أخبار السودان

في غياب المؤسسة؟ عافية الوطن من عافية د. حيدر ابراهيم ..

د. إشراقة مصطفي حامد/فيينا

دروب الناس

كم من إنسان مفكر ومبدع وهب نفسه للتغيير وأنسنة المجتمع في السودان؟ كم فيهن وفيهم من اشجوا وجداننا بالحياة وعقولنا بالعصف والتأمل؟ سنوات أعمارهن وأعمارهم وهبوها بمحبة وإيمان لأجل الوطن الذي نحلم به.
إنسان السودان الذي ما بخل رغم الضيق والضنك في الوقفة مع من انحازوا له، الشارع يعرف نبضه ويعرف بوعيه مهما حاول أعداء الحياة تغبيشه. إنها ذاكرة المساندة والعضد التي عٌرف بها إنسان السودان خاصة حين يتعلق الأمر بمفكر مثل د. حيدر ابراهيم علي.
كل هذه الهبة الإنسانية تشجي الروح والقلب ولكن، لابد من وقفة عن غياب المؤسسات، مؤسسة الثقافة والإبداع. المؤسسات التي نافح لأجلها د. حيدر ابراهيم في كل أطروحاته الفكرية وظل ماسكا بجمرة قلمه بتحليل ولا أعمق عن أسس الديمقراطية كأساس متين وضمانه أساسية لبناء مجتمع مؤسسي يكون فيه الإنسان العمود الفقري للتنمية.
كيف تكون هناك مؤسسة ضمن مؤسسات (الدولة السودانية) تعني بأمر الانسان المفكر والمبدع؟ كيف وهي غُيبت علي مر تاريخنا المعاصر؟ وجود أجسام بديلة لخدمة السلطة التي تتناوب على كراسي الحكم العاجية لا تخدم سوى أغراضها وتابعيها ومواليها، ولينقرض العاج وسن الفيل فلا يهم اختلال التوازان البيئي ولا ضرورة لتنمية تستهدف الإنسان!
جسم مثل وزارة الثقافة والاعلام كان له أن يتولى أمر المبدعين ويسند (قفاهم). ولكن حين تغيبب الديمقراطية لا يكون هناك وجود لمؤسسة تستند على قانون مدني عادل. أليس العاملين والعاملات في الوزارات المعنية من أهل الإبداع؟ أزمة الإبداع حين يتربط بالسلطة ومشروعها (التمكيني) يكون الاقصاء النتيجة الحتمية التي قد تشمل أيضا العاملين فيها. أزمة أنهم مقيدين بقوانين مكبلة، فأي إبداع وأي ثقافة تكون في غياب الديمقراطية التي عمل عليها فكريا د. حيدر ابراهيم منذ أول طرقة وعي في مسيرته الحافلة؟
مفكر مثل د. حيدر ابراهيم كان ينبغي أن يكون في رعاية أعلي مؤسسة في الدولة هذا في بلاد تعترف بدورهم الرائد في تنمية المجتمع المستدامة والعادلة وسلامة الدائم. وهب سنين من عمره النضر في البحوث والكتابة، مشروع إنساني نادر عمل عليه بصبر ومثابرة، ظل النحلة التي كم منحت العقول عسلها نورا وشفاء، كم اجترحت أفكاره المؤسسة عقولنا وعصفت بها.
لا يستطيع قلمي الكتابة عن منجزات د. حيدر ابراهيم ولا عن إنسانه المتواضع الذي عرف بحدس المثقف الحقيقي إن (الجابرة) مع إنسان السودان هي التي مجدته في قلوبهم.
غياب المؤسسة لم يمنع محبي د. حيدر من الوقوف بجانبه ولكن هذه الوقفة لا تنفصل عن مواصلة النضال لأجل مؤسسات سودانية تحترم الإنسان وتقف لأجله ولأجل مشروعه النبيل الذى يصب في نهر الحرية والتنمية والسلام.
كم من مبدعة ومبدع في السودان وخارجه؟ في ظل الظرف الطاحن والبلاد تباع شبرا شبرا وقضايا الخبز والحرية لا يمكن مواصلة النضال لأجلها دون أن يكون هناك جسم يستفيد من كل التجارب التي كانت وماتزال تنهض في شأن مشروع ثقافي انساني.
قيام مؤسسة تعني بشأن الابداع في السودان ضرورة مُلحة، فكم منهن ومنهم في مهاجرنا العريضة؟ لماذا لا نستفيد من الحراك الموجود في مهاجرنا التي تناثرنا فيها حبات خرز وتميمة حلم لأجل إنسان السودان؟ كم فيها من امكانيات؟ كل من محاولات تعثرت لتجارب سابقة حاولت أن تؤسس لمشروع ثقافي مستمدا نواته من كل الخبرات السابقة. تعثرها لا يعنى فشلها بل يعنى ان نجاحها يُكمن في الاستفادة من اخفاقاتنا وان النجاح سيكون حتما حليفا لأصحاب المشاريع الواضحة الهدف والخطط والمنهج.
دعم المبدعات والمبدعين تعنى به كل الدول التي تحترم مواطنيها وتؤمن أن الإبداع ضرورة للروح ولعافية البدن، لذا خصصت دول عديدة تسودها الديمقراطية وزارات لأجلهم ومؤسسات لدعهم في أوقات الصحة والعافية وليس فقط في أوقات المرض والشدة. حراكنا في تكوين جسم لن ينفصل عن دورنا في الحراك المدني طالما سهلت العولمة في إحدى أهم ملامحها الإيجابية هذا التواصل عبر الميديا الاجتماعية.
التجارب التضامنية مع أهل الفن والابداع قالت بالدليل القاطع إن قدراتنا تتفجر طاقات للفعل. ولتكن ضمن أهداف هذا الجسم صندوق لدعم المبدعات والمبدعين خاصة في أوقات الشدة، دين علينا نرده لهم من القلب محبة تمشي بيننا قولا وفعلا.
سيتعافى د. حيدر ابراهيم علي، سيتعافى بطاقات هذه المحبة التي عبر عنها من تربع على قلوبهم وعيا فاعلا ومتسقا. فقلب السودان سينبض في قلبه عودة في نضارة مشروعه الانساني. فعافية الوطن من عافية د. حيدر ابراهيم.
+++++
[email][email protected][/email] د. إشراقة مصطفي حامد
ممثلة الأدب العربي بالقلم النمساوي.

تعليق واحد

  1. لو كانت هنالك عدالة لما خرجنا كلنا من ارض الوطن لا انتي ولا انا ولا غيرنا فسلام علي السودان في الخالدين

  2. Dream of midnight.

    And so, in
    the middle of
    a winding night,
    the touch of
    this candle
    and a delicate
    rumour that
    appears in my
    mind.

    Francesco Sinibaldi

  3. شكرا د/اشراقه علي هذه النسمه الحلوةلمحنة استطالت مما غيب الوعي بها انا شخصيا اكثر ما يحزنني في وطني ضياع المبدعين وقول الحكيم الطيب صالح (موت المبدعين في بلدي شئ عادي ) منذ زمن انا مشغول بهذه المؤسسة الحلم والوهم في تضاد عجيب لذلك انست لقوله اثيرة لدي (ان بلدا لا يحترم مبدعية لا يتقدم )وكما ترين الحال شكرا مع دعاءنا لحيدر بالمعافاة وطول العمر

  4. لك التحيه دكتوره اشراقه حيدر ابراهبم هكذا دون القاب .هذا العملاق المتواضع هو من رواد حركه الوعى ودعاة التنوير فى بلادى هو احد الذين لزموا الجابره مع الشعب ولفهم غبار الحياة وهم وسط جموع هذا الشعب الذى لن ولم ينسى فلذة كبده حيدر .حيدر من الذين دافعوا عن هموم شعبه واهله دون من اواذى .حيدر فى حداقات العيون,ظل موضوعيا فى كل ما يكتب لم يهاتر ولم يخرج عن النص يوما ,نرجو من ادارة الراكويه ان تتبنى علاج دكتور حيدر عن طريق فتح حساب تحت ادارتها ويساهم فيه كل سكان الراكوبه من كتاب وقراء, كل بقدر استطاعته. ولا خير فينا نحن سكان هذه الراكوبه اذا لم تساهم فى علاج حيدر. شدوا الهمة وياكمال الهدى واخوانه حوبتكم جات

  5. شكرا لك يا مبدعة.
    ورحم الله مبدعنا وعبقرينا الطيب صالح فقد جاء في معرض تساؤله من اين اتي هؤلاء:
    أجلس هنا بين قوم أحرار في بلد حرٍّ ، أحسّ البرد في عظامي واليوم ليس بارداً . أنتمي الى أمّة مقهورة ودولة تافهة . أنظر إليهم يكرِّمون رجالهم ونساءهم وهم أحياء ، ولو كان أمثال هؤلاء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو شرّدوهم في الآفاق .
    من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات ، وتُميت الأرض وتُحيي الآفات

  6. شكرا لك دكتور اشراقه . حيدر هكذا بدون القاب . رواد حركة التنوير وحملة مشعل العى فى بلادى. ارتيط بقضايا اهله البسطاء عاش وسطهم وحمل همومهم ولفه غبار الحياة وزحامها بينهم.كان ومازال مفكرا موضوعيا يرسل افكاره فى تجرد وتواضع الصوفى . ياحيدر الشعب السودانى لا ينسى ابنائه النجباء. اقترح ان تتببنى ادارة الراكوبه علاج حيدر وذلك بفتح حساب يساهم فيه كل سكان الراكوبه من كتاب وقراء . واقولها داويه ان لا خير فينا نحن سكان الراكوبه ان لم نساهم فى علاج حيدر.ونتضرع لله العلى القدير ان بمن على حيدر بالصحه والعافيه. وتحياتى لاسرته واقول لهم ان يحدر ليس ابنكم وحدكم بل هو ابن الشعب السودانى الذى يبادله حبا بحب ووفاء بوفاء,باذن واحد احد لنا لقاء ياحيدر فى درب النضال وانت فى اتم صحه وعافيه

  7. شكراً الدكتورة الإنسانة اشراقة ونسأل الله أن يعافي الدكتور حيدر ويبلغه تمام الصحة.. شكراً الأخ عبد الباقي ونحن على أهبة الاستعداد أخي للقيام بما يجب.. مشروع الصندوق أمر بالغ الأهمية أختي إشراقة وقد طرحت الفكرة بعد صرف الأخ شبونة عن الخدمة من إحدى الجرائد وهي فكرة نتمنى أن تجد النور قريباً..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..