسلحة تتخصص في صنعها دول معروفة عالمياً .. امريكا وبعض الدول الغربية معروفة بتصنيع الاسلحة الثقيلة مثل المدفعية والصواريخ البعيدة المدى والطائرات بانواعها والآليات البرية الثقيلة من مدرعات ودبابات والاسلحة البحرية من مركبات وسفن وغواصات .. اما الاسلحة الخفيفة والمتوسطة فالصين والدول الشرقية تتخصص في تصنيعها وعرضها باسعار منافسة ..
وهكذا يتم التداول في تلك السلع والآليات الحربية بين الدول مثلها ومثل اي سلع تجارية اخرى تتم عبر اتفاقيات وخصومات وعمولات واستراتيجيات لتطويرها وعرضها وتسويقها والتنافس عليها باحدث السبل .. وتعمل جهات متخصصة في تسويق تلك السلع والتعرف على الاسواق واحتياجاتها وطرق التعامل معها .. وهنا تنبع الانحرافات والجشع الرأس مالي من اجل ازدهار مبيعات تلك السلع في الاسواق المتوفرة عالمياً .. وان لم تتوفر الاسواق .. (نسبة للازمة الاقتصادية السائدة عالمياً) نرى اليوم استراتيجيات تسويقية جديدة تدور حول دعم نظم الاستعمار بالوكالة لفتح ابواب التداول في الاسلحة وفي منتجات الدمار والقتل مسخرة اغلبية ميزانية الدولة للتسليح والامن .. تلك الجهات المتخصصة تعمل جاهدة على ابتكار اسواق جدد لتأمين وتنمية اقتصاد الدول المصنعة للاسلحة .. وتقوم بابتكار تلك الاسواق مستغلة في تأسيسها عوامل الخيانة والفساد والتآمر .. فمن جهة يقوم تجار الاسلحة بدفع العمولات الضخمة للمسؤلين في الحكومات .. ومن جهة اخرى تقوم جهات سياسية بتحريض ودفع الحكومات لاتخاذ سياسات واساليب قمعية باستخدام العنف والحروب لمواجهة الازمات والخلافات الداخلية معتمدة في تنفيذها على اتفاقيات الدعم الوجستي لتوفير الاسلحة لمواجهة تلك الازمات .. وبالمثل ومن جهة اخرى تعمل اطراف موازية بصورة غير مباشرة لتسليح المتمردين واشعال النزاعات المسلحة لمواجهة الانظمة الحاكمة ..
لقد قامت المنظمات الدولية لحفظ السلام وحقوق الانسان بوضع قوانين دولية تمنع الغزوات والاعتدائات الخارجية على دول العالم .. وقاموا على وضع تحالفات أمنية عالمية تحميهم وتحفظهم من اي اعتداءات اجنبية .. فليس من الغريب اليوم ان نجد ان اغلب الحروب المشتعلة في العالم هي حروب تنحصر في نزاعات داخلية وفي جبهات تمرد على نظم ديكتاتورية شمولية تعمل على التهميش والظلم وسلب الحقوق وانتهاك الحريات ودعم التشرذم والحروب الاهلية ..
وبالتأكيد كلما تفشى التمرد وطال الصراع والتأزم .. كلما ازدهرت تجارة الاسلحة وآليات القتال بكل ما يتعلق بها من صفقات وعمولات ومنافع شخصية ..
هكذا اصبحت للقتال اسواق مزدهرة وتجارة مربحة يغتني عن طريقها العديد من الخونة الضعفاء دون مبالاة لمصلحة اوطانهم ولا لضحايا الحروب ..
وما افضل لمثل تلك التجارة الخبيثة وترويج هذه السلع الفتاكة من الاسواق الافريقية التي تتوفر فيها عوامل اساسية مثل غياب الديمقراطية والحريات والعدالة والجهل والجشع والفساد وكل ما يدفع للتمرد والنزاع المسلح من تهميش وقمع وسلب للحقوق والحريات ..
علينا ان نعلم ان الدول النامية تحمي شعوبها من تلك النزاعات والحروب الاهلية بتبنيها لمبادئ واسس ديمقراطية نزيهة وعدالة اجتماعية وحريات مدنية تؤدي الى تأمين الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي لتلك الشعوب .. وكنتيجة التعامل بالديمقراطية وبالحريات المدنية .. طبيعياً نجد آليات المحاسبة ومحاربة الفساد والمحسوبية كجزء اساسي للبنية التحتية لانظمة تلك الدول ..
على ذلك المبدأ قامت المنظومات الدولية بوضع اسس وقوانين دولية لحماية “بعض” الدول وتقويتها بالفكر والمبادئ الديمقراطية لحماية شعوبها من الفساد وحفظ الحقوق المدنية والتشريعية .. ولكن من اجل المصالح الاقتصادية البحتة التي تخص تلك الدول النامية المصنعة للاسلحة وآليات الحروب نجد ان الديمقراطية والحقوق الانسانية تحجب تماماً عن شعوب الدول المتخلفة لكي تصبح هدفاً سهلا واسواق واعدة مربحة لتجارة آليات الدمار ..
لذا وبدلاً عن الديمقراطية والسلام في البلدان المتخلفة نجد على رأس الدول الافريقية والعربية نظم ديكتاتورية تحكم وتبقى على السلطة بدعم الدول المصنعة للاسلحة ومباركتها ..
اليوم نجد ان القارة الافريقية عامة هي القارة الاكثر بعداً وابطئها تحركاً نحو الديمقراطية .. وان العقبات التي تحول دون التحرك نحو الديمقراطية في أفريقيا أساساً هي سياسية واقتصادية .. بدأت كنتيجة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق واستخدامهم للقارة الأفريقية كساحة حرب .. اما اليوم نسبة للازمة الاقتصادية العالمية وبعد اكتشاف النفط والمعادن في دول القارة الافريقية .. اصبح مشروع البعد عن الديمقراطية وتجهيل وتشرزم الشعوب في تلك الدول يتمحور حول التمسك بالسلطة والتمترس عليها بالاسس الديكتاتورية القمعية للتداول والانتفاع من تلك الموارد ولتنفيذ اجندات التشرد والحروب ..
وهكذا نجد ان الديمقراطية مازالت مستبعدة تماماً من معظم الدول الافريقي .. فاليوم من اربعة وخمسون دولة افريقية وعربية وبعد حلول الربيع العربي نجد ان هنالك سبعة دول افريقية فقط وثلاثة عربية تتبنى الديمقراطية وتعمل بدورات انتخابات ديمقراطية .. تلك الدول هي بوتسوانا والرأس الأخضر وتنزانيا ونيجيريا وجنوب افريقيا وموريشيوس وزامبيا ومصر وليبيا وتونس ..
وفيما يخص السودان البلد الغني بموارده الطبيعية وامكانياته الضخمة التي تسهل النمو والتطور السريع .. نجد ان السودان يمثل قوة استراتيجية عظيمة في الاقليم وفي حالة تنميته .. تتوفر فيه كافة الموارد الطبيعية من نفط ويورانيوم ومعادن واراضي زراعية خصبة شاسعة ومياه عذبة غنية وثروة حيوانية ضخمة إن استثمرت تكفي ايراداتها لتنمية البلاد والاقليم باكمله ليصبح بلد من اغنى دول العالم وأقواها يمكن ان يصبح بلد مستقل اقتصادياً معتمد على منتجاته الزراعية والحيوانية وصناعاته في كل المجالات الغذائية والخدمية من صناعات خفيفة وثقيلة .. بما في ذلك التصنيع الحربي .. حتى يصبح بلد مصدر بدلاً من ان يكون معتمداً على الاستيراد والسلع الاجنبية ..
ولكن بسبب ضعف وخيانة نظام البشير الحاكم وبيعه للوطن .. نجده يعمل لصالح الدول الاجنبية المنتجة المصنعة وعلى قمتها الصين التي تعمل على توفير وتصدير جميع المنتجات بارخص التكلفة حتى تتحكم على كافة الاسواق العالمية بترسيخ نوع من الاستعمار الاقتصادي الذي يؤدي ويعمل على تطويع الدول المتخلفة حتى تصبح معتمدة اعتماداً كلياً على استيراد كافة السلع الاستهلاكية والمواد من الصين ..
لذا نجد في العالم النامي قوانين ونظم تحدد نوعية وكميات السلع المستوردة من اجل الحفاظً على المنتج المحلي ودعم العمالة المحلية لحل ازمة العطالة والتوازن الاقتصادي .. اما في السودان والدول المتخلفة في القارة الافريقية وبسبب مباشر للفساد نجد التعامل مع الاستيراد يتم دون أسس ودون قوانين لحماية المنتج والعمالة المحلية .. فعادة ما تقوم الدولة بفتح عطاءات لمنسوبيها لايستيراد جميع السلع دون رقابة ودون مراعاة للمنتجات المصنعة محلياً التي يؤدي استيرادها واغراق الاسواق بها الى تحطيم العمالة المحلية والمهارات الحرفية واليدوية ..
في ملخص الموضوع ان السودان اليوم اصبح بلد يحكمه نظام مأجورليصبح سوق حر تحت سيطرة الدول العظمى المصدرة لكافة السلع بانواعها .. والاهم هو الواقع المؤسف الذي يوحي ويؤكد بان القارة الافريقية والعالم العربي عامة والسودان خاصة يمثلان اليوم اسواق مربحة لعالم آخر يعتمد اقتصاده كلياً على تجارة الاسلحة وابتكار اسواق للتداول فيها .. مما يعني بصورة واضحة ان السودان الدولة الافريقية العربية التي تحتوي على ثروات عظيمة ونادرة عالمياً هي الآن تقع ضحية الجشع الاقتصادي للعالم النامي .. والتي قام النظام الحاكم المأجور ببيعها حتى تتلاشى وتدمر لتكون ساحة للحروب والدمار بدلاً من النمو والتطور ..
نحن في السودان ومنذ ثلاثة وعشرون عام يحكمنا نظام مرتزقة دخلاء يسيطرون على الشعب بالقوة ويتحكمون على قدراته وحرياته .. نظام يعمل على خلق بؤر الصراعات و الحروب ويصرف عليها اكثر من 70% من ميزانية الدولة .. ويعزل البلاد إقليميا ودوليا بدلاً من توفير الاستقرار والسلام .. نظام يعمل على تفشي الفساد وتردي البلاد بدلاً عن تنميتها ..
ان النظام الحاكم في السودان هو نموزج واثبات قاطع لبادرة النظم المأجورة والاستعمار بالوكالة .. الآن وبعد ثلاثة وعشرون عام من حكم الانقاذ واكثر من خمسة عشر عام من ايرادات النفط والثروات الاخرى .. نجد المواطن السوداني في تدني ملحوظ ومعاناة من فقر وجوع و في اسوء حال عن ما كان عليه ما قبل حكم الانقاذ .. ناهيك عن تفشى الحروب والتشرد والفقدان البشري كضحايا لتلك الحروب .. زيادة اسعار السلع الاستهلاكية والغلاء المعيشي وارتفاع نسبة العطالة .. جميعها عوارض لنظام فاسد يعمل لمصلحته وتحقيق اجندات ومصالح اجنبية ..

– – – – – – – – – – – – – – – – –
تم إضافة المرفق التالي :
عمر البشير.jpg

تعليق واحد

  1. نعم التجارة القذرة التي يحكم تجارها العالم الآن ويعيثون فيه فساداً هي تجارة الأسلحة والمضحك المبكي حتى هذه التجارة جلبت الحكومة الفاسد منها لانه نظام

    يحكي الفساد والافساد في كل شئ وحينما اردنا تصنيع الأسلحة لم نختار الا إيران الفارسية التي ضجيج تصريحتها أعلى من قعقعة أسلحتها الخربة

    ربما هي نهاية النهايات فمن يميل للاحتلال قديماً ويسانده ويكون ضمن جنده تعلم الدرس في كيفية الإحتلال ليضحى ( سيد قومه ) لذلك يركم الباطل بعضه

    فوق بعض استعدادً لركلة واحدة داخل مزبلة التاريخ قبل يوم الحساب عند الله عز وجل

    وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..