«اتحاد دعم التنمية» الألماني يرسم خارطة الكوارث الطبيعية المحتملة في العالم

لا يخفى على أحد أن الكوارث الطبيعية تكررت بشكل ينذر بالخطر في السنوات الأخيرة التي عشناها على كوكب الأرض. وتراوحت هذه الكوارث، باستثناء كوارث المفاعلات النووية، بين حدوث الزلازل والفيضانات والأعاصير والتسونامي. الدليل على هذا أن ثلاثة أرباع سكان الكرة الأرضية لم يعرفوا تعبير الـ«تسونامي» إلا في العقد الأخير من السنين.

«اتحاد دعم التنمية» الألماني رسم أطلس الكوارث الطبيعية المحتملة بالعالم في شكل خريطة تظهر احتمالية تعرض هذا البلد أو ذاك إلى الكوارث، في المستقبل القريب، بالنسبة المئوية، ومنح دول العالم درجات خطورة بالنسبة المئوية، ولونها على الخريطة بالأحمر الغامق، دليل الخطورة الكبيرة، ثم الأحمر الفاتح وتدرجاته حسب نسب هذه الخطورة. ثم يأتي الأخضر الغامق ليحدد على الخريطة أقل الأمم عرضة للكوارث المحتملة، ثم تدرجات اللون الأخضر لتعكس درجة الخطورة هنا وهناك.

وتضمن التقرير حول مخاطر الكوارث، ومن ضمنه الخريطة، توقعات علمية حول حجم مخاطر الزلازل والفيضانات والأعاصير والبراكين. وهكذا يكون احتمال الكارثة الوشيكة 100 في المائة، وهذا لم يشمل أي بلد، ثم مؤشر الأحمر الغامق 11,4-32 في المائة وشمل بلدان وسط أفريقيا وتشيلي وبنغلاديش وبعض بلدان جنوب شرقي آسيا وبعض بلدان الكاريبي ومدغشقر وشمال اليابان، ومؤشر الأحمر الفاقع 7,7-11,3 في المائة وشمل العديد من بلدان أفريقيا من ضمنها السودان والجزائر وبعض بلدان الغرب الأفريقي، ، ثم مؤشرالأحمر الفاتح جدا 5,8-7,71 في المائة ويشمل الصين والهند وباكستان والولايات المتحدة وبلدان غرب القارة الأميركية الجنوبية والمكسيك. اللون الأخضر، ويعني أن الخطر أقل ما يمكن (مؤشر 0,0-3,65)، شمل كندا وشمالها وصولا إلى القطب، وغرب أوروبا وخصوصا الدول الاسكندنافية واستراليا، الأخضر الفاقع وشمل روسيا والمملكة العربية السعودية ومصر (3,75-5,80) ثم الأخضر الفاتح جدا ويشمل البرازيل والأرجنتين والأورغواي والباراغواي والجزائر وتونس والعراق وإيران وتركيا وجنوب أوروبا ومنغوليا.

وواضح من هذا التقييم أن البلدان الصغيرة، الأقل لاتطورا، والأفقر هي الأكثر عرضة للكوارث المحتملة في المستقبل القريب. ولهذا نرى أن قائمة الدول العشر الأكثر خطورة، من ناحية التعرض للكوارث البيئية، هي كالآتي:

(1) الدولة الجزيرة فإنوتاو في جنوب المحيط الهادي (مؤشر الخطورة 32 في المائة). وهذه الجزيرة مهددة بالزلازل والأعاصير والجفاف، علما أن مستوى الرعاية الصحية فيها، ونسبة الاستعداد لمواجهة الكوارث، ووجود خطط لمواجهة الكوارث، تقترب من الصفر حسب تقدير خبراء»اتحاد دعم التنمية» الألماني.

(2) مملكة تونغا في جنوب المحيط الهادي، المحسوبة على جزر البولونيز( مؤشر الخطورة (29,08في المائة). مهددة بالغرق بسبب ارتفاع مناسيب المياه. والمملكة كسابقتها فإنوتاو ضعيفة من ناحية الاستعداد الأمني والطبي لمواجهة الكوارث.

(3) الفليبين (مؤشر الخطورة 24,32 في المائة) مهددة أساسا بالعواصف والفيضانات. والفيلبين حكومة وشعبا غير مستعدين لمواجهة المخاطر. ويعزز المخاطر انتشار هذه الدولة على أكثر من 7000 جزيرة كبيرة وصغيرة.

(4) جزر السولومون شرق نيوغيني ا(23,51 في المائة). مهددة بالزلازل والفيضانات أساسا. هناك خلل واضح في التوازن البيئي وليست هناك خطط لمواجهة الكوارث.

(5) غواتيمالا (20,88 في المائة) وهذه الدولة الوسط-أميركية مهددة بالزلازل والتصحر.

(6) بنغلاديش (17,45 في المائة). ظروف السكن والكثافة السكانية قد تحول أي فيضان صغير في هذه الدولة الاسيوية إلى كارثة بشرية حقيقية.

(7) تيمور الشرقية (17,45 في المائة). مثل واضح بالنسبة للخبراء على إمكانية أي زلزال أو فيضان صغير على ضرب هذه الجزيرة الأسيوية الجنوبية «في العظم».

(8) كوستاريكا(16,74في المائة) مهددة بخطر زلزال كبير. لا بناء البيوت ولا الإجراءات الوقائية كافية لانقاذ البلد الصغير من كارثة.

(9) كبوديا (16,58في المائة) مهددة بالعديد من الفيضانات التي يمكن للكثافة السكانية، وسوء الأحوال الصحية والاجتماعية، أن تحولها إلى كارثة إنسانية كبرى.

(10) السلفادور( 16,49 في المائة). مهددة بزلازل كبير يمكن لها، بحكم البناء الضعيف، والوضع الاجتماعي والصحي المتدهور، أن تتحول إلى كارثة كبرى. وقد تم التوصل إلى هذا النتائج بالتعاون مع المنظمات الإنسانية الكبيرة وخصوصا «الخبز للعالم» و«بيت العالم»…إلخ، بالإضافة إلى تعاون خبراء جامعة الأمم المتحدة في العاصمة الألمانية السابقة بون.

ويظهر المنحنى البياني الذي رسمه خبراء المنظمات الدولية لعدد الكوارث التي حدثت في العالم مدى ارتفاع مخاطر هذه الكوارث مثل الفيضانات والزلازل وغيرها. معطيات المنحنى شملت الكوارث (المسجلة رسميا في تقارير الأمم المتحدة) بين 1970 و2010 ويظهر أن عدد الكوارث قد تضاعف 5 مرات خلال 40 سنة. إذ سجل العالم عام 1970 أقل من 100 كارثة طبيعية، قفز هذا الرقم إلى 300 كارثة عام 1990، ثم إلى 520 عام 2000، نحو 500 عام 2006 ونحو 440 عام 2010. ويقول الخبراء أن الانخفاض النسبي في السنتين الأخيرتين لا يعني شيء لأن المنحنى يرتفع باطراد منذ عام 1970 ومن غير المتوقع انخفاضه دون أن يتخذ العالم الإجراءات الكفيلة بمعالجة دور الإنسان في تفاقم حدوث هذه الكوارث، وخصوا التلوث البيئي وتوسع ثغرة الأوزون والتصحر والاستغلال المفرط للأراضي الزراعية…ألخ وذكر لارس يشونيك، من «اتحاد دعم التنمية» الألماني أن العوامل الاجتماعية والسكانية، ومستوى الخدمات الصحية، وخطط مواجهة الأزمات، قد أخذت بعين الأعتبار. وكمثل فأن الهزة الأرضية في اليابان تسببت بنحو 28 ألف ضحية، حسب الإحصائيات الرسمية اليابانية، في حين أن الهزة الأرضية في هاييتي 2010، رغم أنها أضعف من هزة اليابان بمائة مرة، إلا أنها خلفت 220 ألف ضحية. هذا دليل على أن استعداد البلد، طريقة البناء، خطط الإنقاذ والإخلاء، ومستوى الخدمات الصحية، يمكن أن تقرر حجم الكارثة إلى حد كبير. وأضاف خبير الاتحاد، على هذا الأساس، أيضا فقد جاءت شيلي كمثل في المرتبة 25، رغم مخاطر الزلزال المحدقة بها، بعيدا عن بلدان الخطورة الشديدة العشر، لأنها فعلت الكثير لحماية السكان وتحسين أحوالهم الصحية والاجتماعية. كما أنها وضعت خططا وطنية لمواجهة الأزمات والكوارث.

من ناحية أخرى فأن التحضر والتقدم الصناعي وتكامل خطط مواجهة الكوارث لم تكن مبررا لإخراج دولة صناعية من اليابان من قائمة الدوال الأكثر عرضة من غيرها إلى الكوارث. وقال يشونيك أن كارثة المفاعل يوكوشيما دليل على صحة تقديرات الخبراء الذين وضعوا أطلس مخاطر الكوارث البيئية.

المفرح في القضية أن معظم البلدان العربية تقع خارج قوس الكوارث المحدقة عدا عن المخاطر المتوسطة في السودان والجزائر. وجاءت معظم بلدان الخليج في المناطق الأكثر أمنا ونالت الإمارات كمثل لون الأخضر الدال على أقل خطورة ممكنة. وهذا لا يتعلق فقط بوقوع هذه البلدان خارج مناطق الزلازل والفيضانات والبراكين وإنما بالنظام الاجتماعي والصحي واستعدادات هذه البلدان لمواجهة الأزمات. على هذا الأساس جاءت قطر في آخر القائمة (مؤشر خطر 0,02 في المائة) والمملكة العربية السعودية في المرتبة 171 بين بلدان العالم الأقل عرضة للكوارث (1,26 في المائة)، ثم البحرين في المرتبة 169 (1,66 في المائة) ومصر في المرتبة 162(2,38 في المائة).

الجزء الأخير من تقرير «اتحاد دعم التنمية» الألماني يوصي منظمة الأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية العالمية، بضرورة مساعدة البلدان الأكثر عرضة لمخاطر الكوارث على مواجهة هذه الأزمات. وخصوصا في أساليب تجنب هذه الكوارث، وضع خطط الإنذار المبكر، وخطط الإخلاء وخطط الاستعداد المدني والصحي…ألخ. كما يوصي التقرير البلدان المعرضة أكثر من غيرها إلى الكوارث إلى بذل المزيد من الجهود المالية والبشرية الكفيلة بتحسين شروط مواجهة الأزمات، ويوصي أيضا بالتعاون مع دول الجوار ومع الأمم المتحدة لتحسين شروط السكن والوضع الصحي والبناء.

كمثل اعتبر»اتحاد دعم التنمية» مبادرة منطقة التاميل في سيريلانكا مبادرة جيدة لأنها زودت صيادي السمك هناك بالهواتف الجوالة التي تعمل بالأقمار الصناعية. إذ صار بإمكان الصيادين هناك قرع أجراس الحذر حالما يشاهدون، وهم في عرض البحر، بوادر اعصار أو بركان تحت البحر أو أي من مؤشرات حدوث تسونامي. جميل أيضا، من وجهة نظر الخبراء، أن أهالي بعض القرى القريبة من مناطق الزلزال في غرب أميركا الجنوبية صاروا يبنون بيوتهم من الخشب الخفيف والطين تقليصا لمخاطر إنهيار البيوت عليهم أثناء حصول الهزات الأرضية.

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..